هل يحتاج الإدمان لأطواق نجاة؟!
قبل قراءة هذه الرسالة لي رجاء واحد إن كانت طويلة على قارئها فأنا على أتم استعداد للاتصال بالدكتور والحديث معه ولكني أريد حلا سريعا لهذه المشكلة فهي شديدة الخطورة، المشكلة التي أود الحديث عنها هي مشكلة أخي البالغ من العمر 24 سنة وهو طالب بكلية التعليم الصناعي -جامعة قناة السويس بدأت المشكلة في الظهور- حيث لا أستطيع أن أقول أنها لم تكن موجودة من قبل -عندما تعثر أخي في دراسته حيث أخذ كل عام في عامين في البداية كان يتقبل مساعدتي له في دراسته حيث أنني الأخت الأكبر له وأنهيت دراستي في كلية الهندسة- جامعة القاهرة وربما كان هذا جزء من المشكلة في العام الأول له بالدراسة سكن في مساكن الطلبة التابعة للجامعة بمحافظة السويس وكان هذا بالنسبة له مشكلة كبيرة حيث أن أخي عاطفي ورومانسي ومرتبط بنا ارتباط شديد كنا نشعر أنه يفتقدنا افتقاد شديد عندما يأتي وكنا نحاول أن نقول له بالطبع أنت لازم تبقى راجل جدع وتعتمد على نفسك.
ومرت السنة الأولى ورسب أخي واضطر إلى إعادة السنة والخروج من سكن الجامعة حيث لا يسمح لمن يعيد السنة بالإقامة في المدينة واتفقنا كأسرة أن أعيش أنا مع أمي في القاهرة ويذهب أبي مع أخي إلى السويس على أن نتقابل أسبوعيا وللأسف هنا بدأ جزء كبير من المشكلة في الظهور حيث أن أبي من وجهة نظري لا يجيد التعامل معنا كأب- السبب في ذلك قصة أخرى حدثت لأسرته سوف أذكر كل ما أعرف عنها في النهاية- وبدأ الصدام بين أبي وأخي وحدهما وكان أخي ينتظر بفارغ الصبر اللحظة التي يجئ فيها إلى القاهرة حتى يلتقي بأمي وبي يأخذنا بين أحضانه كعادته الشيء لا يسمح به أبي له أبدا حتى أنه كان يحاول الهرب من بعض الأيام التي له فيها محاضرات ليدمجها بأيام الأجازة.
لا أنكر أنه كان يتهرب من الدراسة وأن أبي كان يحاول إعطائه دروس ليتجاوز المواد الصعبة وكنت أحاول أن أذاكر له المواد التي أقدر عليها ولكنه بدأ يرفض محاولاتي لمساعدته شيئا فشيئا وفكرت بيني وبين نفسي أن شعوره هذا طبيعي فأنا أكبره بسنة ونصف تقريبا وهو ولد وصعب عليه أن يتقبل مساعدته كان أبواي يحاولان أن يقربا إليه الأصدقاء الذين يمكن أن يذاكر معهم حتى يتجاوز دراسته مما كان يزيده ضجرا حتى من أصدقائه.
واستمر به الحال هكذا يأخذ كل عام بعامين بدون الدخول في كل تفاصيل هذه السنوات حيث أن هذا قد يأخذ ساعات ولكن من المشكلات التي ظهرت وقتها أن أبي اكتشف أنه يدخن وحدثت مشاجرة بينه وبين أحد أصدقائه ولم نصدق نحن أنه كان يدخن واعتقدنا أن صديقه يقول ذلك لسبب أو لآخر - ولكننا اكتشفنا أنه يدخن بالفعل حيث أن أبي لديه عادة تثير غضب أخي كثيرا وهي التفتيش في أغراضه.
والمشكلة الأكبر أنه عندما يرى شيئا ما لا يواجهه أبدا ولكن يقول لأمي كي تتخذ هي موقفا وهي بطبيعة الأنثى تفقد أعصابها وتبدأ في تفريغ شحنة غضبها في أخي ومر الوقت في محاولات يائسة لإقناعه بالالتفات لدراسته وترك التدخين كان يحاول هو بين الحين والآخر أن يتركه ولكنه كان يعود إليه ثانية واستمر الحال هكذا.
