السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود في رسالتي هذه أن أبوح بكل ما يختلج في داخلي فقد تعبت من إخفاء هذا الأمر عن كل من حولي. منذ أن كنت صغيرة أي منذ أن كنت في الثانية عشر من عمري بدأت أحفظ القرآن الكريم وقد ختمته بفضل الله تعالى في غضون ثمانية أشهر تقريبا فلله الحمد والمنة.
وعندما التحقت بالمرحلة المتوسطة كنت من أشد الناس حبا للقرآن والصلاة ولا أزكي نفسي فقد كنت في حصص الفراغ أترك اللهو والحديث مع صديقاتي وأجلس أذكر الله تعالى أو أقرأ القرآن. وفي حصص النشاط لم يكن يسمح لنا بالذهاب لأداء الصلاة خوفا من أن تتهرب الطالبات من النشاط بحجة الصلاة، وأنا لم أكن أحتمل أن أُأخر صلاة الظهر إلى الساعة الثانية ظهرا فكنت أختبئ في دورة المياه وعندما تهدأ الأمور وتستقر جميع الطالبات في الفصول أخرج وأجلس في المسجد وأنا في قمة سعادتي.
ولكن حدث ما عكر علي صفو حياتي الطيبة التي كنت أعيشها، فقد أصبت بالوسواس القهري في عقيدتي، في صلاتي، وفي وضوئي. كنت أغتسل دائما لأعود للدخول في الإسلام بسبب الأفكار التي كانت تسيطر علي، كنت أعيد الصلاة مرات ومرات بسبب أني لا أدري كم صليت ولا كم ركعت وكم سجدت ومرت الأيام وعدت كما كنت والحمد لله فهذا يزيد أملي في الشفاء.
وقبل حوالي خمس سنوات أي عندما كنت في الصف الثالث الثانوي عاد إلي الوسواس من جديد في صلاتي ووضوئي وطهارتي وفي السنة الأخيرة زاد الأمر لدرجة أني لم أعد أستطيع الاحتمال فقد أصبحت أمكث في دورة المياه نصف ساعة أو ساعة عند كل صلاة بسبب المغص الذي يلازمني والغازات التي تخرج مني، أصبحت أخاف من أداء الصلاة بسبب هذا الأمر، وعندما أصلي أشعر بالخوف الشديد من أن ينتقض وضوئي وأنا أصلي وقد أتوضأ للصلاة الواحدة عشر مرات.
ودائما يخرج مني المذي (سائل رقيق شفاف) كأنه بزاق ويخرج بدون شهوة ولكنني أحس بشعور غريب لا أدري ما هو (ليس بشهوة) فعندما أخاف أو أكلم معلماتي يخرج مني ذلك السائل ولا أدري كيف أفعل في صلاتي.
فمثلا توضأت البارحة لأصلي المغرب فاتصلت علي معلمتي وسألتني سؤالا عن قصر الصلاة فأجبتها ولم أستطع أن أصلي إلا بعد أن أذهب لأرى هل نزل مني شيء أم لا، فغسلت محله ولكنه استمر بالنزول ولم أستطع أن أصلي بسبب المغص والخوف إلا الساعة الثامنة فبكيت بحرقة ودائما يحدث معي ذلك عندما أكلم معلمتي هذه التي هي بالنسبة لي أم وأخت وصديقة فهي تساعدني في كل شيء ولا أستطيع أن أقطع علاقتي بها فعلاقتنا ولله الحمد لا يوجد ما يشوبها من ذلك التعلق المحرم والعلاقات الفاسدة. فنحن ولله الحمد نحفظ مع بعضنا القرآن وقد حفظنا مع بعضنا 20 جزءا من القرآن (أنا كنت أراجع وهي تحفظ) ونسمع لبعضنا عن طريق الهاتف، وكنا نوقظ بعضنا لصلاة الفجر كل صباح.
أما الآن فلا أستطيع أن أسمع لها القرآن ولا أن تسمع لي ولا توقظني للصلاة لأن ذلك سيعوقني عن أداء الصلاة بسبب السائل الذي يخرج مني ولا أدري ما حكمه والآن قالت لي إذا نجحت في دراستي بتفوق فسوف تسجلني معها في معهد كمبيوتر ولا أدري كيف سأصلي حينها وكيف سيمكنني أن أدخل دورة المياه بعد كل مكالمة.
فوالله ثم والله ثم والله إن حديثي معها لا يثير في داخلي أي شهوة فأنا أعتبرها أما لي وأخت ولا أدري ماذا يحدث لي، هل هذا الأمر من الشيطان لأنه يريد أن يعيقني عن أداء صلاتي وعبادتي؟ وماذا أفعل؟ فأحيانا يتطلب الأمر أن أتحدث معها أكثر من مرة بسبب أعمال تطلب مني أن أساعدها في القيام بها (أنشطة وموضوعات للمدرسة) وبالتالي أضطر للاغتسال مرتين وثلاث وأربع وربما خمس مرات في اليوم.
