السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعلومات التي أدخلتها هي معلومات عن أختي وسوف أقوم بعرض حالتها عليكم راجية من الله ثم منكم أن تفيدوني عن حالتها ولكم مني جزيل الشكر والدعاء.
ظهرت على أختي حاله جعلتنا في حيرة شديدة بدأت أعراض هذه الحالة بعدم قدرتها على النوم ليلا وتشعر بحالة خفقان شديدة توقظها من نومها ثم أصبحت لا تنام خوفا من هذه الحالة فأصبحت منطوية لا تأكل ولا تريد مقابلة أحد تدنى مستواها الدراسي مع أنها متفوقة، ذهبنا بها إلى أخصائي قلب واخبرنا أن حالتها جيده وليس بها شيء وأن الخفقان الذي بها مجرد زيادة بسيطة في ضربات القلب ولكنها طبيعية وان هذه الحالة تمر بكثير من المراهقات في سنها.
عادت طبيعية بعض الوقت ولكنها انتكست إلى الأسوأ فأصبحت تأتي بأفكار غريبة منها قولها أن لم تشعر بأحد ولا تشعر بان هناك فرح ولا حزن ولا جنة ولا نار ولا حلال ولا حرام ولا عقاب ولا ثواب وأشياء أخرى كثيرة كالبكاء والانطواء ثم تحسنت بعض الشيء، ولكنها عادت فانتكست فأصبحت متغيرة كل من يعرفها يؤكد تغيرها أصبحت تخبرني بأنها تأتيها أفكار غريبة مثل أن الله سبحانه ليس موجود وأن الرسول هو من خلقنا وهو الذي عنده كل شيء تقول هذه الأفكار تحاول أن تنفيها ولكن تأتيها غصبا عنها ثم بعد ذلك تقول أنها لم تعد تحس بشيء وأنها تعيش لوحدها.
عرضناها للشيخ للقراءة عليها ولكن مازالت حالتها، لم نعرضها على طبيب نفسي حتى الآن أرجوكم.... أرجوكم..... ارجوكم ردوا علي بأقصى سرعة ممكنة أرجوكم، أختي تعيش مع والدي ووالدتي فقط أما نحن إخوانها فكل في مدينه نلتقي في الإجازات فقط إذا سافرنا تحزن كثيرا، اختي حساسة جدا. أي معلومات تريدونها الرجاء إرسالها على البريد الإلكتروني الذي أرسلته لكم في خانة المعلومات.
وجزاكم الله ألف خير
والسلام
23/5/2007
رد المستشار
الأخت السائلة؛ جزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر أختك، وأودُّ بدايةً طمأنتك عليها لأن الأمرَ غالبًا سيحتاجُ إلى بعض المساعدة من طبيبٍ نفسي متخصص، بشرط أن تتابع الحالة بعد التحسن فترةً من الوقت سيحددها الطبيب النفسي المعالج.
بدايةُ حالة أختك كما يتضحُ من إفادتك هي فترةٌ من الأرق وهو أحد أعراض القلق التي قد تكونُ طبيعيةً وعابرةً وقد تكونُ بدايةً للعديد من الاضطرابات النفسية، وفي الحالة التي تكونُ أعراضُ القلق فيها طبيعيةً وعابرةً غالبًا ما نجدُ نوعًا ما من الكروب الحياتية (التغيرات الحياتية أو الأحداث ذات الدلالة الخاصة في حياة الفرد).
لكننا كثيرًا ما نجدُ نفس الوضع في حالات القلق التي لا تكونُ عابرة وتمثلُ هذه الكروب الحياتية هنا عاملاً مرسبًا لحدوث الاضطراب النفسي المعين في شخص لديه تهيئةٌ (استعداد) للإصابة بهذا الاضطراب النفسي ولعل هذا ما تشيرين إليه في إفادتك في قولك (أختي حساسة جدا)، كما أن هناكَ ما قد يمثلُ الكرب الحياتي وهو ما أشرت إليه بقولك (أختي تعيش مع والدي ووالدتي فقط أما نحن إخوانها فكل في مدينه نلتقي في الإجازات فقط إذا سافرنا تحزن كثيرا)، ولم توضحي لنا منذ متى حدثَ ذلك وأصبحت أختك وحيدةً وكل إخوانها بعيد؟ والأرجحُ في ظني أن شعورها ببعد أخواتها عنها هو حدثٌ قريب!، وقد لا يكونُ كذلك بالطبع ويكونُ الحدث الحياتي المصاحب هو فقط دخولها مرحلة المراهقة.
وما حدثَ في حالة أختك بعد الأرق كان حدثًا جللاً بالنسبة لها فهو نوبات الهلع Panic Attacks التي أصابتها وهي نوبات متكررة من القلق الشديد (الهلع) لا تقتصر على أو ترتبط بموقف خاص أو مجموعة من الظروف, وبالتالي لا يمكن التنبؤ بحدوثها. وتتباين الأعراض البارزة في هذه النوبات من شخص إلى آخر كما هي الحال بالنسبة لاضطرابات القلق الأخرى, ولكن تشيع البداية المفاجئة للخفقان وألم الصدر, وأحاسيس الاختناق والدوار وأحاسيس باللا واقعية، واختلال الشعور بالذات (أو اختلال الإنية Depersonalization)أو تغير إدراك الواقع Derealization ، كما يترتب على ذلك دائماً تقريباً, خوف من الموت, أو من فقدان السيطرة على النفس أو الجنون، وتستمر كل نوبة على حدة لمدة دقائق فقط وإن كانت تطول عن ذلك أحياناً.
