إني في هذا السؤال أسأل الله عز وجل أن يذهب عني الهم والحزن ويفرج كربي ثم أتوكل على الله وأسألكم.
بداية الموضوع منذ 4 أشهر عندما كانت تأتيني وساوس وتهيؤات عن الله سبحانه وتعالى ثم سألت فيها شيوخا عندكم -بارك الله فيهم- قالوا لي إنها دليل على الإيمان ففرحت بذلك، لكني كنت قبل هذه الوساوس أفعل معاصي (عادة سرية ومشاهدة الأفلام والصور الإباحية) ثم استغفرت الله وبدأت أسير على الطريق المستقيم فعندها أتتني هذه الوساوس.
وعندما عرفت أنها "محض الإيمان" فرحت بها خطأ فقلت "أنا إيماني قوي" فعدت إلى هذه المعاصي مرة أخرى، ثم استقمت، ثم أتتني وساوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته، فإذا بهذه الوساوس كانت تتحور وتتشكل عن الوساوس السابقة فسألت في موقعكم فيها أيضا فجاءت نفس الإجابة السابقة.
وبعد ذلك رجعت إلى الطريق المستقيم ثم عدت إلى المعاصي ثم تأتيني وساوس عديدة وكثيرة من طرق أخرى وأشياء تخوف وترعب، مثل أن صاحبي كان يتحدث بكلام -عن طريق المزاح- قد يؤدي إلى الشرك والعياذ بالله لكنه لا يدري؛ فبعد أن تركته أتتني وساوس أني قلت معه وفعلت معه، لكن أنا لم أقل شيئا لأني أعرف عاقبة هذا وظللت أدافعها حتى ذهبت والحمد لله.
فأنا تتعدد أسئلتي وتتغير وتتشكل من وساوس إلى أفكار إلى تهيؤات وكلها إجابة واحدة؛ فالمشكلة أني في كل مرة أشعر بوساوس أشعر أن الموضوع يهزني جدا وأخاف جدا ويكون خطيرا جدا.
والآن هذا السؤال الجديد الذي هو غريب وسوف يسترعي انتباهكم لأنه جعلني ألف وأدور حول نفسي، أنا بعد أن كنت في فترة الظلام الفائتة التي كنت أفعل فيها العادة السرية وغيرها وتبت إلى الله من هذه المعاصي إلى الأبد، واستمرت الأمور عادية إلى أن جاء ما يقول لي إني عندما كنت أفعل هذه المعاصي دنست المصحف الشريف، ووقعت هذه الوساوس على رأسي مثل الصدمة وأنا لا أعرف من يومها رأسي من قدمي أو لا أعرف يميني من شمالي وأخذت أسأل نفسي كيف فعلت هذا وهل فعلته أم لا؟.
هل أستطيع أن أفعل هذا بكتاب الله الذي أنزله على حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، أنا جن جنوني من يومها وتعبت كثيرا، المشكلة أني أشعر أن نفسي أو الشيطان لا أدري أيا منهما يوسوس لي قد فطنت إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (غفر الله لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)؛ فعندما أقول أنا لم أفعل يأتي الرد وتقول الفائتة كانت وساوس، أما الآن هذا فعل فأشك في نفسي أكثر وأكثر وأنا أشعر بتعب كبير بداخلي وأشعر أن الموت قريب وأريد أن ألقى الله وأنا مسلم.
وأنا منذ هذه الوساوس المتعلقة بالمصحف الشريف أفعل شيئين:
1- بدأت أقلب في المصحف ورقة ورقة حتى أجد دلائل على ما في رأسي لكني لم أجد إلا بعض الأشياء التي هي بسبب قدم هذا المصحف الشريف، وهذه الأشياء فتحت علي بابا جديدا من الوساوس.
2- أنا كلما تذكرت هذا الكلام أنبتني نفسي على شيء لم أفعله قمت بشتم نفسي وضربها وضرب الحائط والأرض بقدمي إلى أن يحمر جسمي وتظهر عليه علامات الضرب.
أنا في الآخر استسلمت لهذه الوساوس وأصبحت أبحث في المواقع عن هذا الفعل هل له توبة أو كفارة أم ماذا؟ أنا لا أعرف ماذا أفعل؟ والله أنا بقيت أسأل نفسي من شدة الحيرة والشك هل أنا فعلت أم لم أفعل لأنني لو كنت فعلت هذا وقت المعاصي كنت انتبهت له؛ فالكافر لا يستطيع أن يفعل هذا فما بالكم بي أنا المسلم الموحد بالله سبحانه وتعالى، وأصبحت أدعو الله في هذه الأيام المفترجة أن يظهر الله الحق ويبينه.
