السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛
أبدأ رسالتي هذه بالتحية والشكر والتقدير لكم على هذا الموقع الرائع الذي كسب ثقة الكثير لما فيه من صدق النصيحة المستوحاة من الربط بين العلم الشرعي والعلوم الحديثة فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك في جهودكم وأن يجعله في ميزان حسناتكم.
أما بخصوص مشكلتي والتي أرجو أن يتسع صدركم لها لما فيها من قبح، فهي أنني رجل في العقد الثالث من العمر ذو تعليم عالي جدا وفي وظيفة مرموقة. متزوج من زوجة جميلة جدا وذات خلق ودين ولي منها أطفال وعلاقتي معها ممتازة جدا خاصة الجنسية منها ولله الحمد.
ومشكلتي الكبيرة والتي تؤثر على حياتي كلها هي أنه رغم أنني ملتزم دينيا إلى حد كبير ولله الحمد (حتى في صيام الاثنين والخميس وغيرها) بل وأكثر من ذلك أنني داعية إلى الله في أمور كثيرة، وخاصة مع أصدقائي وأقاربي، إلا أن لدي كثرة التفكير الجنسي والشبق الذي ليس له حدود (رغم أن إمكانياتي الجنسية الفعلية مع زوجتي محدودة جدا ولست ذا قدرات جنسية فائقة)
ولكن الأفكار الجنسية (لا يصاحبها انتصاب) عندي لا تتوقف حتى أنني أعتقد أن لي رغبة في معاشرة أي أنثى مهما كانت صغيرة أو كبيرة، جميلة أم قبيحة، بيضاء أو سوداء لا يهم... المهم أنها أنثى فقط بل والأسوأ والأدهى من ذلك أنه حتى أقاربي أو أقارب زوجتي كأخواتها أو حتى زوجات أصدقائي أفكر فيهن وأتخيلهن جنسيا.
والطامة الكبرى والمصيبة العظمى أنه حتى بعض محارمي من النساء من الدرجة الثانية لم يسلمن من هذا التفكير والتخيل المريض فأتخيل أنني على استعداد لعمل الفاحشة معهن في أي وقت وفي أي مكان وكثيرا ما تنتهي هذه التخيلات بممارسة العادة السرية.
وقد حاولت كثيرا التضرع إلى الله في شفائي من هذا المرض الخبيث، وبدأت أستعين بالأشرطة الإسلامية التي تتحدث عن خطورة الفاحشة، وتحذر منها وكذلك حاولت قدر الإمكان غض بصري من كل شيء ولكن هذا المرض الخبيث مازال قي قلبي ويعاودني كثيرا وأخاف أن يتطور من أفكار إلى أفعال.
أرجو منكم التكرم بمساعدتي وإرشادي كما تعودنا منكم الوقوف بجانب كل من يحتاجكم وهل أراجع طبيب عضوي أم طبيب نفسي وماذا أقول له؟ وهل يفيد استخدام الأدوية في مثل هذه الحالات وما هي هذه الأدوية. وأخيرا آسف جدا للإطالة ولكم مني كل الشكر والتقدير.
1/9/2007
رد المستشار
الأخ العزيز السائل؛ أهلا وسهلا بك، وشكرا على إطرائك لموقعنا، وعلى دعواتك للقائمين عليها، وفقنا الله وإياك إلى خدمة المسلمين ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
الحقيقة أن إفادتك تحوي بالنسبة لي ما قد يبدو مناقضا لبعضه البعض على المستوى النفسي كما أفهمه، وتبدو مشكلتك أكثر عمقا وتركيبا مما قد يسمح النص الإليكتروني بحمله، ولهذا السبب، فإنني وبعد حوار مع أخي الدكتور أحمد عبد الله حول مشكلتك تلك، رأيت أن أستطلع منك بعض المعلومات على أربعة محاور، لعلها تكونُ بداية تفهمنا للخلفيات النفسية لغريزة الجنس في البشر.
