السلام عليكم ورحمة الله
السيد الفاضل الدكتور وائل أبو هندي؛ لا داعي لشكركم على هذا الموقع الجميل مجانين فمهما قلت لن أفي حقكم من العرفان بالجميل وكان الله في عونكم دائما. وبعد؛
لقد تعرفت على الموقع من خلال كتابكم: الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي الذي صدر منذ عدة سنوات في سلسلة كتاب عالم المعرفة وقد قرأته عده مرات وحاولت أن أطبق ما جاء به فيما يخص حالتي التي اجزم أنها الاكتئاب المتناوب الذي يعاود الظهور والاختفاء مرة بعد مرة.
وقد ساعدني الكتاب كثيرا وكذلك ساعدني الموقع على تغيير مفهومي عن العادة السرية التي نحملها أكثر مما تستحق وخاصة أن والدي رحمه الله كان يحذرني كثيرا منها وبخاصة مع تدهور مستوى التحصيل لدى وانشغالي الساذج بمحاوله التوقف عن تلك العادة وذلك بدلا من التفكير والاجتهاد في الدراسة وتحقيق حلم حياتي وهو أن أكون مهندسا والنتيجة المنطقية هي الرسوب المتكرر ثم الحصول على ليسانس الآداب.
ولا أخفي عليك مشاعر الاكتئاب التي تصيبني ساعدت على عدم التركيز في الدراسة.وقد أرسلت رسالة تلغرافيه إلي الموقع عن مشكلتي التي كنت اعتقد أنها العادة السرية ولكن تكشف لي الأمر بعد حين (فترة طويلة) أن الموضوع (اكبر من كده بكثير) انه أزمة هوية وبحث عن الذات ولكن للأسف بعد وقت طويل أضعت خلاله فرص كثيرة ووقت كثير سوف يحاسبني الله عليه وبعد إرسال هذه الرسالة تلقيت الرد من سيادتكم طالبا فيه المزيد من المعلومات عن ما أمر به من أزمة ولعلك سوف تتذكر الرسالة عندما ذكرت بين ثنايا الرسالة معنى المصطلح باللغة الانجليزية (العادة السرية) masturbation وقد كتبته حينها بطريقه خاطئة وقد فمت سيادتكم بتصحيح المصطلح مشكورا ولكنى أخذت ردكم على رسالتي بحساسية شديدة ولم أرسل إفادة أخرى عن حالتي مكتفيا بمتابعه ما يظهر على الموقع فيما يخص تلك المشكلة والاكتئاب الذي يصيبني ويشتد خاصة حين اذهب إلى الجامعة وقد كانت تلك المشاعر عائقا كبيرا أمام انتهائي من دراستي الجامعية ولكنى أنهيتها والحمد لله.
وقد لجأت إلى الطب النفسي وقمت بعرض نفسي بعض الأطباء النفسيين الذين كانوا يصفون لي أدويه القلق مثل (موتيفال).
وكنت أتوقف عنها خلال فتره قصيرة لعدم تحملي للأعراض الجانبية. حتى الآن أنا اشعر بالاكتئاب الذي اعتبره ابتلاء من الله عز وجل وكذلك أحافظ على الصلاة وأحاول ألا تعيقني هذه الحالة عن تحسين وضعي المادي لكي أتمكن من الزواج وقد كان حيث سافرت إلى إحدى الدول الخليجية وقبلت بعمل لا يتناسب مؤهلات العلمية والعملية حتى أوفر المال اللازم للزواج وأنا الآن ابحث عن الإنسانة المناسبة لي ولكن شبح الفشل يطاردني دائما وخاصة أن بعض مبررات الفشل متوفرة في على ما اعتقد وهى عدم القدرة على اتخاذ القرار والتردد الشديد في ما يعرض لي من أمور الحياة البسيطة والهامة على حد سواء.
قد يكون هذا الإحساس غير منطقي وغير عقلاني ولكنى أشعر به يلازمني وكأني اعتدت على ذلك التفكير السلبي الذي يرى نصف الكوب الفارغ فقط والذي يدعمه الخبرات السابقة السالبة وما أكثرها وكذلك أتابع كتابات الدكتور مصطفى السعدني عن تأكيد الذات (لعله يتولى الرد على هذه الاستشارة إذا كنت مشغولا في أمر ما) وقرأتها أكثر من مرة.
المشكلة الأخرى وهى أني شخص هادئ إلى حد بعيد ومقل في كلامي إلى درجه كبيرة وأخشى أن أجلس مع خطيبتي المتوقعة يوما ما ولا استطيع أن أتكلم معها فسوف أكون في ذلك الحين في موقف لا أُحسد عليه.
- اعتقد سيدي الفاضل أنى سوف أبقى على هذا الحال وأنى سوف لا أتغير على اعتبار هذه هي شخصيتي الموروثة وعلى أن أتقبل نفسي على هذا الحال وأحاول تغيير أشياء أخرى في حياتي مثل تنميه المهارات الشخصية وغيرها
- لا زلت حتى الآن اشعر بتلك النوبات من الاكتئاب.
