السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي أن أبى مطلق من 6سنوات وفى 17/5/2007 أبى توفى وعند الطلاق كنت صغير (6سنوات)، وأمي تزوجت بعد الطلاق حتى تعيش وأنا لي أخ وأخت اكبر منى، أمي هي الزوجة الثانية لزوجها
الجديد وأنجبت بنت، ولكن المشكلة أنني على طول أرسب وعلى طول أذهب للدكتور النفساني بلا فائدة ولكن أنا أعرف المشكلة أنا أعرفها أنا تعقدت من الطلاق وعلى طول أتمنى الموت ودائما أرسب.
وأمي تزوجت من رجل أعمال ومتزوج قبل أمي وأنجب (2) في الكليات، أنا دلوقتي يتيم الأب وأمي على طول مع زوجها ولكنها طيبة معنا المشكلة: أنني دائما أتمنى الموت والهرب ودائما ارسب في الامتحانات، وأنا أساسا ضعيف الشخصية لان أمي وأبى تركوني وأنا صغير والله يسامحهم.
أرجو أن تردوا على
وشكرا.
28/5/2007
رد المستشار
الابن العزيز؛ أعزيك أولاً في والدك رحمةُ الله عليه، فالبقاء لله، وفاة والدك حدثت منذ أقل من أسبوعين حسب التوقيت الذي أكتب لك فيه هذه السطور، ومعنى ذلك أنك في خضم أحزانك الآن، كان الله معك. وتعال معي نناقش إفادتك بهدوء فمن الواضح أنك كتبتها في لحظة من لحظات الضيق والكرب والرغبة الصادقة في الخلاص، ولذلك سأحاول توضيح بعض النقاط لك:
أول هذه النقاط هي الأعراض السلوكية والنفسية التي تشتكي منها، والتي ذكرت في إفادتك أنها دائمةٌ معك عندما قلت (دائما أتمنى الموت والهرب ودائما ارسب في الامتحانات)، فما معنى دائمًا أرسبُ في الامتحانات؟؟؟ أي امتحانات تقصد؟ فإذا كنت الآن في المرحلة الثانوية وعمرك ما بين 13 و19 سنة كما ذكرت في المعلومات التي قدمتها عن نفسك!! فكيف تكونُ دائمًا ترسب في الامتحانات؟ كيف وصلت إلى المرحلة الثانوية من التعليم إذن؟ أنا هنا أستطيع أن أستنتجَ أنك مبالغٌ كبيرٌ فيما تقول!
فهل يا ترى المبالغة قاصرةٌ فقط على الرسوب في الامتحانات أم في دائمًا أتمنى الموت والهرب؟ لستُ أدري الإجابة بالطبع! ولكنني أعتقدُ أن قدرًا كبيرًا من المبالغة يوجد في وصفك لحالتك، وسأرجعُ ذلك إلى رغبتك في أن نأخذ إفادتك على محمل الجد رغم أننا نفعل ذلك في كل ما يصلنا من رسائل،
ثم أن هناك نقطةٌ أخرى وهيَ قولك أنك دائمًا تذهبُ إلى الطبيب النفسي دون فائدة؟ كيف يكونُ ذلك؟ من الممكن أن يكونَ الاضطراب النفسي الذي تعاني منه هو عسر المزاج Dysthymia المبكر البداية هذا إن لم تكن مبالغًا في وصفك له بأنه دائمًا، ومن الممكن أن يكونَ اكتئابًا ما بينَ الخفيف والمتوسط الشدة إذا كان الاضطراب النفسي يمثل تغيرًا عن حالة نفسيةٍ أفضل من الحالية كنت تعيشها قبل ذلك، فعسر المزاج هو اضطرابٌ اكتئابي خفيف الشدة يعيش طويلاً مع المريض ويتصفُ بدرجة من الحزنِ المزمن، وفقدان الأمل والشعور بقلة القيمة وانخفاض تقدير الذات وربما الكسل وقد يبدأ مبكرًا في العمر وهو ما قد يكونُ في حالتك ولكننا لا نستطيع تشخيصه كأطباء نفسيين قبل مرور عامين من بدايته، ويمكنك أن تعرف أكثر عن اضطراب عسر المزاج بقراءة الروابط التالية:
الطموح المكبوت.. وعسر المزاج
أولويات المرحلة الحالية- فصبر جميل
فشل في فشل: تفكير نكدي
عسر مزاج مبكر البداية؟أم اكتئاب مضاعف؟
وأما الاكتئاب الخفيف والمتوسط الشدة فقد تناولناهما أيضًا في إجابات سابقة على الصفحة مثل:
متى يجب أخذ عقار للاكتئاب؟
هل أنا مريض بالاكتئاب
والمهم أن كلا هذين الاضطرابين قابلٌ للعلاج فلماذا لم تتحسن حالتك إذن؟، هل عدم التحسن أيضًا نوعٌ من المبالغة؟ الأرجح أنهُ ليس كذلك وإنما لأن الرغبة في التحسن ليست موجودةً لديك باستمرار، لأنك ربما ترى في استمرارك عاجزًَا عن تحقيق النجاح في حياتك ما يمثل عقابًا لوالديك! وبالتالي تذهب للطبيب النفسي بوعيك ولكنك تقاوم التحسن دون وعي منك! فهنا يكونُ الذهاب للطبيب النفسي بلا فائدة!