أول هذه المحاور هو علاقتك مع زوجتك التي قلت عنها: (متزوج من زوجة جميلة جدا وذات خلق ودين ولي منها أطفال وعلاقتي معها ممتازة جدا خاصة الجنسية منها ولله الحمد)، وسأسألك برغم ذلك هل تجد هذه العلاقة مشبعةً بالنسبة لك؟ فالطبيب النفسي لا يكفيه ما قلت من وصف رائع لعلاقة بين زوج وزوجته أم الأولاد، وهل كلما احتجتها وجدتها جاهزةً في انتظارك؟ وما إحساسها هي بالعلاقة الجنسية معك؟ وهل تتحاوران بهذا الشأن؟ باختصار هل علاقتكما الجنسية مشبعة للطرفين؟ خاصةً وأنك تقول ما يناقض ذلك الكلام بعد قليل حين تقول ((رغم أن إمكانياتي الجنسية الفعلية مع زوجتي محدودة جدا ولست ذا قدرات جنسية فائقة))، فأولاً ما هي العلاقة الممتازة بين الزوجين في رأيك خاصة الجنسية منها؟ وما هي القدرات الجنسية الفائقة التي تصف نفسك بأنك لست من أصحابها؟ وماذا تقصد بالإمكانيات الجنسية المحدودة جدا؟ نحن نحتاج إلى إجابات على كل ذلك، ولكننا نفتح معك الكلام حول المحور الثاني لأنه مرتبط ومتداخل مع ما نقول.
والمحور الثاني هو: محور القدرة، ما هي قدراتك الجنسية الفعلية، التي لا نستطيع اعتماد وصفك لها بأنها محدودة جدا، خاصة وأننا لا نعرف بأي نموذج تقارن قدراتك؟ ومفهوم القدرة الجنسية الطبيعية في الذكور يعني أن تكونَ قادرا على الشعور بالرغبة في الجنس وأن تكونَ قادرا على الانتصاب ثم الإيلاج ثم القذف، ومجال القدرة الجنسية الطبيعية فيه من الفروق الفردية بين الذكور وحسب العمر وحسب الحالة النفسية ما يجعل أي تعميم صعبا، ولأن العلاقة بين القدرة على الأداء وبين الرغبة في الرجال هي علاقة مركبة فهم على النقيض من الإناث فمثلا (غالبا ما نجد ضعف القدرة على الأداء في أي من نواحي القدرة الجنسية في الذكور غير مصحوب بانطفاء الرغبة، على عكس ما نجد في الإناث حيث أن عجزها عن الوصول إلى الإرجاز أو شعورها بقد التلذذ مثلا يجعلها لا تشعر بالرغبة الجنسية ولا تفكر في الأمر أصلا)، المهم أن استجابة الذكور لضعف القدرة على الأداء غالبا ما لا تكون قلة الرغبة الجنسية، بل لعلها تكونُ العكس، وإن كان لكل قاعدة شواذ بالطبع.
وأما المحور الثالث فهو محور الرغبة: ولكنني هنا أقصد الرغبة الجنسية لديك أنت (والذي أظنك تشير إليها بالشبق وهذا هو استعمال لفظ الشبق الصحيح كما أعرفه وأستخدمه)، فأنت عندما بدأت تحدثنا عن الأفكار الجنسية، ووضعت بين قوسين أنها لا يصاحبها انتصاب، لم توضح لنا بعد ذلك هل أنت تسترسل مع تلك الأفكار مستمرا في التخيلات؟ أم أنك تحاول الخلاص منها؟ وأنا أقصد الخلاص من فكرة جنسية معينة متعلقة بغير حلالك، وهو ما يستلزم شرعا أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تسعى لجماع حليلتك، أنت لم توضح لنا من رد فعلك، غير ما نستطيع استنباطه من أنك تسترسل مع التخيلات، إلى أن يحدث الانتصاب من تلقاء نفسه أو بمساعدة منك، وبعد ذلك تنهي الموضوع بممارسة العادة السرية، والتي لن أستطيع اعتبارها فعلا قهريا ناتجا عن أفكار تسلطية لأن هناك تحفظات كثيرة على مثل ذلك الاعتبار، وبالمناسبة هنا نستطيع أن نستنتج أن علاقتك الجنسية مع زوجتك ليست على ما يرام حتى فضلا عن كونها ممتازة جدا كما وصفتها؟ فأين الامتياز وأنت تضطر للاستمناء؟؟؟
أرجو الإفادة والتوضيح يا أخي، وأحيلك هنا إلى الردود السابقة تحت العناوين التالية:
التخيلات الجنسية والتكلم أثناء النوم
الرغبة الطبيعية وعقدة الجنس!
