الغيرة على كبر
زوجتي تبلغ من العمر ثمانية وأربعين عاما وعشت معها سنوات طويلة من السعادة وكانت ثقتها في مضرب الأمثال، فأنا رجل أعمال وكثير السفر وأتعامل مع رجال ونساء بحكم عملي في كل مكان، ويتصل بي عملاء من الجنسين في أي وقت من الليل أو النهار، ولم تكن هي تعترض على أي شيء من ذلك، بل إنها كانت تتصل بصديقاتها في أوروبا لاستقبالي في المطار وتسهيل إقامتي هناك أثناء سفرياتي العديدة وتوصيهن برعايتي وأخذي في نزهات أشاهد فيها معالم البلد الذي أزوره.
وقد لاحظت منذ حوالي سنتين أن غيرتها تزداد شيئا فشيئا حتى أصبحت تخنقني، فهي تطاردني بالأسئلة عن كل تحركاتي واتصالاتي، وتراجع اتصالاتي والرسائل الواردة على تليفوني المحمول، وأصبحت كلما رأيتها أحتاج للدفاع عن نفسي وإثبات براءتي. للأسف الشديد أصبحت حياتي معها جحيما بسبب هذه الغيرة التي لم اعتدها منها طوال حياتنا ولا أدري ماذا أفعل معها.
6/5/2007
رد المستشار
لا تنسى أن زوجتك الآن تقترب من فترة انقطاع الدورة الشهرية، وتدور بداخلها مخاوف أنها ربما لم تصبح مثلما كانت من قبل، وربما تسمع بعض المبالغات عن ما يسمى خطأ بسن اليأس، وهي تسمية ذات ظلال كئيبة لدى المرأة، وهذه الأشياء ربما تهز ثقتها بنفسها كامرأة وكزوجة دون أن تدري، ولهذا تساورها المخاوف من احتمالات أن تتركها وتتعلق بغيرها، تلك المخاوف التي لم تكن تشعر بها وهي في شبابها ومعتزة بأنوثتها وقدرتها على اجتذابك نحوها.
يضاف إلى ذلك أن الأولاد ربما قد كبروا وانشغلوا عنها بأصدقائهم، وهنا تجد نفسها وحيدة ولا تجد من تتعلق به سواك لتخرج من وحدتها ومخاوفها من المستقبل وزحف الشيخوخة إلى جسدها ونفسها.
قد تقول أنت بأن هذه المخاوف غير حقيقية، ولكنها في الواقع تتألم منها وتعيشها دون أن تدري بطبيعتها أو أسبابها فهي قابعة في أعماق أعماقها، وربما يزيدها انشغالك بعملك ونجاحك وتألقك في هذه المرحلة من عمرك كرجل (وهي أكثر مراحل الرجال خصوبة ونجاحا وتألقا) لهذا تخشى من أن تأخذك فتاة أو امرأة صغيرة خاصة أنك رجل أعمال ناجح وبالتالي فأنت مطمع للكثيرات المحيطات بك في عملك وتعاملاتك.
حاول أن تقترب منها أكثر في هذه المرحلة وتتفهم دوافعها ومخاوفها ولا تسخر منها أو تسفهها، وفي نفس الوقت لا تأخذ موقف المتهم فتدافع عن نفسك كلما شكت فيك أو سألتك عن شيء فإن ذلك مما يزيد من مخاوفها، وإذا واجهتك باتهامات بدافع شكوكها أو غيرتها فما عليك إلا أن تلتزم الصمت، ثم تقوم بعيد ذلك باحتوائها والحنو عليها بنظرة ودودة أو لمسة رقيقة أو حضن دافئ، وتذكر دائما رصيدها عندك من الحب والمودة والثقة والعطاء لك ولأولادك، وأنها الآن تمر بمحنة الاقتراب من انقطاع الدورة وربما أيضا أزمة منتصف العمر، ولذلك تحتاج للعطف والحنان والاهتمام عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا" فكأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم بما تعانيه النساء في مراحل عمرهن المختلفة من تغيرات وتقلبات تستدعي التوصية بهن في كثير من أحاديثه.
وتأكد بأنك تعطيها حقها في الاهتمام ولا تنساها في زحمة عملك ونجاحاتك فهي لا تجد ونيسا غيرك الآن، وإذا كنت كثير السفر فلا مانع من اصطحابها معك في بعض سفرياتك، أو إتاحة الفرصة لها للعمل معك أو في أي مكان آخر حتى تتغلب على مشكلة الوحدة التي تعانيها. فإذا استمرت الغيرة واستمر الشك بعد كل هذا فقد تحتاج لمراجعة طبيب نفساني لتقييم الحالة والنظر في احتمالات احتياجها لعلاج متخصص من الغيرة والشك المرضيين، أصلح حالكما الله وتابعنا بأخبارك.