جنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أود أن أشكركم على كل الجهد الذي تبذلونه من أجل إيجاد حلول لمشاكل وهموم مجتمعاتنا العربية والإسلامية معا. وأود أن أعتذر منكم قبل كل شيء للإطالة في كتابة المشكلة لأنني حرصت على أن أشرح مشكلتي بكل تفاصيلها وأيضا أعتذر لاستعمال بعض الكلمات التي ربما تبدو غير أخلاقيه لكنني كتبتها أيضا لشرح المشكلة بأكملها.وقبل أن أبدأ بالمشکلة أريد أن أذکر بأن ما أريد قوله هو أنني لا أريد أن أبرر الأعمال الشاذة التي قمت بها (والله أعلم کم أنا کرهت نفسي جراء تلك الأعمال) لکن أبحث عن حل لمشکلتي (إن کان لها حل) وليس شيئا آخر. أما مشکلتي يا سيدي أنني عانيت لفترة من حياتي من الشذوذ الجنسي وأنتم کأطباء نفسيين تعرفون جيدا هناك أسباب کثيرة لهذه الظاهرة وأنا ومن خلال قراءتي لبعض المشکل والقضايا المرتبطة بهذا الموضوع في موقعکم والمواقع الأخرى رأيت بأن هناك أسباب كثيرة ومختلفة في إيجاد هذا السلوك الشاذ ومنها:
1-التحرش الجنسي في الصغر
2- عدم توعية الطفل أو المراهق بالثقافة الجنسية
3- الجدار الحديدي الذي يفصل بين الجنسين وذلك بسبب التقاليد التافهة
4- الحرمان العاطفي
5- أوقات الفراغ الزائدة التي لم توظف بشکل إيجابي لازدهار الطاقة الکامنة لدي الشباب وغيرها من العوامل المؤثرة في هذا الأمر.
مشكلتي بدأت منذ طفولتي (في ال 6 أو ال 7 من العمر) حيث تعرضت لتحرش جنسي من قبل شخص لم تربطني به علاقة وكان أكبر مني (تقريبا باثني عشر سنة) وهددني إن قلت عن هذا الأمر لأحد وكل هذا كان بسبب وسامة وجهي الذي وهبني إياه الله. وبعد مرور سنوات قليلة وأنا كنت دائما أتذكر ذلك الموقف إلى أن تعرضت أربع مرات أخرى لتحرش جنسي من قبل بعض أقاربي (أبناء عمي) الذين كانوا أكبر مني (تقريبا ب 5 سنوات) وحينها أنا لم أعرف ما الذي کانوا يفعلون معي إلا أنهم کانوا يريدون مني أن لا أحدث أحدا عن هذا الموضوع،
ولم أکن الوحيد الذي کانوا يتحرشون به بل کان معي ابن عمي الآخر الذي کان في سني، مما جعلني أندفع إلي فعل هذا العمل القبيح (ربما بسبب حب الاستطلاع أو ما شابه ذلك) وبعدها کنت أذهب مع أبناء عمي الذين هم کانوا بسني إلي بيتهم ونفعل ما تعلمناه من الکبار (وحينها لم أکن بالغ جنسيا) وبعد هذه الفترة – أي في سن ال 13 شعرت بالرغبة الجنسية التي لم أكن أشعر بها من قبل (أي البلوغ)، وحينها تعرفت على صديق وسيم جدا وتطورت العلاقة بيننا إلى أن وصلت إلى حد التقبيل وليست علاقة جنسية كاملة واستمرت هذه الحالة سنة تقريبا وانتهت بقطع العلاقة بيننا مما جعلني أشعر بألم شديد في صدري حيث كنت أحبه وأفكر فيه كثيرا وطلبت منه إعادة العلاقة بيننا ولكنه كان يرفض- ربما بسبب ما رآه مني في تلك الفترة – وعندها كنت أبكي عندما كنت أتذكره وبات هذا الشعور يراودني وبدأت أميل إلى حب الشباب الذين كانوا يملكون صورة جميلة وكنت أود أن أقيم معهم علاقة صداقة
إلى أن تعرفت على بعض الأصدقاء في المسجد وانجذبت إلى هؤلاء الأصدقاء الجدد حيث قضيت معهم سنتين تقريبا وعشت فترة من لحظات الخير والرحمة معهم ولكن وبوجودي الدائم في المسجد وتلاوتي الكثيرة للقرآن كنت لا أستطيع أن أقلع عن العادة الخبيثة-أي العادة السرية- التي تعلمتها من أبناء عمومتي لأول مرة ولا عن الشذوذ الجنسي الذي ابتليت به منذ الصغر وقمت بعلاقات جنسية مع بعض أقاربي الذين كان بعضهم أصغر مني والبعض الآخر في سني وبعض أصدقائي أيضا وهذه الفترة أيضا لم تنتهي بخير (أي الفترة التي قضيتها في المسجد) حيث أخبر أحد أقاربي صديق لي بالعلاقة الجنسية التي كانت بيننا وعندها خفت كثيرا وحرصت بأن لا يطلع أحد على هذا الموضوع وقطعت الصداقة مع صديقي الذي اطلع على الموضوع بحجة تهمة وجهها إلينا،
