ابنتي الصغيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أود تقديم إعجابي الشديد بصفحتكم الجميلة والجهود المبذولة لمساعدة الآخرين والإجابة على جميع أسئلتهم.
مشكلتي تكمن بابنتي الصغيرة حيث أنني لا أستطيع التعامل معها في كثير من الأوقات، فهي تبلغ من العمر 4 سنوات وتتصف بصفات صعبه جداً بالنسبة لعمرها الصغير، حيث أنها عنيدة جداً وعصبيه وأحياناً تكون عدوانية بعض الشيء تقوم بالتخريب والتكسير والشخبطة على الجدران، وفتح باب الثلاجة واللعب بالطعام وطعام أختها الصغيرة وفتح المعلبات وعدم الأكل منها ورميها في القمامة، كما وأنها تتصف بعاده خلع الملابس وتبديلها، فتجدها دائماً واقفة أمام خزانة الملابس وتقوم بنثر جميع ملابسها على الأرض وملابس أختها الصغيرة وتقوم بتجربتها جميعاً بما فيها ملابس أختها الصغيرة التي تصغرها بـ3 سنوات، وهي لا تستمع إلي عند مناداتها وتصغي لما أقوله ولا تستمع للنصيحة.
وقد استخدمت جميع الطرق والحلول من أجل جعلها فتاه هادئة, ورقيقه دون فائدة، استخدمت معها أسلوب التهديد والترغيب والحرمان من الأشياء التي تحبها ولكن دون فائدة فلا حياة لمن تنادي مما جعلني أخيراً استخدم معها أسلوب الضرب.
وكثيراً ما أضربها ضرباً مؤلماً مما يجعلني بعد ذلك حزينة وكئيبة فأنا لا أحب أن أضربها أو أتعامل معها كذلك لأنني مؤمنه بأن الضرب يضر لا ينفع، أدخلتها لروضة الأطفال، وقد اشتكت مدرستها منها كثيراً حيث أنها لا تصغي لها وكثيرا ما تخرج خارج الفصل بحجة الذهاب للحمام ولكنها تذهب للعلب خارجاً مما يجعل مدرستها تخرج للبحث عنها وإعادتها إلى فصلها.
آخر شكوى من المعلمة كانت بأنها لا تستمع إلى كلامها وتقوم من مكانها بالفصل ولا تجلس لمده 5 دقائق فقط للاستماع فهي دائمة الحراك وأنها تعبث بأغراض وحقائب زملائها وزميلاتها بالفصل وتأخذ أغراضهم وتقول بأنها ملك لها، رغم أني أنا ووالدها لا نبخل عليها بشيء وجميع طلباتها مجابة وحجرتها مليئة بالألعاب ولديها من الأغراض ما لا يملكه طفل واحد فقط بل من كثر أغراضها ولعبها وملابسها لا أعلم أين أضعها وأقوم بتفريق جزء كبير منها بين الحين والآخر، مما جعلني أتعامل معها ذلك اليوم بالضرب المبرح لعدم سماع كلام المعلمة وأخذ أغراض الأطفال والعبث بهم وعدم جلوسها بالحصة، وقلت لها بأن الجميع يكرهك بما فيهم المعلمة ولا أحد يحبك ولن أجعلك تذهبين للروضة مرة أخرى.
فقد كنت خائفة عليها جداً من أن تتطور العادة معها لتصبح إلى السرقة والعياذ بالله فقد أصبحت كالمجنونة ذلك اليوم، أما باليوم التالي فسألت المعلمة عنها فأخبرتني بأنها لم تقم بمسك أو العبث بحقائب زملائها وزميلاتها ولكنها لم تجلس في مكانها ومازالت تتحرك كثيراً ولا تستمع لما نقوله بالحصة كما أنها لا تأكل وجبتها ولا تتذوق منها شيء وتقوم بتوزيعها على الأطفال فهي قليلة الأكل وإن أكلت فلقمة واحدة كفاية، وهي لا تحب الحلويات وأكياس الشبس والبونبون وقليل ما تأكل الشوكولاته (عكس الأطفال تماماً).
وهي لا تخاف أحدا لا أنا ولا والدها ولا جدها ولا جدتها، وتقوم بضرب الخادمة مما جعل الكثير منهم يعودون إلى بلادهم دون تكملة المدة المحددة لهم، وبمجرد نسيان باب المنزل مفتوح تخرج من المنزل دون علم أحد وتذهب إلى الجيران والدكان القريب دون علمي مما جعلني أوبخها على تصرفاتها هذه ويجب أن لا تخرج خارج المنزل لوحدها خشية من اللصوص أن يخطفوها وأقوم بتخويفها ولكن دون فائدة فهي لا تستمع إلي وأحيانا أشعر بأنها لا تفهم ما أقصده أو أنها تحسبني أمازحها وأنه لا يوجد لصوص يسرقون الأطفال.
