عرض الأزياء والقلب الحجري م
هذه مشاركة من المستشار الدكتور أحمد عبد الله في مشكلة:
عرض الأزياء والقلب الحجري وأيضا عرض الأزياء والقلب الحجري م
رد المستشار
الابن الكريم: أهلا بك مرة أخري،
وأرجو ألا تنقلب من النقيض إلي النقيض، فتغير الحالة المزاجية، وإيقاع النشاط الحياتي، وإنجاز التحقق والتفوق دراسيا واجتماعيا ليس بالأمر السهل، وإن لم يكن مستحيلا بالطبع، ولكنه ليس ببساطة حلا من سطر واحد!!! ولا يمكننا التنبؤ بتأثير الأدوية النفسية علي حالة لم نرها مثل حالتك، وستحتاج إلى مثل هذه الأدوية إذا كنت لا تستطيع تغيير نمط حياتك وحالة مزاجك دون دواء، وأما بالنسبة للعنوان فهو يخضع لاعتبارات فنية – المقصود منها غالبا – لفت نظر القراء إلى أهمية السؤال.
وعن بقية أسئلتك أجيب. (!) لم تذكر من أي بلد أنت؟! وفي أي بلد تعيش؟!
وهذا النقص في المعلومات سيقابله حتما نقص أو خلل ما في الإجابة، وعن دوافع فتيات الجامعة إلى استعراض أزياءهن وأجسادهن، فإنني أعتقد أن كل إنسان يحب أن يكون شيئا مذكورا، وأغلب الفتيات يحببن أن يكن موضع إعجاب وترحيب وتميز، وبدلا من تحقيق هذا الهدف عبر السبل الإنسانية الأرقى في الإبداع والتعبير والتواصل والأنشطة المتنوعة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، وربما لغيابِ أو ضعفِ انتشار هذه السبل والأنشطة فان النكوص إلى أشكال التعبير البدائية عن الذات يكون هو البديل، وبدلا من إظهار الإنسانية، تبرز الأنوثة بعالمها ومعالمها، وأزيائها، والإكسسوارات المصاحبة لها.
ولكن الأهم هنا هو أن هذا التبرج– وبالمناسبة كلمة التبرج معناها الظهور- هو تعبير إنساني عن الذات وتحقيق الوجود، وان كانت هناك تغيرات أرقي وأكثر تركيبا، الفتاة إذن بمظهرها ومكياجها تحاول أن تقول أنا هنا.... أنا موجودة، ولكن الشاب تصله الرسالة، وكأنها ( هيت لك)!!!!
فينصرف ذهنه إلى أن هذا التبرج هو مقدمة للإغراء والجنس، ويبدأ البعض في التعامل علي هذا الأساس وقد تستغل بعض الفتيات هذا لاصطياد أزواج في ظل ارتفاع معدلات تأخر سن الزواج، فتساير هذا أو ذاك، وتختلط العواطف بالدراسة، والشاب يتطلع لغرض الجنس بينما هي تطلع إلى جذب الانتباه والاهتمام، وتلبية الحاجات العاطفية عندها، والوصول إلى الزواج.... ربما.
لذلك فقدت العلاقة الجامعية معالمها، واختلط فيها الجنس بالعاطفة، والدراسة بالرغبة في الزواج على النحو الذي شرحته لك، ومن الممكن طبعا أن تصل العلاقة لحد الزواج، وهذه تكون غالبا رغبة الفتاة، وقد يستجيب الشاب، وقد لا يستجيب، وليس شرطا أن كل علاقة زمالة أو حتى حب جامعي أن تصل إلى الزواج، وليس كل زواج مبنيٍّ على الدراسة الجامعية ينجح أي الشاب والفتاة هما اللذان يقرران حدود العلاقة ونوعها ومستقبلها... الخ، وفارق السن المعقول لصالح الزوج عامل من العوامل الهامة في نجاح العلاقة الزوجية، ولكن هذا ليس شرطا مؤبدا،
فقد تنجح علاقات بدونه، ولكنه الأصل المفترض، وبجانبه أسس وشروط كثيرة مطلوبة لنجاح الزواج.
وفي ضوء ما تقدم يمكنك أن تفهم لماذا تقيم الفتاة أكثر من علاقة؟! والغالب أنها إذا التزمت عاطفيا تجاه شاب بعينه، بمعني أن هناك بينهما وعدا بالزواج، فإنها تقتصر عليه، والباقون مجرد زملاء، أما الشاب فقد يكون عابثا بالقلوب، فيقيم أكثر من علاقة عاطفية، وقد يكون باحثا عن التواصل الاجتماعي العام فقط، أقصد بكلامي هذا أن الأسئلة التي تدور في ذهنك، وفي ذهن أغلب شباب الجامعة هي أسئلة عامة، وغير دالة، ولا توصل إلى أي وضوح، لأنها أصلا غير مصاغة بدقة، وغير مستوعبة لتعقيد الواقع ونفوس الناس، وجزء من هذا مقبول بحكم السن، وقلة الخبرة والتجربة، وجزء منه غير مقبول لأنه انعكاس لجهل شديد بالحياة والناس, والفارق يظهر عند الاحتكاك بشباب من ثقافات أخرى حيث يتضح الفارق الهائل في نضج الشخصية بغض النظر عن جوانب أخري سلبية في هذه الثقافة أو تلك.