ومن هنا انقطعت مراودتي إلى المسجد الذي كنت قد عشت في جوه سنتين تقريبا واستمرت هذه الحالة أيضا سنتين تقريبا إلى أن بدأت بعلاقة صداقة حميمة مع صديق سابق لي (لكن لم تكن علاقة حب أو علاقة جنسية بل علاقة صداقة نبيلة) ومن هنا بدأ التغيير في حياتي. ففي تلك المرحلة قررنا معا (أنا وصديقي الجديد) متابعة دروسنا ورفع مستوانا الدراسي و بعد سنة من هذه الحالة شاركنا معا في امتحان دخول الجامعات ونجحنا معا في جامعة واحدة (الجامعة التي كانت تبعد عن مدينتنا 3 أو 4 ساعات تقريبا) وكنت سعيدا جدا بصديقي الجديد وبفوزي في الامتحان ولكن عندما قضيت أربعة أشهر من دراستي في الجامعة بدأت أشعر بقلق و اضطراب و ألم شديد في صدري لا أدري سببه (لدرجة كنت لا أستطيع النوم وكنت أبكي بلا سبب) إلى أن تذكرت أعمالي القبيحة التي ارتكبتها والعقاب الذي ينتظرني فهدمت جميع آمالي وبدأت بلوم نفسي على ما اقترفت من ذنوب عظيمة، فتأثرت كثيرا والمشكلة الأكبر التي عانيت منها في تلك الفترة هي أنني لم أستطيع إخبار صديقي وأهلي الذين تألموا كثيرا بما حدث لي وحبست همومي في نفسي إلى أن شعرت بثقلها العظيم الذي لا أستطيع تحمله.
وفتحت عيني على الماضي المرير الذي عشته وشعرت بالإحباط واليأس في الحياة وحينها توجهت إلى الله وطلبت منه العفو ولكن بعين باكية وقلب خائف ومحزون واستمريت في هذا الحال 3 سنوات تقريبا إلى أن شعرت بأن دعائي لا يستجاب وتوبتي لم تقبل ولو فرضنا أن قبلت توبتي كيف أستطيع العيش مع الأشخاص الذين اعتدوا على في صغري وأيضا ممن لحقه ضررا مني وكان أكثر ما يقلقني هو الأعمال التي قمت بها مع أقاربي الذين كانوا أصغر مني (تقريبا ب 4 سنوات) ولومي الدائم الذي كنت أقول لنفسي لماذا فعلت هذا و ذاك وغيرها من الأفكار التي كانت تؤلمني جدا وشعرت بخيبة أمل وأن الرب لم يساعد شخص حقير ومجرم مثلي وإن مصيري إلى النار. فرجعت إلى ممارسة العادة السرية ومشاهدة أفلام وصور إباحية لمدة سنة.
إلى أن قررت في يوم من الأيام الإقلاع عنها بأي شكل كان. لأنني كنت أتعذب من بعد كل مرة أقوم بهذا العمل وبالفعل تركت هذه العادة وشعرت بقدرة عظيمة في نفسي تدعمني للوقوف أمام هذه العادة وشعرت بارتياح عميق لكن لم تطول مدته إلى أن شعرت بالكآبة الحقيقية وقمت بتأنيب نفسي عما قامت به من أعمال قذرة مرة أخرى وتغيرت وجبات الأكل اليومي ولم أستطيع النوم حيث كنت أفيق في الصباح الباكر ولا أستطيع النوم في الليل (لكن منذ ذلك الوقت إلى الآن لم أمارس العادة السرية إطلاقا ومن هنا قررت أن أذهب إلى طبيب نفسي لكي أشرح له ما جرى علي ربما يجد حلا لمشكلتي التي كادت تقتلني وذهبت بالفعل إلى طبيب نفسي وبعد مرور جلسات استشارة اقترح الطبيب استفادة بعض العقاقير وإلى جانبها العلاج المعرفي ورشدني إلى مستشار نفسي كي أتابع علاجي المعرفي معه وبدأت بالعلاج لمدة شهر تقريبا حتى الآن ولكنني لم أشعر بتحسن في ما يجري داخلي من هموم وآلام عظيمة خاصة وفي هذه الفترة (الشهور الأخيرة) تعرفت على أصدقاء طيبين جدا ومتفوقين دراسيا و بدأنا معا بتنظيم جلسات وندوات علمية لكنني في الآونة الأخيرة قررت أن أبتعد عنهم لسبب إني لا أرى لنفسي حق في مشاركة هؤلاء الأصدقاء الطيبين في ما يتناولونه من بحوث تهدف إلى الخدمة للبشرية والمجتمع؛ لأنني أشعر بأنني إنسان مجرم ولا أستحق أن أكون مع هؤلاء الناس الطيبين وأمر هذه الأيام بأصعب أيام حياتي مما جعلني أفكر في الانتحار رغم أنني أعلم بأن الانتحار ليس حلا لكن الضغوط النفسية تكاد تخنقني وبسلوكي الحالي لا أستطيع التعامل الصحيح مع الأهل والأصدقاء.