وانشغلت أنا في هذه الفترة بدراستي مع تدخل بسيط غير متقبل مني له من وقت لآخر وتخرجت من الجامعة واشتغلت ونجحت في عملي ووصلت إلى نقطة ما في حياتي أحسست عندها أنني ابتعدت كل البعد عن مشاكل أسرتنا وانشغلت بنفسي وبمصلحتي فقط وبدأ أخي في المرة الثانية للسنة الثالثة في الانطواء والركون إلى النوم معظم الوقت مع عدم التفاته لدراسته كليا وبدأ يلمح أنه يرغب في الحصول على عمل حيث أنه عاد للسكن معنا هو وأبي لأن لديه مواد قليلة بالإضافة إلى أنه لا يحتاج لحضور المحاضرات وطلب مني أن أكلم رئيسي في العمل كي أجد له وظيفة ولم يقتنع أحد بالمنزل ولا في أسرتنا بهذا وبدؤوا في إلقاء النصائح إليه كالعادة وبدأت حالته النفسية في التدهور خاصة بعد أن تقدم إلي شخص ما وكان دائم السؤال عنه ولم يكتمل الموضوع مما قوى لديه الإحساس بالذنب.
قررت أن أكلم رئيسي في العمل وبالفعل جاء للعمل في نفس المكان معي وطلبت من رئيسي أن يكون عمله ليس له علاقة بي كي يشعر بالاعتماد على نفسه وبالفعل بدأت حالته في التحسن من وجهة نظرنا إلى أن جاء يوم طلب مني أن يتحدث معي في شيء كان هو يعمل مسئول عن أستوديو الهواء في قناتنا الناشئة وباختصار فاتحني في أن المذيعة التي تعمل معه لمحت له أنها معجبة به بالرغم من وسامة أخي إلا أنه نتيجة لفشله في الدراسة كان يرى دائما أنه لا يستطيع أن يبدأ هو مع أي فتاة بدأت البنت تحاول تشجيعه على إكمال دراسته ومساندته أحسسنا أن هذا شيء إيجابي وعرف أهلي في البيت كل شيء عن الموضوع وعرف أهل الفتاة أيضا.
بدأت المشكلة الحقيقية في الظهور أمام أعيينا حيث استيقظت يوما على صوت أبي ليريني شيئا ما يشبه الخشب كان بداخل محفظة أخي عندما نظرت إليه قلت لأبي أنه بالتأكيد قطعة من شيء مكسور ولكن أبى أكد أن له رائحة ما وأنه يشك بأنه نوع من أنواع المخدرات لم أستطع أن أتمالك نفسي اتجهت لأخي كي أوقظه وأسئلة عن هذا الشيء الغريب بالطبع غضب قال لي أنه يعرف من الذي وجده وأدركت محاولته للهروب من سؤالي فسألته مرة أخرى أكد لي أنه لا شيء فيه و...صدقته فلأخي قدرة عجيبة على إقناع أي إنسان بأنه بريء وأنه لا توجد مشكلة.
واستمر الحال هكذا حتى وجدنا معه شيء آخر هكذا مرة أخرى وكنت لا أعرف ما اسم هذا الشيء قررت أن آخذ جزء منه وأسأل أحد ولكني لا أعرف أحدا احترت خاصة أنني لم أرد أن أزعج أمي فهي مريضة وتطور الحب بين أخي والفتاة حتى أن الناس عرفوا القصة وقررت أمي أن تتقابل هي وأبي مع الفتاة وبالفعل ذهبت مع أخي إلى أحد النوادي لمقابلتهم وبدأت جلسة أخرى لإعطاء النصائح بالاشتراك مع الفتاة في اليوم التالي طلب مسئول الأمن مقابلتي وبعد قصيدة مديح في أخلاقي تدل على ما ورائها حكى لي الجانب الآخر الذي لا أعرفه عن قصة أخي والفتاة -لم يذكر لي أي شيء عن الموضوع الآخر- وهو أن مشاكل ما تحدث بينهم في الأستوديو وأن الناس بدأت تلاحظ هذا وأن الفتاة اشتكت من تعرضه لها استنكرت هذا الكلام بشدة خاصة أنها قابلت أمي وأبي في اليوم السابق ولم تبدو الأمور هكذا قررت أن أتحدث إليها.
