وسواس قهري وماذا أيضًا يا ترى؟
هل هناك علاقة بين الشعور بالذنب الدائم والوسواس القهري؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أود أولا أن أشكر كل القائمين والمؤسسين والمشاركين على هذا الموقع الرائع والخدمات التي يقدمها لكل من يريد. وأن هم يفعلوا هذا لا لشيء إلا خدمة للإنسانية والأخذ بيد كل من يريد المساعدة بدون انتظار مقابل راجين الإثابة من الله .فجزاهم الله عما يفعلوه خير الجزاء في الدنيا والآخرة وجزاهم عما يخففون من آلام الناس ومعاناتهم النفسية خير الجزاء.
أما بعد......؛
أنا صاحب رسالة (ذنب ارتكبته في الماضي ومتعلق بالحاضر) والتي قام بالرد عليها مشكورا الأستاذ الدكتور على إسماعيل عبد الرحمن أثابه الله والذي تفضل مشكورا بتشخيص الحالة على أنها وسواس قهري مختلط واني لا أشكره جزيل الشكر على هذا التشخيص الرائع لكني وأنا أكتب الرسالة نسيت أن أسأله السؤال الذي كنت أبعث بشأنه وهو المهم في الموضوع ولقد نسيته وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره!!
وهو هل هناك علاقة بين أن أفعل ذنب ثم أفكر فيه كل اليوم وليس بعضه. هل هذا يعتبر نوع من الوسواس القهري؟! بمعنى، وأرجو أن يتسع صدر حضراتكم لهذا التوضيح إنني بعدما حدثت لي هذه الصدمة النفسية من ارتكابي لعدة حماقات فعلت الذنب وهذا الفعل الخاطئ وجدت نفسي قد تغيرت، فلا أصبحت مثل الأول أي على طبيعتي التي كنت عليها ولا أنا أصبحت تائبا مما فعلت وهو الطبيعي، ولكني أصبحت شخصا آخر غيري. شخصا ليس له هوية كاره لنفسه ولكل شيء ممتع في الحياة. أنا الآن أرى الدنيا برؤية قاتمة بسبب تدخل هذا الوسواس الذي زرعته بيدي بسبب ارتكابي لعدة أخطاء دينية واجتماعية وأخلاقية، والتي أرجو من الله أن يغفرها لي.
لكن المشكلة تتلخص في تدخل الشعور بالذنب بطريقة غير عادية في حياتي بمعنى إذا أتيت إلى الصلاة قال لي لما تصلي أيها الحقير وأين كنت عندما عصيت الله وهل يفيد ما تفعل إنك كاذب لن يصدقك الله ولا الناس وستعيش طيلة حياتك هكذا، فإذا أكلت قال لي وبما يفيد أنت لا تستحق الأكل أنت إنسان حقير تافه وإذا جلست مع أحد قال لي أنت تضحك على نفسك ستعيش هكذا بوجهين أنت غير طبيعي أنت لست برجل أنت لا تستحق الحياة وهكذا فإذا نمت قال أتنام وبداخلك كل هذه الذنوب يا حقير لك الحق أن تموت أفضل.
فتركت هذه المرحلة ثم دخلت في مرحلة أخرى، وهي مرحلة عدم تمني الذنب من الأصل، بمعنى عدم ارتكابه فإذا جلست مع أحد فيقول لي يا سلام لو لم تفعل هذا الذنب لكنت الآن أفضل حالا على الأقل ما كنت تفكر فيما أنت فيه وكنت تجلس وأنت راضي البال فإذا نمت قال يا سلام لولا هذا الذنب لنمت أفضل وهكذا.
ثم تعداه إلى المستقبل وقال لي ماذا يفيد المستقبل وأنت أخطأت ولم تنجح في حلم بسيط وكيف ستواجه ذنوبك وأخطاؤك، ثم أتخيل نفسي على كل الصور أتخيل نفسي ناجحا في مجالي والكل حولي يشيدون بي إلا أنا وأراني أقول لنفسي يا حقير الكل مبسوط بك إلا أنت وأتخيلني في عز النجاح وبداخلي هذا الذنب. فأحزن أشد الحزن.
ثم ما لبثت أن دخل في مرحلة أخرى وهي. حتى وإن نجحت بما سيفيدك، أنت يكفيك عذابا أنك ستموت وأنت بداخلك كل هذه الأخطاء، لن يشعر أحد بك، وستعذب وحدك كما تتعذب الآن، إذن هو الانتحار، لكنك لو انتحرت فستغضب الله وستعذب وستنتهي حياتك أيضا بدون أي فائدة ولن يشعر بك أحد وسيتهمك الجميع بالكفر إذن، لا أنا راضي عن الحياة ولا أنا راضي عن الموت فكل شيء في حياتي ليست له أي قيمة، لا العمل ولا الأكل ولا الشرب ولا النوم ما دام أن الذي حدث لا يمكن إصلاحه لأنه أصبح ماضي ولا يمكن إرجاع الماضي إلى الأبد، وما فائدة أن أعيش وأنا معذب من جراء الماضي.