وإليکم بعض النقاط
1- إنني حاليا ومنذ أربع سنوات لا أميل إلى الشذوذ الجنسي کليا وخلال هذه الفترة قطعت علاقاتي الشاذة مع من کانوا معي وأقلعت عن ممارسة العادة السرية في الشهور الأخيرة.
2- علي الرغم من التوبة الخالصة لله؛ بات تأنيب الضمير والشعور بالذنب يلاحقني دائما لدرجة إني أدعوا من الله يوميا أن يعذبني بأشد العذاب عسي أن يکون سببا لتکفير سيئاتي.
3- الحمد لله لحد الآن لم يضطلع أحدا علي هذا الموضوع إلا الطبيب النفسي ولدي مکانتي الخاصة بين أصدقائي وأقاربي.
4- حاليا أواجه مشکلة في دراستي؛ لا أستطيع أن أستمر في دراستي.
5- بعد ذهابي إلي طبيب نفسي تبين بأنني أعاني من الاکتئاب وهذا من شأنه زاد همومي وآلامي .
6- حاليا أنا 23 سنة
أسئلتي:
1- هل يوجد حل واقعي لمشكلتي؟
2- كيف أستطيع أن أكون إنسانا طيبا ومثقفا وماضيي مليء بالمعاصي؟
3- علي الرغم من أنني أقلعت عن کل الممارسات الشاذة كيف يمكن أن أكون أبا أو زوجا أو صديقا طيبا وأنا غارق في بحر خطاياي وذنوبي القبيحة؟
وبعد شرحي الكامل لمشكلتي أرجوا أن تساعدونني على حل هذه المشكلة التي لا أجد لها حلا إطلاقا. وإجابتكم وحلكم لهذه المشكلة تعني إيجاد حياة ثانية لي فأرجوكم أن تساعدونني.
وشكرا
06/07/2007
رد المستشار
الأخ الكريم التائب أهلا بك..
أولاً أنا سعيدٌ حقيقةً أن اختارني الموقع الحبيب مجانين للإجابة على رسالتك بالذات، لأنني وجدتها تنضح بصدق التوبة الخالصة لله تعالى، وسعيدٌ أيضاً أن أبث كلماتي في قلب رجلٍ شجاعٍ تخلص من عادةٍ أو اضطرابٍ عجز الغرب عن التعامل معه بكل ما لديهم من علمٍ وتقنيةٍ، حتى دعاهم إلى الاعتراف به بأنه ليس بالمرض وبدؤوا بنشر فكرة المثلية الجنسية وزواج المثليين كنمط حياةٍ حرةٍ، وليس هذا –برأيي- إلا وسيلةً دفاعيةً لا واعية اتخذها الغرب ليغطوا بها فشلهم من التعامل مع مشكلة المثلية، وذلك لأنهم جرّبوا كل شيء متوفر عندهم وحسب علمهم ولم يجربوا الميكانيزم الفائق الإلهي الديني العلاجي، والذي أكثرهم لا يعترفون به!!
