مشاكل العنوسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ جزاكم ربي كل خير على ما تبذلونه في هذا المنتدى وجعله في موازين حسناتكم بداية ترددت كثيرا قبل أن أبعث لكم، حيث حاولت الاعتماد على الله سبحانه وتعالى وحده ليخرجني مما أنا فيه، بالدعاء،ولكن كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه نفر من قدر الله إلى قدر الله، فرأيت أني احتاج إلى مساعدة، عسى الله بها يفتح لي آفاق الفرج من عنده.
أنا فتاة تفصلني عن الأربعين شهران فقط، أكرمني الله سبحانه بالإيمان وبالالتزام، ولا أزكي نفسي، وأكرمني باحترام وتقدير الجميع لي، سواء أساتذتي، أو صديقاتي وأهلهن، وفي عملي، وأيضا أحظى بتقدير وحب واحترام كل أخوتي. لم تكن الحياة سهلة معي أبدا، ولم أكن استسلم، بل كنت أتمتع بالنفس الطويل وكنت اشتهر به بين معارفي، ربما لأن الحياة لم تكن سهلة معي.
واجهت مشاكل ومصائب ووقفت فيها صامدة وصابرة ولم تصب مني، ومن عزيمتي أتمتع بقوة شخصية، لكن إلى جانبها عدم الثقة بالنفس. قصدت بهذا المقولة: "وأما بنعمة ربك فحدث"، وأني أعرف النعم التي منحها لي ربي، وكنت دائما أنظر فقط إلى هذا الجانب، وهو ما ساعدني سابقا للثبات والوقوف أمام الأزمات.
لكن المصيبة هذه المرة عظيمة: رزقني الله القبول كإنسانة، ولكن لم يرزقني الله القبول كأنثى، فرصيدي كان فقط العقل والأخلاق والدين، وهذه الأشياء هذه الأيام سلعة بورا، بل هي من العيوب الكبيرة في المرأة هذا الزمان. في البدء كأي فتاة كنت أحلم بزوج صالح أبني معه مملكتنا، يكون بيتي من بيوت الدعوة، خاصة وأن التزامي كان في بدايات ظهور الحركات الإسلامية وكانت الدعوة ساعتها منطلقها البيوت، ومع تقدم السن دون أن يتقدم أحد تلاشى هذا الحلم، ولم أعد أحلم بالحياة المستقرة، فقط بأطفال من الحلال، فالحرام طبعا هو من يعرض بنفسه، ومتيسر.
استأذنني البعض ليعرض بي زوجة، فرحبت، ولكن للأسف لم يلق عرضهم القبول، ووسطت من يخطب من سمعت عن دينه وخلقه، فباء الأمر بالفشل أيضا، كنت أحاول أن أسابق السنوات المتبقية لأظفر بذرية طيبة ، فأنا أحب الأطفال كثيرا، وغريزة الأمومة بداخلي قوية، وصرخاتها بداخلي كانت عنيفة. وكنت أدعو الله ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، وفي سفري وفي حضري لكن عاجلني سن اليأس وذهب الطمث، وحل الحزن والكآبة، رغم أني من قبل كنت أسعى وأوطن نفسي أني فعلت ما علي من توكل، وأن عليها أن تتحمل ما يمكن من قدر الله. فقدت الثقة بنفسي، والآن بعد فوات الأوان هناك من يتقدم وأرفضهم (من يتقدمون غير ملتزمين، سبحان الله الدنيا صارت بالمعكوس، فغير الملتزم صار يبحث عن الملتزمة، والملتزم يبحث عمن تشبع شهواته ونزواته)، طبعا لم أعد أكترث لهذا التمييز أقصد ملتزم وغير ملتزم.
أرفضهم، لأني أولا بعد سن اليأس لم أعد صالحة للزواج، وثانيا لا أرى فائدة في الزواج الآن، فلن أستطيع أن أكون أما، هذا إضافة إلى أن من يتقدمون عزاب وأصغر مني، يعني لا أستطيع أن أحرمهم مما حرمت منه.
مشكلتي أن الحزن أصبح لا يفارقني إلا قليلا، رغم انشغالي الكبير (أعمل عشر ساعات يوميا إضافة إلى ساعتين مواصلات يعني ما مجموعه 12 ساعة في اليوم -على الأقل- عدا يوما واحدا وهو الأحد، لأني أعمل بالقطاع الخاص) قصدت بهذا ليس لدي وقت للأعمال التطوعية في الجمعيات أو إرجاع هذا الأمر إلى الفراغ.
كيف أخرج من حزني، وأرجو أن لا تلوموني، فسيدنا يعقوب فقد ابنا واحدا وهو يعلم أنه على قيد الحياة، ومتأكد من نصر الله له ومع ذلك أخبرنا ربنا تعالى: وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. أقول هذا لأن هناك من يلومني ويتهمني بعدم الرضا بالقضاء والقدر، فيجمع علي مصيبتين، وأكون بذلك كما قال الشاعر فلا أقمت دنيا، ولا أبقيت دينا.
