اضطراب الوسواس القهري
أنا طالبٌ في السنة الثانية من كلية الطب البشري، لدي مشكلةٌ في الواقع وآمل أن تفيدوني ببعض المعلومات، فأنا أواجه اضطراب الوسواس القهري وهذا يزعجني ويؤلمني كثيرًا لقد ذهبت إلى أحد الأطباء في قسم الأمراض النفسية والعصبية بكليتي ونصحني باستخدام عقار السيتالوبرام20 مجم، وقد استخدمته لمدة شهرٍ كامل ولم أجد استجابةً ولا شعرتُ بتحسنٍ بل على العكس أنا أحسُّ أنني أسوأ، ربما بسببِ تركيزي على الأمر ومراقبتي الدائمة لنفسي.
المهم أنني رجعت إلى ذلك الطبيب فنصحني باستخدام عقار الفلوفوكسامين 100 مجم في الصباح وعقار الكلوميبرامين 25 مجم في المساء، وقد أمضيت الآن أسبوعًا ونصف، وربما أكونُ قد بدأتُ أتحسنُ بعض الشيء، لكنني لست متأكدًا على أية حالٍ إلا من أنني لستُ طبيعيا مثلما كنت قبل ذلك وخلال هذا الأسبوع لاحظت غياب القذف، وكذلك نقص الدافع الجنسي Libido جدا جدا، فهل هذا طبيعي؟ أنا خائف أن أكونَ قد أثرت على مناسلي Gonads (الغدد التناسلية أو الخصيتين) بهذه العقاقير.
كما أسألكم هل يحتاجُ مرضى الوسواس القهري إلى وقتٍ طويلٍ على العلاج، وهل يجبُ علي أن أستمر على نفس العقاقير?
أرجو الرد علي لمساعدتي على استعادة تأكدي من نفسي، وشكرًا جزيلاً على جهودكم.
13/8/2004
رد المستشار
الأخ السائل: أهلا وسهلاً بك على مجانين نقطة كوم، ونطمئنك بدايةً إلى أنك والحمد لله تسير على الطريق الصحيح للخلاص من الوسواس القهري، فالعقار الأول الذي تناولته وهو السيتالوبرام هو أحد أعضاء مجموعة الم.ا.س.ا (أي مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية)، والتي تعالج اضطراب الوسواس القهري بنجاحٍ في معظم الحالات ويمتاز ذلك العقار بقلة تأثيراته الجانبية وقلة تفاعله مع العقاقير الأخرى التي قد يتناولها الإنسان لسببٍ أو لآخر، إلا أن الحالة قد تستدعي زيادة الجرعة من قرص واحد في اليوم إلى قرصين وربما ثلاثة أو أربعة، ولكن الصبر على العقار لكي يعمل أمرٌ ضروري.
ونحن كما علمتنا التجربة العملية ووثقتها الدراسات العلمية يجب ألا نحكم على عقار الم.ا.س.ا في جرعة معينةٍ بأنه أفاد أو لم يفد قبل مرور 12 أسبوعًا من الاستمرار على ذلك العقار بجرعة معينة، وبعد نهاية هذه المدة يمكننا إما زيادة جرعة العقار إلى الجرعة التي تليها، ثم تنتظر مرةً أخرى مدةً 12 أسبوعًا وهكذا. وهذا الكلام بالطبع يعرفه طبيبك المعالج إلا أنك على ما يبدو كنت كثير القلق والتخوف والشك في جدوى العقار الذي تتناوله مما دفع طبيبك إلى أن يغيره لك، وعقار الفلوفوكسامين هو أيضًا أحد أعضاء مجموعة الم.ا.س.ا، وكذلك عقار الكلوميبرامين الذي يعتبر أصل هذه المجموعة فهو مثبط لاسترجاع السيروتونين أيضًا لكنه غير انتقائي أي أنه يختلف عن مجموعة الماسا في أنه يثبط أيضًا استرجاع ناقلات عصبية أخرى غير السيروتونين، وهو لذلك يسمى بالماس لأنه غير انتقائي، وله بعض الآثار الجانبية أكثر من مجموعة الماسا التي تعتبر تطويرًا له.
إلا أن الأبحاث العلمية الأخيرة ما تزال تبينُ أنهُ أكثرُ قدرةً على علاج حالات الوسواس القهري المقاومة للعلاج أكثر من الم.ا.س.ا وما فعله طبيبك المعالج هو أنه أعطاك أحد عقاقير الم.ا.س.ا في جرعته الثانية 100 مجم إضافة إلى عقار الماس في جرعته الأولى، أي أنه قرر أن يواجه وسواسك باثنين من أقوى أسلحة الطبيب النفسي في مواجهة الوسواس القهري، والحمد لله أنك بدأت تشعرُ بالتحسن فهذا فضلٌ من الله وتأكد أنك ستلحظ تحسنا متزايدًا على مر الأسابيع إلى أن تتخلص تماما من الوسوسة إن شاء الله.
أما عن الآثار الجانبية للم.ا.س أو الم.ا.س.ا فإن ما ذكرته من تأخر القذف Ejaculation هو بالفعل أحد أهم الآثار الجانبية لعقارات الم.ا.س والم.ا.س.ا، وإن كان البعض يعتبر ذلك الأثر الجانبي بمثابة الميزة التي يعالجون بها المرضى المشتكين من سرعة القذف.
وأما نقص الدافع الجنسي فهو أحد الآثار الجانبية المعروفة اليوم أيضًا لمجموعة الم.ا.س.ا، وفي جميع الأحوال يحدثُ ذلك نتيجةً لتأثيرات هذه العقاقير على بعض مستقبلات أو مستشعرات السيروتونين Serotonoin Receptors، خاصةً 5–هت1أ (أو 5-HT1a)، وهنا أحيلك إلى قراءة مقالٍ على مجانين نقطة كوم ضمن صفحة مقالات متنوعة هو مقال أسباب الأمراض النفسية ولكن من المهم أن تعرف أن هذا التأثير أولاً عابرٌ ينتهي بمجرد أن تنتهي من استعمال العقار وثانيا لا علاقة له بالمناسل أو الغدد التناسلية Gonads، كما أننا عادةً ما نكون مستعدين لسماع الشكوى من هذا الأثر الجانبي من المتزوجين فأنا أظن نقص الرغبة الجنسية في حالتك مصلحة، إلا إن كان لك رأي آخر.
وأما آخر أسئلتك عن مدة احتياج مريض الوسواس القهري للعلاج فهذا السؤال يستطيع طبيبك المعالج الإجابة عليه أفضل مني، لأن الأمر يختلف من حالةٍ إلى حالة وهو في جميع الحالات غيب مثلما المآل المرضي لأي مرض من الأمراض التي ستدرسها في كلية الطب، ولكن ما اعتدنا عليه خلال عملنا هو أن معظم المرضى يستمرون على العقار الذي تحسنوا عليه بنفس الجرعة التي تحسنوا عليها لمدةٍ يجبُ ألا تقل عن السنة وبعد ذلك يقوم الطبيب المعالج بتقليل الجرعة ومتابعة المريض فإن لم تعد الأعراض للظهور واصل سحبه للعقار وإن عادت أعاد العقار إلى ما كان عليه.
ونحن بهذا نكونُ مغفلين تماما لدور العلاج المعرفي والسلوكي في العلاج فالمرضى الذين يعالجون بالعقاقير وبالعلاج المعرفي السلوكي ويكملونه نادرًا ما يحتاجون للعقاقير لفترة طويلة، نتمنى أن نكونَ قد أجبنا على تساؤلاتك، وفقك الله وتابعنا بأخبارك.