السلام عليكم؛
الحمد لله وجدت من أتكلم إليه.. مشكلتي نغصت عليّ حياتي.. أرجو ألا تسخروا مني فقد شبعت سخرية. أشعر أن مستقبلي تحطم نفسيتي منهارة أنا من ليبيا أدرس في الطب السنة الأخيرة إن شاء الله الامتحان على الأبواب لم أدرس جيدًا لأني مهموم.
مشكلتي بدأت قبل عام إلى الآن لم تفرج، وهي أن الناس أصدقائي إخوتي أقاربي زملائي الأساتذة كلهم يضحكون علي نعم والله. لا تستغربوا لا تقولوا إني مريض نفسيًّا ذهبت إلى الأطباء قالوا عندي الوهم delusion، ولكن صدقوني هناك من صارحني، وقال أنفك كبير بعض الشيء، وبعضهم قالوا منظرك مضحك.
تصوروا وأنا في قاعات المحاضرات والدكتور يدرس عندما يراني يبدأ بمسك الضحكة، ومنهم من يضحك علانية. المريض عندما أكشف عنه في التدريب السريري يبدأ بالضحك أو يمسك على فمه حتى لا يضحك على هذا الطبيب المحترم.
أدرس وأسهر الليالي حتى يضحكوا عليّ. صدقوني ذهبت إلى طبيب التجميل حتى يغير خلق الله فيّ تكلم معي بجدية، ولكن وأنا عائد إلى البيت بكيت كيف أصل إلى هذا الحد، ولكن الضحك مؤلم والله مثل الخنجر حين يخترق القلب يغرسه في الضاحك.
كيف أتعامل مع هذه المشكلة؟ دلوني يرحمكم الله لم أبح بهذه المشكلة لأحد، كيف لم أسترح لأحد لأنهم كلهم ضحكوا عليّ، والله حتى في المسجد هناك من ضحك علي. أنا مداوم في المسجد الحمد لله، يؤلمني أكثر من هم محترمون، ويضحكون عليّ مثل الأطباء أو أخ ملتزم أو أحبائي مثل الخالة والعم والأخت، والله والله كل ما أقول حقيقة.
30/3/2007
رد المستشار
الأخ العزيز؛
أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا استشارات مجانين، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، إفادتك لصفحتنا تعتبر إفادةً من نوع جديد فأنت تصارحنا بداية بالفكرة الوهامية Delusional Idea التي تعذبك، وهي أنك بسبب شيء ما في شكلك تستثير ضحك الآخرين منك.
وأنت وباعتبارك طبيبًا في المستقبل القريب بإذن الله تعالى تريدنا أن نصدقك فيما تعتقد يقينًا أنه الحال الذي تعيشه أنت ومن يعايشونك، وألا نسخر من معاناتك؛ لأنك شبعت من سخرية الآخرين، ونحن بكل تأكيد لن نسخر، لكننا سنناقش معك المشكلة بهدوء برغم أن إفادتك مع الأسف غير مكتملة التفاصيل.
فمنذ عام بدأت تشعر بأن شيئًا ما غريبًا يحدثُ من حولك، وأنك قلق وغير قادر على الاسترخاء، ورأيت في ضحك الآخرين من حولك ضحكًا عليك أو إشارة إلى عيب ما في شكلك، (يبدو أنه الأنف الكبير)، المهم أنك أصبحت ترى ضحكات الجميع من حولك، وظللت ترجع كل ضحكة من حولك إلى ما تراه عيبًا في شكل أنفك، حتى إنك وصلت إلى جراح التجميل! كل ذلك هربًا مما تراه أنت سخرية من الآخرين منك أو من شكلك أو شكل أنفك، والمشكلة هنا أن السخرية إن صدق حدوثها فستكون لا من شكلك أو شكل أنفك بقدر ما ستكون السخرية من طريقة فهمك أنت لما يحدث حولك وتأويلك الخاص جدًّا للأشياء والذي لا يشاركك فيه أحد من المحيطين بك.
وقد ذهبت بالفعل إلى الطبيب النفسي وشخصت حالتك أو بالأحرى فكرتك تلك بأنها وهام Delusion وليس وهم لأن هناك فارقًا كبيرًا يوجد بين الوهم والوهام، فبينما يكون الوهم عادة عابرًا وقابلاً لأن يكشفه صاحبه بسرعة؛ لأنه عادة ما يضم في نشأته معطيات معرفية وحسية أكثر من مجرد الفكرة المحورية (مشاعر، وصور، وكلها في تأثيرها سواء) وسريعًا ما تكتشف وسائل الاستشعار الطبيعية أنه وهم، وغالبًا ما يصاب الإنسان بالوهم بسبب نقص في معلوماته أو في إمكاناته الحسية ومهاراته، أو في مستوى وعيه، أو تحفزه الانتباهي أو الشعوري، وسرعان ما يتغير بمجرد تصحيح المعطيات، فالوهم وإن بدا للواهم حياة كاملة إلا أنه سريع الانكشاف والأفول.