لقد أرهقني التفكير بها وبمستقبلها وبكيفية التعامل مها، حتى أني أوليها الاهتمام الأكبر لها ولا أهتم كثيراً بأختها الصغيرة حتى لا أشعرها بالغيرة منها.
وهذه بعض النقاط التي أود مساعدتي بها حقيقة ولكم جزيل الشكر؛
1- هي كثيرة الصراخ فتجدها دائماً تصرخ بأعلى صوتها وذلك لتثير غيظي فهي تعلم بأني لا أحب الصراخ المرتفع، لا تقول لي بأن أتجاهلها ولا أوليها الاهتمام فلا فائدة معها وتستمر بالصراخ واللعب الفوضوي حتى وهي جالسة لوحدها تصرخ وترفع صوتها باللعب وخصوصاً عندما تكون أختها الصغيرة نائمة.
2- عند مناداتي لها لا تلتفت إلي ولا تعطيني أي أهمية وتجعلني أناديها لعدة مرات وكثير من الأوقات لا تستجيب لندائي إلى أن أصل إليها وأهزها من كتفها.
3- تقوم بضربي بألعابها وأرجلها وأيديها بطريقة عشوائية وذلك عندما أكون أكلمها بعنف.
4- عندما نبدأ أنا ووالدها بالكلام تبدأ بالصراخ بأعلى صوت لها وتقوم بالتشويش حتى لا أستطيع أن أسمع والدها في ما يقوله لي.
5- تشدها الأفلام ولقطات العنف والقتل مما يصيبني بالخوف والذعر عليها وأقوم بتغير المحطة والفيلم لأغنية أو مسلسل ولكنها تصر على أن أرجعه إلى المحطة السابقة.
6 - حين تلعب مع الأطفال تجدها مسالمة جداً تحبهم كثيرا وتعطيهم الطعام والحلويات والعصائر وتكون هادئة جداً، عكس ما تكون وحيدة.
7- عند أخذها معي إلى بيت صديقتي فهي تتحجج بذهابها للحمام وذلك حتى يتسنى لها استكشاف المنزل وعندما تشاهد واحدة من صديقاتي لأول مرة تلتصق بها وتقوم بالجلوس بحضنها والعبث بأغراضها مما ينتابني الخجل وأقول لها عيب لا تفعلي ذلك ولكنها لا ترد علي.
8- هي محور تفكيرنا أنا ووالدها وجديها فهي تنال الحب الأوفر والدلال الزائد من جميع الجهات وجميع طلباتها مجابه.
هذا القليل من صفاتها الصعبة والتي جعلتني أكتب إليكم للاطمئنان عليها وعلى تصرفاتها فهل هذه تصرفات الأطفال في مثل سنها أو أن ابنتي غريبة عن عالم الطفولة وهو ما أحسسته فعلاً مما جعلني أكتب إليكم بسرعة عند معرفتي لصفحتكم الجميلة.
رجائي هو الرد على أسئلتي بسرعة قدر المستطاع للاطمئنان ولكم مني خالص شكري وتقديري.
أم حائرة
12/10/2003
رد المستشار
سيدتي الأم الحائرة، أهلا وسهلاً بك الحقيقة أنني حائر معك في بضعة أشياء.. يبدو لي من وصفك لحالة ابنتك في أول وهلة أنها كثيرة الحركة وقليلة التركيز أو أن لديها ما يسمى ADHD أو اضطراب نقص التركيز وكثرة النشاط أو الحركة وقد تحتاج إلى علاج متخصص بعد تشخيص علمي إكلينيكي دقيق، وأنصح بعدة تشخيصات وقياسات نفسية من عدة معالجين أو مراكز متخصصة في مشاكل الأطفال قبل أن نسلم بأنها تعانdي من هذا الاضطراب...
ولكن يبدو أيضا أنها مدللة جدا وشديدة الذكاء والفضول... الإغداق بالمال واللعب يا سيدتي لا يعني الحب... ابنتك على حسب وصفك تريد بطريقة الطفلة المدللة أن تستغل كل الكبار وتجعلهم يفعلون ما تريد وفي نفس الوقت فهي غاضبة جدا منهم.. لاحظي أنها طفلة عادية وحنونة مع الأطفال الآخرين كما ذكرت في رقم 6 من نقاط خطابك، ولكنها تشاغب كثيرا في الفصل المدرسي... هناك معلمة أو معلم في الفصل الدراسي.. أحدهم.. الكبار.. سأنتقم منهم بالعصيان.. سأجعلهم يدفعون ثمن إغفالهم أنني مركز الكون.. هذا ما تقوله بأفعالها، لماذا هي غاضبة وناقمة هكذا على الكبار.. قد تكون محرومة من العطف والحزم...
