الانطواء.. وعسر المزاج

تاريخ النشر : 16 February 2005

تصنيف الاستشارة: اضطرابات وجدانية: عسر مزاج ? Dysthymia ?
الاسم: عزيز البلد: الكويت Kuwait العمر: ** الجنس: ذكر الديانة: مسلم Muslim المستشار: أ.د وائل أبو هندي المشاهدات: 10960

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إنه لمن دواعي سروري أن أتعامل معكم، إنني سعيد عندما وجدت هذا الموقع الرائع، خاصة (استشارات مجانين)، بصراحة أنا شخص انطوائي ليس لدي أصدقاء كثر، ونادرا ما أخرج مع الأصدقاء، وعندما أخرج معهم ألتزم الصمت ولا أتحدث كثيرا، وعندما أتحدث أحس أنهم لا ينتبهون لي، ولا يسمعونني، وهنا أحس بالضيق فألتزم الصمت، والمشكلة الكبرى أن صمتي يلفت نظرهم، فيقولون لي لماذا أنت ساكت؟ ما الخطب؟ وهنا أشعر بالحرج.

في طفولتي كنت هادئا جدا غالبا ما ألعب وحدي ولا أخالط الناس كثيرا، وساكت أحيانا، وأذكر أن خالتي كانت تسخر مني لأنني صامت. وعندما كنت في المدرسة المتوسطة -قبل الثانوية- تعرضت لبعض المضايقات والتحرشات اللاأخلاقية من بعض من الطلاب المنحرفين، وعندها قدمت شكوى لدى ناظر المدرسة فأخذوا جزاءهم. ومن هنا كنت أحرص كثيرا في اختياري للأصدقاء، وكنت أيضا حريصا على ما أقوله عندما أتحدث.

إنني حائر جدا، لا أعرف ما أفعل، أحس أن أصدقائي يشعرون بالملل معي، ولا يسألون عني كثيرا، وجودي أو عدم وجودي معهم سواء.
فبرأيكم أيها السادة الكرام، ما هي الحلول التي تقترحونها لي؟

أتمنى أن تردوا علي في أسرع وقت ممكن؛
لأنني متشوق لجوابكم، وشكرا.
2/2/2005

رد المستشار

الأخ السائل الكريم أهلا بك، وشكرا على ثقتك فينا وفي صفحتنا استشارات مجانين الحقيقة أن الانطوائية كثيرا ما تكون سمة من سمات الشخصية، وتكون مقبولة في حدود معينة في مجتمعاتنا، فطالما أنها مقبولة اجتماعيا فلا تكون هنالك مشكلة بسبب الانطوائية في حد ذاتها.

وهناك أشخاص كثيرون يتسمون بالانطوائية، لكنهم ناجحون في أعمالهم ومتفوقون في دراساتهم، وعادة ما يتزوجون وينجبون. لكن الواضح أن في حالتك ما جعل الأمور تزيد عن الحدود المقبولة، لك وللمحيطين بك أحيانا.

وأما ما ذكرته من تعرضك لبعض التحرشات والمضايقات اللاأخلاقية -كما ذكرت في إفادتك- فمن الواضح أن هذا الموقف -رغم أنك أحسنت التصرف فيه، وأخذت حقك الذي يرضيك- جعلك تزيد انطواء إلى انطوائك، وانكماشا على المستوى الاجتماعي إضافة إلى انكماشك. وهذا كله أدى إلى جعل شبكتك الاجتماعية محدودة أكثر من اللازم كما يتضح من قولك في إفادتك (ومن هنا كنت أحرص كثيرا في اختياري للأصدقاء، وكنت أيضا حريصا على ما أقوله عندما أتحدث)، فهذا يعني أنك أضفت قيودا لا كسرت قيودا من على كيانك الاجتماعي.

وانكماش شبكة الشاب الاجتماعية يؤدي إلى نقص في تطابق اهتماماته مع اهتمامات غيره، فإذا أضفنا لذلك حرصك على ما تقول، وأنت تتحدث مع أصدقائك فإن الأمور تصبح أصعب، والذي أعتقد أنك بحاجة إليه هو برنامج علاج معرفي سلوكي لتأكيد الذات واكتساب المهارات الاجتماعية، ومثل هذا النوع من أنواع برامج العلاج النفسي يستطيع الأخصائي النفسي القيام به.

وكونك غير راضٍ وغير سعيد كما يتضح من إفادتك يشير إلى عدة احتمالات، من أهمها أنك قد تكون مكتئبا، خاصة ذلك النوع الخفيف المزمن من الاكتئاب الذي يسميه الطبيب النفسي بعسر المزاج Dysthymia، وهذا ما يستلزم العرض على طبيب نفسي يحدد حالتك بدقة، ويساعدك في وضع الخطة العلاجية التي قد تحتاج فيها للاستعانة بعقاقير علاج الاكتئاب، ولو لفترة قصيرة، لكن الأهم هو اتباعك لخطوات برنامج تأكيد الذات واكتساب المهارات الاجتماعية.

ومن المهم أن أنبهك يا أخي الكريم إلى أن ما يحدث لك الآن، وما تشعر به من عدم أهميتك وسط أصدقائك، ليس نهاية المطاف، ولا يفترض فيه أن يكون وضعا مستمرا؛ لأن المؤكد هو أن حالتك هذه عابرة إذا وفقك الله إلى الطريق السليم للعلاج، ولا تنسَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نطلب العلاج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله"، وقال صلى الله عليه وسلم: "عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام"، صدق رسول الله.

وما أستشعره من إفادتك الآن هو أنك تمارس مهمات حياتك، وتؤدي واجبك الاجتماعي وربما الوظيفي والأسري في مستوى أقل بكثير مما تسمح به قدراتك، كما أنك تعودت على تحمل مستوى مرتفع من عدم الراحة وعدم الاستمتاع بما تفعل، وكل ذلك قابل للعلاج إذا صدقت النية والعزم، واتجهت إلى أقرب من يستطيع مد يد العون لك مع ضرورة تذكيرك بأن ما سوف تحتاجه من علاج قد يستغرق وقتا طويلا؛ لأن تغيير سلوكياتك وإكسابك مهارات لم تكتسبها من قبل سيحتاج إلى الوقت وإلى المثابرة والتعب، فاستخر ربك، وابدأ، وإن شاء الله سيكون لك الخير الكثير، ولا تنسنا من الدعاء، وطمئنا عليك.

أسرى الخطاب حتى لا نُكبل أيدينا بألسنتنا

ثقافة الانتحار المسكوت عنها...

الصيام.. أوله في النفس وآخره عند الله3

الصيام.. أوله في النفس وآخره عند الله2

الصيام.. أوله في النفس وآخره عند الله1

الانطواء.. وعسر المزاج

رد المستشار

المستشار: أ.د وائل أبو هندي