لا أستطيع فهم نفسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في البداية أحب أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع على المجهود الرائع الذي يبذلوه لإبقاء هذا الموقع وجزاكم الله كل خير.
في الحقيقة أنا أعاني من مشاكل كثيرة لا أستطيع فهمها ولا أجد من يسمعني أو يساعدني في حلها وأتمنى أن أجد هنا المساعدة. فأنا أشعر بالحرمان من كل شيء جميل في الدنيا من الحب والحنان والإحساس بالدفء والأمان منذ صغري وحتى الآن فعندما ولدت كانت أمي مريضة ولا تستطيع الاهتمام بطفلتين لأني لي أخت تكبرني بسنتات فانتقلت إلى بيت جدي لأعيش معه هو وجدتي وخالتي وكانت خالتي هي التي تهتم بي وترعاني فهي في تلك الفترة كانت أمي الحقيقية ولكني كنت أعرف أمي وأبي وأختي فهم كانوا يزورونا كثيرا وكان أبي أحيانا يأخذني أنا وأختي لنتنزه في أوقات عطلته وكانت أمي ترفض أن تأتي معنا لا أعرف لماذا ولكن كان ذلك لا يعني شيء بالنسبة لي.
وظللت في هذا البيت حتى سن ست سنوات وكنت لابد وأن أنتقل إلي بيت أمي وأبي وأن أنتظم في الدراسة وفي ذلك الوقت كانت خالتي لابد وأن تسافر لتبدأ حياتها مع زوجها وفي بيتي مع أمي وأبي عرفت كل معاني الخوف والحرمان والوحدة فكيف تستطيع طفلة في عمر السادسة أن تعيش في غربة وتتعود عليها إن تغير نمط حياتها كاملا دون أن يساعدها أحد ففي بيتي الجديد كل شخص يعيش بمفرده الأم والأب يعملوا الأخت وعلى الرغم من أنها تكبرني فقط بسنتين إلا أنها لا تحبني ولا تتحدث أو تلعب معي لابد وأن هي الأخرى تعتبرني غريبة جاءت لتشاركها في غرفتها وفي ألعابها وفي كل شيء وكبرت بداخلي الغربة والخوف حتى في المدرسة كنت لا أملك أصدقاء فكنت أشعر أن أصدقائي يسخروا مني لأني سمينة وأرتدي نظارة.
ومنذ انتقالي إلى بيتي وأتذكر أنني أصبت بحالة تبول لا إرادي في الليل وهذا ساعد أكثر في إحساسي بعدم الثقة في النفس بالإضافة إلى أنني كنت غير متفوقة في الدراسة بعكس أختي التي كانت متفوقة جدا في دراستها, كان الخوف في هذه الفترة يسيطر علي لا أعرف لماذا ولكني أتذكر مرة أن أمي ضربتني وظلت تضربني وأنا أبكي وأصرخ كثيرا وجريت على أختي لأحتمي بها فرأيتها تضحك على وتبعدني عنها وأبكي وأصرخ حتى أن الجيران أتوا لينقذوني من يد أمي والغريب أنني لا أتذكر غير هذه المرة التي ضربت فيها ولكني لا أستطيع أن أنساها أبدا فهي محفورة في ذاكرتي ويمكن أن يكون ذلك هو سبب خوفي الشديد من أن أتصرف أي تصرف يغضبها.
وأتذكر أن في عمر الحادية عشر أصبت بمرض جلدي وهو التينيا فاكتشفته أمي بالصدفة فأنا رأيته في ظهري ولكن خجلت من أن أذهب إليها وأسألها ما هذا وحين بدأت معالجتي اكتشفت أنها قالت لكل خالاتي لا أعرف لماذا فرأيت في عيونهم نظرة اشمئزاز وخوف على أولادهم مني وشفيت ولكن من المعروف أن هذا المرض له انتكاسات عديدة وحين أصبت به مرة أخرى لم أقل لها وأنا مريضة به حتى الآن ولا يؤثر به أي علاج ففضلت أن يظل ظهري ويدي مشوهين عن أني أرى تلك النظرة في عيون كل شخص من خالاتي وأبناءها وهذا ضاعف بداخلي الإحساس بالخوف والنقص وعدم الثقة ففي الصيف الشديد والحر لا أستطيع النوم إلا بغطاء خوف من أن يرى أحد ظهري لا أستطيع لبس أي شيء أريد خوفا من أن أفضح.
ووسط كل هذا الخوف والحرمان بدأت أكبر وبدأ يتكون بداخلي الحلم الوردي لفتى الأحلام وأصبحت مدمنة للحلم الجميل كلما تقسوا علي الظروف أهرب إلى الحلم وأعيش فيه ساعات وساعات ولكن لا أعرف لماذا كنت أرفض أن أتحدث مع أي ولد لا أستطيع فعل ذلك مع أني في أمس الحاجة لأن يفهمني أحد ويحنو علي, ومع الوقت بدأت أرى وأرصد من حولي فوجدتهم جميعا تعساء مثلي فكل خالاتي وعماتي يعانوا من أزواجهن ويتمنوا لو لم يتزوجوا أصلا حتى صديقاتي القليلات جدا اللاتي كانوا يرتاحوا في التحدث والفضفضة معي كانوا دائما يشكوا لي من حبهم وكانوا يبكوا كثيرا من ألمهم.