وذهبت لأبحث عنها لم أجدها وعندما وصلت إلى مكتبي اكتشفت أنها قد سألت علي أكثر من مرة اتصلت بأمي لآخذ رقمها واتصلت بها وتقابلنا في عربتها - كانت تقف بها بجانب مكان العمل - وبدأت تحكي لي أن أخي بالفعل كان يتشاجر معها في نفس اليوم الذي ذهبت معه لمقابلة أمي وأبي وأنه أجبرها على ذلك أخبرتني أنه تشاجر معها أكثر من مرة عندما حاولت إنهاء ما بينهما وأنه حاول الانتحار مرتين من قبل وأنها تعرف من اللحظة الأولى لتعارفهما أنه يأخذ حشيش وأنه قال لها هذا في البداية ليبعدها عن طريقه عندما حاولت أن تتعرف عليه ولكنها أصرت حيث أنها شعرت أنه من أصل طيب وأنها كانت تحاول في البداية مساعدته في الخروج من أزمته ولكنها مع الوقت بالفعل أحبته حتى أنها رفضت عريسا من أجله وأخبرت أهلها عنه.
وكلم هو والدها ووالدتها على الهاتف أكثر من مرة أخبرتني أنه قال لها أنه يأخذ الحشيش هذا منذ أكثر من عام وأنه حاول أكثر من مرة التوقف دون جدوى -شعرت وقتها أنني في حلم وأن كل ما يحدث حولي هذا وهم- كيف يكون من نتحدث عنه هذا أخي الهادي الطيب الحنون وتدهورت الأمور أكثر عندما كان أخي مارا بجوارنا ورآنا ونظر إليها بغضب وخافت البنت منه بشدة وطلبت منها أن ترجع بالعربة لنأخذه معنا فطالما أنه قد رآنا فلا داعي للهروب وبالفعل اتجهنا إليه كان يدخن بشدة وينظر إليها بين الحين والآخر نظرات حزينة غاضبة في نفس الوقت وقررنا أن نبتعد قليلا عن مكان العمل حتى لا يرانا الناس وتحدثنا جميعا بصراحة وكنت أفكر بيني وبين نفسي أنه قد يحاول أن يخدعنا وأنه لن يحاول أن يتعالج خاصة أنني كنت أشعر بالغضب مما سمعته منها ومنه من تجاوزات وأحسست بسلبية شديدة منهما قررت أن أخيفهما أكثر وأن أخبرهما بمقابلتي مع مسئول الأمن وألفت جزء من عندي أنه يعرف موضوع المخدرات وأنه أخبرني أنه سوف يسكت عن هذا الموضوع فقط إذا انتهى.
بدأ أخي يبكي وقال لي أنه آسف أنه عرضني لمثل هذا الموقف واتفقنا على أنه لابد من تغيير مواعيد عملهما منعا لكلام الناس ورفقا بأخي بالرغم من عدم اقتناعي حاولت إقناعه أننا سوف نتقابل معا مع الفتاة خارج حدود العمل مرة أو مرتين أسبوعيا اتفقت معه أيضا على التوقف عن المخدرات ولكنني أحسست أنه قد يخدعني فأخبرته أنه قد لا يستطيع الامتناع وحده عنها وقلت له أنني قرأت أن هذا النوع الذي يأخذه يمكن الامتناع عنه بسهولة بالرغم من أني لم أكن أعلم إن كان هذا صحيحا أم لا أحسست أن هذا أعطاه نوع من الأمل ولكني أصررت على أن وحده قد يضعف أخبرني أنه لا يعلم مدى المسئولية التي قد تقع عليه إذا ذهب لمصحة متخصصة وقال لي أنه سوف يتصل بصديق له ويسأله وبطبيعته الكتومة أخذ الموبايل وخرج من العربة أحسست بالخوف أن يهرب مني ولا أستطيع إعادته مرة أخرى.
ظللت أراقبه حتى أنهى مكالمته وبدأ مكالمة أخرى خفت أن يتصل بأحد أصدقائه أحسست بالشك وقتها في كل أصدقائه خرجت من العربة ووقفت بعيدا حتى أنهى مكالمته واقتربت منه أمسكت يده حاولت أن أتكلم معه بهدوء أخبرني أن له صديق صيدلي وأنه اتفق معه على مقابلته والتحدث معه فرحت بهذا الحل حاولت إنهاء مقابلتنا مع الفتاة بذوق ولاحظت نظرته الحزينة التي ينظر بها إليها.
طلبت منه أن نجلس سويا في نادي المهندسين ونتحدث معا بصراحة وأن نحاول حل الموضوع بيننا دون أن يعلم أمي وأبي أخبرته أن الله يحبه بالتأكيد وأن هذا قد حدث لمساعدته على التخلص من مشكلته كانت المرة الوحيدة التي أحسست فيها أنه تكلم معي بصدق بالرغم من أنه كان يتكلم بصعوبة كان يحكي معي خاصة عندما أحاول إعطائه أمل في موضوع الفتاة بالرغم من أنها صرحت لي برغبتها عن إنهاء ما بينهما.