وعلى هذا يا سيدي أصبحت أكره الحياة وأكره الماضي الذي أخطأت فيه والحاضر الذي لن يفيده التعديل الذي سأعدله، ثم ما لبث أن تتطور الأمر إلى كراهية كل شيء جميل فإذا رأيت أي شيء يفرح النفس اشتدت كراهيتي لنفسي وتمنيت بناء على ما سبق أن شرحته أني لو كنت الآن بدون ما فعلت لكنت أكثر استمتاعا به وإذا رأيت أي أحد يفعل الخير شعرت بأنه أفضل مني حتى لو فعلته أنا فسيكون ليس له أي قيمة وهكذا. تسير حياتي.
الآن أنا مغيب أشعر أن الأيام تعدو هربا مني وأنا لا أقدر على العودة لنفسي، وأشعر بأني قادر على القيام بأشياء أستطيع القيام بها لكني لا أستطيع بل أقاومها أشد المقاومة لا أعرف كيف؟ أنا الآن أقاتل هذا الشعور قتالا شديدا، لكنه لما وجد مني المقاومة، تتطرق إلى زاوية أخرى مختلفة تماما، وقال لي إنك طبعا ستنسى ولابد لك أن تنسى لأن هذا طبع البشر لأن الحياة لن تتكرر وهي محدودة ولكن تذكر أنك فشلت في كل شيء ويكفيك عذابا أن تعيش هذه الأخطاء بداخلك، وأنك ستعيش بالرغم من أنفك هذه الحياة التي لا تريدها لأنه ليس لك اختيار آخر، أنها حياة واحدة وأنت بالرغم من معرفتك هذه الحقيقة إلا أنك ستعيشها معذبا لأنك لم تتحقق فيه الإنسان الذي كنت تريد أن تعيشه.
وهكذا يا سيدي. هذه الدائرة المغلقة التي لا أستطيع الفكاك منها، ولا أعرف بسببها كيف أعيش، أنا لا أعرف لي يا سيدي أي هوية أنا الآن لا أشعر بأي شيء ممن حولي مثلما كنت فيما مضى، والسؤال الآن أنا أعرف أن التفكير في الماضي لا يفيد وأن ما أفعله خطأ لكني لا أقدر على مقاومة هذا التفكير الذي يغلق أبواب الحياة في وجهي.
السؤال هو هل التفكير في الذنب والخطأ أيا كان على هذا النحو يعتبر نوع من الوسواس القهري وكيف أفتح أبواب الحياة المقفلة في وجهي بطريقة منطقية وكيف أتوقف عن أفكاري تلك وأعيش حياتي على الرغم من عدم جدواها
وشكرا لسعة صدركم لشكواي. وآسف للإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
16/8/2007
رد المستشار
عزيزي "وليد"؛
أهلا بك ومرحبا على مجانين للمرة الثانية، وأشكر لك حسن الظن بالموقع والقائمين عليه، وأدعوك إلى قوله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني، وقوله تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله.
وغيرها من الآيات والأحاديث الشريفة التي تفتح باب الرحمة للعاصين، فما بالك يا أخي بالمرضى الذين قال الله عليهم (ليس على المريض حرج)، ما سردته أخي في رسالتك استكمالا لسرد رسالتك السابقة وبالتالي لا تغيير في التشخيص (اكتئاب ثانوي لوسواس قهري)، فالأعراض التي تحدثت عنها في رسالتك تعكس الاكتئاب الشديد الذي أنت فيه الآن (كاره لنفسه ولكل شيء ممتع في الحياة، أنا الآن أرى الدنيا برؤية قاتمة، الشعور بالذنب بطريقة غير عادية، وكيف ستواجه ذنوبك، فكل شيء في حياتي ليست له أي قيمة، لا العمل ولا الأكل ولا الشرب ولا النوم)..
وما يدور في رأسك هي نفس الأفكار الوسواسية التي اختلطت بالاكتئاب فظهرت وكأنها أفكار أخرى (إذا أتيت إلى الصلاة قال لي لما تصلي أيها الحقير وأين كنت عندما عصيت الله، أنت يكفيك عذابا أنك ستموت وأنت بداخلك كل هذه، وأنك ستعيش بالرغم من أنفك هذه الحياة التي لا تريدها لأنه ليس لك اختيار آخر) وغيرها من الأفكار الوسواسية الأخرى التي ظهرت في رسالتيك.
واقرأ على مجانين:
من سمات الموسوسين فرط الشعور بالمسؤولية والذنب
التوبة للمذنبين والاستغفار للموسوسين
أخي لا تيأس من رحمة الله وخاصة أنك لم تبدأ علاجك بعد، فتوجه من فورك للعلاج وتابعنا بأخبارك