- علاقتي بأفراد أسرتي طيبة وقويه فنحن أسرة مترابطة.
- والدي متوفى منذ 8 سنوات وليس لدى أخوة ذكور وأنا أكبر أخواتي البنات وعدهم ثلاثة.
- أفتقد والدي كثيرا هذه الأيام .
- أرغب في عدم نشر أي تفاصيل تدل على شخصيتي.
- في الختام ارجوا أن ترشدوني ماذا افعل حتى أتجاوز هذا الابتلاء حيث انه يعيقني عن العمل الناجح بالإضافة إلى معاناتي اليومية.
- آسف لإرسال مشكلتي عن طريق البريد الإلكتروني لسيادتكم حيث حاولت الإرسال من خلال باب إرسال المشاكل ولم أتلق الرد حتى الآن.
- توجد في عائلتي من ناحية الأم حالات الاكتئاب عند الخال ولكنه مريض بالكبد الفيروسي c وعم والدتي الذي مات منتحرا عفا الله عنه رغم تفوقه العلمي والعملي.
أنتظر ردكم الوافي
ولكم جزيل الشكر
8/6/2007
رد المستشار
أخي الفاضل؛ تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على مجانين.
أنا لم أتعرف على اسمك ولا سنك ولا جنسيتك، ولكن التفصيل والإسهاب الذي كتبت به رسالتك يجعلني أستشف الكثير عن طبيعة شخصيتك ومواطن القوة ومواطن الخلل فيها، وأظنك تحاول خداع نفسك، ولا ترغب في مواجهتها، وهذا يؤخر ويصعب من عملية علاجك.
أخي المجتهد المجد؛
لنبدأ أولا بالجوانب الجيدة والإيجابية لديك مثل قولك: "وعلي أن أتقبل نفسي على هذا الحال وأحاول تغيير أشياء أخرى في حياتي مثل تنمية المهارات الشخصية وغيرها"، وهذا بالفعل كلام ممتاز يحتاج منك أن تفعله بالمجهود والالتزام بالعلاج الدوائي والنفسي مع طبيب نفسي متخصص. وكذلك قولك: "وقد كانت تلك المشاعر عائقا كبيرا أمام انتهائي من دراستي الجامعية ولكنى أنهيتها والحمد لله"، فقدرتك على إنهاء دراستك يدل على أنك تستطيع أن تنجز ما تريد إذا عزمت وأردت، وهذا يساعدك على تخلصك من مشاكلك النفسية، المهم أن تعزم أنت على ذلك.
أما قولك: "وكذلك أحافظ على الصلاة وأحاول ألا تعيقني هذه الحالة عن تحسين وضعي المادي لكي أتمكن من الزواج وقد كان حيث سافرت إلى إحدى الدول الخليجية وقبلت بعمل لا يتناسب مؤهلات العلمية والعملية حتى أوفر المال اللازم للزواج وأنا الآن أبحث عن الإنسانة المناسبة لي" فهو يحمل الكثير من النواحي الإيجابية، فأنت تقوم بأداء العبادات، وهذا معناه أن حالتك النفسية ليست سيئة وتحسنها من الأمور السهلة بشرط أن تبذل بعض الجهد في العلاج النفسي والدوائي، وأنك قد تحملت مرارة الغربة بالخليج وفي عمل بعيد عن مجال تخصصك من أجل تحسين وضعك المادي، وهذا أيضاً من النواحي الإيجابية لديك، والتي تدل أن لك إرادة وعزيمة قويتين.
