هذه مشاركة في مشكلة أولويات المرحلة الحالية- فصبر جميل والتي أجاب عليها الأستاذ الدكتور مصطفى السعدني، ولما كان صاحب المشكلة قد أرسل مشكلته مرتين فقد كانت المرة الأخرى من نصيب مستشارنا الأستاذ علاء مرسي.
مشكله مستعصية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛
فأني أتقدم إليكم بالشكر الجزيل وإلى كل من يساهم معكم في تقديم المشورة والنصيحة واللتان نحن في أمس الحاجة إليهما، فنسأل الله أن يجعل جهودكم هذه في ميزان حسناتكم إنه سميع مجيب، أما بالنسبة لمشكلتي فبدايتها لما يزيد على أربع سنين خلت بحلوها ومرة عانيت فيها الكثير وواجهت فيها من المصاعب والمتاعب ما لله به عليم.
باختصار: سبب مشكلتي هو شدة تأثري لما يحدث للمسلمين من قهر وظلم وتآمر تكاد السموات تنشق منه وتخر الجبال هدا، حيث كنت وما زلت شديد المتابعة لأخبار المسلمين في شرق الأرض ومغربها وبالأخص ما يحدث في فلسطين الحبيبة على أيدي الاحتلال الصهيوني البغيض، مما كان له أشد الأثر علي وخصوصا في فترة سنة الثانوية العامة، حيث أني كنت من المتفوقين في دراستي، وفي هذه السنة الصعبة وخصوصا في الفصل الثاني "وكان وقتها اجتياحات للمدن الفلسطينية" أصبح اعتكافي على الأخبار بدل اعتكافي على الدراسة والمذاكرة مما حدا بي للاصطدام مع أهلي الذين دائما يطالبونني بالدراسة.
وبعد انتهاء هذه السنة وحصولي والحمد لله على معدل جيد بدأت رحلة أخرى من المعاناة والمشاكل بالظهور ذالك أن ما كان يحدث لمدننا من المحتلة من اجتياحات وما كان يحدث لإخواني وأصحابي من اعتقالات واغتيالات كان له أثر كبير على نفسيتي فكان كل أخ يستشهد أو يعتقل وكأنه ينتزع من روحي الثائرة خصوصا أخي الصغير الذي استشهد أثناء ذهابه إلى مدرسته وحزنت عليه حزن كثيرا ومازالت ذكرياتي له ولغيره من الخلان والأحباب.
كل هذه الأمور انعكست علي سلبا خصوصا على دراستي وتحصيلي العلمي حيث أن تفوقي انقلب تقصيرا وضعفا حيث إني أحاول دائما أن أستعلي على جراحاتي وأجتهد لأسترجع تميزي وتفوقي المفقود، ليس فقط في دراستي وإنما في معظم نواحي حياتي إلا إنني أفشل في كل مرة، فرغم أني أريد أن أدرس فأني لا أستطيع وكلما مسكت كتابي لأدرس لا أستطيع فألقي الكتاب جانبا، وإذا أجبرت نفسي فإني لا أركز في دراستي وأكون دائم التشتت والسرحان، مما انعكس على شخصيتي فقد أصبحت خجولا ممن يعرف تقصيري لا أحب مواجهتهم لأني أتألم أن يراني أحد في غير المكان الذي كنت فيه، وأصبح عندي قلة في التركيز وضعفا في الذاكرة مقارنة بما كنت عليه في السابق وأكثر نسيانا.
