السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم شكراً جزيلاً.. وبعد فإنني شاب عرفني الناس بالصلاح والحمد لله ومشكلتي التي تؤرقني اكتشفتها مؤخراً وهي (ميولي الجنسية) وهي نحو نفس الجنس وكنت أتخيل أن هذا أمر طبيعي ولم أكتشف أني ليس لي ميول نحو النساء وكنت أعتقد أن عدم ميولي هذا بسبب غض بصري عنهم فقد كنت متشددا في ذلك..
لا أهيم ببعض الشباب ولا أحدهم ولكن ما يحدث أني إذا سلمت على أحدهم -أحياناً- ينتصب ذكري وعند ذلك أتضايق فيما بيني وبين نفسي أني يحدث معي ذلك مع أخي الذي لا يظن بي إلا الخير.
وأخيراً وبعدما تقدمت للخطبة منذ خمسة شهور تقريباً لم يحدث لي ما أسمعه من الشباب والذي طبيعي أن يحدث مع الخطيب إذا جلس مع خطيبته أو حادثها في التليفون -وما أقصده هنا انتصاب الذكر كناية عن سير الشهوة- فأنا لم ينتصب ذكري ولا مرة لا في الجلوس معها ولا أثناء محادثتها في الهاتف وكل ما أفعله أني أتخيلها فقط وأنا على فراشي في مقدمات الجماع فهذا ما يثير شهوتي وليس تخيلي للجماع ذاته -إضافة إلى أن شهوتي تثور عند قراء قصة جنسية- وأنني أهتم جداً بشكل وألوان ملابسي الداخلية وأنا أتأكد أن أحداً لن يراني وأنا ألبسها ولكن هذه متعتي مع نفسي أن أراني في أجمل وأفخر الملابس الداخلية -وأحب النظر إلى لاعبي كمال الأجسام- وأمنيتي أن أجد بغيتي عندكم -أن أتخلص من هذه الميول المثلية وأن يكون موقفي مع خطيبتي موقف طبيعي- هل الزواج حل -أم أنه مشكلة جديدة أرجو الإجابة باستفاضة وأرجو أن يجيبني الدكتور عمرو أبو خليل الذي أعرفه جيداً ولكني أستحي من محادثته في هذا الأمر- كما أنني يمنعني من الاستشارة الطبية النفسية ما أظنه أنها مصاريف كثيرة ستصرف على هذا الأمر.
وجزاكم الله خيراً.
* تم نشر هذه الاستشارة على موقع إسلام أون لاين
10/7/2007
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، ونشكرك على ثقتك، وندعو الله أن يزيل عنك الابتلاء، الحقيقة أنك ترغمني بإفادتك هذه على محاولة الغوص في مفهوم غض البصر، لأنك لست أول من يربط متحدثا للطبيب النفسي المسلم بين التزامه بغض البصر عن الإناث في طفولته ومراهقته، وبين اكتشاف الميول الجنسية المثلية في نفسه بعد ذلك، ودائما ما نصل إلى أن المقصود لم يكن غض البصر الذي أمرنا به، وإنما هو التشدد والغلوُّ في غض البصر، ونحن نهينا عن التشدد والغلوِّ في كل أمور ديننا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المُنبتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرا أبقى ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"صدق صلى الله عليه وسلم.
هكذا أخرجه البزّار عن جابر في الجامع الصغير للسيوطي، ومعنى المنبت هنا هو الشخص الذي يجهد نفسه ودابته في السير دون أن يعطي لنفسه أو للدابة ما يحتاجانه من الراحة واستعادة النشاط والحيوية ومن هنا فهو يفشل في الوصول إلى هدفه نتيجة لنفاذ الطاقة واستهلاك القدرة في نفس الوقت الذي يكون فيه قد فرط بدابته فلم يبق عليها، فغض البصر برئٌ من فخ الميول المثلية الذي وقعت فيه!
وأطمئنك أولا بأن ما يبشر بالخير والفرج القريب في حالتك كما وصفتها يا أخي السائل هو والحمد لله أكثر بكثير مما يستدعي القلق أو التوتر، فما أراه هو أنك من شدة ما كان تشددك في غض البصر، وقعت في شَرَكِ الشك في التوجه الجنسي، فالطبيعي يا أخي هو أن يحاول الإنسان المسلم غض بصره، لا أن يتشددَ في ذلك! معنى هذا الكلام هو أن فارقًا يوجد بين الحالة الطبيعية للشاب المسلم الملتزم (غير المحصن) وبين ما يبدو أنك كنت ضحية له، فالحالة الطبيعية هي أن يحاول غض بصره، بينما الغريزي هو أن يمتد بصره، معنى ذلك أن صراعا سينشأ بين رغبة الشاب في النظر إلى الإناث، وبين رغبته في أن يلتزم بضوابط دينه، والطبيعي أيضًا هو أن يفشل حينا فيستغفر ربه ولا يتمادى وأن ينجح حينا في غض البصر، وهو مأجور على صبره وعلى معاناته من الله عز وجل، ودليل أن الأمر بغض البصر يجبُ أن يفهم ضمن إطار الاعتدال الذي هو منهج الإسلام، دليل ذلك ستراه فيما يلي من كلامي:
فأما الأمر بغض البصر فجاء في محكم التنزيل: بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) صدق الله العظيم (النور:30) كما أجاب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سألوه: ((وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري ومسلم، وجاء في الصحيحين أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستمـاع، واللسـان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا محمول على ما إذا كان الصادر عن هذه الحواس في معصية الله، ويفهم من ذلك أن الإنسان مطالب بأن يمنع نفسه من الاسترسال في النظر إلى ما يثير شهوته مما حرمه الله.
