السلام عليكم ورحمة الله
أرسلت هذه الاستشارة إلى كل من الأستاذ الدكتور مصطفى السعدني والدكتور ملهم الحراكي وقد تفضلا مشكورين بالرد عليها. نشر سابقاً رد الدكتور مصطفى السعدني واليكم رد دكتور ملهم الحراكي.
السيد الفاضل الدكتور وائل أبو هندي؛
لا داعي لشكركم على هذا الموقع الجميل مجانين فمهما قلت لن أفي حقكم من العرفان بالجميل وكان الله في عونكم دائما. وبعد؛
لقد تعرفت على الموقع من خلال كتابكم: الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي الذي صدر منذ عدة سنوات في سلسله كتاب عالم المعرفة وقد قرأته عده مرات وحاولت أن أطبق ما جاء به فيما يخص حالتي التي اجزم أنها الاكتئاب المتناوب الذي يعاود الظهور والاختفاء مرة بعد مرة.
وقد ساعدني الكتاب كثيرا وكذلك ساعدني الموقع على تغيير مفهومي عن العادة السرية التي نحملها أكثر مما تستحق وخاصة أن والدي رحمه الله كان يحذرني كثيرا منها وبخاصة مع تدهور مستوى التحصيل لدى وانشغالي الساذج بمحاوله التوقف عن تلك العادة وذلك بدلا من التفكير والاجتهاد في الدراسة وتحقيق حلم حياتي وهو أن أكون مهندسا والنتيجة المنطقية هي الرسوب المتكرر ثم الحصول على ليسانس الآداب.
ولا أخفي عليك مشاعر الاكتئاب التي تصيبني ساعدت على عدم التركيز في الدراسة. وقد أرسلت رسالة تلغرافيه إلي الموقع عن مشكلتي التي كنت اعتقد أنها العادة السرية ولكن تكشف لي الأمر بعد حين (فترة طويلة) أن الموضوع (اكبر من كده بكثير) انه أزمة هوية وبحث عن الذات ولكن للأسف بعد وقت طويل أضعت خلاله فرص كثيرة ووقت كثير سوف يحاسبني الله عليه وبعد إرسال هذه الرسالة تلقيت الرد من سيادتكم طالبا فيه المزيد من المعلومات عن ما أمر به من أزمة ولعلك سوف تتذكر الرسالة عندما ذكرت بين ثنايا الرسالة معنى المصطلح باللغة الانجليزية (العادة السرية) masturbation وقد كتبته حينها بطريقه خاطئة وقد فمت سيادتكم بتصحيح المصطلح مشكورا ولكنى أخذت ردكم على رسالتي بحساسية شديدة ولم أرسل إفادة أخرى عن حالتي مكتفيا بمتابعه ما يظهر على الموقع فيما يخص تلك المشكلة والاكتئاب الذي يصيبني ويشتد خاصة حين اذهب إلى الجامعة وقد كانت تلك المشاعر عائقا كبيرا أمام انتهائي من دراستي الجامعية ولكنى أنهيتها والحمد لله.
وقد لجأت إلى الطب النفسي وقمت بعرض نفسي بعض الأطباء النفسيين الذين كانوا يصفون لي أدويه القلق مثل (موتيفال).
وكنت أتوقف عنها خلال فتره قصيرة لعدم تحملي للأعراض الجانبية. حتى الآن أنا اشعر بالاكتئاب الذي اعتبره ابتلاء من الله عز وجل وكذلك أحافظ على الصلاة وأحاول ألا تعيقني هذه الحالة عن تحسين وضعي المادي لكي أتمكن من الزواج وقد كان حيث سافرت إلى إحدى الدول الخليجية وقبلت بعمل لا يتناسب مؤهلات العلمية والعملية حتى أوفر المال اللازم للزواج وأنا الآن ابحث عن الإنسانة المناسبة لي ولكن شبح الفشل يطاردني دائما وخاصة أن بعض مبررات الفشل متوفرة في على ما اعتقد وهى عدم القدرة على اتخاذ القرار والتردد الشديد في ما يعرض لي من أمور الحياة البسيطة والهامة على حد سواء.
