الصداع النصفي: الشقيقة والمجتمع والشيخ

رد المستشار

الأخ الكريم، رسالتكَ مقتضبة جدا، ولم توضح لي شيئًا من صفات الصداع الذي سميته بالصداع النصفي كما لم تذكر لي شيئًا عما فعلتم خلال السنوات العشر التي تعاني فيها أختك من نوبات الصداع، وهل استشرتم طبيبًا متخصصا في الأمراض العصبية والطب النفسي أم لا؟.

وأنا لذلك أجد نفسي مضطرًا لشرح ما قد يساعد في معرفة الصداع النصفي "الشقيقة" من غيره من أنواع الصداع، فليس كل صداع في نصف الرأس صداعًا نصفيا أو شقيقة. فأولاً الشقيقة أو الصداع النصفي تستعمل طبيا لوصف صداع يصيب نصف الرأس طوليا وليس كما يحسب البعض فيصفون صداع نصف الرأس الأمامي أو الخلفي بأنهُ صداع نصفي.

فالشقيقة Migraine هي اضطراب يتميز بنوبات معاودة من الصداع النصفي Hemicranial Headache أو الصداع العام أحيانًا مصحوبة بغثيان أو ميل إلى القيء وربما قيء وربما كان مسبوقًا باختلال وقتي عابر في حاسة البصر عادةً ما يأخذ شكل الهلاوس البصرية Visual Hallucinations، أي رؤية أشياء غير موجودة كوميض ضوئي يبرق أمام العين مثلا، وغير ذلك كالعمى النصفي العابر Transient Hemianopia أو العمى الربعي العابر Transient Quadrianopia في المجال البصري، وهو ما يجعل المريض غير قادر على رؤية بدايات السطور أو نهاياتها أثناء القراءة أو ربما يحدث انحراف في الإحساس في شكل إحساس تلقائي شاذ بالحرقة أو التنمل أو الوخز في الأطراف أو الوجه أو الشفتين أو اللسان... إلى آخره وكل ذلك إنما يعبر عن اختلال لحظي في وظيفة منطقة ما من قشرة المخ قبل الصداع مباشرة.

كما أن هناك مجموعة من الأعراض قد تسبق ذلك ربما بعدة ساعات نسميها بالأعراض البادرية كالنعاس والكسل والجوع والعطش والإمساك أو الإسهال وتغيرات المزاج في شكل شعور بالاكتئاب أو بالسعادة غير المبررة قبل نوبة الشقيقة، وهذه الأعراض تشير إلى خلل وظيفي في منطقة في الدماغ المتوسط تسمى بتحت المهاد أو الوطاء Hypothalamus.

وصداعُ الشقيقة يتميزُ بخصائص محددة تساعد في تشخيصه وفي تفريقه عن أنواع الصداع الأخرى، فالشقيقة تبدأ عادة بألم ثاقب في الصدغ ينتشر تدريجيا ليشمل نصف الرأس أو قد يصبح ألمًا عامًا في جانبي الرأس وعادة ما يأخذ الألم نفسهُ صفة الأزِّ (ضربان العروق)، ويشتد بالانحناء والإجهاد ويستمر لساعات أو أيام كما قد يصاحبه غثيان وقيء، وكثيرًا ما يشكو المريض من رهاب الضوء Photophobia أثناء النوبة فهو لا يطيق رؤية الضوء ويفضل البقاء في مكان مظلم أو لعلهُ يضع عصابة سوداء على عينيه.

وهناك أشياء يمكن أن تحفز نوبات الشقيقة كالتعرض لنوبة انفعالية أو الكرب والشدة وكذلك الإجهاد البدني وأحيانًا يرتبط الأمر بتغيرات مستوى هرمون الإستروجين في الدم في الفترة من قبل الدورة بأسبوع في النساء حتى بداية نزول الطمث، كما أن نقص سكر الدم وتناول بعض الأطعمة كالجبن والشيكولاتة والموالح كالبرتقال والليمون وبعض الأطعمة المقلية وكذلك الزبد تحفز الشقيقة.

فإذا كنت بعد كل هذا الشرح ترى أن ما تعاني منه أختك هو الصداع النصفي فعلاً فعليك بمراجعة أقرب طبيب أمراض عصبية ونفسية منك، وإن لم تكن فاعلم أن هناك أكثر من مائة سبب طبي للصداع، ولكن الصداع المزمن الذي يعيش مع المريض ويعاوده على مر السنوات -كما هو حال أختك- فإنه في أغلب الأحيان -إن لم يكن كلها- صداع نفسي المنشأ، واقرأ في ذلك:الصداع المزمن: متى يكونُ عرض اكتئاب؟

أما حكاية السحر فإن الإيمان بوجود السحر هو جزء من عقيدتنا كمسلمين، فلا يستطيع مسلم إلا أن يؤمن به، لكن هناك فارقًا كبيرًا بين أن تؤمن بوجود السحر وأن ترجع أعراض الأمراض الطبية المعروفة لتأثيره فليس السحر سبب ما تعاني منه أختك.

والشيخ الهمام كغيره من الشيوخ إما أنه صادق عن جهل أو أنه كاذب عن علم، وهو في الحالة الأولى مسكين يحتاج إلى من يفتح عينيه على الحقيقة. وفي الحالة الثانية مجرم في حق دينه وفي حق مجتمعه، لكنه في الحالتين غير ذي نفع لحالة أختك، وهو وأمثاله سبب الصداع النصفي الذي تعاني منه أمتنا ومجتمعاتنا كلها إذا صح لنا هذا التشبيه، فأن نلجأ لتفسير ما أصبح معروفًا ومحسوبًا بالقلم وبالمسطرة وأمكن إثباته بالطرق العلمية آلاف المرات بالسحر فهذا نوع من الشقيقة في وعي وفكر وضمير أمتنا عسى الله أن يعافينا منه ومن أمثاله.

واقرأ من على مجانين:
هو يقول ونحن نقول أين البحث العلمي
السحر والحسد والشياطين وأمة المساكين 
السحر والحسد والشياطين وقول النفسانيين

وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بأخبار أختك الطيبة إن شاء الله.

المستشار: أ.د وائل أبو هندي