وأتجه للشق الخاص بك وبحياتك في ضوء ما تقدم لأقول لك: طبيعي أن تميل للجنس الآخر، وتطمح إلى أن تحِب وتحَب- بفتح الحاء وكسرها- ولكن تطبيق هذا على الأرض يمكن بمستويين: مستوى التعارف العام، والتفاعل الاجتماعي، والذي سيتيح لك التعامل مع عشرات الفتيات فيعرفنك وتعرفهن، وتتلقى منهن الاهتمام والسؤال عن أحوالك أنت وغيرك بوصفك جزءا من المحيط العام الذي يتحركن فيه.
والمستوى الثاني الذي ربما تقصده أنت، وهو العلاقة الفردية الشخصية الخاصة بفتاه محددة، ولا يكون هذا ناجحا أو آمنا إلا في إطار مشروع معروف ومعلن للارتباط، ومعالم هذا المشروع توقيتا وتخطيطا وتفصيلا تختلف من حالة لحالة، فهناك الأسرة التي تقبل ارتباط الابنة خلال فترة الجامعة، ويريدون في هذا إعفافا مبكرا لها، وتركيزا يساعدها على التحصيل، وفي مقابل موافقة أسرة الفتاة تقبل أسرة الشاب لنفس الأسباب وربما، ولأسباب أخرى إضافية أحيانا.
والأمر يبدأ بأن تجد الفتاة المناسبة بمقاييس العقل قبل اتجاهات المشاعر، أو بهما معا، وغالبا ما يمكن أن تجدها من وسط العشرات اللائي تتحرك أنت وسطهن في المجال العام، وفي اختيارك هذا أوصيك بألا تتسرع، وأمثالك يتسرعون، وألا تغض الطرف عن العيوب قبل المميزات، وكل البشر يحملون عيوبا، ولكن الاندفاع العاطفي يخفيها عن عيون الشاب والفتاة، ثم يدفع الجميع الثمن، والأفضل أن يكون هناك فارقا، لصالحك في السن ومستوي التفكير والثقافة، وكذلك المستوى الاجتماعي.
فإن هذه جميعا مقدمات يغلب على الظن أنها تمهيد لعلاقة مستقرة وزواج ناجح، وحين تعثر على ضآلتك، وتتأكد بجمع المعلومات عنها، والحديث العام معها، وتراكم الانطباعات بشأنها يمكنك التفكير بالانتقال من العام للخاص فتتقدم لأهلها بعد سؤالها عن عدم ممانعتها، لأنها قد تكون مرتبطة بغيرك، وهكذا يمكن أن تنتقل العلاقة من العام إلى الخاص بسلاسة، وتوازن... واترك لعائلتها حينئذ تقييمك، والحكم على شخصيتك ومستقبلك.
وهنا ألفت نظرك إلى حجر الزاوية في مرحلتك العمرية، وهو ما يغفل عنه أغلب الشبان، وهو تميزك الدراسي والشخصي، وأنا بالمناسبة والد لفتيات ـ مازلن صغيرات – ولكن أعتقد أن شابا ناجحا في دراسته، واسعا في ثقافته، ناجحا في شخصيته يمكن أن يكون زوجا محتملا، وجيدا ومقبولا، للتفكير في ارتباط مبدئي، ولكن الشاب يهمل في دراسته ويستسلم للضحالة السائدة، والتفاهة الغالبة، فيكون خفيفا، قليل الخبرة، ضعيف التجربة والمعرفة بالحياة، وبالتالي يحمل قلبا شاعريا، ومستقبلا غامضا ثم يأتي ليقول: المجتمع يظلمني ويرفضني زوجا، وأولهم أهلي وأسرتي!!!
اصنع من نفسك شيئا تطمح إليه، كل فتاة تطلع إلى زواج واستقرار، ويمكن أن توافق عليه أسرة تريد إعفاف ابنتها، ويمكن أن تراهن وتغامر بارتباط مبكر مع مشروع (رجل ناجح)، وللنجاح علامات ذكرت أهمها لك، هل اتضحت أمامك جوانب الصورة الآن؟!!
تبقي غربتك التي لا تعرف من أين، والي أين!!! وخير أنيس في الغربة أن تدعم علاقتك بالله، وكفي به أنيسا، وأن تبحث على مجموعة من الأصدقاء التي تعينك على أمور دينك وشئون دراستك، وكل تفاصيل حياتك في الغربة من شراء حاجيات، ومعرفة بتضاريس المكان والبشر، ولعلك تكون قد بدأت في هذا كله، وتابعنا بأخبارك.
.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>> عرض الأزياء و القلب الحجري - م1