الاكتئاب الجسيم كيف يسلب الإيمان م
أخي "سامر".. عافاك الله
قادتني الاستشارات إلى قراءة أول استشارة بعثتها إلى الموقع، وشعرت بتعاطف كبير معك لما تعانيه في الغربة من الآم وأحزان، وأحزنني جداً أن شاباً مثلك أنعم الله تعالى عليه بكل شيء، ثم يقع فريسة سهلة للاكتئاب الجسيم وإلى هذه الدرجة.. عافاك الله وأصلح بالك.
ثم تابعت القراءة إلى رسالتك الثانية فأفزعني ما ورد بها من تطاول على الله سبحانه وتعالى حتى لم تستطع عيناي أن تقرأ فصارت تقفز فوق الكلمات والسطور وتدمع كلما التقطت كلمة أسأت بها إلى خالقك وخالقي وربك وربي وقلبي يهتف "يا حبيبي يا الله!!".. يا إلهي أكل هذا يفعله الاكتئاب؟!
أسأل الله أن يعافيك بفضله ويتغمدك بواسع رحمته التي وسعت كل ذنب كل ذنب ولو كان تطاولاً عليه سبحانه وهو الغني عنا المغني بعطائه كل خلقه جميعاً سبحانه وتعالى عما يقول المبطلون، ويتجبر الجاهلون، ويتبجح المتكبرون.
يعلم الله يا أخي أني هذه الأيام أمر بحالة اكتئاب بسبب ظروف ألمت بي، ولو علمت ظروفي مقارنة بظروفك لتعجبت لماذا شعرت باكتئاب خفيف بينما وصلت أنت إلى هذه الحالة من الاكتئاب الجسيم المدمر لأنقى وأجمل ما كان يميزك عمن حولك من البشر "إيمانك".
فأنا مغتربة عن أهلي منذ 6 سنوات أعيش وحيدة في إحدى دول الخليج، ووصلت إلى منتصف الثلاثينات ولم أتزوج بسبب مسؤوليتي عن أهلي، ومؤخراً فقدت عملي، وليس لدي أي مدخرات، ولا أستطيع العثور على عمل آخر وكل الشواهد تؤكد أن فرص عملي في بلدي تكاد تكون مستحيلة.. إذاً فقد اجتمعت عليّ الغربة والوحدة والمسؤولية وفقدان مورد الرزق.. فما رأيك يا أخي، ألا يدعو ذلك إلى اكتئاب جسيم؟!
أتدري ما الذي يمسك قلبي عن الوصول إلى الحالة التي وصلت إليها؟؟ إنه من يمسك السموات والأرض أن تزولا.. ومن يمسك السموات أن تقع على الأرض إلا بإذنه.. ومن يحول بين المرء وقلبه.. إنه حبيبك الذي خذلته أنت بضعفك ولم يخذلك هو أبداً، بل كان دائماً معك في كل مراحل نجاحك حتى أعرضت عنه واستسلمت للوساوس ولم تعد ترى نعمه ولم تعد تحن إلى قربه ومناجاته فأعرض عنك.. لأنه الغني عنك وأنت الفقير المحتاج إليه.. أفلا تستجير به من ضعفك؟! أفلا تفر إليه من نفسك؟! أفلا تقسم عليه بربوبيته لك وعبوديتك له أن يعيدك إليه؟! أن يصلحك وقد خربت وحار فيك الأطباء؟! ألا تحن إلى أيام كنت تجد الراحة والسكينة في الصلاة والقرآن والدعاء والمناجاة؟!
أخي كأني أراك على شفا حفرة من النار تسوق نفسك إليها عامداً متعمداً.. أقسمت عليك بالله أن تدعوه أن ينقذك منها، فأنت مسلم قبل أن تولد عرفت الله وأشهدك على نفسك، وأودع قلبك هدايته فلا تختر عليها الضلال.. تستطيع أن تعود إن شئت.. فقط اصدق في اللجوء إليه وهو القادر على أن يعافيك وهو أفرح بتوبتك منك.. لن يردك حاشاه وهو الغفور الرحيم البر التواب الكريم مالك الملك ذو الجلال والإكرام.. فقط اصدق في اللجوء إليه وادعه دعاء من يعلم أنه لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعافيك ويعفو عنك ويردك إليه رداً جميلاً إنه على ذلك إذا يشاء قدير.
وجزاك الله عني خيراً
فقد عرفتني كم أحب ربي.
12/5/2007
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك... أعانك الله وفرج كربك وبدد همك ورزقك كل خير... تثير إفادتك نقطة في منتهى الأهمية وهي أن للإيمان أو التدين الداخلي بلا شك دورا في حماية الإنسان من الاضطرابات النفسية التي قد تنتج عن الصدمات الحياتية ومن أمثلتها فقدان الوظيفة وغيره، وهو دور وقائي بالطبع، إلا أن المؤسف هو أننا ليست لدينا دراسات خاصة بمجتمعاتنا... رغم وجود كثيرٍ من الدراسات في المجتمعات الغربية، ونسأل الله أن نتمكن يوما من دراسة هذه النقطة.
أما صاحبنا القديم الذي أحزننا باكتئابه الشديد ثم بانفلاته الاكتئابي فنسأل الله أن يكون تعافى، ولعله يذكرنا فيطمئننا عن حاله، وأرجو ألا يكون ما يزال مكتئبا... وإن كان هذا احتمالا بعيدا لأن الاكتئاب نادرا ما تزيد مدته (في حال الشدة) عن سنة... وبعدها يزول بإذن الله، ولولا اطمئناني من هذه الناحية لحجبت مشاركتك يا أختي! أتدرين لماذا؟ لأنها في حال الاكتئاب الشديد قد تكون في منتهى الخطورة على الشخص المكتئب!
صحيحٌ أنك رَغَّبْتِهِ لا رَهَّبْتِهِ لكن بعض كلماتك كانت ستشعره بكبير الذنب وقد تفتح عينيه على ما بدر منه في لحظات انفلاته الاكتئابي ونسيه وعفا الله عنه،..... لا تنشغلي إنما أردت فقط أن أذكر بأن الاكتئاب الجسيم قد يدفع صاحبه إلى ما لا يغفره هو شخصيا لنفسه والله حليم غفار، ولا يستحب أن نذكره به خاصة في حال اكتئابه.
أشكر لك مشاركتك وأدعوك إلى المشاركة الدائمة معنا في مجانين... ولك منا الدعاء فلا تنسينا من دعائك.
ويتبع>>>>>: الاكتئاب الجسيم كيف يسلب الإيمان مشاركة2