واستمرينا على ذلك الاتفاق أيام كثيرة إلى أن مر علي يوم بمكتبي وهو غاضب وقال لي أنه يرغب في ترك العمل حاولت أن أعرف منه السبب لكن دون جدوى طلبت منه أن ينتظرني ولكنه تركني وذهب خفت عليه وقررت الانصراف ومحاولة اللحاق به اتصلت به على الموبايل وأخبرته أنني في الشارع وسوف أنتظره ولكنه أغلق الهاتف في وجهي وقال لي أنه يرغب في الجلوس وحده استقليت تاكسيا وفي الطريق وجدته يمشي وحده على النيل خفت أن يذهب إلى أحد أصدقائه ويأخذ منهم شيئا فأوقفت التاكسي ونزلت لكي ألحق به وعندما أدركته شك في أنني كنت أراقبه ولكني نفيت ذلك وحاولت تهدئته وقلب دفة الحوار معه ولكنه كان عصبيا ويمشي بسرعة ولم يخبرني عن سبب رغبته في ترك العمل حتى وصلنا إلى المنزل لم أعرف شيئا إلا مما قالته أمي عن مشكلة حدثت بينه وبين زملائه حول تقسيم وقت العمل بينهما وقرر هو أن لا يذهب ويتركهم ليتصرفوا كما يحلو لهم وبالطبع انقلبت الأمور ضده خاصة وأن المديرة المسئولة اتصلت به وأنه صارحها برغبته في ترك العمل.
وهنا بدأت الكارثة أصبح الآن إنسان فاشل في دراسته محطم في حياته العاطفية فاشل في عمله لا يملك قدرات تؤهله لعمل أي شيء مدمن فاقد الثقة في أهله طوال الفترة السابقة حوالي ثلاثة أسابيع حتى الآن ونحن بين محاولة وجود أمل في عودته إلى عمله وبين ضياع هذا الأمل منه مرة أخرى.
المؤسف أن كل من بالعمل يحبونه ويحاول كل منهم من جهته إعادته للعمل وعندما يقترب منه هذا الأمل يضيع هو الآن يقضي يومه في الصباح نائما وعندما يستيقظ ينزل مع أصدقائه وبالطبع يأخذ هذه المخدرات ويقضي باقي يومه بالليل يبكي أمام شاشة التلفاز وعلى صوت الأغاني وينتظر ظهور هذه الفتاة على شاشة التلفاز يحاول أن يكلمها في اليوم مئات المرات بالإضافة إلى فقدانه لشهيته للطعام والعصبية الزائدة التي يتحدث بها معنا قبل أن يتركنا ويخرج من المنزل.
أما عن حالته الصحية فهي متدهورة بالطبع فقد تقيأ من أسبوع ورفض الذهاب إلى طبيب حتى لا يكتشف ما يفعل ولكن من يومين شعر بألم شديد في صدره وأصررت على ذهابه إلى الطبيب ولكي أقنعه اقترحت الذهاب إلى طبيب باطني حتى يقل خوفه وبالفعل ذهب هو وأمي بالطبع اكتشف الطبيب ما به من النظرة الأولى مما زاد الأمور سوءا خاصة أن أمله في الرجوع إلى العمل انقطع في نفس الوقت الذي عاد منه من زيارة الطبيب علمت أنا أنه ما زال يتحدث مع الفتاة فاتصلت بها عرف ذلك أيضا واتصل بها وهو غاضب مما دفعها للمجيء إلي وما يخيفني هو ما قالته لي بأنه أخبرها أنه أجرى تحاليل في أربع معامل وأن الكل أجمعوا على أن أمامه القليل من الوقت ليعيش بالرغم من أن الدكتور الذي ذهب إليه مع أمي أجرى له تحاليل وكتب له أدوية لتقوية المناعة وفيتامينات فقط وأخبرها بأنه سوف يراه بعد شهر.