العطف بدون حزم يجعل الطفل يصبح طاغية ويكره نفسه في نفس الوقت الذي يكره فيه هؤلاء الكبار الضعفاء.. في نفس الوقت هؤلاء الكبار (العائلة) قد أتوا إلى المنزل (مملكتي) بطفلة أخرى وسأحاول أن ألغي وجودها.. سوف ألبس كل الملابس وألعب بكل اللعب... وسوف ألعب أيضا بالكبار وأغراضهم.. وسوف ألتصق بهم.. بأي منهم وأعطيهم تفضيلي واهتمامي (لكي أنتقم من أمي التي أحضرت من تريد إشراكها في الملك، ملكي أنا وحدي.. من ولتها اهتماما ورعاية أنا أولى بها.. أنا وحدي)... كل الكبار أشرار وأحب مشاهدتهم وهم يؤذون بعضهم البعض (كما في الأفلام العنيفة)...
إن ميولها العدوانية تنم عن الغضب الشديد.. والغضب سببه الأساسي هو كسر القوانين، وقانون الطفلة المدللة جدا كهذه الطفلة هو أنها يجب أن تكون مركز الكون ومركز الاهتمام، ولكن الطفل يحتاج إلى الاهتمام عن طريق الرعاية والتفاهم وإنشاء علاقة حب وتدريب وحزم ولا يمكن أن يأتي هذا عن طريق أن نجيب كل طلبات الطفل وأن نغدق عليه باللعب والمال..
ابحثي يا سيدتي عن سبب غضبها.. هي تفتقد الحزم منكم وتفتقد أيضاً الاهتمام الإنساني الحقيقي منك ومن والدها، فشراء اللعب ليس هو الاهتمام الحقيقي، هي أيضاً غاضبة عليك أكثر من أي شخص آخر وتبتزك وتستعبدك وتستهزئ بك أكثر من أي شخص آخر..
ابحثي في نفسك يا سيدتي، كيف كونت هذه الطفلة الصغيرة كل هذا الازدراء لك أولا وللكبار عامة؟ أرجوك لا تحسبي أن ابنتك تفعل كل هذا عن قصد ووعي وإنما عن طريق التجربة والخطأ والأحاسيس الطفولية.
دعيني أسألك ياسيدتي وإن كنت سوف أقسو عليك قليلا: ما هي المشكلة بينك وبين زوجك؟؟ أين هو من كل هذا؟ أين الحنان والحب بينكما؟ في أغلب الأحيان مشاكل الأطفال تكون مجرد ظاهرة لمشكلة عائلية.. مشكلة داخل العلاقة الزوجية بين الأب والأم... قبل أن تخططا لوجود أطفال في حياتكما، هل اطلعتما على أي من كتب التربية والعناية بالأطفال؟ هل أردتما أن يكون لكما أطفال في هذا الوقت بالتحديد أم جاءت هكذا بالحظ والأقدار؟ طفلتك تشوش على كلامك مع والدها لأنها تريد اهتمامه كله لها وليس لك... هذا طبيعي إلى حد ما في هذه المرحلة.
ولكن أعتقد أن والدها غائب عنها عاطفيا على الأقل قليلا... يجب أن يشترك في تربيتها وتقويمها وتعليمها.. قد يكون الصعب سهلا بالنسبة له.... كيف تتعامل ابنتك مع والدها ومع الرجال عموماً؟ إنك تقولين أنك استخدمت معها أسلوب الترهيب والحرمان والضرب في بعض الأحيان بدون جدوى... فكيف بالله عليك تكتظ غرفتها باللعب؟؟؟ أين هذا الحرمان الذي تتحدثين عنه... عندما ضربتها وقلت لها أن الجميع سوف يكرهها فقد تحسن سلوكها قليلا..
جربي أن تسحبي منها اللعب، وعدم مجاراتها في لعبتها بأن تلعبي دور الأم الحائرة التي لا تعرف كيف ترضي ابنتها، عندما تخطئ، اسحبي منها شيئًا من الامتيازات أو اللعب، وعندما تصيب شجعيها وكافئيها.
أشركيها في العناية بأختها الصغيرة ولو عن طريق الرشوة أو المكافأة في البداية إلى أن تستمد من هذا إحساسا بالقيمة الحقيقية، كثير من الحب، مع جرعة جيدة من الحزم (ليس التوبيخ أو التهديد الأجوف أو الضرب المبرح) مع تشخيص دقيق هو ما أنصحك به الآن وفوراً، وفقك الله وإيانا لما فيه الصواب.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت السائلة أهلا وسهلا بك، وأشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الأستاذ علاء مرسي، هو إحالتك إلى قراءة رد سابق على استشارات مجانين تحت عنوان: نقص الانتباه المفرط الحركة لعلك تستطيعين تقييما أفضل لحالة ابنتك، والتي كما نبهك الأخ الزميل الأستاذ علاء مرسي، ربما لا ينطبق عليها تشخيص نقص الانتباه المفرط الحركة، وفي حال الشك يجب عليك المسارعة بعرضها على أقرب طبيب نفسي متخصص ليدلك على مراكز العلاج الخاصة بتلك الحالات وأهلا وسهلا بك دائما، وتابعينا بالتطورات.
ويتبع >>>>>>>: الطفلة المُرْهِـقَـةُ، وأمها الحائرة ! م