قد يكون هذا الإحساس غير منطقي وغير عقلاني ولكنى أشعر به يلازمني وكأني اعتدت على ذلك التفكير السلبي الذي يرى نصف الكوب الفارغ فقط والذي يدعمه الخبرات السابقة السالبة وما أكثرها وكذلك أتابع كتابات الدكتور مصطفى السعدني عن تأكيد الذات (لعله يتولى الرد على هذه الاستشارة إذا كنت مشغولا في أمر ما) وقرأتها أكثر من مرة.
المشكلة الأخرى وهى أني شخص هادئ إلى حد بعيد ومقل في كلامي إلى درجه كبيرة وأخشى أن أجلس مع خطيبتي المتوقعة يوما ما ولا استطيع أن أتكلم معها فسوف أكون في ذلك الحين في موقف لا أُحسد عليه.
- اعتقد سيدي الفاضل أنى سوف أبقى على هذا الحال وأنى سوف لا أتغير على اعتبار هذه هي شخصيتي الموروثة وعلى أن أتقبل نفسي على هذا الحال وأحاول تغيير أشياء أخرى في حياتي مثل تنميه المهارات الشخصية وغيرها
- لا زلت حتى الآن اشعر بتلك النوبات من الاكتئاب.
- علاقتي بأفراد أسرتي طيبة وقويه فنحن أسرة مترابطة.
- والدي متوفى منذ 8 سنوات وليس لدى أخوة ذكور وأنا أكبر أخواتي البنات وعدهم ثلاثة.
- افتقد والدي كثيرا هذه الأيام .
- ارغب في عدم نشر أي تفاصيل تدل على شخصيتي.
- في الختام ارجوا أن ترشدوني ماذا افعل حتى أتجاوز هذا الابتلاء حيث انه يعيقني عن العمل الناجح بالإضافة إلى معاناتي اليومية.
- آسف لإرسال مشكلتي عن طريق البريد الإلكتروني لسيادتكم حيث حاولت الإرسال من خلال باب إرسال المشاكل ولم أتلق الرد حتى الآن.
- توجد في عائلتي من ناحية الأم حالات الاكتئاب عند الخال ولكنه مريض بالكبد الفيروسي c وعم والدتي الذي مات منتحرا عفا الله عنه رغم تفوقه العلمي والعملي.
أنتظر ردكم الوافي
وجزيل الشكر لكم
8/6/2007
رد المستشار
الأخ الكريم أهلا بك وأنت من أهل الموقع... ولعلك تسمح لي أن أرد على استشارتك وأرجو أن أكون بديلاً نافعاً لك بإذن الله عن الأستاذين العزيزين اللذين طلبتهما د. وائل ود. السعدني...
الأخ الكريم لقد وصفت حالتك بأنها ((الاكتئاب المتناوب الذي يعاود الظهور والاختفاء مرة بعد مرة)) ولم تشرح لنا بشكل دقيق ما هي الأعراض والشكاوي التي دعتك إلى هذا الوصف؟
لأننا أمام عدة احتمالات من حيث تشخيص حالتك:
اضطراب الاكتئاب الأساسي Major Depressive Disorder
الاضطراب الاكتئابي الناكسRecurrent depressive disorder
اضطراب دورية المزاج Cyclothymia Disorder
اضطراب عسرة المزاج أو تعكر المزاج Dysthymia
نوع من أنواع اضطرابات القلق Anxiety أو اضطراب التأقلم Adjustment Disorder .
وأرجّح أنك على الأغلب تعاني من اضطراب دورية المزاج Cyclothymia Disorder وهي حالة مستمرة من عدم الثبات في المزاج، تتضمن أطوارا متعددة من الأعراض الاكتئابية الخفيفة ثم أعراض من الزهو elation الخفيف. على العموم للتوصل الدقيق لتشخيص ما تعانيه لابد لنا من تحري الأعراض لديك من قبل أخصائي نفسي ومقابلتك شخصيا لفترة كافية من الزمن.
