وهام التشوه الجسدي
السلام عليكم؛
أنا -ز- الطبيب الذي يضحك الناس على أنفه الكبير.. هل تذكرني؟
أه أه أه أه
وهام إيه يا دكتور.. بعد ما رددت على رسالتي لم أصدق أنني في وهام، فقمت بعرض الرسالة على من ضحكوا عليّ فتصور أن وجوههم اصفرت واحمرت ولم يناقشوني في الأمر.
والطبيب النفسي الذي نصحتني به قال وأفرض أن شكلك مضحك يا أخي حاجة عادية. إني أريد منك أنت أن تقنعني بما أفعل فقط لا تحاول أن تصرف عني الفكرة من أصلها كيف أتعامل معها، وأطلب منك الدعاء فبعد الغد امتحان الجراحة وربك يستر ولا يضحك علي الممتحن،
شكرا لكم
والسلام عليكم.
6/6/2007
رد المستشار
الأخ العزيز؛
أهلاً سهلاً بك وشكرًا على متابعتك، أسأل الله تعالى أن يوفقك في امتحان الجراحة، وفي كل امتحان إن شاء الله، وأتمنى أن تضحك أنت على الممتحن فيراك نابغة من النوابغ ويعطيك درجات عالية، وأعود بعد ذلك لتساؤلاتك الجديدة، وللتعليق على تصرفك الذي تحكي أنك فعلته مع من تقول إنهم كانوا يضحكون عليك.
تبدو غريبة جدًّا تلك الطريقة التي تعرفني بها على نفسك أو تذكرني بها من أنت، فأنت تقول أنا -ز- الطبيب الذي يضحك الناس على أنفه الكبير، لم لا تقول أنا صاحب مشكلة وهام التشوه الجسدي؟؟؟ تنتقل بعد ذلك إلى تساؤل ساخر حزين فتقول لي: وهام إيه يا دكتور؟ وكأنني كلمتك بما لم تقل أنت إن طبيبك النفسي الذي رآك ورأى السيد الكبير أنفك قال لك إنك تعاني من الوهم Delusion، وقمت أنا بعد ذلك بتصحيح الترجمة (إلى وهام بدل وهم) وبيان الإمراضية النفسية للوهام، محاولاً إفهامك.
لم أكن أستطيع يا أخي أن أقول لك إنك تعاني من فكرة وهامية أبدًا لولا أنك قلت لي إن طبيبًا نفسيًّا رآك كما يرى الناس بعضهم وسمعك كما يسمع الناس بعضهم، وشخص حالتك بأنها وهام، معنى ذلك يا زميل الغد أن أنفك إما عادي كأنوف الناس أو أكبر قليلاً؛ لأن كونه غير ذلك يمنع طبيبك النفسي من تشخيص الوهام.
فربما تكون مصابًا باضطراب وسواس التشوه، أو ربما تكون فكرتك تلك المزعجة مجرد فكرة مبالغ في تقييمها Overvalued Idea، وهي فكرة يتخذها الشخص محورًا لمشاعره وسلوكياته وترتبط داخله بشحنة عاطفية كبيرة، كما يفسر بها كثيرًا من الأحداث في حياته، فهو مثلاً يعلق أي فشل في حياته على سبب واحد هو أنه بدين الجسد، فإذا رفضته من تقدم لخطبتها فلأنه بدين وإذا لم يقبل في عمل فلأنه بدين، وإذا أشار أحد من لا يعرفهم في الطريق إليه فلأنه بدين، وهكذا...
باختصار شديد عليك أن تكون متأكدًا من أننا لا نستطيع تقديم أكثر من الإرشاد إلى من يساعدك، خاصة في حالة كحالتك، وهذا الذي يستطيع المساعدة إن وفقه الله تعالى هو الطبيب النفسي، ثم أنت تقول لي: والطبيب النفسي الذي نصحتني به قال كذا، وأنا ما نصحتك إلا بالرجوع إلى طبيبك النفسي الذي قال لك قبل أن ترسل لنا إنك تعاني من الوهام أو الوهم كما سماه هو، فماذا هنالك إذن؟ لكأننا نصحناك بأن تفعل ما لم تفعل من قبل وكانت نصيحة لم تفدك بشيء.
ثم تدبر معي ما معنى تصرفك عندما أخذت إفادتك السابقة ورددنا عليها لتريها للذين يضحكون على أنفك؟؟ أي نية حركتك عندئذ؟ وهل ترى تصرفك ذاك طبيعيًّا؟ هم كلهم كان ردُّ فعلهم طبيعيًّا! فمن احمرَّ ومن اصفرَّ، ثم لم يناقشك في الأمر هو الشخص الطبيعي، ففيم تراهم يناقشونك؟
أما أن يقول لك الطبيب النفسي (وافرض أن شكلك مضحك يا أخي حاجة عادية)، فإن له من وراء ذلك القول هدفًا، كأن يعرفَ ردَّ فعلك على سبيل المثال، ويبدو والله أعلم أنك لم تعطه أي رد فعل؛ لأنك -كما أخمن- كمن فرح بأن فكرته إذن صحيحة! فشكله مضحك والناس يضحكون عليه!! والحمد لله إذن فلا وهام ولا وهم!.
ثم تريدني أن أقنعك أنا بما يجب أن تفعل بشرط ألا أحاول أن أصرف عنك الفكرة من أساسها، طبعًا لأنها فكرة مهمة جدًّا بالنسبة لك، إذن ماذا تريد؟ تريد أن أقول لك كيف تتعامل معها، فهل تعتقد أنني مهما اقترحت عليك من أساليب للتعامل ستقبل؟ أي تعامل يأتيه الإنسان مع فكرة هو مؤمن بها؟ ليس إلا أن يتصرف بناء على أساسها، إذن ستتصرف أنت على أساس أن أنفك كبير شكله مضحك!، جميل وهل كنت تتصرف بشكل غير هذا؟
أنا يا أخي لا أستطيع من خلال الإنترنت أن أقدم أكثر مما قدمت، ولكنني في نفس الوقت أرى فيك ذكاء وحضور بديهة يستدعيان أن أساعدك -كزميل بعد عام على الأكثر إن شاء الله-، لأقول لك إن خطوتك تجاه الطبيب النفسي خطوة ممتازة في الاتجاه السليم، وإن وجدت طبيبك السابق غير متعاون فاختر غيره، واقصص عليه كل ما حدث.
ويتبع>>>>: وهام التشوه الجسدي .. مشاركة