هلع ووسواس واكتئاب: خلطة؟؟
السلام عليكم، كبداية يجب أن أسجل إعجابي الشديد بمجهودكم الكبير في مساعدة الناس دون انتظار أي مقابل سوى وجه الله الذي أسأله أن يجعل هذا في ميزان حسناتكم. وبعد خلال فترة دراستي الإلزامية كنت محباً للانطواء كثير القراءة في الدين ثم جاءت فترة الكلية التي ازدادت فيها حدة الانطواء مع كل ما أراه حولي من أجواء لم أعتدها.
وفي يوم أحسست بحالة رعب شديدة وكأن روحي تسحب من داخلي وأحسست أنها ساعة الوفاة ومرت وتكررت أكثر من مرة ومرت فقررت أن ألجأ للطب النفسي الذي شخص حالتي على أنها وسواس قهري وأخبرني أنه لا علاج له وأنه ملازم لنوع شخصيتي ووصف لي motival 75mg نصف حبة يومياً فتركت الطبيب خاصة بعد معاناة شديدة مع العلاج لما له من أعراض جانبية وذهبت لطبيب آخر الذي طمأنني وبدأ معي العلاج ب ssri citalopram with motival and lexotanil then shift to flouxetine then at last paroxetine الذي مستمر عليه منذ حوالي سنتين وقد تحسنت حالتي كثيراً، فلم أعد أتوضأ أكثر من مرة للصلاة أو أعيد الصلاة أو أغسل يدي أكثر من مرة والأعراض الأخرى الشهيرة. لكن ما زالت هناك بعض الأفكار التي ما زالت مقاومة للعلاج أكثرها شدة فكرة أعرف سخافتها لكنها ملحة وهي شعوري بأني مثل قالب وهو الجسد والروح ممكن تغادره وتعود.
عفواً أعرف أنها فكرة سخيفة لا معنى لها حتى إني لم أعبر عنها جيداً. كما أن طبيبي كل ما يفعله معي هو الاستماع لي وطمأنتي وتعديل الجرعة دون اللجوء لأي علاج معرفي الأمر الذي أعوضه من جهتي نظراً لدراستي.
علاقتي بأسرتي جيدة جداً وأنا شديد التعلق بهم وهم أهم سبب بعد الله سبحانه وتعالى في مقاومتي للمرض. ما يؤرقني حالياً هو بعض الأشياء التي لا أعرف هل لها علاقة بالمرض أم بالعلاج أم بالتربية. فقد أصبحت إنساناً هشاً أخاف من أشياء عادية مثل الظلام والأماكن المغلقة والليل. أتأثر لأتفه الأسباب وتظل تشغلني وتؤثر بي.
وأصعب إحساس هو إحساسي بالانكسار من داخلي أمام نفسي منذ مرضي خصوصاً أني قد تأخرت وأضعت عدة فرص دراسية وعملية بسببه لدرجة أني أصبح عندي لامبالاة للمستقبل وأي أحداث تمر بي أتعامل معها بفتور لذلك كثيرا ما وصفني أصدقائي بالسلبية.
أخيراً ومعذرة للإطالة فقد أصبحت شديد التقصير في العبادة حيث أصبحت أقتصر على الفروض ولا أطيل الصلاة رغم أني أحب العبادة.لأنها أصبحت مقترنة في لاوعيي بنوبات الرعب.
معذرة على الإطالة، وشكراً مقدماً على الرد
وجزاكم الله عني كل خير.
08/06/2007
رد المستشار
الأخ الفاضل الدكتور "أبو شهبة"، تحية طيبة لك وأهلا ومرحبا بك على موقعك وبعد، أرى مما كتبت أن طبيبك النفسي يؤدي دوره معك بصورة مُرضِية وجيدة.