كذلك يتباين معدل وقوع هذه النوبات ومسارها وإن كانت أكثر بين النساء. وأثناء نوبة الهلع يعيش المرضى تجارب متسارعة من الخوف ومن أعراض الجهاز العصبي المستقل تؤدى بهم إلى الخروج, على عجل عادة, من أي مكان يكونون به، ولعل الأهم (وهو ما يبدو أنهُ حدثَ لفترةٍ من الوقت) في حالة أختك فهو الخوف من تكرار الحالة، لأنها تكونُ مرعبةً كما بينا، وهذا هو ما يشير إليه قولك (ثم أصبحت لا تنام خوفا من هذه الحالة)، وقد أدى استمرار ذلك إلى اكتئابها وانطوائها وكل هذه ردود فعل تكاد تكونُ طبيعية للشعور بنوبات الهلع تلك.
وفي بعض الحالات تتكررُ هذه النوبات بشكل يجعل المريضَ خائفًا باستمرار من حدوثها وربما تجنب المواقف التي حدثت له فيها النوبات، إلى حد أن بعض المرضى يصل بهم الحال إلى التزام بيوتهم والخوف من الخروج، وهذه هي حالات اضطراب نوبات الهلع وحالات رهاب الساحة وغيرها مما لم يحدث لأختك والحمد لله، فالذي حدثَ مع أختك من تحسن عابرٍ بعد أن طمأنها طبيب القلب الذي قمتم بعرضها عليه، هو ما يجعلنا نشعر بالاطمئنان عليها، رغم أن كلام ذلك الطبيب لم يكن بالكلام الموضوعي مع الأسف، لأن واجبه كان تحويل الحالة إلى أحد المختصين بالطب النفسي.
ما حدثَ بعد ذلك التحسن العابر هو بداية ظهور أعراض الاكتئاب ذات الطابع العصابي مثل الشعور باختلال الإنية واختلال الشعور بالواقع حيث يصفها المريض بصورة عادةً ما يعجزُ الآخرون عن فهمها فهو يقول مثلاً أن مشاعره لم تعد كما كانت وأنهُ يحسُّ بما يشبه التنمل أو التبلد في المشاعر أو أن مشاعره أصبحت مجوفة أو أنه لم يعد يحس بها كما كانت، وهو ما أشرت إليه بقولك (ولكنها انتكست إلى الأسوأ فأصبحت تأتي بأفكار غريبة منها قولها أن لم تشعر بأحد ولا تشعر بان هناك فرح ولا حزن ولا جنة ولا نار... إلخ...) ثم أشرت بعد ذلك إلى الأعراض الاكتئابية الأكثر شهرةً كالبكاء والانطواء،
لكن كل ذلك في حالة أختك ما يزال كما يبدو من إفادتك غير متمكنٍ منها ولا شديد الوطأة لأن بعض التحسن يحدثُ من وقت لآخر، رغم شعورك وشعور الآخرين بأنها تغيرت وهو تغيرٌ ناتجٌ عن الاكتئاب الخفيف أو المتوسط الشدة والذي يحدثُ فيه نوعٌُ من التغير في شدة الأعراض أحيانا ويفسر على أنه تحسن، وهنا أنصحك بقراءة عدة إجابات سابقة على استشارات مجانين وهي:
هل أنا مريض بالاكتئاب
الإحباط والاكتئاب والعلاج المعرفي
فقدان الطعم والمعنى جوهر الاكتئاب
متى يجب أخذ عقار للاكتئاب؟
ونصل بعد ذلك إلى الأفكار الغريبة والمرفوضة تماما من أختك ومن الجميع وهيَ الأفكار التسلطية (الوسواسية) الدينية والتي لا تبدو أيضًا شديدةً إلى الحد الذي يسمحُ بتشخيص اضطراب الوسواس القهري، فهي ليست أكثر من بعض الأفكار التسلطية التي تنتاب المكتئبين وتصبغ الصورة المرضية لبعض حالات الاكتئاب، ولمزيد من المعرفة بهذه النوعية من الأفكار التسلطية يمكنك الرجوع إلى الإجابتين السابقتين على صفحتنا بعنوان
أعراض الاكتئاب الجسيم وسمات الوسواس
خلطة الوسواس والاكتئاب والهلع
وأما الشيخ الذي قمتم بعرضها عليه للقراءة عليها ولم يفدها كما ذكرت ، فذلك راجعٌ إلى أن ما تعاني أختك منه هو اضطرابٌ نفسي لا علاقة له لا بالجن ولا بالشيطان ولا بضعف الإيمان، ولعل أختك لو قرأت القرآن بنفسها لكان أفضل لأن الله عز وجل يقول "ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب" صدق الله العظيم، فهي لو قرأت القرآن بنفسها ستشعر باطمئنان وتحسن أكثر مما حدث، لكننا يجبُ ألا ننسى أن أختك عصابية وتشخيصها الحالي هو في الأرجح هو الاضطراب القلقي الاكتئابي المختلط Mixed Anxiety and Depressive Disorder وستحتاجُ عاجلاً أو آجلاً إلى العرض على الطبيب النفساني وكلما حدثَ ذلك مبكرًا كلما كان أفضل لأنها ببعض جلسات العلاج المعرفي النفسية وبعض العقاقير العلاجية التي لا تسببُ لا النعاس ولا الخمول ولا الإدمان سوف تتحسن بفضل الله ومشيئته سبحانه،
وتابعينا بأخبارها وأخبارك.
ويتبع>>>>>>> : نوبات الهلع وخلطة القلق والاكتئاب م