حــلــــــم الأمـــــــــــــــــــــــــان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
السادة القائمون على ذلك الموقع الرائع.. أحيكم جميعا بتحية يكسوها الاحترام والتقدير، ذلك لما يحويه موقعكم من هدف نبيل وهو الأخذ بيد كل ملهوف ومساعدة كل مستغيث اسمحوا لي ألا أطيل في الثناء أكثر من ذلك فلن تكفيني الكلمات لأعبر لكم عن مدى إعجابي بإدارتكم لصفحاتكم الجميلة..
لكن دعوني أعرض عليكم شيئا قليلا مما يدور بداخل أعماقي ولا أعرف حقيقة هل هي مشكلة أعانيها أم هي مجرد أفكار تتخبط بداخلي ولتكن أي شيء فلتعتبروها نوعا من الفضفضة على صفحاتكم.. فرجاء منى تحملوني قليلا.
فأنا طالب بإحدى الكليات النظرية بمصر ولنرجع معا إلى ما مر عليَّ من سنوات عمري، فقد نشأت في أسرة متدينة لأب ملتزم وأم حنون وأخوة يكبرونني جميعا فأنا آخر العنقود كما يقولون ونشأت منذ البداية أحب الجماعة أعشق الاستماع لمن يكبرونني كي أتعلم وكما يقول البعض عنى شيئا أنني سبق تفكيري سني وإن اعتبرت هذا عيبا لا ميزة كما يدعيه الآخرون، فقد انغمست منذ مرحلة التعليم الابتدائي في النشاط المدرسي بشتى أنواعه وأشكاله واكتشف والدي في فن الإلقاء الشعري فنما ذلك بداخلي من خلال التدريب فأثقل ذلك الموهبة بداخلي و تعددت أنشطتي في شتى المجالات داخل المدرسة في مختلف المراحل وخارجها من مؤسسات فحصلت دائما على تقدير الجميع واحترامهم.
لكن لا أخفى عليكم فقد أثر ذلك على دراستي وان لم يظهر ذلك سوى في المرحلة الثانوية وللتحديد في السنة النهائية وقد كنت حين ذلك ارتبطت بإحدى الزميلات تعرفت عليها برحلة اشتركنا فيها سويا إلي إحدى البلدان العربية، وكانت تلك هي سنة أولى حب على حد تعبيري خرجت خلالها أسمي ما بداخلي من مشاعر لكن استمراري في ذلك النشاط قد ترك علي تأثيرا سيئا من الجانب الدراسي فسقط أول أحلامي بفقدي لدخول الكلية التي كنت أحلم بها وهى كلية الإعلام وقد كنت عاهدت حبيبتي على أنني لو لم يقدر لي دخول تلك الكلية فلسوف أكون بجانبها في مدينتها التي تبعد عن مدينتي بمسافة ليست بالقليلة وكان في ذلك ظلما وفيرا لأبوي أولا ولنفسي.
ثانيا وحقيقة لم أجد غير تلك الكلية كأفضل أسوأ الحلول المطروحة أمامي وذهبت إليها ويكسوني حلم النجاح والعبور من تلك المرحلة إلى بر الأمان بالتخرج والارتباط بمن أحب والتي تغربت من أجلها ولكني فوجئت بها -بعد مرور القليل من الشهور بحياة الجامعة- تتخلى عنى بمنتهى اللامبالاة! وكانت هذه ثاني صدماتي لكنى لم أتوقف عن إيماني الكامل بمدى تقديري واحترامي لشعور الحب ذاته على أن يكون بالصورة التي أراها في ثوب من النقاء والطهارة والعفاف إلا أنني لم أجد ذلك فقد عانيت كثيرا من تفاهة التفكير وسطحية المشاعر وقلة الوعي لدى الفتيات اللاتي من المفروض أنهن فتيات الجامعة المثقفات الراشدات العاقلات.