أما الوهام ففكرة كأنها اليقين تحتل عقل الإنسان، وتصحب من مشاعره ما يتوافق معها فتصبح فكرة مشحونة بالمشاعر، ثم تنتقي من المعطيات الحسية العادية -مما يوجد في بيئته- ما يتوافق معها، وتضخم وقعه في النفس فإن لم تجد فيه ما يناسبها من معطيات حقيقية، لفقته بتأثيرها... (كهلاوس سمعية أو بصرية)، وأظهرته لصاحبها وكأنه اليقين الأكيد! وهكذا فما تعاني أنت منه وهام قد يكون وحيدًا ليشكل اضطرابًا وهاميًّا Delusional Disorder، وقد يكون جزءًا من اضطراب نفسي أعمق وأشمل، لا أستطيع التخمين! فما أقوله هنا ليس أكثر من مسارات إمراضية نفسية أتخيلها كطبيب نفسي، وأنا أجيب على تساؤل غير مكتمل التفاصيل من مشروع طبيب زميل في المستقبل، ولكنني قد أكون مخطئًا في تصوراتي.
وعودة لما وصلني من انطباعات عبر السطور التي تصف فيها حالتك، فإن الفكرة الجوهرية أو المحورية هي أنك غير راضٍ عن شكل أنفك "غالبًا"، ولكن هذه الفكرة لم تَعُد هي الأساس؛ لأنه أساس مؤلم، بينما أن الآخرين يضحكون منك ويتخذونك سخريًّا أقل إيلامًا للنفس، وإن كان أكثر سلبية في تأثيره على السلوكيات، المهم أنك تعتقد أن كون آخرين قالوا أو صرحوا لك بأن أنفك كبير بعض الشيء وبعضهم قال: (منظرك مضحك)، وبالطبع لا ندري هل كان ذلك ردًّا على أسئلتك لهم؟ ماذا يجعلكم تضحكون مني! أو كان ذلك ما سمعته أنت ولم يقله أحد؟ ما رأيك أن تقرأ الآن ما ظهر على صفحتنا استشارات مجانين من قبل تحت عنوان: اضطراب التشوه الوسواسي: وسواس التشوه
المهم في تشخيص الوهام يا بني ليس وجود أساس له في الواقع (كأن يكونَ أنفك كبيرًا بعض الشيء)، وإنما قد يكون الوهام ظاهرًا في قياساتك المنطقية الخاطئة عليه، وفي طريقة الاستنتاج وفي النتائج التي تصل إليها من مقدمة أن أنفك كبير بعض الشيء، كأن تعتقد مثلاً أن الدنيا كلها مشغولة بأمر هذا الأنف الكبير، وأن كل ما تتعرض له من مواقف سيئة سببه هذا الأنف، أو أن كل ضحكة أو ابتسامة تصدر في وجودك سببها هو هذا الأنف الكبير، وتفسيرها السخرية منك، وأعطيك مثلاً يجعل الأمور أوضح، فمثلاً عند تشخيص وهام الغيرة (الغيرة المرضية)، وهو ما يشخصه الطبيب النفسي غالبًا في رجل يعتقد في خيانة زوجته له، في الوقت الذي تشير كل المؤشرات الأسرية والاجتماعية والقيمية إلى أنها سيدة فاضلة أو فوق مستوى الشبهات، (فهنا يكون الأنف عاديًّا وصاحبه يراه كبيرًا)، ولكن أحيانًا يستطيع الطبيب النفسي تشخيص اضطراب الوهام من نوع الغيرة الوهامية Delusional Disorder, Jealousy Subtype في الوقت الذي تبدو فيه الزوجة في مستوى الشبهات، ولكن زوجها لا يمتلك دلائل منطقية للوصول إلى نتيجة أنها تخونه أو خانته! (أي أن الأنف كبير، ولكنه ليس سبب ما تعاني أو ما تتخيل أنك تعاني)، أظن أنني قدمت لك كثيرًا من الأفكار التي قد تؤلمك، ولكنني أسأل الله أن تفيدك بألمها.
وأحيلك الآن يا أخي إلى عدد من الروابط عن الأمور المتداخلة مع ما شخّصه لك الطبيب النفسي الذي زرته ولك تتابع معه للأسف، ومنها ما يبين لك الفرق بين الفكرة الوهامية والفكرة التسلطية، وكذلك العلاقة بينهما، ففكرة أن أنفي كبير يمكن أن تأخذ أيًّا من الشكلين، كما أعرفك أيضًا بوسواس المرض والتشوه، ولعل في قراءة تلك الإحالات ما يعينك على تعاون أكثر مع المعالج إلى أن ينعم الله عليك بالشفاء، فقط قم بنقر العناوين التالية: وسواس أن المقصود أنا: وهام أم فكرة مبالغ فيها ؟
أنفه قصيرٌ وأنوفنا طويلة: وهام الخيانة الزوجية
نصيحتي الأخيرة لك يا أخي هي أن تعود إلى طبيبك النفسي بعد استخارة ربك وأن تتابع معه، وتنتظم على ما سيصفه لك من عقاقير لازمة لإنهاء معاناتك التي أكملت العام لا أطال الله عمرها، وتابعنا بالأنباء الطيبة.
ويتبع >>>>>: وهام التشوه الجسدي م