السلام عليكم
كنت وأنا طالبة في الجامعة شعلة من النشاط والحيوية كوردة تتفتح في كل اتجاه (سياسة، دين، أدب، رحلات، مشروعات خيرية.... الخ)، ثم التقيت به يكبرني بأربع سنوات شاب هادئ منعزل ولكنه ملتح وثوبه قصير وقليل الكلام وعازف عما ينشغل به الشباب في مثل سنه، تخيلته أحد الصحابة يعيش في عصرنا، اقتربت منه ودارت العجلة وتمت خطبتي وتزوجنا على غير رغبة الأهل نظرا لفروق اجتماعية كثيرة، ولكنني كنت حريصة على تجاوز الشكليات والعادات والتقاليد، وأن نحقق نموذجا لبساطة الزواج.
لاحظت في فترة الخطوبة غيرته الشديدة وكنت سعيدة بها –رغم أنها كانت تخنقني في كثير من الأحيان– لأني اعتبرتها من كمال الرجولة والمروءة التي انعدمت في شباب اليوم، ولكن بعد الزواج زادت غيرته إلى درجة وصلت إلى حد الشكوك والاتهامات، وأغلب وقتنا نقضيه في الهجوم منه والدفاع مني حول أشياء لم أفعلها، فهو يغار علي حتى من إخوتي ومن أبي ومن الأطفال الصغار في العائلة، وقد كنت أستجيب لمطالبه كنوع من الطاعة لزوجي الذي اخترته بنفسي، ولكن هذا أدى إلى احتباسي التام في شقة صغيرة، يغلق هو كل أبوابها وشبابيكها ويحمل المفاتيح معه، ويراقب التليفون، ويمنع دخول الراديو والتليفزيون وأي وسيلة اتصال لي بالعالم الخارجي، ويمنعني من الخروج إلى الشارع مهما كانت الأسباب حتى أنه منعني من الذهاب لزيارة أبي المريض وحين مات لم يسمح لي بالذهاب للعزاء فيه، ودائما يستشهد بنصوص دينية تبرر له ما يفعله معي، وإذا ذهبت للمستشفى للعلاج فهو يلفني في أكثر من عباءة سوداء، ويلبسني نقابا من عدة طبقات حتى أكون بمثابة لفافة سوداء تتعثر في الطريق، ولا يسمح لي بالحديث مع أحد من الأطباء وإنما يقوم هو بالتعبير عن شكواي بالنيابة عني.
ما يؤلمني الآن أنني اكتشفت أنه لا يواظب على الصلاة وليس في حياته من التدين غير مظهره الخارجي والنصوص التي يستخدمه كالسيف فوق رقبتي، وتعاملاته مع أقرب الناس له في غاية السوء، فكرت في الطلاق ولكني أخشى على مصير ابنتي التي أنجبتها منه وأخشى أن أكون قد عصيت ربي بهذا الطلاق، أفيدوني أفادكم الله.
18/4/2007
رد المستشار
الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لقد كان الاختيار من البداية على أساس الشكل لا الجوهر, فقد كانت لديك صورة ذهنية عن الزوج الذي يشبه جيل الصحابة رضوان الله عليهم, وحين التقيت بهذا الشاب أسقطت عليه هذه الصورة الذهنية, وأسقطت من حساباتك كل عوامل الكفاءة, وأسقطت جوانب الرؤية والتفكير المنطقي والاستشارة لذوي الرأي, وانسقت وراء إحساسك الداخلي الغامض الذي وقع ضحية المظهر المتدين، وظهرت غيرته المرضية في فترة الخطبة, ولكنك تجاوزت عنها بل واعتبرتيها أحد معالم الرجولة الحقيقية التي تتوقين إليها،
وبعد الزواج ظهرت الغيرة المرضية لزوجك, والتي استسلمت لها لعلك ترضيه وتمضي بكما الحياة, ولكن للأسف لم يحدث هذا, والسبب في ذلك هو طبيعة شخصية زوجك, فهو ينتمي إلى نمط الشخصية البارانوية, وصاحب هذه الشخصية يسئ الظن بالناس ويعتبرهم خائنين إلى أن يثبت العكس, ومهما دافعت عن نفسك أو استسلمت لرغباته فلن يثق أبدا لأن المشكلة بداخله وليست فيك, وعلى الرغم من أنه جعلك –كما تقولين- عبارة عن لفافة سوداء إلا أنه لا يرضى ولا يطمئن, وكلما ازددت دفاعا عن نفسك كلما ازداد هو شكا فيك،
لذلك عليك أن لا تأخذي موقف الدفاع عن نفسك أمام شكوكه أو اتهتماته واكتفي بالصمت, وإذا زادت ضغوطه عليك فلا مانع من معاملته بالحزم, فذلك يحجم من شكوكه وهجومه الدائم عليك, ولا تستجيبي بهذا الشكل لمحاولاته المرضية لوأدك وعزلك عن الحياة, ولا مانع من الاستعانة بأسرتك لوضع حد لما يحدث حتى لا تكوني ضحية لتفكيره المرضي وسلوكه المضطرب, ولتكن هناك ضغوطا عليه للعلاج من هذه الغيرة المرضية على أمل تلطيفها لدرجة يمكن معها الاستمرار،
ولا تعولي كثيرا على أنه سيتغير مع الوقت فهذا الاضطراب في الشخصية وفي السلوك لا يتغير كثيرا مع السن, وفي بعض الأحيان يزداد، أقول لك هذا وأعلم أنه ربما يكون صادما أو مؤلما ولكنها الحقيقة التي يجب أن تتعاملي معها بشجاعة, وأسأل الله أن يوفقك للقرار الصائب،
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك الدكتور المهدي غير أن أقول لك أن حالات عديدة من المصابين بداء الغيرة المرضية يتحسنون عند المتابعة مع طبيب نفساني،،،، ولكن ذلك مشروطٌ بأن يقبل الزوج فكرة أن ما لديه هو ظاهرة مرضية قابلة للعلاج وهذا ما يمكن أن يحدث استجابة لضغوط الأهل من الجانبين،،،، إذن عليك أن تنفذي ما نصحك به مجيبك مع أمل في صلاح حال زوجك على يد أحد الأطباء النفسانيين، واقرئي من على مجانين:
وهام الخيانة الزوجية: وسواس أو وهام الغيرة!
أصلح الله لك زوجك، وتابعينا بأخبارك،