وأنا مهما تكلمت وكتبت فلن تشعروا بما أنا فيه؛ لأن من يستطيع أن يدنو أو يقترب من كتاب الواحد القهار الذي حفظه إلى يوم الدين؟ أي نعم كنت أفعل المعاصي، لكني كنت لا أفوت فرضا أو نوافل أو صياما، لكن أفعل شيئا كهذا لا والله، أنا لم تأتني هذه الأفكار وقت المعاصي فلماذا أتت لي عندما هداني الله وتبت إلى الله من هذه المعاصي، ولكني إذا قلت إن هذه الوساوس كي أعود للمعاصي أجد الرد جاهزا يقول لي لا تعد للمعاصي لكن انظر ماذا فعلت، والله أنا تعبت.
أنا الآن أشعر بحزن وضيق وهم كبير في صدري وكأنه يوجد جبل على صدري؛ حيث إنني لا أستطيع التنفس في بعض الأحيان، لكني أظن أنه بسبب ما فعلته من ذنوب ومعاص ويكون الحزن والهم للتكفير عن ذنوبي؛ حيث إنني مكثت في فرح ولذة المعصية وقتا كبيرا وكثيرا جدا كنت أستلذ بها، هل لا أستطيع أن أتحمل هذا الحزن بعد أن فرحت بالمعصية كثيرا؟ والله لو استمر هذا الضيق الذي يكاد أن يشق صدري فلن أعود للمعصية مرة أخرى؛ حيث إني كنت مستريحا وقت المعصية ولم أشعر بضيق أو حزن أو أي شيء بل حدث هذا مع بداية الوساوس ومع توبتي إلى الله (وما زاد الطين بلة) ووضع فوق الحزن حزن (الوساوس التي عن القرآن الكريم التي أنا في شك دائم منها).
ولكن أنا في بعض الأحيان أشعر أن هذا الحزن وأفسره على أنه:
1- قال تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك.
2- أو أكون والعياذ بالله من الذين ختم الله على قلوبهم، هل أنا إذا كنت فعلت هذا كنت أواظب على صلاتي وأقرأ القرآن وأقوم الليل وما إلى ذلك.
أما بقية المشكلة هي أني والله أنا أريدكم أن تتخيلوا مدى معاناتي، أنا كلما قلت شيئا أو تفوهت بكلمة قعدت أحسبها ولماذا أقولها وأقولها على من ويأتي حديث رسول الله (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم) والعياذ بالله أنا أصبحت تقريبا منقطعا عن الكلام ولا أريد أن أكلم أحدا.
وها أنا هنا أسألكم سؤالي الذي قد يكون رقم 10 عن الوساوس والله حتى عندما أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله أشك وأقول ماذا قلت وأظل أرددها كثيرا؛ فالوساوس من كثرتها تحسسني أنها تخرجني والعياذ بالله من الملة في اليوم أكثر من 20 مرة، وأنا الآن أصبحت أمشي في الشارع وأنظر إلى الناس وهم مرتاحو البال ويضحكون وينبسطون وأنا في شك دائم، لكني في الآخر أحمد الله على كل شيء، وأراهم ينظرون إلى مستقبلهم وأنا الحزن الثقيل في صدري وتعبني ويرعبني كثيرا.
أنا كلما قلت بالدخول في مشروع وجدت ما يقول لي لما تخلص من المصائب التي أنت فيها والمشاكل الكثيرة، وتقول هيا استغفر وتب إلى الله ثم افعل ما تريد، طبعا أنا أستغفر الله كثيرا وأتوب إليه، لكن أنا لم أفعل شيئا بكتاب الله العزيز ولكني أيضا أشك في نفسي وتأكيدي.
أنا كلما دخلت على موقعكم وقرأت مشاكل الناس وأسئلتهم وجدت إما فتاوى أو أسئلة في أركان الإسلام من صيام وصلاة أو حج أو ما إلى غير ذلك من الأشياء المختلف أو المتفق عليها وهي داخل الإسلام وكل أسئلتهم فرعية.