أخي المناضل؛
أنت ذكرت لنا معلومات كثيرة عن الاكتئاب الدوري لديك –كما تقول أنت– وأنا لا أظنه الأساس في مشكلتك، وأنه اكتئاب ثانوي يخفي تحته شخصية قهرية شديدة الحساسية للنقد من الآخرين، لذلك فأنا متوقع أن يزعجك كلامي وردي عليك؛ لأن معرفة الإنسان لنفسه وأبعادها لهو من أصعب المهام في حياة كل شخص منا، وأقولها لك وبصراحة أيضا: ليس من وظيفة الطبيب النفسي أن يربت على كتف مريضه برفق وحنان، وأن يتركه في غيابة خداعه لنفسه!!، ولكن الطبيب الحاذق عليه أن يكون أمينا في إجابته موجها مريضه لأقصر الطرق التي تؤدي للشفاء وهو طريق المصارحة والشفافية في كل كلمة يقولها، وبعد خط الرجعة هذا بالنسبة لي تعال معي أناقش ما كتبته أنت وبيديك معك من نقاط سلبية، لقد قلت مثلاً:
"وأنا الآن ابحث عن الإنسانة المناسبة لي ولكن شبح الفشل يطاردني دائما وخاصة أن بعض مبررات الفشل متوفرة في على ما أعتقد وهي عدم القدرة على اتخاذ القرار والتردد الشديد في ما يعرض لي من أمور الحياة البسيطة والهامة على حد سواء. قد يكون هذا الإحساس غير منطقي وغير عقلاني ولكني أشعر به يلازمني وكأني اعتدت على ذلك التفكير السلبي الذي يرى نصف الكوب الفارغ فقط والذي يدعمه الخبرات السابقة السالبة وما أكثرها"
هذا التردد الواضح في موضوع الزواج لا مبرر له على الإطلاق ما دمت تشعر بالرغبة في زوجة تؤنس وحدتك، وأنت قادر على إسعادها وإسعاد نفسك بمالك وصحتك، وأسهل طريقة في اختيار زوجة مناسبة لمن لديهم مثل هذا التردد هو أن تستعين بوالدتك أو أقاربك المحبين لك في عملية اختيار الزوجة الصالحة المناسبة لك، وأنصحك ألا تشتط في مواصفاتك بالنسبة لزوجة المستقبل؛ لأنه لا يوجد منا إنسان كامل الأوصاف، وكقاعدة عامة من قواعد الحياة: كلما غاليت في المواصفات صعب عليك توفير المطلوب، وكما تعلم أننا جميعا بشر، وكل منا لديه قدرا من العيوب لا بأس به ولا كامل إلا الله عز وجل.
والآن أنتقل معك إلى جزء هام آخر من رسالتك سيوضح لك سبب تأخر شفائك رغم سهولته؛ ألا وهو عدم حرصك على الالتزام بتناول العقاقير النفسية بحجة الأعراض الجانبية، مع العلم بأن عقار الموتيفال هو من أقل العقاقير النفسية أعراضا جانبية، وإذا كنت أنت من هؤلاء القلة الذين يسبب لهم عقار الموتيفال أعراضاً جانبية فلماذا لا تجرب عقاراً نفسيا آخر تحت إشراف طبيب نفسي متخصص مثل الفافيرين أو الأنافرانيل أو البروزاك أو غيرهم فهم كثير؟؟!!، فأنت تقول:
"وقد لجأت إلى الطب النفسي وقمت بعرض نفسي على بعض الأطباء النفسيين الذين كانوا يصفون لي أدويه القلق مثل (موتيفال)، وكنت أتوقف عنها خلال فتره قصيرة لعدم تحملي للأعراض الجانبية. حتى الآن أنا أشعر بالاكتئاب الذي اعتبره ابتلاء من الله عز وجل".
ولأنتقل معك إلى خطأ معرفي آخر يقع فيه الكثير ممن لديهم مثل مرضك ألا وهو توقع الأسوأ، وكأنك تقرأ الطالع وتعلم السيء من الغيب، فأنت تقول:
"المشكلة الأخرى وهى أني شخص هادئ إلى حد بعيد ومقل في كلامي إلى درجه كبيرة وأخشى أن اجلس مع خطيبتي المتوقعة يوما ما ولا استطيع أن أتكلم معها فسوف أكون في ذلك الحين في موقف لا أُحسد عليه"، وحل هذه المشكلة بسيط وهو أن يكون من مواصفات زوجة المستقبل هدوء الطباع والاتزان وقلة الكلام وعدم الرغبة في الثرثرة، ولكن في مقابل ذلك قد تتنازل عن أشياء أخرى مثل درجة جمال العروسة، أو تعليمها أو غناها، وتذكر أنك أيضا ليس كامل الأوصاف وبك عيوب وبدون زعل لأن هذا هو الحق.
ولتلخيص المطلوب منك:
- عليك أن تتابع مع طبيب نفسي في عيادته، وأن تلتزم بعلاجه، وإن حدث من العقار الموصوف أي أعراض جانبية فيمكن تغيير الدواء بآخر.
- أن تبدأ السعي للزواج مع مراعاة النقاط التي ذكرتها لك من قبل في زوجة المستقبل.
- حالتك سهلة العلاج بشرط المداومة على ما يصفه الطبيب من علاج، مع عدم العناد في داخل نفسك بخصوص حالتك النفسية.
- لا تشغل بالك أكثر من اللازم –كما قلت أنت– بموضوع العادة السرية ومشاكلها.
- لا تشغل ذهنك بموضوع خالك الذي مات منتحراً ما دمت مواظبا على العلاج مع طبيب نفسي.
- افتقادك لوالدك نتيجة للاكتئاب والقلق والوسواس الذين تعاني منهم جميعا والحل البسيط هو أن ترى الجوانب الإيجابية في نفسك وتكبر من شأنها، ولا تلتفت إلى الجوانب السلبية في حياتك حتى تتمكن من التغلب عليها.
وأخيراً أدعوا لك بالشفاء العاجل وبالزوجة الصالحة وبهدوء النفس وسلامة العقل من الوسواس، وتابعنا بأخبارك.
ويتبع >>>>>>>: شبح الفشل يطاردني دائما م. مستشار