وأنت أيها الأخ الكريم استطعت بإيمانك بالله وتوكلك عليه أن تنقذ نفسك من هذه الفعلة، ولكنك – في نفس الوقت- وقعت في أفكارٍ خاطئةٍ خطيرةٍ عن الله التوّاب الرحيم سأناقشها معك بعد أن أحلل كلامك وأشرح حالتك على صعيد الطب النفسي:
يبدو أنك أيها الأخ الفاضل واعٍ لمشكلتك والتي هي المثلية الجنسية Homosexual أي انحراف الرغبة عن الجنس الآخر إلى نفس الجنس، وأنت لست أول ولا آخر شخص يُصاب بهذه الحالة. أما عن أسبابها فلا زال الأمر غير واضح فمنهم من يشير إلى الاستعداد الوراثي، ومنهم من يربطها بظروف النشأة الأولى و الطفولة والتعلم, ومنهم من يعزيها لعوامل هرمونية ...ولقد سردت أسبابها وليس لي أن أزيد عليها سوى أن الذي ذكرته هو محرّضات Triggers وجودها لا يعني أن يصيبك الاضطراب الجنسي دون السبب الحقيقي المباشر الغير المعروف حتى الآن ..
وبعد أن وفقك الله الرحيم -وأقول الرحيم- إلى أن تخلصت ومنذ عدة سنوات من هذا الفعل دعني -ومن وجهة نظري- أن أعزو هذه الحالة إلى أنها حالة ارتكاسية ناجمة عن ظروف الطفولة reaction case related to childhood، هذه نقطة أولى ..
وقبل أن آتي للنقطة الثانية أسألك سؤالاً حول ميولك الجنسي الآن، بمعنى هل تجد في نفسك ميلاً نحو الإناث ؟!
وغرضي من السؤال ومهما كان جوابك الحالي فلتعلم أن الله سبحانه وتعالى والقانون لا يحاسب الإنسان على خواطره ورغباته مهما كانت منحرفة ما لم يبدي سلوكاً حالياً يتماشى مع هذه الرغبات..
النقطة الثانية:
إن قبح هذا الفعل وغربته عن الطبع الإنساني السوي وبعده الديني ((كما في قصة قوم نبي الله لوط عليه السلام)) نجم عنه شعورٌ عميقٌ في نفسك بالذنب يصل لحد الإثمية المرضية Path-guilt (طبعاً بعد توبتك) ، وبدأت نفسك تأن على تردد فكرة أن ذنبي لن يغفره الله العظيم غفّار الذنوب!!!!!!!
وهذا الشعور يعرفه كل من مارس هذا الفعل سواء مؤمناً أم كافراً لغرابة هذا الفعل على الفطرة الإنسانية السليمة. لكنّ المؤمن شعوره بالذنب أعمق!
وتشكل أيضاً شعوراً في نفسك لا يقل ألماً ولا فتكاً عن الشعور السابق وهو الشعور بالدونية وتدني صورة الذات Low self esteem فلم تعد لنفسك أمام نفسك أي وزنٍ ولا قيمة!! وكيف لا وأنت صاحب الفعل الشاذ المجرم كما وصفته!!
والشعور المرضي بالإثم والشعور بالدونية هما الأبوين الحقيقيين لحالة الاكتئاب. فما لديك إذن هو حالة اكتئاب ارتكاسي reactive depression، أي ارتكاساً لـِـ:
أفكارك عن ذاتك (الدونية)، وعن الآخرين ((إني لا أرى لنفسي حق في مشاركة هؤلاء الأصدقاء الطيبين في ما يتناولونه من بحوث تهدف إلى الخدمة للبشرية والمجتمع؛ لأنني أشعر بأنني إنسان مجرم ولا أستحق أن أكون مع هؤلاء الناس الطيبين))، والأهم والأخطر هو أفكارك عن ربك وظنك به، ولنتأمل قولك (( توبتي لم تقبل، ربي لن يغفر لي ، الرب لن يساعد شخص حقير ومجرم مثلي وإن مصيري إلى النار)) إلى آخره من الأفكار الشديدة الخطأ بأن الله لن يغفر توبة من حسنت توبته، والتي تعد هي بذاتها ذنباً أضفها إلى قائمة ذنوبك!!..
الأخ الكريم التائب:
يبدو أن الله تعالى الرحيم الرحمن قد هيأ لك الكثير من ظروف لتغير حالك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قبول توبتك لأنه يقول جل شأنه: ((يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28))) سورة النساء
وتأمل قول الرحيم الواسع جل جلاله: ((حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119))) سورة التوبة وأنزل سورة كاملة باسم التوبة
وإليك هذا الكلام الرائع الذي ينظف النفس من مشاعر الذنب: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 135].
كم وكم من الآيات تتحدث عن عظيم رحمة الله تعالى بالتائبين !!
ثم قل لي بربك كيف شعرت بأن دعائك لا يستجاب وتوبتك لم تقبل؟؟؟!!!
