أعراض جانبية: حلوى، وموبيلات، وسبي خادمات.!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ها أنا أعود مرة ثالثة بعد أن كان لكم الفضل في حل مشكلتي ومساندتكم ووقفتكم معي جزاكم الله خيراً، ولكن للأسف هذه المرة مع مشكلة أخرى؟!
قصتي هي أبي ففي كل مرة تكتشف أمي خيانته لها مع الخادمات "وهو على هذا الحال منذ أكثر من 26سنة خيانة وراء خيانة" وفي كل مرة تطالب أمي بالطلاق ولكنه يرفض إلا أنه في المرة الأخيرة طلبت الطلاق والذهاب إلى المحكمة.
وتم سرد القصة وأخذ تعهد من أبي بعدم تكرار هذا الأمر ولو تكرر فإن المحكمة ستقوم بتطليق أمي على الفور المشكلة أن أبي كثيراً ما أخذ عهد على نفسه أمامنا نحن أبنائه وحلف بأنه لن يقوم بهذه الأعمال إلا أنه يقوم بها مره ثانية. وكثيرا ما نكتشف نحن أبنائه تصرفاته، لا زلت حتى هذه اللحظة أذكر عندما دخلت إلى البيت ووجدت أبي يتحرش جسديا في خادمة أختي وهي تستمتع بما يقوم به أبي لها؟!!! إلا أننا نقوم بالصمت ولا نخبر أمي حفاظاً على تماسكنا وسمعت عائلتنا حيث يتبوأ إخوتي وأخواتي مناصب عالية في البلاد ولا نريد أن تكون حادثة طلاق أمي وأبي فضيحة خاصة إذا ما علموا أن السبب هن الخادمات.
أمي لم تقصر في يوم من الأيام مع أبي فهي التي تقوم بإعداد الطعام لنا وللعائلة، بعض الأشياء في والدتي هي معاملتها السيئة للخادمات فهي في بعض الأحيان تعاملهن معاملة سيئة كأن تقوم بضربها إذا كررت القيام بعمل خطأ مما يجعل أبي حسب اعتقادنا يحن إليهن ويقوم بمواساتهن بطريقته الخاصة كأن يقدم لهن الحلوى والهواتف النقالة وما خفي أعظم هذا فقط ما قد تم اكتشافه!!
هذا إلى جانب معايرتها الدائمة له أمامنا وتقوم بسرد بعض الأمور من ماضيه التي لا نعلمها ويكون محتواها صاعق "كأن ابنتك الموجودة هي بكري أنا أما أنت فقد كان لك أبناء سابقون من بعض الخادمات في دولة الفلانية، وبأنك شاذ لست رجل ولو كنت رجل لما فعل بك فلان الفلاني ما فعل وتقوم بسرد القصة والتي يكون محتواها صاعق.
كثيراً ما عاتبت أمي أبي وقالت له أن لديك أبناء وبنات ألا تخاف على أعراضهن ألا تخاف أن يصيبهن شيء مما تقوم به، ألا تشعر بأن ما قد أصاب حفيدك من مرض قد يكون سببه نقضانك للعهد والحلفان الذي قطعته على نفسك بأنك لن تعود لهذا التصرف إلا إنك عدت إليه مرة ثانية؟!!
أصبحت في الواقع أخشى من أن تدور الدائرة ونصاب بأذى والسبب هو والدي. ماذا نفعل مع أبي هل نقوم بعرضه على طبيب نفسي خاصة بأننا نعتقد أنه نظراً لقضائه لفترة مراهقته بعيد عن والديه وبين الخادمات هي إحدى أسباب فساد أبي وحنانه الغير طبيعي للخادمات؟! ماذا نفعل نحن وقد بدأت أنا وإخوتي الأصغر مني نحتقر أبي داخلياً لا نظهر هذا الأمر أمامه إلا إننا نقوله فيما بيننا إننا نحتقر أبي ونحتقر ما يقوم به من عمل صبياني.
لم يعد أبي هو ذلك الإنسان الذي كان في نفسي سابقاً لم أعد أمتدحه أمام صديقاتي كما كنت أقوم دائماً، أحترمه خارجياً أما داخلياً فلدي شعور مغاير ومختلف تجاه. أخشى أن أكون عاقة بهذا التصرف!! أخشى أن يكرر أبي فعلته فهو في هذا المرة ردة فعله لاكتشاف أمي كانت جداً باردة وليست كعادتها لم يبدي أي اكتراث أو اهتمام أو حتى اعتذار لما قام به، ماذا سيحدث لو حصل الطلاق؟!