بالنسبة لنوبات الرعب الشديد والإحساس بأن روحك سوف تُزهق من الخوف بين لحظة وأخرى، بالإضافة إلى وجود بعض الأعراض مثل ضيق التنفس والخفقان وتغير لون الجلد والعرق البارد فتلك النوبات نطلق عليها "نوبات هلع"، والحمد لله أنك قد تعافيت منها، وهي قد تكون مصاحبة لاضطراب الوسواس القهري في بعض الحالات.
أما موضوع استكمال دراسات عليا في الصيدلة، فأرى أن ذلك من عوامل زيادة الضغط النفسي عليك؛ لذا أنصح المرضى النفسيين بصفة عامة وأنت بصفة خاصة ألا يرهقوا أنفسهم باختيار الدراسة في كليات شاقة ومتعبة مثل الطب والصيدلة.... إلخ أو استكمال دراسات عليا في مثل تلك الكليات، وبالذات إذا كانوا يعانون من مشقة في الدراسة أو الاختبارات، أما وأن الله عز وجل قد أكرمك وأنهيت الدراسة بكلية الصيدلة فهذا القدر يكفيك، وعليك بالسعي لتحقيق النجاح في مجالات الحياة الأخرى الاجتماعية والاقتصادية، وكونك أصبحت لا تبالي بالمستقبل فهذا من الحيل الدفاعية التي تلجأ إليها حتى لا تشعر بالحزن والندم على ما فاتك، وهذا أيضا أمر جيد وليس سيئا على الإطلاق حتى تُجنِّب نفسك ويلات ازدياد أعراض الوسواس والأفعال القهرية والاكتئاب.
عليك أخي الدكتور أن تنظر دائماً للأمام وإلى ما حقته من إنجازات كثيرة حتى الآن، ولا تنظر أبداً ولا تلتفت إلى ما عجزت عن تحقيقه؛ ولا تسمع لمن يقول لك أنك سلبي وضعيف، فأنت صيدلاني ناجح ومتزوج ولك أبناء تشعر بالسعادة معهم وبهم؛ لذا لا تقارن نفسك بمن ترى أنه حقق من الإنجازات أكثر منك بل أنظر لمن هم دونك وأقل منك!، وهم كثيرون جداً، أليس كذلك؟!، فلماذا تشعر بالانكسار والسلبية؟!، أنت بالتأكيد شخص مجتهد ومجد لأنك تحاول أن تعطي لمجتمعك كما تأخذ منه.
أنصحك أخي العزيز أن تطلب من طبيبك إضافة أحد مضادات الذهان بجرعة صغيرة جدا مثل "ستيلازين" 1 ميليجرام أو "دوجماتيل" 50 ميلليجرام مرة واحدة مساءاً يومياً؛ حتى تقل أو تختفي الأفكار الوسواسية الغريبة المتعلقة بانفصال الروح عن الجسد للحظات، فأدوية هذه المجموعة من العقاقير النفسية -وبجرعات صغيرة جداً- تقوي من تأثير "الم.ا.س.ا" -مثل السيروكسات والبروزاك والفافيرين-بالإضافة إلى أن لها تأثيرا مضادا للقلق والشَك.
نأتي معا إلى أمر أداء العبادات، وهو أمر من الأمور الصعبة على كثير من مرضى الوسواس القهري، وبالذات إذا كانوا يعانون من وساوس دينية وأفعال قهرية كالتكرار في الوضوء والصلاة، والحمد لله أنك تؤدي الفرائض، وأظن فيك خيراً أنك تؤديها مخلصا لوجهه تعالى، ولا تريد من أدائها إلا رضاه عز وجل عليك، فاحمد الله على هذا القدر من أداء الفرائض، وتذكر تعليق النبي صلى الله عليه وسلم على الأعرابي الذي قال أفعل ولا أزيد على ذلك شيئاً يا رسول الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".
واقرأ من على مجانين:
جسدي وروحي وأنا وسواس الذات والتجليات
وسواس الذات والتجليات متابعة
أدعو الله لنا جميعا أن نكون من المفلحين في الدنيا والآخرة، وتابعنا بأخبارك.