يعز علي أن أعيش وأموت نكرة كلما فكرت في شيء أعمله (متابعة دراستي فانا أحب العلم كثيرا) أرى أنني تقدمت كثيرا في السن، ولم أعد أصلح لشيء، هذا إضافة إلى الأنظمة الدراسية المتخلفة ببلادنا التي لا تساعد وتضع العراقيل. اعتذر عن الإطالة، وعن عدم الترتيب لأني جد مشوشة واختصارا لما سبق هل استطيع أن أسعد دون أسرة، دون أبناء، فقد أفكر في أن ألا أتزوج، كيف أرضي نفسي، فاني أحسها غاضبة جد غاضبة، رغم محاولاتي وحديثي لها أخاف من أن هذه الحالة تأتي على آخرتي، بعدما أفلتت دنيتي هل احتاج إلى علاج نفسي وجزاكم ربي عني كل خير في الأخير، لا تنسوا عوانس هذه الأمة فإنهن إن لم يكن من أخواتكن فهن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكم آلمني وأنا أبحث عن مساعدة وصم العوانس بأوصاف هن في غنى عنها، ليتكم (رجاء وليس اتهاما لكم) كما في إسلام أون لاين باب خاص للمطلقات لمساعدتهن، جعل باب خاص للعوانس أيضا، على الأقل من باب الديمقراطية، فأعدادنا ولله الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه بالملايين وفي تزايد،
أسأل الله تعالى العافية لجميع بنات المسلمين مما ابتلينا به،
وأن يرزقهن الأزواج والذرية الطيبة.
20/07/2007
رد المستشار
الأخت الإدارية المغربية الفاضلة؛ تحية طيبة مباركة من عند الله، وأهلا ومرحبا بك على مجانين.
لما يا أختي العزيزة هذا الكم من الحزن والتشاؤم؟؟!!، لماذا تقولين عن نفسك: "يعز علي أن أعيش وأموت نكرة"، وهل من لا يتزوج أو لا ينجب يكون نكرة أختي الفاضلة؟!!، هل تعلمين أن الإمام العظيم ابن تيمية والإمام الجليل مسلم –صاحب صحيح مسلم- قد ماتا دون أن يتزوجا في حياتهما على الإطلاق؟؟!!، وأزيدك من الشعر بيتاً، فقد سأل بعض من حضر وفاة الإمام مسلم وهو على فراش الموت؛ لماذا لم تتزوج يا إمام؟؟!، فأجاب: "نسيت"!!، ولا يستطيع أحد من المعاصرين –أيا كانت ديانته- أن ينكر فضلهما وتأثيرهما على العالم بأسره؟!.
واضح أنك رفضت الكثير من العرسان في الماضي والحاضر، وذلك بغية أن تجدي من ترضين عن دينه وخلقه فلم تجدي!!، واليوم ترفضين العزاب ممن هم أصغر منك سناً!!؛ لأنك كما تقولين: لن تنجبي!!، وبالتالي لا ترغبين في أن تحرمينهم مما حرمت أنت منه، بعد أن صرت عجوزا عقيما كما تقولين عن نفسك أيضاً!!، وأعرف مثلك كثيرات من الطيبات بنات الناس الطيبين، ولكن المشكلة أن فارس الأحلام من الرجال المتقدمين دائما به عيب، فهذا قصير!، وذاك لا يصلي بالمسجد ولكنه يصلي بالبيت!، وذلك أمه صعبة ومشاغبة وعصبية!، وذلك العريس يعمل ببلد بعيد وأنا لن أتزوج إلا ببلدي!!، أو أنا طبيبة ولن أتزوج إلا من طبيب مثلي ليتفهم ظروفي!!، وهكذا نسمع من هؤلاء الطيبات ما يغيظني أحيانا ويثير حنقي!!، ولا تغضبي من كلامي أختي الفاضلة فأنا لا أقصدك أنت بكلامي هذا لأني لا أعرف كل ماضيك ولا ظروفك، ولكن كلامك حرك شجونا في نفسي لفتيات طيبات أعرفهن جيدا "طلّعوا في العرسان المتقدمين لهن القطط الفطسانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وكانت النتيجة بالطبع هو أن توقف حالهن في سوق الزواج الكاسد من أساسه في هذه الأيام!.
