السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
وددت المشاركة حول مشكلة "السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب"
أحب أن أقول لأختيَّ العزيزتين بأني عندما قرأت ما كتبتما وتعليق المستشارة الفاضلة.. فاضت عيني بالدمعة وصدري العبرة... يا أختاي العزيزتان أنتما في نعمة من نعم الله عز وجل تستحق الحمد والشكر له ليلا ونهارا وهي قرب والديكما منكما ورؤيتكما وجوههما ليل نهار... أتمنى من الله عز وجل أن يديمها عليكما.... فأنتما لا تشعران بهذه النعمة.. إلا بعد أن تبتعدا عنهم قسريا...
أنا في سن مقارب لسنكما في23 من عمري وبعيدة عن والديّ بسبب ظروف عملي...وهما في بلاد الغربة... كثير ما أفكر مع نفسي عندما أختلي بها بمقدار منزلتهما العظيمة لدي ومقدار ما كان يغرقاني بالحب.. الحنان بصورة مباشرة وغير مباشرة.. الحماية.. الرعاية. احتواء.. أنتما لا تدركان معنى هذه الكلمات لأنكما تمتلكانها وغير فاقديها.. مثلما أفتقدها أنا الآن...
الحياة من دونهما جحيم بلا طعم فأنتما إن افتقدتما أبسط ما يمنحكما الآن من أمور بطريقة مباشرة وغير مباشرة... لأدركتما عظمتها وأهميتهما... وهما بالرغم ما وصفتموهما لا أحد يحبكما في هذا العالم بأسره بقدرهما ولن يحبكما أحد مستقبلا أكثر منهما.. ولا أحد يتمنى لكما الخير والتوفيق في الدنيا والآخرة بقدرهما... وإن حدث أن أنبكما أو استخدم القسوة معكما أحدهما... فاعلما أن هذا لصالحكما وستدركا هذا عاجلا أم آجلا... وستثبت لكما الأيام هذا...
اعلما أخواتي أن هناك حديث للرسول المصطفي (ص) يقول فيه: "إن النظر في القران عبادة, والنظر إلى وجهي الوالدين عبادة" فاغتنما هذه الفرصة الثمينة واعلما أن هما اليوم موجودان...
فغدا "لا سمح الله" غير موجودين وهذه سنة الحياة... وفي ذلك الحين الندم لا ينفع.... أتنما لو كنت مكانكما الآن... لأملأ عيني بالنظر إليهما ولأشبعهما قبلا من رأسيهما لأخمص قدميهما ولأخدمهما.
وأتمنى من الله أن يجمعني بهما في أقرب وقت ممكن وأدعوه عز وجل أن يجعلكما بارتين بوالديكما آمين رب العالمين وعليكما شكرهما قدر المستطاع كما أمرنا الله في محكم كتابه حيث قال: (أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير) (لقمان 31: 14)، حيث أن الله عزّ وجل، أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله»
شكرا لكم
والسلام عليكم
20/10/2003
رد المستشار
الأخت الكريمة، أشكرك من أعماق قلبي على مشاركتك القيمة التي أتمنى أن تحقق الهدف من إرسالها، وأدعو المولى عز وجل أن يجمعك بوالديك في القريب العاجل وأن يقر عينيك بهما ويقر أعينهما بك، وللآباء والأمهات أؤكد أن انصراف حبات القلوب عنكم بقلوبهم وأرواحهم وعقولهم ينبع بداية من فشلكم في التواصل معهم وإقامة جسر من الحوار المستمر بينكم، فمن منا معشر الآباء يفهم ويستوعب ويطبق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يرشد المربين بقوله: "لاعبه سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا ثم اترك له الحبل على الغارب"، ومن منا يحرص على ألا يعق أولاده في الصغر حتى لا يبادلوه عقوقا بعقوق في الكبر؟!!!
أما أنتم يا أبنائي الأحباء، يا من تقطعت جسور الود والتواصل بينهم وبين والديهم، أسوق لكم هذه القصة، وهي لسيدة تحكي أن والدها كان شديد القسوة عليها وعلى إخوتها، لا يتفاهم إلا بالضرب والتعنيف والأوامر.
والخلاصة أنه رغم حبه الشديد لهم إلا أنه كان شديد القسوة عليهم، ولذلك فقد كانوا جميعا يضيقون ذرعا بقسوته وأوامره التي لا تنتهي، هذه السيدة عندما مات جدها لوالدتها، وكان هذا الجد شديد الحنان والكرم معهم، شعرت أن حزنها عليه شديد حتى أنها تصورت في أعماق نفسها أن حزنها عليه سيكون بالتأكيد أشد من حزنها على والدها إذا توفاه الله، ولقد صرحت بهذا المعنى بعض صديقاتها،
وبعد أقل من ثلاث سنوات اختار الله والدها إلى جواره فاكتشفت أن حزنها عليه كان مروعا حتى أنها شعرت بهذا الحزن يزلزل كيانها، وحتى الآن وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين عاما ما زالت تشعر بالذنب لأنها تصورت أن والدها لا قيمة له في حياتها وأنها لن تحزن عليه كما حزنت على جدها، وبنهاية القصة لا أجد ما أقوله لكم إلا الدعوات أن ييسر الله سبحانه بفضله وقوته أسباب صلاح أحوال أسرنا التي نعتبرها البقية الباقية وبالتالي الأمل الباقي لصلاح أمتنا، وكل عام وأنتم جميعا بخير وتقبل الله منا ومنكم جميعا صيام رمضان وقيامه.