أما أنا فأسئلتي ووساوسي في العقيدة وأنا أشك أحيانا والوساوس تشككني في إسلامي وإيماني بالله عز وجل ورسوله الكريم، والله أنا أحب الله ورسوله والإسلام وأريد أن يتوفاني الله مسلما، لكن لا أدري ماذا أفعل لكي أتأكد من نفسي ومن إسلامي أنا قلبت المصحف ورقة ورقة وصفحة صفحة وما زلت أشك.
أنا شخص يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ورضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد نبيا ورسولا وأصلي الفرائض والنوافل وأصوم رمضان وأقوم الليل وأصلي كثيرا على الحبيب المصطفى وأقول أذكار الصباح والمساء وأذكار ما بعد الصلاة.. فهل هذا كاف لكي يكون الشخص مسلما؟.
أنا أحب المصحف الشريف جدا، عندما كنت أفعل المعصية أقوم وأغتسل وأصلي ركعتين لله، وأقرأ ما تيسر لي من القرآن الكريم حتى يغفر لي ربي ما كنت فعلت منذ قليل.
أنا أرى وساوس الناس في أمور بسيطة مثل النظافة وما إلى ذلك وهي أهون عليهم مما أنا فيه، على الأقل لا يسألون أنفسهم هل هم مسلمون أم لا؟.
أنا أعلم أن الإسلام هو الدين الحق، وأرجو من الله أن يثبتني على هذا الدين القيم حتى ألقاه، وأنا نادم أشد الندم على المعصية التي كنت أفعلها، أنا أهملت دراستي وأهملت البحث عن عمل، وأصبحت أهمل في نفسي، لكني والله لا أهمل في حق ربي.
ما يتعبني سؤال داخل رأسي عندما أنظر للشباب وأجدهم يفعلون الذنوب أجد ما يقول في رأسي إنهم يفعلون ذنوبا ولكنهم موحدون بالله ولم يفعلوا مثلما فعلت، أنا أيضا موحد بالله لكني أرهقت من كثرة التفكير وأخاف من الوساوس التي في رأسي، وإرغاما لها وقضاء عليها سألتكم عن حكم من يفعل ذلك بالقرآن الكريم وهل له من توبة، لكن لا أريد أن أعرف لأني لم أفعل شيئا من هذا، لكن أجد شكي يطغى على تأكيدي وإذا وجدت لنفسي مخرجا وتأكدت لثانية أني لم أفعل أجد الوساوس تركب لي صورا من الماضي مثل الشريط السينمائي في ذهني.
هناك أسئلة أخرى أريد أن أسألها، لكن هذا أخذ كل تفكيري، أنا من كثرة الأسئلة التي بعثتها إليكم عرفت أني هداني الله لأعرف أني مصاب بالوسواس القهري وهذا هون عليَّ. ولكن بعد سؤالي إلى الله أسألكم ما الحل؟ اللهم من عليَّ بالشفاء إذا كان سيدنا عمر بن الخطاب قال -ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي؛ فماذا نقول نحن إذًا قولوا لي كيف أتأكد من أني لم أمس المصحف الشريف؟.
أنا لي سؤال أخير أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأصلي الفرائض وأصوم وأتصدق وأقيم الليل.. فهل هذا يكفي ليكون الشخص متأكدا من أنه مسلم؛ فأنا أريد ردا جذريا وأدعو الله أن يوفقكم إلى ذلك؟ وهل يمكن أن يكون الشخص فعل شيئا وأخرجه من الملة فأخذ يصلي ويصوم ويفعل مثل المسلمين يحسب له هذا؟ وهل يمكن للشخص أن يغتسل كل فترة ويقول الشهادتين حتى إذا ما فعل شيئا ونسيه قد يكون قد أخرجه من الملة حتى يتوب إلى الله دائما؟
شكرا لكم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
28/4/2007
رد المستشار
الابن العزيز "أحمد"، أهلا وسهلا بك على صفحتنا، ونحمد الله أن هداك إلى حقيقة مرضك بالوسواس القهري، ونسأله سبحانه أن يوفقنا في التخفيف عنك وإرشادك إلى طريق العلاج السليم وأن يتم نعمته عليك بالشفاء، إنه تعالى سميع مجيب.
