جميعهم ماتوا ولكم أن تتخيلوا فاجعتي وأنا في منتصف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا طالبة عندي 17 سنة وكنت أنا وأهلي راجعين من عمرة (أنا وأبي وأمي وأختي وأخواي) ولكن في طريق الرجوع عملنا حادثة توفي فيها أبي وأمي وأختي وأخواي ولكم أن تتخيلوا فاجعتي وأنا في منتصف الليل وحيدة لا أعلم ماذا أفعل -وكان هذا منذ سنتين- المهم ذهبت للعيش مع جدتي ولكنها توفيت أيضا بعدهم بيومين ربما حزنا علينا مع العلم أني فتاة والحمد للرحمن متدينة وعلى خلق أنا يا سادة حتى الآن لا أنام إلا بالبكاء كل ليلة حتى أتعب وأنام.
وفقدت 30 كيلو من عدم الأكل وأصبحت مثل الهيكل العظمي ولعلك تتساءل أين أعيش الآن, أنا وللأسف أبي وأمي كانا وحيدين أي ليس لهم أي إخوة أو أخوات وجدتي التي مكثت معها بعض الوقت كانت الوحيدة العايشة يعني أنا الآن ما ليش أهل وعايشة مع جيراني الطيبين أنا نفسي صعبانة عليّ أوي يا دكتور نفسي في أهل زي كل الناس نفسي أتخانق معاهم وأتضايق منهم وأروح أصالحهم زي أصحابي مع أهلهم.
أنا ساعات بنزل شقتنا وأتمشى فيها وأفتكر كل لحظة عدت عليا مع أهلي أنا بعت المشكلة دي لثلاث أسباب:
أولا: حتى يتعظ الشباب إن أهلهم ممكن يروحوا في أي لحظة فلازم يتقوا الله في معاملتهم لهم.
ثانيا: حتى يصبر الناس على بلواهم مثلما صبرت.
ثالثا: بالله عليكم عايزه كلمة طيبة منكم تطمنني وتقويني.
آسفة لو الكلام مش مترابط...
والسلام
13/04/2007
رد المستشار
ابنتي وصغيرتي؛
يعتصر قلبي كمداً، وتتفجر نفسي ألماً، وتسح عيني بكاءً لقراءة كلماتك الرقيقة والمؤلمة في نفس الوقت. ولكن هكذا الحياة يا بنيتي، حين نظنها تعطينا هي تأخذ منا، وحين تؤلمنا وتعذبنا قد تكون تعطينا الكثير دون أن ندري!. ومن أشعر أبيات العرب في ذلك:
والمرء ساع لأمر ليس يدركه والعيش شح وإشفاق وتأميل
اعلمي يا بنيتي أن الله عز وجل يختار دائما الخير لنا؛ وكما قيل لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع، ولكننا لا نعلم الغيب، وعقولنا بشرية قاصرة عاجزة؛ ولن ينفعنا عندئذ إلا أن نسمع ما يرويه الآخرون لنا، وما نتعلمه نحن من تجارب مؤلمة في الحياة.
ذكرني مصابك في عائلتك بحادثين، أحدهما حدث لعائلة زميل لي في مكان عملي، نام وهو يسوق سيارته ليلاً، والذي كان من شأنه أن انقلبت السيارة عدة مرات في ذلك الطريق السريع الخالي من السيارات، وفي ذلك الوقت المتأخر من الليل، وتوفي هو وزوجته وولداه على الفور، ولم يبق على قيد الحياة إلا ابنته ذات الثمانية أعوام، والتي كانت فيما يبدو المستيقظة الوحيدة بالسيارة وقت انقلابها عدة مرات،لتطير فوق حقيبة سفر من الباب الخلفي للسيارة، بعد أن انفتح الباب الخلفي من شدة الارتطام، ولم تصب تلك الابنة إلا ببعض الخدوش السطحية!، بينما مات كل أفراد أسرتها جميعاً!، ولم يبق إلا هي شاهدا وحيدا مستيقظاً يروي لنا تفاصيل ذلك الحادث الفاجع الأليم.
أما الحادث الآخر فمنذ عدة أيام وحدث فيه نفس سيناريو الحادث الأول ولكن في هذا الحادث توفيت ابنة زميلي وحماته ونجا هو وزوجته وابنه الرضيع!، وكل ما يصير في تلك الحوادث كما ترين يا بنيتي أقدار محكمة للخالق سبحانه وتعالى، فيها حكمة ومشيئة لا نعلمها نحن البشر الضعفاء محدودي العلم والمعرفة. وكل ما علينا أن نحمد الله عز وجل، فيقول المصاب منا: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"، والحمد لله على كل حال؛ فقد أخلفك الله عز وجل جيراناً طيبين محبين، وأكثر من ذلك فأنا متأكد من أن كرم الله وفضله ورعايته لن تنقطع عنك أبداً، وسيقذف الله عز وجل محبتك ليس في روع كل من يراك بل في قلب كل من يسمع حكايتك أو يقرأ قصتك.
يقول الله عز وجل في محكم كتابه:
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } (النساء:9)، وأظن بنيتي أن من تُقبض روحه وهو عائد من عمل عمرة لبيت الله الحرام لهو من أهل التقوى بل من الشهداء!، ولا أزكي على الله أحداً أحسب أفراد عائلتك كذلك، فلا تحزني يا بنيتي، ولتعتبري جيرانك ومعارف أهلك الطيبين ومعهم طاقم المستشارين والعبد لله أولهم، هم بقية لأهلك؛ فتواصلي معنا دائماً، وعن نفسي أنا رهن إشارتك للقيام بتقديم أي مشورة أو دعم نفسي تحتاجينه وبالذات فيما تعانين منه من نقص شديد في الوزن، فثلاثين كيلوجرام نقص في الوزن خلال عدة أشهر، ونتيجة للأسى والحداد والفقدان أمر يثير إزعاج أي طبيب نفساني!!!، وأنصحك بنيتي أن تتوجهي فوراً لاقرب طبيب نفسي، لعدم تواجدي بمصر في الوقت الحالي، ويسعدني أن تحصلي على طرق التواصل معي عن طريق مجانين.
وأعزيك بنيتي بما عزى سيدنا الإمام الشافعي أحد أصدقائه فقال:
إني أعزيك لا أني على طمع من الخلود.......! ولكن سنة الدين
فما المعزي بباق بعد صاحبه ولا المعزى، وإن عاشا إلى حين
ويتبع >>>>: رد فعل الأسى عند الفاجعة مشاركة.