أهاجر أم أراعي والدي؟ أنت وفلسفتك!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
عزيزتي د.حنان، بالفعل وجود فلسفة عامة للحياة يسهل علينا كثيرا من الخيارات، وأحببت أن أقول لصاحب المشكلة أن يتذكر القول (لست متأكدة إن كان حديثا) "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه"، بالفعل كلنا (كشباب) يريد الحصول على الدرجات العلمية العليا والتطور الوظيفي، ونعترف بأنه لدينا "عقدة الخواجة" أي أننا من يعزز هذا الأمر بأنه إن لم ندرس بالخارج فإننا لن نحقق ذواتنا، وباعتقادي فإن تحقيق الذات لا يأتي إلا بالرضا عن النفس وكلما زادت التحديات في تحقيق أمر ما فأنا أظن أن طعم النجاح يكون أروع.
لم لا تكون مميزا يا أخي وتقول لنفسك "سأصنع لنفسي شيئا وأنا في بلدي" وسأحقق المعادلة الصعبة بالوصول إلى رضا والدي ورضا الذات، فدعوة من الوالد وأنت بجانبه تراعيه تفتح لك الأبواب من حيث لا تدري، و بطبيعة الحال فإن كل أب يسعى لسعادة أبنائه حتى لو كانوا بعيدين عنه، وسيدعو لك حتى وإن ذهبت إلى أقصى بقاع الأرض، ولكن لم تضيع الأجر على نفسك؟؟
إن كنت أقول هذا الكلام فأنا أوجه لنفسي قبلا عنك وأحاول أن أزيد من عزمي على إرضاء والدي
وجزاك الله خيرا وأعانك وحقق لك مبتغاك في الدنيا والآخرة.
27/3/2007
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
أشكرك على مشاركتك لأخينا ما يهمه من أمور حياته, كما أشكرك على ما نسميه في علم النفس بكشف الذات وهو مشاركة الآخرين خبراتنا حين تقولين أنك بقولك هذا لا تتحدثين عن مثل وقيم عليا ولكنه ما تذكرين به نفسك من وجوب برك لوالدك.
لن نقصر البر بالطبع على الالتصاق المكاني بالوالدين فما أكثر الأبناء القريبين جسديا من والديهم والبعيدين عنهم نفسيا بسبب الجهل بالخصائص النفسية للكهولة وما يصاحب الوهن الجسدي من زيادة الحاجة للدعم النفسي والشعور باستمرار الأهمية والمكانة في الحياة ومن أولى من الأولاد الذين بذل لهم من حياته في السابق ليمده بالرغبة في الحياة ويشعره باستمرار قيمته.
يعتبر الخوف من الوحدة أو الموت وحيدا من أكبر هواجس كبار السن ويحتاجون للتغلب عليه رفقة في الحياة يجب على الأبناء توفيرها ورغم أنه واجب عليهم إلا أنهم لثقله مأجورين عليه. لدينا عقدة الخواجات بدرجة عالية وينطبق علينا قول الشاعر بعد تحريفه نعيب بلادنا والعيب فينا فمن تسنى له المقارنة بين التزام شبابنا في الخارج حتى بمواعيد التخلص من النفايات-فهو بالدور- والقواعد المرورية واستهتارهم في بلادنا لقرر اصطحابهم للكشف النفسي.
لا يجب أن نكتفي بلعن الظلام ويعلم الله أنه منتشر ولكن علينا أن نكافحه وابدأ دائما بنفسك. يكرر والدي كلمة بأنه لا يجب على الإنسان أن يستميت في طلب الرزق -تعليقا على انتشار النفاق وفساد الذمم- لأن الرزق يطلب صاحبه كما يطلب الأجل صاحبه. وكلامه صحيح ليس لأنه والدي ولا أحلم حتى بمجادلته ولكنه ينسجم مع ثوابت الإيمان بأن الرزق مقضي به قبل ميلادنا وإن كنا لا نعلمه فذلك كي نستمر في السعي الذي يؤدي لعمارة الأرض, وما يأخذه الإنسان بحرام كان ليأخذه بحلال لو صبر وهكذا لو كان لك رزق من مال أو تعليم سيسره الله لك أينما كنت ألا تراه يرزق النمل والطير.