السادة في موقع مجانين حفظهم الله؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سائلا الله تعالى أن يحفظكم من كل سوء، ووالله إن اللسان ليعجز عن شكركم على ما تقدمونه من مساعدة للتائهين والحائرين حتى أصبحتم بحق واحة وارفة الظلال لهؤلاء، حفظكم الله من كل سوء.
سادتي الكرام: أعرفكم بنفسي: أنا شاب عراقي مسلم والحمد لله، أقيم خارج العراق حاليا، ملتزم التزاما عاما رغم الكثير من التقصير، وأمتلك ثقافة عالية ولله الحمد وخريج جامعي، يحسدني الكثيرون على ثقافتي وسعة اطلاعي، علاقاتي بالناس جيدة وطيبة ولا أحب إيذاء أحد، إلا أني لدي عدة مشاكل في مشكلة واحدة.
من خلال اطلاعي وقراءتي أدركت مبكرا أني أعاني من الوسواس القهري؛ إذ عانيت منه قبل سنوات وكنت أتمنى أحيانا الموت حتى أتخلص منه و(أرتاح)، وكانت الوساوس التي تنتابني تتنوع بين الشك في العقيدة والعياذ بالله، وبين التشكيك في منطقية كل شيء؛ حيث كنت أسال نفسي ما الذي يدل على أن هذا الشيء هو نفسه هذا الشيء، أو أبحث عن آية أو حديث للتدليل على صحة كل ما أقوم به حتى الأفعال الجبلّية العادية، ثم الوساوس التي تتعلق بالقوميات والطوائف حيث أن بلدي يعاني من التمزق والتناحر الطائفي، وأبي ينتمي إلى جهة وأمي إلى أخرى، وكان خالي في طفولتي يعيرني جادا ومازحا بأهل أبي وبانتمائهم رغم معرفتي أن أهل أبي يفوقونهم علما وثقافة وحتى من ناحية الحسب والمكانة.
مشاكل كثيرة وظلمات بعضها فوق بعض؛ هذا إضافة إلى الكآبة والضيق الذي أعاني منه بسبب بعدي عن أهلي وخوفي الدائم عليهم، والتمزق الذي يعيشه بلدي والدماء التي تنزف وانهياره وهو الذي كان كبيرا في نظري، كما أني أعاني من مشاكل مادية.
زاد الطين بلة عندما خطبت فتاة من أهل أمي وهاجت بي الذكريات المريرة والسخرية التي كنت أتلقاها من خالي.. أنا أعرف تماما أن هذه السخرية لا تغير من حقائق الأشياء، ولا تنقص من قدري ولا من قدر أهل أبي؛ لكني لا أستطيع الهروب من الوساوس القهرية التي تهاجمني بضراوة وخاصة بعد خطبتي، وما يحيط بها من كآبة وقلق دفين.
وكنت من المتابعين دائما لموقعكم وأقرأ الاستشارات التي تجيبون عليها، وأجد نفسي قريبا لبعضها، وقرأت في موقعكم أن العلاج بالعقاقير مفيد جدا كعامل مساعد إضافة إلى العلاج النفسي الذي يقوم على ترويض النفس وعقلنتها، وطلبت من صديقي الطبيب العمومي أن يأتيني بالعقاقير لكنه رفض إلا تحت إشراف طبيب نفسي، وأنا هنا في بلد الأطباء النفسيون مستواهم العلمي متدن وسمعة الذي يذهب إليهم في الحضيض، وتحت رفض زميلي الطبيب لجأت إليكم بعد الله عز وجل طالبا منكم المساعدة حيث بإمكانكم أن تصفوا لي الدواء الذي أحتاجه لعلاج حالتي لأني أتمنى الموت أحيانا على حياتي التي أعيشها، كما أني بعون الله ثم بما تقدمونه أستطيع تشخيص حالتي جيدا واتباع ما ترونه مناسبا بحقي.
أعتقد أني صدعت رؤوسكم بمشاكلي، سامحوني لكني والله متعب جدا ومرهق وليس لي بعد الله إلاكم.
المعذب
ب. خ. ع
ملاحظة: أرجو بعد إذنكم أن تحوروا سؤالي بما ترونه مناسبا لأن الكثير من أصدقائي يقرءون الموقع ولا أريد أن يعرف أحد منهم بمشاكلي، ويا حبذا لو أجاب على مشكلتي الدكتور وائل أبو هندي.
23/6/2007
رد المستشار
الأخ العزيز "براء"؛ أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين ونشكرك على ثقتك، من الواضح يا أخي الفاضل أنك تعايشت طويلا مع وساوسك وما تزال، ولولا أنك في موقف متأزم الآن لما طلبت العلاج أليس كذلك؟
نعم يحتاج علاج اضطراب الوسواس القهري إلى مزيج من العلاج العقَّاري من مجموعة الماس أو الماسا والعلاج المعرفي السلوكي، ويعتبر العلاج بالعقاقير وحدها علاجا منقوصا، بينما يعتبر تطبيق برنامج العلاج المعرفي السلوكي وإتمامه وحده علاجا كاملا ولكن المشكلة هي صعوبة تطبيق الجانب السلوكي دون مساعدة العقاقير في أغلب الأحيان.