فأنا يا سيدي لا أطيق أن أعيش لحظة واحدة بدون أن أجد بداخلي الانتماء لحبيبة أسكن إليها تتلمس في المأوى والأمان لكن حقي حقا رأيت ذلك مستحيلا فيما طلعت من خلال حياتي الجامعية والاجتماعية مع العلم أنني لم أتوقف عن ممارسة أنشطتي منذ دخولي لأول سنوات الجامعة وأثقلتني الهموم بعدما اكتشفنا أنا وأسرتي مرض والدي بالكبد وأقمت معه عاما كاملا بمدينة أخرى غير التي تقيم بها أسرتي وغير التي أدرس بها وتخلفت ورسبت في ذاك العام وأخفيت ذلك عن أسرتي وربى وحده يعلم أنني ما فعلت ذلك سوى خوفا على أبي ونجحت بصعوبة في العام التالي واشتد المرض على والدي إلى الحد الذي كان يشعرني بكل ما يعانيه من آلام فقد كان أقرب أصدقائي إلي ومعلمي الأول ومن سأظل أدين له بالولاء طيلة عمري لكن القدر لم يمهلني ففي العام التالي لنجاحي توفاه الله الذي لا يحمد على مكروه سواه وكان ذلك قبيل الامتحانات مباشرة واحتسبته عند المولى عز وجل إلا أنني لم أستطع أن أتمالك نفسي سريعا إلا بعد فوات الأوان ورسبت للمرة الثانية.
كنت سيدي في هذا العام ارتبطت عاطفيا بإحدى زميلاتي في كليتي غير أنه كان حبا أنا فقط أركب جواده ولا تعبر هي عن أي شيء فيه سوى أنها لا تعلم وأنها تخاف من أن تظلمني ورأيت أنا من جانبي أنها ربما قد تكون لا ترى في المؤهلات الزوجية لتعثري في دراستي على الرغم من علمها الكامل بظروفي.
وفى عامي هذا وقد انتهت هي من سنواتها الدراسية وسافرت إلى بلد عربي حيث يقيم أبوها لتشاركه الحياة، لم ينقطع الاتصال بيننا وقد صارحتني بحبها غير أنه كانت هناك فترة من القطيعة بيننا قبل أن يتوفى والدي، وفي تلك الفترة كنت أتألم لبعدها عنى ولآلام والدي رحمه الله ولظروف أسرية عديدة مما جعلني ألقي بنفسي في بحر شبكة الإنترنت وما بها من محادثات وقد تعرفت على الكثيرين وكان هذا خطئي ولكني.. أو أنا أفضل ألا ابرر ما أعتبره خطأ فأنا أعترف به وكانت تلك العلاقات في حدود المحادثات عبر الإنترنت والهاتف فقط.
والآن أنا لا أعلم أشياء كثيرة وسأحاول أن أرتبها لكم كالآتي:
* ملحوظة أنني من باب الصراحة ومن حقها عليَّ كحبيبة أعلمتها بعلاقاتي تلك وطلبت منها مساعدتي كي أتخلص من تلك الفترة اليائسة من حياتي وكان منها لا رد أو انقطاع بلا اتصال.
1- أنا لا عرف هل أنا أظلمها بأنني وبحبي لها قد أعوقها عن فرص أفضل منى من أناس قد يتقدمون لطلبها يفوقونني إمكانية ومميزات؟؟
2- هل أنا أخطأت حين أنبأتها بعلاقاتي تلك؟
3- أنا أملك أحلاما عديدة لمجتمعي الجامعي ووطني وبلدي وبيتي وأسرتي وأصدقائي وكل من حولي كل من يعرفها يشيد بها ويثني على تفكيري الذي أوصلني إليها لكن في النهاية لابد من إضافة عبارة أن هذه مجرد أحلام لا سبيل لتحقيقها فهل أتخلى عن ما بداخلي لأن مجتمعي عقيم لا تنبت الأحلام في أرضه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
4- كان حلمي هو أن أكون إعلاميا أؤثر بكلمتي وقلمي وفكرتي في وطني ولا أتخيل نفسي سوى في ذلك أحاول بكل جهدي أن أتأقلم مع ظروفي لكن حقا لا أستطيع فماذا أفعل؟؟؟؟؟
5- هل من تحليلكم مما سبق يوجد لدي أي من المشكلات النفسية وإن كانت فكيف أحلها؟؟
أخيرا.. أتلمس لديكم العفو عن إطالتي الشديدة.. وأترك لكم حرية القرار في نشر تلك الرسالة أو عدم النشر غير أني أرجوكم في موافاتي بالرد سواء على الإيميل أو عبر صفحات موقعكم الثمين.. هذا متروك لتقديركم.. وختاما اكرر جزيل شكري لكل من يساهم في هذا العمل الرائع.. ادعوا الله لكم ولي بدوام الصحة والعافية والسعادة والتوفيق..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وكما بدأت بالسلام اختم به.. السلام عليكم ورحمة الله.