وبالرغم من أن الفتاة أخبرتني أنه يقول لها هذا الكلام ليخيفها عليه فقط إلا أنني أراه يتألم بالفعل وأحاول الآن إقناعه بالذهاب إلى طبيب آخر أخشى أيضا أن يتحول هذا إلى حقيقة خاصة أنه يحاول أن يتناسى مشكلته بالانغماس في هذه المادة! ماذا أفعل الآن لإخراجه مما هو فيه؟ عيد ميلاده بعد يومين فكرت أن أشتري له قطة - كانت لدينا قطة في الماضي هو يحبها ولكنها ماتت حزن عليها لدرجة أنه كان يطبطب عليها وهي ميتة ويبكي أيضا كانت لدينا قطة أخرى بعدها كان يحبها ولكننا تخلصنا منها لأنها سببت لي حساسية في الصدر فكرت في هذا الحل لأنني أعلم مدى ارتباطه بالحيوانات أيضا فكرت أن أشتري له أدوات رسم فأنا أعلم أنه وسيلة مستخدمه لتفريغ المشاعر
أعلم أن مشكلته الأساسية في الحصول على عمل أو في حب جديد ولكنها حلول قد تستغرق زمنا والموقف الآن لم يعد يحتمل الانتظار
ماذا أفعل؟
03/05/2007
رد المستشار
أختي الفاضلة؛
تحية طيبة وأهلا بك معنا في صف العاقلين!.
من الواضح أن معلوماتك ومعلومات والديك عن المواد المخدرة والمنشطة قليلة، وذلك رغم ثقافة المخدرات الغالبة على وسائل الإعلام منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي وإلى اليوم؛ وهل هذا نوع من الإنكار وعدم الرغبة لدى عائلتكم في أن يكون أخوكم الوحيد مدمناً؟؟؟!!!، أظن ذلك، وإن كان هناك احتمالا آخر، وهو أن إعلامنا فاشل في تثقيف الناس؟!، فلا يمر أسبوع دون أن نرى فيلما أو مسلسلا أو مسرحية أو مقالة أو لقاء مباشر عن المخدرات، وعلى الإنترنت تُباع المخدرات جهارا نهارا، فأنا وبالأصالة عن نفسي تصلني أسبوعيا -على الأقل- رسالة أو أكثر عن أسعار الحبوب المنومة والمنشطة!!!، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
أختي الفاضلة:
هناك قاعدة عن المدمنين سأذكرها لك، وهي صحيحة بين الأطباء النفسيين بالممارسة؛ ألا وهي: "إن لم يَكذِب المُدمِن استثناءاً، فالقاعِدة أنه كذَّاب" ، ولقد قلت ذلك أنت صراحة عن أخيك، وأنه ليس كذابا فقط ولكنه مراوغ أيضاً، وأعتقد أن ما وجده والدك في محفظته هو بقايا "بانجو"، والذي يشتريه المدمن بالشجرة الصغيرة ويقسمها لقطع صغيرة؛ يستخدم أوراقها وأغصانها وكل ما فيها مع السجائر؛ وذلك لأن البانجو رخيص الثمن عن الحشيش، أما الحشيش فهو خلاصة عصارة ثمرة شجرة الحشيش؛ لذلك فالحشيش بعد تصنيعه يصبح مثل الشيكولاتة أو العجوة المنزوعة النوى، وله رائحة مميزة عند تدخينه في الشيشة أو السيجارة، وله دخان أزرق مميز، ومشاكل الحشيش كما نراها أثناء ممارستنا الإكلينيكية أقل بكثير من مشاكل البانجو!، وقد لاحظت أن كثيرا من مدمني البانجو لا يستطيعون إكمال دراستهم، وعندما ناقشت بعضهم قال لي: "البانجو بيقفل الدماغ يا دكتور، أنا بانسى (من النسيان) أي شيء أذاكره، ولا يدخل عقلي أي معلومة دراسية جديدة!!"؛ هذا القول أختي العزيزة ينطبق على حالة أخيك الدراسية؛ فلقد كان تعثره الدراسي واضحا جدا في تفاصيل رسالتك ولدرجة أنه لم يستطع إكمال دراسته!.
أما موضوع شخصية والدك ودوره في أسرتكم، والذي لم تذكريه رغم أهميته؛ فهناك وجهات نظر جديدة أن من أهم دوافع الإدمان لدى المدمن هي علاقته المضطربة مع ولي أمره، وبالذات والده.
وأهم أعراض تعاطي الحشيش أو البانجو هي:
اضطراب الإحساس بالزمان والمكان والحجم والشكل واللون والمسافات، ولذلك كان العلماء يصنفوه في الماضي مع المهلوسات، فمن يتناول الحشيش يرى الدنيا كما يريد أن يراها هو، فلو أراد أن يرى الحياة "بمبي" فهو يراها بمبي ويضحك ويشعر أنه فوق البشر!.