وبالتالي أنت تطلب منا مساعدتك على تلقي علاج منقوص، ولولا ما شرحت لنا من ظروف يعانيها أهلنا أهل العراق سواء في العراق أو غيره ما كنا سنقدم لك مثل هذه المساعدة التي نراها منقوصة، فأقصى ما نستطيع هو تعريفك بمختلف العقاقير المتاحة، ولا أدري ما إذا كان صديقك الطبيب سيختار لك من بين ما سنعرفك به من عقاقير على مسئوليته هو أم لا؟ فهناك عدد من عقاقير علاج الوسوسة ولكن اختيار أحدها يستند فيه الطبيب عادة إلى رأيه في المريض المعين بناء على خبرته وعلى سماع تفاصيل كثيرة عن المريض، معنى هذا أننا لا نستطيع أكثر من أن نذكر لك أسماء عقاقير الماس والماسا المتاحة في الأسواق العربية:
أولاً: عقار الكلوميبرامين clomipramine (م.ا.س) ويوجد منه تركيزان في صورة أقراص، أحدهما 25 مجم والآخر 75 مجم، وعادة ما يبدأ الطبيب بالجرعة الصغرى 25 ثم يزيدها بالتدريج إلى أن يصل إلى 75، وهذا العقار هو الماس الوحيد غير الانتقائي أي أنه يعمل على ناقلات عصبية أخرى غير السيروتونين، وهو لذلك من أكثر أنواع مضادات الوسوسة إحداثًا للأعراض الجانبية العابرة، لكنه من أفضلها من ناحية نتائجه العلاجية.
ثانيا: عقار الفلوكستين Flouxetine(م.ا.س.ا)، والجرعة المتاحة منه هي 20 مجم في صورة كبسولات، ويبدأ بها الطبيب، ويزيدها كل ثلاثة أشهر حسب الاستجابة، والحد الأقصى هو ثلاث أو أربع كبسولات يوميا أي من 60 إلى 80 مجم.
ثالثًا: عقار السيرترالين Sertraline (م.ا.س.ا)، والجرعة المبدئية منه هي 50 مجم في صورة أقراص، ويمكن أن يزيدها الطبيب النفسي أيضًا كل 3 أشهر حسب استجابة المريض، وحدها الأقصى 5 أقراص يوميا أي 250 مجم.
رابعًا: عقار الفلوفوكسامين Flovuxamine (م.ا.س.ا)، والجرعة المبدئية منه هي 50 مجم في صورة أقراص، وفي بعض الدول يوجد تركيز آخر 100 مجم في صورة أقراص أيضًا، ويبدأ الطبيب بـ 50 مجم يوميا، ويمكن أن يزيدها الطبيب النفسي أيضًا كل 3 أشهر حسب استجابة المريض، وحدها الأقصى 6 أقراص يوميا أي 300 مجم يوميا.
خامسًا: عقار السيتالوبرام Citalopram (م.ا.س.ا)، والتركيز المتاح منه في البلاد العربية هو 20 مجم في صورة أقراص، وتمكن زيادته بنفس الطريقة حتى 80 مجم يوميا.
سادسا عقَّار الباروكستين Paroxetine (م.ا.س.ا)، والتركيز المتاح منه هو 20 مجم وقد تصل الجرعة إلى 60 أو 80 مجم يوميا في حالات الوسواس القهري.
سابعا عقَّار الإيستالوبرام Escitalopram (م.ا.س.ا)، والتركيز المتاح منه هو 10 مجم وقد يزاد أيضًا إلى 20 مجم يوميا.
وفي جميع الأحوال إذا حدثت آثار جانبية للعقار فإنها تكون محصورة في الأسبوع أو الأسبوعين الأولين فقط، وتتمثل في بعض الاضطرابات المعوية كليونة البراز وبعض الخلل العابر في وظائف المعدة، ومن المحتمل أن تثبط الشهية لفترة عابرة أيضًا، وكذلك تقلل من عدد ساعات النوم. أما أن يكون لها تأثير على الوظائف العقلية أو المعرفية، فإن هذا التأثير تأثير طيب من حيث إنها تعالج الاكتئاب والوسوسة وغيرها الكثير.
كما أنه لكي تطمئن أكثر فإن الجرعة الزائدة جدًّا (أي شريط أو شريطين من الدواء دفعةً واحدةً) من مجموعة الماسا، أي كل ما ذكرت فيما عدا الأول (الكلوميبرامين)، مثل هذه الجرعة الزائدة مأمونة، ولا تسبب آثارًا ضارة طويلة الأمد على الإطلاق.
ولذلك سبب في الحقيقة وهو أن هذه العقارات أصلاً صنعت لعلاج اضطراب الاكتئاب، ولما كان بعض مرضى الاكتئاب الجسيم عرضة لمحاولة الانتحار باستخدام العقار فقد كان التحدي الذي يواجه شركات الدواء هو اختراع أدوية لا تسبب الوفاة إذا أخذ منها المريض جرعات عالية بغرض الانتحار!
ولتعرف معلوماتٍ أكثر عن هذه العقاقير يمكنك أن تقرأ :
حكاية الم.ا.س والم.ا.س.ا؟ ضد الاكتئاب والوسوسة
حكاية الم.ا.س والم.ا.س.ا؟ الآثار الجانبية
وما زلت أؤكد لك يا براء أن هذا لا يكفي وأن عليك أن تحاول جاهدا الوصول إلى من يجري معك جلسات العلاج المعرفي السلوكي إلى جانب العقاقير، وأهديك أيضًا برنامج العلاج الذاتي للوسواس فانقر:
برنامج علاج ذاتي لمرضى الوسواس القهري(4)
وتجد بداخله روابط للمراحل الأولى من البرنامج، هداك الله ورفع عنك وعن كل أهلنا العراقيين البلاء، ونأسف لتأخرنا عليك وتابعنا بأخبارك.