الرعب الجنسي حتى في الأحلام مشاركة
وأما المحور الرابع لنقاشي معك فهو المتعلق بالبعد المعرفي للموضوع: حيث أنني أشعر وكأن رعبا معرفيا من الجنس يسيطر عليك، وأنا أعرف أن هذا الرعب هو حال كثيرين من الملتزمين الطيبين مع الأسف، وهو ما يجعلهم عرضة لوسوسة الشيطان ووسوسة النفس، وللأفكار الاقتحامية التسلطية أيضًا مع الأسف (والتي قد تتحول في حال وجود استعداد بنيوي لدى الشخص إلى اضطراب الوسواس القهري)، المهم هنا أنني أتخيل أحد الاحتمالات وهو أن اقتحام وعيك بفكرة أنك ترغب أو تتخيل ممارسة الجنس مع غير حليلتك غالبا ما يكونُ مرعبا، ولعلك تحاول الخلاص منها وأنت في منتهى الرعب، فتفشل، فنكونُ هنا نتحدث عن أفكار تسلطية من النوع المقتحم الذي يتحول إلى اجتراري، وهكذا، وحتى تتخلص من الضيق الذي لا يبدو مفصولا عن المتعة التي تجنيها بالإثارة السابقة للاستمناء، والذي لا نستطيع اعتباره غير فعل اندفاعي أو قهري من ناحية الاندفاع لأنه ممتع، وما يزال هذا المحور يا أخي في حاجة إلى توضيح منك لكي نستطيع إفادتك فيه، فتابعنا بآلية ما يحدث داخل أفكارك ومخيلتك.
كما نحيلك إلى عدة ردود سابقة تبين لك معنى الوسوسة وأنواعها حسب الفهم الإسلامي وذلك بنقر العناوين التالية من على صفحتنا استشارات مجانين:
الوسواس القهري: أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعي متابعة
الوسواس من الشيطان أم النفس؟
بقي لنا أن نعلق على الطريقة التي تعاملت بها مع المشكلة، فذكر الله دائما طيب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، ولكن الشرائط التي تحذر من الفاحشة أمر مختلف قليلا لأنه في حالتك قد يزيدها سوءًا، وإن كان مفيدا لآخرين هم على وشك الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله، وما تصفه أنت ويعذبك كما تعلمنا من مرضانا فإنه لا يؤدي بصاحبه لأكثر من العذاب الذي تصفه وربما الاكتئاب، ولكن ليس الوقوع في الفاحشة.
وأما سؤالك عن إلى أين تتجه فإن الرد عليه بسيط ولا أظنه خافيا عليك يا أخي، فالأمر نفسي معرفي، ولابد بعد اللجوء إلى الله أن تستشير طبيبا نفسانيا ليتمكن من تحديد التشخيص الأنسب، وأما احتياجك لعقار دوائي من عدمه فأمر أيضًا يحدده طبيبك النفساني،
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بالرد على استفساراتنا وبالتطورات الطيبة إن شاء الله في حالتك.
ويتبع >>>>>: رعب من الجنس أم وسوسة م