دائما ما نجد احمرار العينين وانتفاخ الجفون لدى مدمن الحشيش أو البانجو، مع كثرة ساعات النوم يومياً (كما يحدث لأخيك)، وأحياناً زيادة الشهية للطعام. وقد يتعاطاه بعض الأشخاص لكي يشعروا أن مدة وكفاءة اللقاء الجنسي تزداد وتتحسن تحت تأثير البانجو أو الحشيش (وهذا الإحساس الزائف من أوهام تعاطي الحشيش أو البانجو، وليس حقيقة!!). والتعاطي على المدى البعيد قد يؤدي إلى العته في بعض المدمنين.
أما استخدام كثير من الشباب بالذات للحشيش أو البانجو فمن أجل أن يروا حاضرهم الصعب المؤلم بصورة وردية مشرقة، ولكي يتقبلوا الواقع المكفهر الموجع!!. وقد يسبب تعاطي الحشيش أو البانجو الخوف الشديد أو الهلع لبعض المتعاطين. ويضحك بعض المتعاطين لأتفه الأسباب بعد تعاطيهم للبانجو أو الحشيش، ولكن البعض منهم يصيبهم عدم الرغبة في الكلام والتفكير والصمت (والبلم) بعد تعاطيهم لإحدى هاتين المادتين.
والآن أختي الطيبة؛
يمكن فحص البانجو أو الحشيش عن طريق اختبار لعينة من البول في أي مختبر مشهور؛ فإذا تعاطى الشخص إحدى هاتين المادتين خلال ثلاثة أسابيع ماضية فسيكون بول هذا الشخص إيجابي ويكتشف الأهل والطبيب المعالج الدليل على تعاطي الشخص لأي منهما.
والإدمان يبدأ غالبا بتدخين السيجارة أو الشيشة، ثم يتبع ذلك إدمان المواد أو العقاقير الأخرى، ونادرا ما نجد مدمنا لمادة واحدة فقط!؛ فالمدمن بطبيعته مغامر باحث عن اللذة بأي شكل وبأي ثمن!!.
من المهم أن تقرئي أختي العزيزة أنت وأسرتك أكثر عن الإدمان، وكيفية التعامل مع المدمن، وأعراض تعاطي بعض المواد المخدرة أو المنشطة؛ وذلك حتى يمكنكم مساعدة ذلك الأخ الرومانسي الحنون كما تقولين عنه أنت، والمقالات والكتب عن هذا الموضوع أكثر من الهم على القلب، وبالذات على الإنترنت، وعلى مجانين أيضاً، من المهم أيضاً أن يغير أخوك أصدقاء السوء ولو استدعى ذلك انتقالكم إلى سكن بعيد آخر عن سكنكم الحالي، وتغيير مكان دراسته، أو مكان عمله إذا استدعى الأمر للابتعاد عن من يشجعه على الإدمان والتعاطي من أهل الشر والسوء!.
وأن يمارس المدمن إحدى أو بعض الهوايات كالرسم أو تربية الحيوانات الأليفة أو ممارسة رياضة ما من العوامل التي تساعد على الاستشفاء من الإدمان ولكنها لا تكفي لعلاج المدمن. وعليك التوجه مع أخيك إلى طبيب نفسي له اهتمام وباع في هذا التخصص، وسأرشح لك ثلاثة أطباء، يمكنك أن تختاري من بينهم:
أد فاروق لطيف أستاذ بجامعة عين شمس
أد أماني هارون الرشيد بجامعة عين شمس أيضاً
أد محمد المهدي بجامعة الأزهر.
ولا تخافي يا باش-مهندسة من موضوع الأمن والشرطة إذا كان أخوك محجوزاً أو منوما بإحدى المستشفيات أو المصحات النفسية بغرض العلاج والاستشفاء، فمشكلة الإدمان من المشاكل العويصة المتشعبة بمنطقتنا،والتي لها جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والصحية وبحاجة إلى خطط قومية مكثفة لمواجهتها.
وأرجو منك أن تتابعينا بأخبار أخيك، عافانا الله وإياه من سوء البلاء.واقرئي أيضًا على مجانين:
كيف أساعد مدمن ؟ : بعد التدريب والفهم
كيف أساعد مدمن : متابعة ثالثة
أخي مدمن : ما العمل؟
نصائح لمدمن صغير !
أخي الصغير مدمن! ماذا أفعل ؟
مدمن: هل من أمل لإحيائه؟
المدمن وعذابات الأسرة