رعب من الجنس أم وسوسة
سعادة الدكتور الفاضل وائل أبو هندي حفظة الله ورعاه؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد لن أبدأ رسالتي هذه بشكرك والثناء على ردك الصادق وجهدك المتميز والكبير في محاولة استقراء مشكلتي ومعرفة تفاصيلها من خلال رسالتي السابقة والتي يبدو أنني تعثرت كثيرا في توصيل المعلومات فيها، ولكنني أبدأ رسالتي هذه بدعاء خالص من أعماق قلبي أن يجزيك الله خيرا عنى ويجعل هذا العمل في ميزان حسناتك ويوفقك ويسدد آراءك لكل ما بذلته من وقت وجهد لنصحي.
أما بخصوص الإجابة على الاستفسارات التي طرحتها فهي: ما أقصد به أن علاقتي مع زوجتي ممتازة هو أنه يحدث شعور برغبة جنسية ثم انتصاب ثم إيلاج ثم قذف ويتكرر هذا من 2 إلى 3 مرات أسبوعيا تقريبا. وهو بالنسبة لزوجتي مشبع جدا وكافي ولكن بالنسبة لي أحس أنه غير مشبع وغير كافي لأن رغبتي الجنسية أكثر من ذلك.
أما هل أجدها بانتظاري كلما احتجتها فأعتقد أن وجود الأطفال وكثرة مشاغل البيت والمرض والمشاكل الروتينية بين الأزواج، بالإضافة لعدم وجود الرغبة الشديدة الجنسية لديها مثلي لا يحقق هذا التواجد المطلوب رغم أننا تحاورنا في هذا الشأن كثيرا ولكن الظروف التي ذكرتها لا تساعدها في تحقيق هذا التواجد (رغم أنها تحاول تحقيقه).
أما ما أقصد به أن إمكانياتي الجنسية محدودة وليست فائقة فهو أنه رغم الرغبة الجنسية القوية إلا أن الانتصاب يكون أحيانا ضعيفا وقد أحتاج إلى مساعدة منى أو من زوجتي لحدوثه وكذلك أقاوم سرعة القذف بشدة واللقاء مع زوجتي لا يستمر طويلا رغم أنه يؤدى إلى إنزالنا معا، ثم يزول الانتصاب مباشرة بعد القذف.
أما أثناء التخيلات التي أعانى منها فغالبا لا يحدث انتصاب وإنما يكون خروج المذى فقط. أما بالنسبة للأفكار الجنسية فهي تأتيني كثيرا ويعلم الله أنني أحاول جاهدا التخلص منها وأنجح أحيانا ولكن أحيانا كثيرة أجد نفسي مسترسلا فيها وتستمر معي وخاصة في الأوقات التي تكون فيها تلبية هذه الرغبة من زوجتي غير ممكنه لأحد الظروف التي تم ذكرها سابقا.
وأحيانا وباستمرار هذه التخيلات وبمساعدة مني يحدث الانتصاب ثم ممارسة هذه العادة الملعونة. وهنا أكرر سؤالي كيف أستطيع التخلص من هذه التخيلات الجنسية الشاذة وخاصة مع أقاربي بل وحتى مع بعض محارمي لأن خوفي كبير لا قدر الله أن أقع في الرذيلة بعد أن أغناني الله بالحلال وكيف أخفض هذا الشبق الذي ليس له حدود. وهل بعد هذه التوضيحات السابقة تبين لكم بأنني أحتاج إلى: طبيب نفسي أم عضوي أم تقوية الجانب الديني والإيماني؟
وهل للأدوية دور في حل مشكلتي. وأخيرا أشكر لك سعادة الدكتور الفاضل سعة صدرك وتحملك لهذه الرسالة الطويلة وأرجو من الله العلى القدير أن يجعل في نصحك وإرشادك ما فيه الخير والصلاح. وجزاك الله كل خير.
* نشرت هذه الاستشارة على موقع إسلام أون لاين
رد المستشار
الأخ الفاضل أهلا وسهلا بك وشكرًا على متابعتك، وردك على ما طلبنا الرد عليه من استفسارات، فأنت بهذا تساعدنا على تحقيق الهدف الذي يسعى إليه موقعنا مجانين، جزاك الله خيرا وجعلك دائما من أهل الخير.
فيما يتعلق بعلاقتك مع زوجتك، فأنا أراها ولله الحمد تسير مسارًا طيبا، ومعدل لقائكما الجنسي معدل طيب في مرحلتك العمرية (فسنك كما ذكرت في بيانات المشكلة الأصلية هو ما بين السادسة والثلاثين والخامسة والأربعين)، وزوجتك أكرمها الله، تشهد أنت لها بأنها لا تقصر في حقك وأنها تحاول جاهدة إرضاءك، رغم ما تتحمله من مسئولية البيت والأولاد، أصلح الله ما بينكما وبارك لكما في الذرية، وهذه العلاقة الخاصة بينكما مشبعة لها، ولكنها غير مشبعة لك وهنا تكمن المشكلة.
وها أنا أصبحت بعد متابعتك أقدر على فهم ما كنت تعنيه بقولك رغم أن قدراتي الجنسية محدودة، والحقيقة أنها غير محدودة، وإنما هناك مشكلة في الرغبة، والرغبة غير القدرة كما تعرف، فما الذي يجعل الرغبة الجنسية تشغل ذهن محصن مسلم إلى الحد الذي تفوق فيه قدرته (الطبيعية بل الطيبة)؟
إن المشكلة التي كثيرًا ما نجدها في عملنا كأطباء نفسيين هي غياب الرغبة الجنسية، أو قلتها مع الاكتئاب وأحيانا مع القلق والرجل يختلف عن المرأة في أن غياب الرغبة عنده غالبا ما يتسببُ في إبطال كل ما بعده وهو ما يختلف عن المرأة، وصحيحٌ أن معظم مرضى فشل الاستجابة الجنسية من الرجال عادةً ما يحتفظون برغبتهم الجنسية طبيعية، بينما نجد فشل الاستجابة الجنسية في المرأة كثيرًا ما يجعلها تفقد الرغبة.
المهم أنك لا تعاني لا من فشل الاستجابة الجنسية ولا من فقدان الرغبة، بل أنت تعاني من زيادتها، بالرغم من أن قدرتك على الأداء طبيعية، أتمنى ألا تتعب في فهم ما أقصده، ولكن المسألة باختصار يا أخي هي أنك منشغل بالجنس أكثر من اللازم في مثل هذه المرحلة من حياتك.
نحن لا نعرف طبيعة عملك يا أخي ولا مستواك التعليمي، وذلك لأنك لم تذكر ذلك في بياناتك عند إرسال المشكلة، ولكن من الممكن جدا ألا تكونَ لديك اهتمامات غير وظيفة تقضي فيها عدة ساعات كل يوم، وبعد ذلك لا تفعل شيئا ذا بال، ومن الجائز أنك تتعرض لمثيرات لم تذكرها لنا، وهنا أحيلك إلى مقالٍ لأخي الدكتور أحمد عبد الله على مجانين: في الجنس وغيره ، أخطر مما يُسمى "غزوًا".
إن ما يفهم من إفادتيك يا أخي هو أن الجنس يحتل مساحة أكبر من اللازم في حياتك، وهنا يكمن الخلل، ولابد إذن لتصحيح هذا الخلل من أن تبدأ في الاهتمام بأنشطة جديدة، خاصة وأن مجتمعاتنا العربية الإسلامية تمر بمرحلة تغير، وهناك نشاط كبيرٌ للجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية، وعليك أن تختار ما يناسبك لأن المفترض في مثل مرحلتك العمرية أن تتشكل لديك اهتمامات تتعلق بمستقبل المجتمع الذي تعيش فيه، وكيفية تنميته، لا أن تغلق أفكارك وحياتك على مجرد الاستمتاع (حتى ولو مقتصرا على الحلال كما في حالتك).
وأنا أقول لك هذا الكلام وأنا أعرف أنني أكلم مسلما لا أراه في حاجة لا إلى طبيب نفسي ولا طبيب عضوي، وإنما فقط يحتاج إلى زيادة اهتماماته وتنويعها وشغل مساحات من فكره بأمورَ تهم مجتمعه، وتصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس المطلوب إذن هو فقط تقوية الجانب الديني والإيماني، وهذا أمرٌ لابد منه دائما، وإنما أصبحنا نعيش في زمن قد لا يكفي هذا فيه، لأن مجتمعاتنا بحاجة إلى أن تتغير.
بقي علي بعد ذلك أن أنبهك مجددا إلى أن ما وصفته من ناحية قدرتك الجنسية، طبيعي تماما بما في ذلك حتى ما تسميه مساعدة، وكذلك أن أبين لك أن استرسالك مع تلك التخيلات بغض النظر عن محتواها هو أمرٌ محرم، ولا أظن ازدياد تلك التخيلات، وأحيانا استرسالك معها حتى الوصول إلى الاستمناء خاصة عندما لا تسمح ظروف البيت بأن تجامع زوجتك، لا أظن هذا جائزا في مثل حالتك، وإنما يجب عليك أن تأخذ نفسك بالشدة، لا أن تسترسل مع ما يزيدك شبقا!
معنى ذلك هو أن الحل الصحيح الذي ستكتشف إن شاء الله أنك أفضل حتى أداء مع زوجتك فهو ما أنصحك به من محاولة تقليص المساحة التي يحتلها الجنس في حياتك، إضافة إلى تقوية الجانب الديني والإيماني وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.