أرجو أن لا يكونَ كلامي هذا صادما لك، ولكن طبيعة الاتصال الذي تمكننا منه الإنترنت يفرض عليَّ أن أكونَ واضحًا ومباشرًا في ردي عليك، ثم أن أيا من هذين الاضطرابين إن وجد أحدهما لديك بالفعل لا يؤديان إلى الرسوب الدائم! فهذا غير ممكن في الحقيقة إلا إن كانَ هناك أيضًا نوعًا من الإهمال الذي لا نستطيع تفسيره أيضًا إلا بأنهُ رغبةٌ لا واعيةٌ في معاقبة والديك!
بعد ذلك نجيءُ إلى وصفك لنفسك بأنك (أساسًا ضعيف الشخصية)، وليس هناك يا بني شيء اسمه ضعيف الشخصية وإنما هناك من يستطيع التعبير عن رأيه ومشاعره تجاه الآخرين، ويستطيع فرض إرادته على مواقف حياته المختلفة، وهناك من لا يستطيع ذلك ويحتاج إلى التدريب عليه، وليس وجود أبٍ وأمٍّ معك ضروريا لكي تتعلم توكيد ذاتك، فالحياة كفيلةٌ بذلك ما دمت مستعدًا ومريدًا للتعلم، وكذلك يستطيع الطبيب النفسي في حالة عجزك عن تدريب نفسك أن يفتح أمامك المجال بشرط أن تكونَ مستعدًّا أيضًا للتعاون مع ذلك الطبيب النفسي المتخصص، في جميع الأحوال إذن لابد أن تكونَ مستعدًّا للتغير، فإن لم تكن فليس الخاسر في النهاية إلا أنت مع الأسف!
ثم تعال نناقش في عجالةٍ أمر طلاق والديك وأنت في العقد الثاني من عمرك، مع ملاحظة أنك ترجع كل ما أنت فيه من معاناة وعجزٍ عن النهوض إلى ذلك الطلاق، ولم تذكر لنا شيئًا عن أسباب ذلك الطلاق ولا عن أخيك وأختك الأكبر منك وإن كانا قد قاما بدورهما تجاهك أم لا، ليس بالضرورة يا بني أن يؤدي طلاق والديك إلى كل هذا العجز والاكتئاب والرغبة في الهرب من ناحيتك، فلابد أن لذلك الطلاق أسبابه، ولابد أنك ستستطيعُ في يوم ما فهم تلك الأسباب، فأب وأم أنجبا ثلاثةً من الأبناء، لن ينفصلا بدون سببٍ منطقي ودون أن تكونَ هناك استحالة لاستمرار الحياة بينهما.
في النهاية أرجو أن يحملك كلامي هذا على إعادة التفكير في الموقف فليس عدلا مع نفسك ما تفعله الآن، حتى وإن كان والداك قد ظلماك وقصرا في حقك، فإن استمرارك في استرجاع ذلك الظلم وتبرير الفشل والعجز به ليس إلا ظلما تقوم به أنت تجاه نفسك، حاول أن تبحث في داخلك عن الرغبة في أن تكونَ أفضل وتأكد أنها موجودة، وحاول أن تحدد موقفك من الحياة بوجه عام ومن الخالق سبحانه وتعالى، وهل حاولت اللجوء إليه سبحانه وهو من لا يغلقُ باب عونه ورحمته في وجه مخلوق؟
واصل علاقتك بطبيبك النفسي أو تخير غيره إن كنت بالفعل تشعر بأنك لم تستفد شيئًا رغم محاولاتك الجادة أن تتغير، وتابعنا بأخبارك.
واقرأ أيضًا:
الدواء النفسي يجب أن يحل كل المشاكل دون تعب ××
الطبيب النفسي لديه قدرات خارقة ××