أربعة أشهر هي مدة معاناتك وهي ولله الحمد مدة قصيرة مقارنة بما اعتدنا عليه سواء في ردودنا عبر الإنترنت أو في ممارساتنا الإكلينيكية الخاصة؛ فعادة ما يكون الحد الأدنى لوصول مريض الوسواس القهري في بلادنا سنة من العذاب، الحمد لله الذي وفقنا وفريق مشاكل وحلول للشباب إلى نشر الوعي النفسي ومفاهيم الصحة النفسية السليمة في شريحة الشباب -على الأقل- في مجتمعاتنا؛ فكنا قبل ذلك نقـدِّرَ المدةَ الزمنية التي يضيعها المريضُ بالوسواس القهري في مسالكَ غالبًا ما تزيدُ من معاناته أو على الأقل لا تفيدهُ واستنادا إلى بحثٍ علمي يوضحُ أنَّ:
1- نسبة 7% فقط من مرضى الوسواس القهري يصلون الطبيب النفسي خلال العام الأول للمرض.
2- نسبة 18% من مرضى الوسواس القهري يصلون الطبيب النفسي خلال العام الثاني للمرض.
3- نسبة 41% يصلون الطبيب النفسي بين العام الثاني والعام الرابع لظهور أعراض المرض.
4- نسبة 26% يصلون الطبيب النفسي بين العام الرابع والعام الثامن لظهور أعراض المرض.
5-نسبة 10% يصلون الطبيب النفسي بعد أكثر من 10 أعوام من ظهور أعراض المرض.
إذن فالحمد لله أنك هديت بسرعة إلى الطريق السليم، وأما ما تعاني منه يا بني فهو أفكارٌ تسلطية تدرك أنت أنها وساوس لا حقائق ولكنك تشك في نفسك وهذا حال كل الموسوسين، فرغم معرفة الواحد منهم بعدم صحة الفكرة التسلطية فإنه لا يستطيع منع نفسه من أداء الفعل القهري عله يستريح قليلا من معاناته الدائمة، ومثال ذلك –وهو واحد من كثير- في حالتك يتضح في قولك: (أنا كلما قلت شيئا أو تفوهت بكلمة قعدت أحسبها ولماذا أقولها وأقولها على مين ويأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم"، والعياذ بالله أنا أصبحت تقريبا منقطعا عن الكلام ولا أريد أن أكلم أحدًا).
فالفكرة التسلطية هنا هي أن ما قلته من كلمات أو شتائم أو ما فكرت فيه من أفكار إنما قصدت بها المولى جل وعلا أو سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، ورغم معرفتك ويقينك أن هذا سخيف وغير صحيح فإنك لا تستطيع الخلاص من شكك ولهذا أصبحت تتجنب الكلام قدر استطاعتك، وهذا النوع من الأفعال القهرية التجنبية مشهور لدى كثيرين من مرضى الوسواس القهري عافاك الله.
معنى أن المدة الزمنية لمعاناتك هي أربعة أشهر فقط هو أن حالتك لا تزال بسيطة إن شاء الله سواء ما يتعلق بالوساوس أو ما يتعلق باكتئابك الناتج عنها والمرتبط إلى حد كبير بها، وهو ما جعلك تهمل الاهتمام بنفسك وترجئ البحث عن عمل إلى آخر ما لم تذكره، وأخمن أنه موجود.
نقطة أخرى مهمة في إفادتك يا بني وهي مقارنتك لوساوسك الدينية الشكل والمحتوى بوساوس الآخرين وأنا أستشعر من بين سطورك أنك تحسب نفسك بدعا أو مختلفا في أعراض الوسوسة، والحقيقة تخالف ذلك تماما؛ لأن وسائس أكثر من 60% من مرضى الوسواس القهري في شعوبنا العربية المسلمة وساوس دينية، وذلك باستخدام المقاييس الأجنبية المترجمة والتي لا تكون حساسة في معظم الأحيان لوساوس مرضانا؛ فما بالك بنسبتها الحقيقية التي يمكن قياسها باستخدام مقياس معد في ثقافتنا -وهو ما وفقنا الله إلى إعداده-؟ ما أود قوله لك هو أن كثيرين كثيرين من مرضى الوسواس القهري جاءوا بشكاوى كشكواك هذه وأمكن علاجهم بفضل الله.
وأحسب أن نظرة منك على مشكلات الوسواس القهري الموجودة على موقعنا هذا ستبين لك أن معاناة كمعاناتك ليس من الصعب علاجها، كل المطلوب منك هو أن تطلب العون من طبيب نفسي يستطيع تقديم علاجٍ معرفي سلوكي، إضافة إلى العلاج العقَّاري باستخدام أحد عقاقير الماس أو الماسا، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء العاجل،
ونحن في انتظار متابعتك.