أمي تحب أبي ولا تستطيع أن تفارقه حتى عندما شاءت الظروف في أحد الأيام أن يسافرا عن بعضهما البعض بكيا بكاَء شديداً في المطار وعانت أمي من الفراق كثيراً؟! إلا أن أمي في هذه المرة مصممة على الطلاق وأشعر بأنها تترقب أي حركة أو تصرف منه حتى تذهب وتطلب الطلاق.
أرشدوني وسلامي الحار لطاقم مجانين
23/05/2007
رد المستشار
سنوات سبع مرت وأكثر منذ أن بدأت أكون مستشارا أجيب على رسائل السائلين والسائلات، وقد تطورت أفكاري وأساليبي في التعبير، ولكن يتضاعف عندي الشعور بأن المنهاج الذي أرتضيه لنفسي، وربما يروق لمن تروق له إجابتي هو كشف الخلل ومواضعه في حياتنا، لأنني واحد ممن يرون أننا ما نزال نحتاج إلى وقفة حقيقية لإعادة النظر ومراجعة أشياء كثيرة في حياتنا تؤدي إلى معاناة، وإلى تعاسة، وفوضى عارمة، ولا سبيل لتخفيف هذه المعاناة والتعاسة إلا أن نتخلى طواعية عن هذه الأشياء التي صارت من قبل الأوضاع المزمنة والمعتادة، وغيري يجيب بشكل مختلف، ومما أدعو إليه أن يضع السائل نفسه مكان المشكو منه ليفهم موقفة، وبالتالي يمكنه أن يساهم في تغيير ما يريد تغييره فيه.
تعالي معي وكأننا نشاهد فيلما وثائقيا تحليليا عن الرجل في الخليج العربي، وربما غيره! والدك مثلا، وأنت لم تذكري في أي المجالات يعمل، ولكن يظهر من كلامك أن له منصبا ومكانة!! وأنا هنا أتحدث عن أغلبية أصحاب المناصب في العالم العربي! المال متوافر، والحمد لله، والوقت كذلك، ولا توجد قضية تشغل البال، ولا مشروع يستثمر التفكير والطاقة الإنسانية التي هي موجودة لدى كل إنسان!!
ملايين من أهلنا في الخليج وغيره يعيشون نفس هذا الوضع، وأخشى أن أقول أن أغلبية ساحقة منهم لم تفلح في الانضمام إلي نشاط اجتماعي أو ثقافي أو حتى سياسي، أو الكفاح في سبيل هدف عام، والشأن الخاص على ما يرام!!
وللأجيال الشابة أقول أن الخليج لم يكن هكذا طيلة تاريخه، بل عرفت أجيال آبائنا وأمهاتنا هناك حياة أخرى فيها حراك ونضال وسعي في سبيل رفعة الأوطان والأديان.
وأنا أتحسر حين أرى جهلنا بالتاريخ القريب لهذا الجزء الهام من الجسد العربي، وقد أعتبر نفسي محظوظا وقد قابلت وطالعت أحيانا سيرة بعض نماذج من صفحات خليجية مشرقة أعتز بها، وللأسف فإن هذه الصفحات يراد لها أن تطوى، فلا يبدو من الخليج إلا وجهه النفطي فقط، وكأنه طوال عمره كان هكذا برجال غارقين في فراغ المعنى والهدف، ونساء كما تعرفين!! وطبعا أنا هنا أتحدث عن أغلبية الحاضر، وأتحسر على ماضي الخليج، أو بعض ماضيه، ويأكلني القلق على مستقبله!!
أعود إلى أبيك لأطالع معك خريطة حياته في وجود المال والوقت، وفي وسط بيئة الخليج المعاصرة، وأنت تعرفين هذه البيئة أكثر منا نحن البعيدون عنها!!
في الماضي كانت أمي أو جدتي في البحرين أو عمان أو الكويت تعمل في بيتها بنفسها، وليس يلزمها خادمة، ثم جاء النفط بالوفرة والأوضاع التي نعرف، وجاءت الخادمات، وفي الحقيقة فإن لفظ "خادمات" هو تهذيب يسمى الأشياء بغير أسمائها، فهذه الكائنة التي شاء لها حظها، والبعض في بلدها يعتبرونها محظوظة ويحسدونها، هذه الكائنة تعيش بالشهور وأحيانا بالسنوات بعيدا عن أهلها، وبلدها الأصلي، وهي منتزعة من بيئتها وثقافتها وعائلتها، أو قريتها لتسافر وتخدم في بيوت السادة أصحاب الأموال، وكثيرا ما يحتقرونها، وقد يضربونها كما تفعل أمك، وأبوك يعتبرها ـأي الخادمةـ من مقتنيات البيت ومتاعه، أمك تعتبر الخادمة مادة للضرب، وأبوك يعتبرها مادة للمتعة، فأيهما أفضل في رأيك؟!