وأحيانا أغسل المحل فقط وأيضا ذلك يعيقني عن عبادتي فأنا لا أرى مبررا لنزوله ومع ذلك يستمر قرابة نصف ساعة في النزول، وأحيانا أكون خارج المنزل فكيف سيمكنني الذهاب لدورة المياه أو الوضوء من جديد أتمنى أن تجيب على رسالتي في أسرع وقت ممكن وتفصل القول لي لكي أرتاح، فأنا لم أعد أحتمل هذا الوضع أكثر من ذلك.
أرشدني
جزاك الله خيرا
22/06/2007
رد المستشار
أختي العزيزة
أهلا بك ومرحبا على الموقع، وساعدك الله على مواجهة ما تعانيه من أفكار، تعانين من أفكار وسواسية منذ الصغر واستطعت التغلب عليها لفترة من الفترات، ثم عادت لك منذ خمس سنوات، وظهر في صورة الشك في علاقتك بمعلمتك الذي ساعد على تثبيت فكرتها ظهور السائل بعد مكالمتك إليها، مما يجعلك تقومين بطقوس النظافة وهكذا.
عزيزتي أنت تعانين من اضطراب الوسواس القهري كما تحدثت في رسالتك في صورة أفكار الشك وطقوس إعادة التأكد (هل يوجد سائل أم لا) وبالتالي عدم القدرة على مواجهة القلق الناتج عن هذه الأفكار، وعلاج مرض الوسواس القهري يتمثل في محورين رئيسين هما:
[1] العلاج الدوائي: ثبت أن العلاج بالأدوية له أثر فعال في تحقيق جزء كبير من التقدم للشفاء بإذن الله تعالى عند مريض الوسواس القهري وتوجد عدة مجموعات تستخدم للعلاج ومن ضمنها ولعلها أكثرها استخدامًا وتحقيقا للاستجابة لدى المريض هي مجموعة تقوم بتثبيط استرجاع مادة السيروتونين إلى داخل الخلية العصبية فقد ثبت أن تركيز مادة السيروتونين له أثر كبير في الإصابة بالمرض وشدته وضعفه والمجموعة التي تعالج تركيز هذه المادة لها آثار جانبية أقل مقارنة بباقي المجموعات الدوائية، وقد يحتاج الأمر إلى وقت من شهر إلى شهرين من الاستمرار على العلاج حتى يظهر التحسن الكامل للأعراض.
وعند ظهور علامات التحسن يجب ألا تتوقفي عن أخذ الجرعات الدوائية إلا بإرشادات الطبيب المختص لأن البعض من المرضى بحاجة إلى الاستمرار في العلاج حتى مع ظهور التحسن خاصة عند شدة درجة الوسواس.
[2] العلاج المعرفي والسلوكي ويتضمن العلاج المعرفي والعلاج السلوكي وهما:
1ـ العلاج المعرفي: وهو علاج التصورات المصاحبة للسلوكيات القهرية فالقاعدة تؤكد أن تصرفاتنا وسلوكياتنا تجاه الأشياء لا تنبع أو تصدر من حقيقة تلك الأشياء بل من تصوراتنا لحقائق تلك الأشياء وهي قاعدة لو استوعبها مريض الوسواس وكذا الإنسان السليم من المرض لأزاحت عن كاهل كل منهما عبئًا ثقيلا وحملا عظيما في فهم واستيعاب من أين ينشأ التصرف والسلوك ثم المثابرة حتى يتم الاقتناع به فيتحول إلى مصدر للسلوكيات الإنسانية.
2ـ العلاج السلوكي: ويشتمل على قسمين هما:
العلاج بالتعرض وبمنع الاستجابة: ويتم بأن يتعرض المريض لمصدر القلق وسبب الخوف, فمثلاً في حالتك تتعرضين لمكالمة معلمتك وتمنعين من رؤية السائل لمدة زمنية معينة تزداد بالتدريج, مما يجعل الفكرة تزول مع كثرة التعرض لمصدر الخوف الوهمي, وبتكرار مرات التعرض يقل القلق ويتعود المريض على مصدر خوفه ويفهم أنه ليس كذلك حتى يصل إلى الدرجة التي يتأكد فيها أنه لا داعي لهذا الخوف والقلق.
فتوكلي على الله واستشيري أحد الأطباء الثقات في مجتمعك وليوفقك الله.
واقرئي على مجانين:
الوسواس القهري: أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعي
شهرٌ على الماس.. لا يمحو الوسواس
علاج الوسواس بالعقار فقط لا يكفي
إذا جاء الوسواس..فعليك بالعلاج
كرات الزئبق والوسواس
وسواس الطهارة: هلك المتنطعون
وسواس الطهارة عند المسلمين