وأنا سأضعك أمام هذه الآية أمام عينيك والتي حوّلت مسيرة حياة قاطع طريق بل وزعيم أكبر عصابةٍ من القتلة واللصوص إلى عالم عصره، وهو العالم الجليل الفضيل بن عياض، وإليك هي وأنا متأكد أنك سمعتها وقرأتها وقد تكون حفظتها، لكنني متأكد أنك لم تفقهها ولم تتمثلها، ولو كان ذلك لما كتبت كلماتك السابقة،
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر
أرجوك تدبر هذه الكلمات الشافيات..ولا تعليق عندي بعد كلام الرحيم الرحمن التوّاب –لا تنس التوّاب.
ثم ماذا عن قولك ((وحينها توجهت إلى الله وطلبت منه العفو ولكن بعين باكية وقلب خائف ومحزون واستمريت في هذا الحال 3 سنوات تقريبا إلى أن شعرت بأن دعائي لا يستجاب وتوبتي لم تقبل))
ثلاث سنوات !!!!!!!
قال رسول الله : من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه ولو فر من الزحف . أو كما قال عليه الصلاة والسلام..
فالألم النفسي الناجم عن الذنب ومهما كان الذنب عندنا نحن المسلمين بضع كلمات ونية صادقة وإرجاع الحقوق إلى أصحابها إن كان ذنباً في حق العباد وإن تمكن العبد من ذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، نعم هكذا بهذه البساطة الشديدة والسرعة.. وليس 3 سنوات !!!
ومن هنا هذه الكلمات التي إذا خرجت من القلب تنقذك من الغرق في بحر خطاياك وذنوبك القبيحة كما قلت، بل حتى تجفف هذا البحر..
ثم إن قنوات مغفرة الذنوب في الإسلام كثيرة جداً، تبدأ من كلمة (( أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه))، والصلوات الخمسة، وحضور الجمعة والجماعات، رمضان، مساعدة الخلق ..الخ والقائمة تطول!
كل هذه قنوات لتنقية النفس المؤمنة بالله من المشاعر النفسية السلبية التي أحدثها فعل الذنب. يجب أن تحول الشعور المرضي بالإثم أو الإثمية، إلى مزيدٍ من العمل للتعويض وتلافي الخلل الحادث جراء الذنب وهو الشعور بالذنب المرغوب من قبل الشارع الحكيم، والله أعلم. فالإسلام بهذه القنوات يجعل من الذنب أمراً عظيماً على المؤمن لكنه وفي نفس الوقت ينظفه من مشاعر الذنب المرضية ليحولها إلى شعور بالتقصير يدفعه إلى مزيدٍ من العمل.
ثم ماذا عن قولك: ((علي الرغم من التوبة الخالصة لله؛ بات تأنيب الضمير والشعور بالذنب يلاحقني دائما لدرجة إني أدعوا من الله يوميا أن يعذبني بأشد العذاب عسي أن يکون سببا لتکفير سيئاتي))
لا داعي أيها الأخ الكريم للتوبة من هذا الفعل أن تقيم الحد على نفسك وتعذبها، فإقامة الحد على هذا الفعل -وحسب الشريعة الإسلامية- على إشاعة الفاحشة لا على فعلها وحسب، بمعنى الذي وقع منها وتاب ولم يشهد فعله شهود يكفي توبته ولا عليه أن يقتل نفسه أو يقتله أحد دون الحاكم، وإن فعل وقتل نفسه كان منتحراً وآيساً من رحمة ربه فيخسر دنياه وأخراه!
عش يا أخي الفاضل حياتك واستفد من الماضي واستثمره، ولا تجتر آلامه، فالماضي ماضي..
اقرأ على مجانين:
علاج الشذوذ: لا مبرر للزنا!: قصة نجاح
قد يولد المخلوق خنثى لكن لا يولد مثليا!
الخروج من سجن المثلية: د. وائل يتعب نفسيا(متابعة)
التائب من الذنب كمن لا ذنب له مشاركة
الميول المثلية والزواج : كل هم له انفراج مشاركة3
لما لا تفكر في حياتك المقبلة وتخطط لبيتك وكيف ستحمي أبناءك من العبث الذي تعرضت له، ومن الممكن أن توسع الدائرة لحماية أطفال منطقتك بتوزيع الكتيبات حول تربية الأطفال وحمايتهم .. وهكذا اجعل من مثل هذه الأفكار وغيرها بديلة عن الأفكار السلبية السابقة...
وفي النهاية أهنئك مرةً أخرى على قوة الذات عندك بالتسامي فوق شهوتك وجعلها في قبضتك لا في قبضتها!!
أتمنى أن نكون قد وضعنا يدنا على مصدر ألمك ..
وأتمنى لك حياةً ملؤها السعادة والتوفيق وحسن الظن بالله التوّاب-لا تنس الله التوّاب يا تائب!