هل تستغربين بعد ذلك أن تصدر بعض الفتاوى بأن هؤلاء الخادمات، ومثيلاتهن كثيرات في عالمنا العربي كله، وليس في الخليج فقط، فالمسألة موضة!! صدرت فتاوى بأن الخادمة تعتبر "ملك يمين"، يعني الخادمات سبايا وإماء، وأعراضهن حلال لنكاح أصحاب البيوت، وإن لم تصدر بعد فتوى بأن ضربهن أيضا حلال!!
أمك تضرب وأبوك يتحرش، والخادمة مغلوبة علي أمرها، لا تستطيع الرفض، فلماذا لا تستمتع بالهدايا والحلوى والهواتف النقالة؟! هل تستطيعين أنت وأخواتك وأمك تسيير بيوتكن بغير خادمة؟!
تتصوري.... إن عدم وجود خادمات في بيوتكن ممكن أن يكون حلا جذريا لأن أبيك لن يجد من يتحرش بها؟!! هل تستطيعين القيام على شئونكن، ومواجهة نظرات الناس ومخالفة عادات المجتمع باعتبار أن خدمة المرأة لنفسها وأهلها في بيتها ليست عارا ولا عورة، ولا دليلا على الإهانة أو الفقر؟!
هل أبوك قادر على التفكير في المسألة بشكل أكثر إنسانية واحتراما هو الآخر؟! فإما أنه يريد زوجة أخرى استثمارا لطاقته الجنسية والعاطفية، وتعايشا مع نفوره من سلوكيات والدتك في تعنيفه ومعايرتها له أمامكن، وغير ذلك من ردود أفعالها على تصرفاته؟!
هل هو أيضا مستعد للعيش في بيت بلا خادمة؟! وهل نحن جميعا مستعدون لإسقاط هذا النظام العبودي ـمن العبوديةـ الذي تلقى بموجبة أغلب هذه الكائنات القاطنة في بيوتنا معاملة أقل من معاملة القطط والكلاب الضالة؟! والبعض يرى أن كل هذه هي أعراض جانبية لواقع مفروض لا نستطيع تغييره!
طبعا قد يزداد الطين بلةً إذا كان والدك مصاب بهذه الاضطراب النفسي أو ذاك، مما لم يتضح من كلماتك، ولكن إن لم يكن الوالد مريضا يحتاج إلى علاج متخصص، فإن البيئة كلها مريضةـ كما أحاول أن أشرح هناـ وتحتاج إلى علاجات جذرية، وقد استفحل فيها الداء، ولكن الكذب والنفاق هي أسلحة الدمار الشامل في عالمنا العربي، وطبعا هنا الدمار لنا وبأيدينا!!
الوالد يستثمر فائض طاقته ووقته وماله في مغامرات سهلة، لأن الخادمة صيد سهل ورخيص، وغالبا لا تشكو ولا تتبرم فهي تعتبر نفسها أيضا من طائفة المنبوذين اللذين وجدوا في الحياة من أجل إمتاع السادة من الطبقات المقدسة الأعلى!! وهذا النظام هو هندي في أساسه، ولكنه يعاد إنتاجه في الخليج العربي المجاور للهند، والممتلئ بالهنود حاليا كما نعرف وتعرفين!!!
ورجال آخرون يخوضون مغامرات أكبر مع طوائف أخرى من ملايين النساء اللائي يعشن في الخليج من أجل العمل والمال، والرجال جاهزون للدفع والهدايا مقابل سهرة أو مضاجعة، وأحيانا في مقابل ابتسامة أو كلمة حلوة من امرأة تريد مالا وحنانا ورعاية وسط المناخ القاتم الذي تعيشه!! وبالطبع أنا لا أبرز خطأ والدك أو غيره، ولكنني أشرح لك. تحتقرين والدك وأفعاله؟! فهل ترين من المفيد والنافع أن أحتقر هذا الواقع الذي نعيشه بكل مكوناته هذه؟!
إن الاحتقار ليس هو ما نحتاجه أو ينفعنا، ولكن أرجو أن نفيق، وأن تكون لدينا القدرة والشجاعة على مواجهة النفس، ومصارحة من نحب، وأن نرى الحقائق كما هي، ونطرح الحلول كما ينبغي، وقد وصفت لك أمثلة ومفاتيح، وأهلا بك...