فكل ذلك ترسخ بداخلي حتى قضي على الحلم الجميل الذي عاش بداخلي سنوات كثيرة فكان في حلمي الحب والأمان والحنان الذي فقدتهم طيلة حياتي فكان حلمي مثل اللوحة الجميلة ولكن كل يوم كان الزمن يضع بها خط حتى قضي على ملامحها واستطاع أن يشوهها تماما، والآن أنا بمفردي تائهة في الدنيا لا أعرف غير أنني بداخلي ضعف وخوف لا يحتملهم بشر وأحاول دائما أن أخفي ما بداخلي لا أحد يعرف ما بداخلي فكل يوم قبل أن أنام أبكي طويلا وأقول لنفسي ماذا أفعل لماذا أنا هكذا لا أذكر أنني فرحت في حياتي أبدا دائما وحيدة, لماذا أنتظر من يمدني بالقوة فهل يوجد بداخلي ما يساعدني على إكمال طريقي في الحياة متى سأفرح؟
مع العلم أنني ناجحة في دراستي وأحصل على تقدير امتياز في كليتي ولكن في الحقيقة أنا لا أحب دراستي ولكن أذاكر لأني لا أجد شيء آخر أفعله فأنا أرى الحياة سوداء لا مكان فيها للفرحة، تعبت كثيرا عندما أدركت أن الحلم وهم كبير صنعته لنفسي وهربت إليه سنوات طويلة أشعر أنني لا أستطيع فهم نفسي أو ماذا تريد فأنا ألبس الحجاب ومع ذلك ألبس ضيق وقصير ومقتنعة أنه حرام, أشرب سجائر وأعرف أن التدخين يسبب الوفاة وأعرف أن البنت التي تدخن تكون ساقطة في نظر المجتمع, أفعل العادة السرية منذ سنوات وأنا مقتنعة أنها حرام, أكره أمي وعندما تمرض أظل معها وأصرف في اهتمامي بها ورعايتها أحتاج إلى زوج وأمان وأهرب من عين أي رجل لا أفهم لماذا أتصرف هكذا ؟؟
أرجوكم أرجو المساعدة فأنا في أمس الحاجة إليها.
وآسفة على الإطالة
20/04/2007
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أهم سؤال كما أرى بين سطورك وأسئلتك هو متى ستفرحين وأقول لك الآن بإذن الله لكن فقط إن شئت فعلا أن تفرحي.
تعانين عزيزتي من تدني مفهوم الذات وأنصحك بشدة أن تقرئي ما يكتب في باب توكيد الذات على الموقع, واستطيع أن أجعل هذا السطر إجابتي عليك ففيه التشخيص ووسيلة العلاج التي في متناول يدك ولا تعني القراءة على سبيل أقرأ واستمتع بل اقرأ واتبع ومع ذلك سأطيل الحديث معك لكني محتارة من أين أبدأ!!
سأبدأ من طفولتك فبسبب مرض والدتك وضعت في كنف جديك وخالتك ورغم أنك تنظرين للأمر بمنظور قاتم إلا أن هذه الإقامة أتاحت لك فرص دلال أكثر مما تدركين لكن هذا الدلال الزائد جعلك أقل قدرة على التعامل مع والديك أو على التفاعل مع الآخرين فقد تعودت أن تنالي دون أن تطلبي. هل فكرت مرة بأن إقامتك مع جديك كانت نعمة لك، فحين ذهبت للعيش مع والديك لم تجدي أن والديك يقدمان لشقيقتك ما حصلت عليه من وقت واهتمام.
لا شك أن افتراق الصغير عما اعتاده يسبب له الضيق والتوتر ويحتاج لانتباه خاص كي يتجاوز هذه المرحلة الانتقالية ولكن لماذا تشغلين نفسك بقصص قديمة؟؟ خسارة الوقت والمشاعر التي تضيع على أمر لا يمكن الرجوع عنه. يلجأ الجميع لأحلام اليقظة لكن يدمنها الضعفاء فقط ليعوضوا فيها قسوة الواقع أو ليتجازوا ضعفهم ومسئوليتهم عن النهوض بأنفسهم في سبيل تحويل الأحلام لحقيقة.
ها أنت أنضجتك الأيام وعرفت أن ما من أحد على وجه الأرض سعيد بمفهوم الأطفال عن السعادة باتباع طريقة التفكير المطلق التي ترى الأمور إما بوجود تام أو بغياب تام all or non فهناك سعادة لكن متفاوتة وهناك هموم لكن متفرقة، لست وحيدة في ذلك فهذا حال الدنيا والبشر وقد قال رب العالمين أنه خلق الإنسان في كبد وأن الإنسان سيكدح أي يسعى ويتعب حتى يلاقي الله اقرئي القرآن بتدبر كي تستطيعي أن تستمتعي بحياتك.
مع النضج يستطيع الإنسان أن يفرق بين الانفعالات العابرة والقيم الثابتة فمهما غضبت وتضايقت من أمك لن تعفيك مشاعرك عن مسئوليتك نحوها في مرضها وعن وجوب برها, ومهما كانت دراستك مملة فهي وسيلة لتمضية الوقت كما تقولين ولأن النجاح فيها يشبع اعتزازك بنفسك فبين سطورك الشاكية لم تنسي أن تذكري أن معدلك امتياز.
لديك نصيبك من السعادة والنعم لكنك لا ترينها وهناك مشاكل في حياتك غير مستعصية لكنك تضخمينها، تستطيعين أن تجمعي شتات نفسك لتبدئي صفحة جديدة بتفكير إيجابي بأن ما فات قد انتهى ومن السفه أن تخسري الحاضر أيضا.
نقطة أخيرة هل أنت متأكدة أن ما تعانين منه فطريات التينيا؟ معلوماتي الطبية تقول أنه يمكن التخلص منها بسهولة بكورس مضاد للفطريات وحين تظهر ثانية لا نسميها انتكاسة فهي ليست بالأمر الخطير ولكنك تستعذبين الألم وتركنين للشكوى ولكن الآن حان وقت العمل ما رأيك؟