الأخ الكريم؛
إن التجارب التي مرت عليك من موت والدك ورسوبك المتكرر قد أفقتدك الكثير من الثقة بذاتك، بمعنى أنك فقدت بعض المدعمات والأوتاد اللازمة لذاتك Ego .... وقوة الذات هي أساس النجاح في الحياة! ما الحل إذن؟؟
هل هو –كما أنت عليه الآن- الوقوف في ظلال الأسى Greif على والدك ورسوبك؟
هيا الأخ الفاضل اخرج من ظلمات الماضي إلى نور الحاضر لترسم شمس المستقبل بيديك!
اجعل من علاقتك بالله تعالى الحي القيوم هي من تدعم بها ذاتك وتستمد قوتك.. ودع عنك تلك الجوازم في طريقة تفكيرك!
وما هي هذه الجوازم؟ تأمل كلامك!!!
((اعتقد سيدي الفاضل أني سوف أبقى على هذا الحال وأني سوف لا أتغير على اعتبار هذه هي شخصيتي الموروثة))
من قال لك أيها الأخ الفاضل أن هذه شخصيتك موروثة؟!
ثم راجع شريط ماضيك في بالك، والتقط منه نقاط القوة ولحظات النجاح التي لا تخلو منها حياتك!... تذكر إنجازاتك!!... نعم إنجازاتك!!
وقد تستغرب هل لي إنجازات؟!
نعم بكل تأكيد لديك إنجازات!!!... وحتى تعلم إنجازاتك اسأل نفسك:
كم شخص في العالم جامعي؟!
كم شخص في العالم يملك قوت يومه؟!
كم شخص في العالم صحيح الجسد؟!
كم وكم...
لترى أنك تملك من النعم والمكتسبات ما لا يملكه إلا القليلون!!! والقليلون جداً!!!
واجعل من هذا شحنات لذاتك وحاضرك، وتوقع التفاؤل في مستقبلك وخاطب نفسك أن مستقبلك بإذن الله مشرق....
((تفاءلوا بالخير تجدوه))
((وأنا عند حسن ظن عبدي بي))
ثم ماذا عن تجارب الفشل؟!
هي نعمة أيضاً!!!. تقول: نعمة!!. أقول لك: نعم نعمة وكيف؟!
تذكر أن تجاربنا التي لا تنتهي بالنجاح تعلمنا أكثر من تلك التي تنتهي بالنجاح، والقاعدة ((نحن نتعلم من الخطأ أضعاف ما نتعلمه من الصح))، فاجعل من تجارب الماضي وقوداً وذخيرةً لخبرات الحاضر لمستقبل مشرق بإذن الله...
الأخ الكريم؛
توكل على الله.. واستعن به ولا تعجز... فإنه القوي العظيم صاحب الحول!!! ((إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ)) (سورة آل عمران 122)، قلت أنك قد أرسلت رسالة تلغرافيه إلى الموقع عن مشكلتك التي كنت تعتقد أنها العادة السرية ولكن تكشف لك بعد فترة طويلة أن الموضوع أكبر من ذلك إنه أزمة هوية وبحث عن الذات.. كيف تشرح لنا هذا؟!
هذه بعض التساؤلات دارت في بالي بعد أن قرأت رسالتك، ومن المعلوم أيها الأخ الفاضل أن الرسائل والاستشارات النفسية المكتوبة لا تشبعني كأخصائي نفسي لكي تتوضح لي الحالة، لذلك أرجو ألا تغضبك استفساراتي....
وأخيراً أنصحك بالعودة لطبيبك النفسي الذي وصف لك الموتيفال لتبديله لعقار آخر مضاد للاكتئاب حديث ولطيف لا يسبب لك الإزعاج.... مع تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح.. تابعنا بأخبارك.