19/10/2003
رد المستشار
الابن الكريم: أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بصفحتنا استشارات مجانين، أنت حائر فعلا مثل ملايين الشباب في مثل عمرك، ورسالتك جعلتني أتذكر عالمي الداخلي في مثل هذه السن، وأنا مشغول في هذه الأيام بالتأمل في مفردات العالم الداخلي للشباب والفتيات، من الأجيال الأصغر... خبراتك بالحياة لا تزال متواضعة يا بني، وهذا لا يعيبك، وتستطيع تحقيق حلمك في العمل بالإعلام فمعظم العاملين بالإعلام في أوطاننا ليسو متخرجين من كليته، ودافعهم للعمل في هذا الميدان إما وجود واسطة تدعمهم، أو البحث عن الربح والشهرة، أو الإيمان بدور رسالة الإعلام، ولكن الدراسة العلمية المتخصصة ليست شرطا عند الأغلبية كما ذكرت لك وأرجو ألا تتصور أنك مهما بلغت في العمل الإعلامي سيصبح تأثيرك علي النحو الذي تعتقده فتكون بذلك مثل صحفي مبتدئ قابلته ذات يوم، فقال لي أتعرف هدفي من دخول الصحافة؟!
فقلت له ما هو؟!.... فأجاب في لهجة من يهمس في أذني بسر القضاء علي الفساد!!! هكذا إذن العمل في مجال الإعلام لم تضع فرصته وتستطيع البدء من ضربة واحدة الآن بالتدرب في جريدة أو غير ذلك بحسب المجال الذي تريده، والأهم من ذلك أن تجتهد في دراستك لتنتهي منها في أقرب وقت، وتحتاج أيضا لربط قدراتك بطموحاتك وأحلامك، فكيف تلوم فتاه تلو الأخرى علي الجفاء مع.. أو الابتعاد عن شاب متعثر حيث الدراسة الآن هي المعيار الأهم، وربما الوحيد في الحكم علي جديتك وشخصيتك!!!
وبغض النظر عن ظروفك الشخصية - التي لها مني كل تقدير وتفهم- فأنت في نظر أي أسرة مجرد طالب فاشل، وحتى تتغير هذه الصفة بواقع جديد تصنعه ستظل مهمة شبه مستحيلة أن تدافع عنك فتاة أمام أهلها، أو تتمسك بحبها لك، أو حيك لها... مع الشكر والتقدير لتطوعك بالبقاء بجانب فتاتك الأولي، ولا أدري سر اندفاعك لهذه المنحة المجانية!!! وكنت تتوقع بالمقابل أن تنتظرك فتاتك، وأنت تتعثر دراسيا، وتتخبط بين أحلامك العريضة، وواقعك الملتبس!!!
لن يكون هناك مستقبل واعد لأي علاقة حب تدخلها إلا بعد أن تستقر وتتطور دراسيا وعمليا، فالفتاه العاقلة لا تربط نفسها بمتعثر، وان قضت معه بعض الوقت تشاركه الأحلام، فان صوت الواقع سرعان ما يكون أعلي وأولي بالاستجابة حين يتقدم لها الشخص المناسب أو الناجح من وجهة نظر أهلها علي الأقل لا تصدق فتاه تقول أنها ستتمسك بشاب فاشل، اللهم عنادا وتكبرا، ورغم أنف أهلها وسرعان ما ستنقلب عليه إذا ارتبطا لأن المرأة بفطرتها تحب الرجل المتفوق عليها، المتحقق في دراسته وعمله وحياته، وتحب أن يلتفت إليها هذا النجم في عليائه لترتبط به فتصعد إلى جواره وفي مداره بالسماء، أما الذين يسيرون إلى جوارها علي الأرض فقد تتبادل معهم الأحاديث أحيانا، ولكنها تظل ترنو بعينيها إلى السماء لعل نجما ينظر إليها.
هذه هي معادلة الحب ثم الزواج الذي ينجح، ومعادلات الفشل كثيرة فلا تتورط فيها انجح في حياتك ستغفر لك فتاتك أية صغائر أما أن تظل متعثرا فلا تلومن إلا نفسك، ولا تتعجب حين تغادرك هذه أو تلك فان المعادلة كما ذكرت لك، وسينحدر أداؤك أثر إذا تكاثرت عليك الهموم واعتدت التقصير، وأدمنت الفشل، فلا تتردد بالبدء في الإصلاح والتركيز علي ما ينفعك، والمستقبل الإعلامي ليس مستحيلا، والحب الناجح نتيجة تستحق التعب من أجلها، فهل تستفيد من تجارب غيرك أم تنتظر أن تعلمك الحياة بالمزيد من آلام دروسها العملية؟!!