كل هذه الأمور دفعتني إلى الذهاب إلى طبيب نفسي فوصف لي دواء اسمه triptozol 20mg وبعدان التزمت به فترة طويلة شعرت بتحسن طفيف وكنت أشعر أني إذا لم أتناول الدواء يوما إن حالي ساء كثيرا، عندها ذهبت إلى طبيب آخر منذ حوالي ثلاثة شهور الذي أخبرني أني أعاني من حالة اكتئاب خفيفة وقد وصف لي دواء آخر اسمه cipralex20mg خففه بعد شهر الى10 mg . إلا إني وبعد فترة شعرة أن حالتي العامة ساءت كثيرا جدا فقد أصبحت أشعر بالاكتئاب والخمول وقسوة القلب لا أكترث بأي من واجباتي حتى إنني أصبحت أضيع بعض الصلوات أحيانا بعد أن كنت شديد المحافظة على صلاتي وواجباتي وقد مضت فترة الثلاثة شهور التي أخذت فيها الدواء كأسوأ فترة في حياتي وعندما أخبر طبيبي يقول لي سوف تتحسن وهو الشيء الذي لا أجده .حتى إني أفكر حاليا بترك هذا الدواء ،وما هي نصيحتكم لابنكم.
أرجو من حضرتكم أن تساعدوني وتعملوا على تفريج كربتي راجيا ربي أن يجزيكم خيرا ويفرج عنكم كربة من كرب يوم القيامة، وسامحوني على الإطالة فرغم إني لم أذكر الكثير من التفاصيل خوفا من الإطالة إلا إني أطلت.
أرجو من الدكتور الحبيب وائل أبو هندي أن يقوم هو بالرد على مشكلتي إن أمكن.
والسلام عيكم ورحمة الله وبركته
09/03/2007
رد المستشار
صديقي؛
لقد فكرت كثيرا فيما جاء في رسالتك ولا شك أنك متألم كما نحن جميعا متألمون لما يحدث من ظلم في العالم وقتل الأبرياء والصالحين بدون حق.
في نفس الوقت، لاحظت أنك نجحت بمعدل جيد بالرغم من تلك الآلام..... ولا شك أن هذا شيء يجب وضعه في الحسبان والانتباه له إذا كنت تريد حقا حلا لمشكلتك... إن مشكلتك مثل مشكلة العديد من شباب هذه الأمة وهي نفس المشكلة التي تسمح للعدو وللأشرار بالاستمرار في إجرامهم..... لقد سمحت للعدو وممارساته أن يؤثر عليك ويوقفك عن الانتباه للعلم ولتقوية نفسك... أليس هذا هو ما يريده العدو حقا حتى يتنصر بدون معركة؟؟ لو فقدنا الأمل في الحياة وتوقفنا عن التقدم بسبب تألمنا لما يفعل العدو، فمما لا شك فيه أن العدو قد انتصر وقد أعطيناه النصر رخيصا وبمنتهى الخنوع.
مشكلتك الحقيقية تكمن في أنك نسيت أنك أحد الناس... ربما لأنك تعلم أن الشهداء أفضل حالا منا..... وربما لأنك تحس بالذنب لأنك لا تزال على قيد الحياة..... وربما لأنه من الأسهل أن تستسلم لدور الضحية أو دور الرجل المتألم لدرجة الركود... وربما لأنك تخجل من تقصيرك في حق نفسك.
الحل يكمن في أن تقرر حقيقة أن تعود إلى التفوق.. الاكتئاب ينتج في أحيان كثيرة عن طاقة إبداعية وذهنية معطلة..... ولا يمكن لأحد أن يغير هذا قبل أن تقرر أنت أن تقوم بالخطوات اللازمة لهذا في تطور بطيء وطويل المدى حتى تصل إلى الامتياز مرة أخرى..... ولكن يجب أن تتخذ قرارا حقيقيا أولا.... هذا يعني ألا تسمح لنفسك بأي احتمالات أخرى سوى التقدم والتفوق في خطوات صغيرة ومستمرة ما دمت على قيد الحياة..... الرحلة ومما تتعلمه من الرحلة ومن ستكون وكيف تشكل نفسك خلال الرحلة، هي أشياء أهم بكثير من الوصول.
أنصحك بالتعاون مع معالج نفساني لرسم خطة عملية لتحقيق ما تريد بدلا من تعذيب النفس ولومها بدون حركة.... ليس هناك دواء أو مخدر يمكنه أن يحل محل العمل الحقيقي في الحياة..... قد يساعد الدواء ولكنه لن يجدي بدون حركة حقيقية نحو أهداف حقيقية.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب