السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
أنا شخص متزوج حديثا منذ شهرين مشكلتي تدور حول عدم الشعور بالمسئولية سواء في العمل - المنزل - .
حيث أنني اعمل في مركز مرموق في إحدى الشركات الكبرى وأنجز أعمالا ومشاريع ضخمة وبملايين الريالات ولكنني لا أحس بضخامة هذه المشاريع حيث أتعامل معها ببرودة وعدم مسئولية.
أخطاء تافهة جدا لا المحها أو أتجاهل عنها بمعرفتي التقرير الشهري الخاص بالإدارة أتساهل فيه أيضا زملائي في العمل يقومون بأدوار اقل مني ويرونها كبيرة ويقدرونها وينظمونها مما جعلني أراجع نفسي كثيرا عدم الشعور بالمسئولية في المنزل.
لم يختلف شيء كثير بالنسبة لي عازب مثل متزوج،أكل نوم صلاة ربما إهمال بعض الشيء في الأشياء الخاصة بالزوجة - الذهاب للطبيب - المجاملة... الخ
عدم الشعور بالمسئولية في تطوير مهاراتي الشخصية هذا ملخص سريع لشخصيتي - علما بأنني شخصية مترددة.
ونقطة أخيرة ارجوا أن تنصحوني فيها وهي أنني كذبت كذبة على أصدقائي ومجتمعي الذي أعيش فيه وهذه الكذبة مصيرها تنكشف ويفتضح أمرها لا مفر من ذلك أريد أن أصارحهم بحقيقتها دون أن يغضبوا مني وأخسرهم أو أن أتهم بالكذب الذي هو ابشع صفة في الرجل.
تبت إلى الله وضميري يعذبني في هذه النقطة.
ولكم جزيل الشكر.
8/8/2003
رد المستشار
الأخ السائل أنت لم تقدم ملخصًا سريعًا لشخصيتك كما قلتَ في إفادتك أنك فعلت،فما قلتهُ ليسَ إلا مشاعرَ شعرتَ بها تجاهَ نفسك وأفكارًا بنيتها على مشاعرك تلك، وبالرغم من ذلك فإن لديَّ إحساسٌ أنك كتبتَ خطابك لصفحتنا استشارات مجانين دونَ أن تحددَ مُسْبَقًا ماذا ستكتبُ فيه أو أنكَ كتبتهُ باستعجال وربما من مكان عملك، أو لعل الأمرَ يتعلقُ بحالة اللامبالاة التي تشتكي منها!
ومع ذلك فسوفَ أفكرُ معك في هدوء:
أولاً: لو أنكَ شخصيةً غير مسؤولةٍ كما ذكرتَ فإن من المستبعد أن تصلَ إلى مركزٍ مرموقٍ في عملك في بلدٍ غير بلدك، لابدَّ أنكَ تتقنُ عملكَ إذن أو على الأقل كنتَ تتقنهُ قبل ذلك بحيثُ تصبحُ تتكلمُّ عن حالةٍ ألمت بك وليس عن ملمحٍ من ملامح شخصيتك، فهل الأمرُ كذلك؟
ثانيًا: أتبعتَ ما سميتهُ أنت (ملخص سريع لشخصيتي) بقولكَ - علما بأنني شخصية مترددة - وأنا لا أرى في كونكَ شخصيةً مترددةً ما قد يتعارضُ مع مركزك المرموق لأن الشخص المتردد في نوعيات العمل التي تماثلُ عملكَ كما أتخيلهُ أنا هو الشخصُ الذي يترددُ في اتخاذ القرارات التي يخافُ أن تكونَ خاطئةً فيصرُّ على الانضباط والدقة والالتزام بأدق التفاصيل، وهذا الشخصُ يعطيكَ الإحساس بأنهُ شخصٌ مفرطٌ في الشعور بالمسؤولية! ألا ترى معي أخي السائل أننا وصلنا من تحليلنا لكلامك إلى اتجاهين متعارضين تمامًا، فهل أنت تقصدُ شيئًا آخرَ بالتردد، غير الذي نفهمهُ كواحد من سمات الشخصيةِ القسرية ؟
بمعنى آخرَ هل أنت كما تتهمُ نفسكَ شخصٌ لديه عدم شعورٍ بالمسؤولية كسمةٍ من سمات شخصيته وهو ما يجعلنا نتجه إلى سمات (الشخصية المستهينة بالمجتمع) Dissocial Personality Disorder وهيَ شخصيةٌ تخطئُ ولا تتعلمُ من خطئها فتعود لتكراره رغم ما يجلبهُ عليها وعلى المحيطين بها من مشاكل، كما أنها تتصفُ بالطيش وعدم التروي في اتخاذ القرارات (أي على النقيض من التردد)!
وأنصحك بقراءة الروابط التالية من على مجانين:
السيكوباتية المغتربة)الشخصية المستهينة بالمجتمع)
الشخصية المستهينة بالمجتمع النموذج وطقوس الإفساد
الشخصية المستهينة بالمجتمع "طقوس الإفساد" متابعة
الشخصية المستهينة بالمجتمع وطقوس الإفساد مشاركة
عسر المزاج ، والاكتئاب
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج ؟
أولاً الكذب وثانيا الكذب وليس ثالثًا فقط !
من الواضح أن الأمرَ أعمقُ مما تحاول إيصالهُ لنا لكنَّ في حكايتك ما يشدني ويشعرني بالرغبة في سبر غوار الموضوع خاصةً وأنك أخ سوداني وكل من عرفتهم من السودانيين أصحابُ اعتزازٍ شديدٍ بكرامتهم ، وأراك تلومُ نفسك على كذبةٍ كذبتها على (أصدقائي ومجتمعي الذي أعيش فيه) وتعلمُ أنها مفضوحةٌ لا محالةَ، وتقولُ بالحرف الواحد (وهذه الكذبة مصيرها تنكشف ويفتضح أمرها لا مفر من ذلك أريد أن أصارحهم بحقيقتها دون أن يغضبوا مني وأخسرهم) وتضيفُ أجمل ما قلتَ في إفادتك وهو (أو أن اتهم بالكذب الذي هو ابشع صفة في الرجل)، صدقت يا أخي ويا ليت بعض القائمين على أمور الأمة يشعرون بذلك! من الطبيعي والبديهي قبل أن أقولَ أي تعليقٍ على هذا الموضوع أن أعرفَ ما هيَ ولن أخمن في هذه المرة، لأن التخمين الصعب!
وثالثًا: تقولُ في إفادتك (عدم الشعور بالمسوؤلية في المنزل - لم يختلف شيء كثير بالنسبة لي عازب مثل متزوج - أكل نوم صلاة ربما إهمال بعض الشيء في الأشياء الخاصة بالزوجة - الذهاب للطبيب - المجاملة... إلخ) أي أنكَ لا تبالي بأشياءَ عديدة تخص عروسك، وتخصُّ التزامك أمامَ الله ،وأمام النفس، أنتَ إذن غيرُ مستمتعٍ بحياتك يا أخي رغمَ أنك حديثُ الزواج، وهذا هوَ ما يعطيكَ الإحساس بأنكَ قد مللت كل شيء ولم تعد تجدُ المتعةَ فيما كنتَ تجدها فيه من قبل، وأنا لا أدري لماذا لم تقارن نفسك بما كنتَ عليه من قبل، حسبَ تخميني السابق الذي رأيت فيه أنك لم تكن بحالتك هذه لفترةٍ سابقةٍ طويلةٍ من حياتك، واعتبرتُ على أساسه أنك تمرُّ بحالةٍ عابرةٍ، وأنا أحسُّ هنا أنني أمام شخصٍ مكتئب، فقدَ مبالاته بالأشياء، وتغير من شخصٍ مُتَرددٍ لأنهُ يخافُ من عواقب اختياره وأفعاله، إلى شخصٍ لا يبالي بالعواقب، ولا يهتمُّ بالأفعال ولا بحقوق الآخرين عليه،
وهذا شكلٌ من أشكال الاكتئاب التي يظهرُ تغيركَ فيها، بسبب الاكتئاب هناكَ سرٌ في حياتك تخافُ من أن يفتضح، وهناكَ عروسٌ يبدو أنها مسكينةٌ معك تحبك ولا تعرفُ كيفَ تستطيعُ رؤيةَ ما يبينُ فرحتك بها واهتمامك بها، وهناكَ لا مبالاةٌ حتى في كتابتك لخطابك لاستشارات مجانين.
كما أن هناكَ العديد من المفاهيم الخاصة بالصحة النفسية وعلم النفس غائبةٌ عنك يا أخي، تحتاجُ لتصحيحها إلى طبيبٍ نفسي متخصص يقوم بعلاجك إن شاء الله قريبًا، أو على الأقل مساعدتك في العلاج! وفي النهاية أستطيعُ أن أقولَ لك أنكَ على ما يبدو تمرُّ الآن بحالةٍ هيَ ليست أنت،أي أنكَ أصبحتَ لا تبالي بالكثير مما كنتَ تبالي به من قبل،غير قادرٍ على إيجاد الجديد في حياتك مع زوجتها، وغير حريصٍ على أن تستمتعَ بإشراكها معك في حياتكما، ولا أدري هل يكونُ هذا كافيا لتخمين حالتك بحالة اكتئابٍ عابرةٍ بإذن الله؟
أريدُ تفاصيل أكثر عن حالتك فإن كنتَ تقرُّ معي أن ما تعانيه هو حالةٌ فأنا أنصحكَ بأن تستخدمَ أحد عقارات الم.ا.س.ا SSRIs التي تعالجُ الاكتئاب، وسيصفهُ لك أقربُ طبيبٍ نفسي من مكان إقامتك، وأرجوكَ أن تصبر على الدواء لأنهُ لن يعمل قبل عدة أسابيع وعمله بطيءٌ لكنهُ يوصلك بإذن الله إلى سالف عهدك بنفسك وقدرتك على الاستمتاع بحياتك كما أنه يقللُ من سمات التردد الناشئة عن الاكتئاب أو عن السمات القسرية، أتمنى أن تتابعني بأخبارك.