ولكن هناك ما يسمى بنظرة الفجأة ونظرة الفجأة لا إثم فيها لأنها خارجة عن إرادة الإنسان، ويجب على من نظر نظرة الفجأة أن يصرف بصره سريعاً لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: ((يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد وأبو داود وهذا هو الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي يقول: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري)) رواه مسلم.
وأما أنك كنت متشددًا في ذلك فلها معانٍ أخرى، فقد يصل الأمر ببعض الناس إلى حدود غير متماشية مع فطرتهم، فمثلا قد يصل الأمر إلى حد الوسوسة في الاحتياط لكي لا تحدث أصلا نظرةُ الفجأة!، وهناك من يقعون في براثن اضطراب الوسواس القهري بسبب ذلك، وهناك من يصلون إلى حد تحريم التخيلات الجنسية العادية على أنفسهم!
وهنا أقف معك يا أخي، أولاً لأقول لك أن طبيعتك وفطرتك التي ما تزال بفضل الله أقرب إلى السلامة منها إلى المرض، قد تم وضع الحَجْر عليها، بل وعلى التخيلات الجنسية الطبيعية لديك، لأنك كنت متشددًا، فإذا كانت هناك طاقةٌ جنسيةٌ تتأججُ داخلك بحكم المرحلة العمرية التي كنت فيها، وأنت بحكم ما فرضته على نفسك من تشددٍ تنهى نفسك بشدة عن التفكير في الإناث لأنه حرام، بينما الذكور من حولك ولا مشكلة في ذلك!، إلى أين يمكنُ أن تتجه شهوتك إذن إذا كنت متشددا إلى حد يفوق الطبيعي فيما يتعلق بالتوجه الغريزي لديك نحو النساء، حتى ولو كان خيالا!، إن ما تذكره لنا هو ما سمعناه مرارا من مرضانا، فبينما التفكير في البنات كموضوع جنسي حرام، وجدوا أنفسهم يفكرون في زملائهم الذكور كموضوع للجنس، ولعل هذا أحد مداخل الشيطان، والعلم لله وحده.
هذه كانت البداية، ومع مرور الزمن اعتدت أن تحجر على خيالاتك الجنسية المتعلقة بالإناث وتنهر نفسك بشدة، في نفس الوقت الذي توهمت فيه أن ميولك تتجه للذكور، ونحمد الله أن هذه الميول لم تُنمَّ لأنك لم تستجب لها، وأحيلك الآن إلى عدد من الردود السابقة على مشكلات مشابهة على استشارات مجانين تحت العناوين التالية:
الميول الجنسية المثلية : الداء والدواء
الميول المثلية: أحيانا مرحلية وطبيعية!
شذوذ جنسي: للأسف...أنت لا تدري!!!
أريد حلا: سجن الميول المثلية: بوادر الانعتاق
إسقاط النظرية في شرح وعلاج المثلية
المثلية خلقة أم خلق؟!
الاضطرابات النفسية الجنسية: قلنا ونؤكد
وأصبحت الآن كما تقول: (لم يحدث لي ما أسمعه من الشباب والذي طبيعي أن يحدث مع الخطيب إذا جلس مع خطيبته أو حادثها في التليفون) فهذا لأنك تعيش صراعا بسبب تشددك القديم، ولأنك تنتظر ما لا يشترط حدوثه كدليل على سلامة توجهك الجنسية. وأما ما هو مبشر بالخير في إفادتك فهو قولك (وكل ما أفعله أني أتخيلها فقط وأنا على فراشي في مقدمات الجماع فهذا ما يثير شهوتي وليس تخيلي للجماع ذاته- إضافة إلى أن شهوتي تثور عند قراء قصة جنسية)، فهذا يعني أن ميولك الطبيعية موجودةٌ لكنها غير مكتملة النمو، ولكنها قابلة للنمو إن شاء الله.
وأما الجزء الثاني من إفادتك والذي تشير فيه إلى استمتاعك بأن تلبس الملابس الداخلية الفخمة ثم تنظر لنفسك، فهو أولا غير واضح، وثانيا لا أرى فيه غريبا في حدود إفادتك ما دامت الملابس ملابس الذكور، وليس الأمر متعلقا بلبسة النساء الأثرية : والتي تستطيع أن تقرأ عنها بالنقر على الرابط التالي:
لبسة النساء الأثرية والاستمناء بالتخيل
وأما أنك تحب النظر إلى أجساد لاعبي كمال الأجسام، فهذا ما نسمعه من عديدين من مرضانا في بداية اتهامهم لأنفسهم بأنهم ذوو توجهات جنسية مثلية، وأحيانا ينتقل الأمر من الرغبة في أن أكونَ صاحب جسد كهذا الجسد إلى مشتهٍ لذلك الجسد جنسيا بشكل أو بآخر، لكنني لا أرى في ذلك ما يغير رأيي السابق في حالتك.
وما أتوقعه يا أخي السائل (ولا يعلم الغيب إلا الله)، أنك ستكونُ طبيعيا مع عروسك إن شاء الله فقط عليك أن تستعين بربك، وأن تجعل نيتك هي التعفف، واقرأ وصايا ليلة البناء على موقعنا، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.