أختي الفاضلة؛ أكرر أن بعض الكلام الآتي ليس موجها لك ولمشكلتك، ولكنه موجه لبعض الفتيات في عمر الزواج ولأولياء أمورهن، وحتى لا ينتهي بهن المآل إلى العنوسة وشبحها المزعج؛ لذا أوجه كلامي هنا لأولياء أمور بنات الناس الطيبين الأغنياء من العائلات المشهورة ذات الخلق والدين والحسب والنسب والمال، وأولياء الأمور هؤلاء قد يواجهون مشكلة، ألا وهي أن الشباب الطيب المتدين المتواضع الحال مادياً قد يخشى التقدم لبناتهن مخافة الرفض، لأي سبب، وهذا يجرح كرامة هؤلاء الفئة من الشباب بالتأكيد، ويؤثر في أنفسهم، وذلك محتمل الحدوث، وقد تجد - بنت الناس الطيبين الجميلة الغنية تلك- أن من يتقدم لها بعد ذلك إما طامع في ثروتها أو لمنصب والدها أو لجمالها، وليس محركه للزواج وهدفه هو تدين من يتزوجها.
لذا أنصح أولياء أمور هؤلاء الفتيات بأن يعرضوا فتياتهم على من يرغبون في حسن دينه وخلقه من الشباب الصالح وإن كان فقيراً، ولنا في سلفنا الصالح نعم القدوة والمثل، فها هو سيد التابعين سعيد بن المسيب –رضي الله عنه وأرضاه- يزوج ابنته لأفقر تلاميذه "أبو وداعة" وقد ماتت زوجة أبي وداعة منذ ليال معدودات، وذلك حتى لا يخطب ابنة سعيد بن المسيب خليفة المسلمين لولده، والذي لا يرضى عن درجة تدينه سعيد بن المسيب!!!، وابنة سعيد بن المسيب آية من آيات الجمال والحسب والنسب والعلم والفقه!!، وكذلك قصة زواج أمنا -أم المؤمنين- خديجة رضي الله عنها وهي الغنية الشريفة العفيفة ذات الحسب والنسب والشرف والغنى -والرافضة الزواج من معظم أغنياء وأشراف قريش المتقدمين لها- تعرض نفسها عن طريق إحدى صديقاتها على أفضل الخلق محمدا صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، وهي تكبره بخمسة عشر عاماً!!، وقد قمت أنت بالاقتداء في فعل مماثل ولكن لم يكن هناك نصيب في هذا الشخص الذي أعجبك دينه وخلقه، وهذا يجعلني متعاطفاً معك، وأرى أن تصرفك هذا يضيف إليك ويرفع من قدرك ولا يُنقِص منه.
أختي الطيبة؛ أما وأنك زاهدة في الزواج بحجة أنك لن تنجبي!، فأنا لا أؤيدك في هذا الرأي، فليس للإنجاب وإشباع غريزة الأمومة والأبوة نحن نتزوج فقط!، بل نتزوج أيضاً لدوام المودة والرحمة بين الرجال والنساء، ولسكن المرأة للرجل والعكس؛ وللتعاون بين الرجل والمرأة ليتغلبا على صعوبات الحياة، ومن المعروف مثلا أنه ليس هناك عمراً معيناً للمرأة تنقطع عنده رغبتها الجنسية ما دامت هي بصحة جسدية جيدة، والعكس صحيح لدى الرجل أيضاً، ولذا إذا تقدم إليك من ترضين دينه وخلقه فلا تترددي في قبول الزواج منه، وأرجو منك ألا تفقدي الأمل في الزواج من رجل أرمل أو مطلق صالح وعلى خلق ودين وقد اكتفى بما رزقه الله من ذكور وإناث من زوجة أخرى، أو حتى أعزب على خلق ودين ولكنه من شدة إعجابه بك لا يرغب في الأطفال، والناس يا سيدتي فيما يعشقون مذاهب!، أما إذا كنت أنت لا ترغبين في الزواج من رجل على خلق ودين فهذا شأنك واختيارك!، كما اختار ذلك ابن تيمية والإمام مسلم رضي الله عنهما!.
وحتى يتحقق ذلك –إن كان لك رغبة في الزواج!- حاولي إشباع غريزة الأمومة لديك بزيارة أحد دور الأيتام في بلدك بالمغرب، ويكون أفضل لو كفلتي يتيما أو يتيمة وستجدي في ذلك انشراحاً لصدرك، وبهجة في نفسك (واسألي المجربين لذلك الأمر)، أما إذا استمر حزنك وقلقك بعد ذلك فتوجهي إلى عيادة أقرب أخصائي نفسي ليتولى علاجك.
في النهاية أكرر دعواتي الحارة من كل قلبي أن يرزقك الله عز وجل السعادة وراحة البال في الدنيا والآخرة.
واقرئي من على مجانين:
شبح العنوسة وفضفضة مجانين
تسأل: ماذا بعد؟ وأسأل ماذا قبل؟
خائفة من العنوسة زيادة حبتين م1
خائفة من العنوسة مشاركة مستشار
أدرس الدكتوراه وأتأمل النملة وصادقة للهطلان!