السؤال لماذا تخلفنا؟ والإجابة بسبب انهيار أسرنا
الحمد لله على كل حال. حدثت بحياتي أحداث أثرت علي وعلى شخصيتي فأنا انطوائية ووحيدة جدا رغم وجودي بين أصدقائي، إلا أنني أشعر بوحدة لأنه لا يوجد عاطفة بحياتي إطلاقا لا من أهل ولا من أحد، وأتمنى أن أموت الآن إذا كان الله راضياً عني منذ أن وعيت على الدنيا وأهلي بينهم خلاف متواصل أحس بأننا بالعائلة مجرد سكن كسكن الطلاب لا يوجد به حنان أو عطف فلا يوجد أب يعطف وأمي دائما مشغولة بعملها وبأشيائها الشخصية وبطبيعة الحال الأبناء هم الضحية ومع أني أصغر واحد بالعائلة يعني المفروض الدلوعة إلا أنه العكس يمكن لأنه عندي 5 أخوات غيري يعني لما ولدت كانوا قد ملوا من صنف البنات، وطبعا كنت لما أكون مع أمي تقعد تحكي عن أبي وكيف أنه عاطل، وهذا شيء كنا نشوفه بأعيننا وهو كان مهملنا على الآخر،
يعني لما أنوي أركز على طفولتي أغلب ما أتذكره عنه أنه كان ينكد علينا، يعني لما أكون مع صديقاتي أحيانا يصرخ علي أمامهم، أو عندما أجعله يشاهد شهادتي يقول لي مش فاضي، ومن هذا الكلام، ولما أكون معه يحكي لي أنه يرغب في الزواج على أمي، ويريني الأثاث الجديد الذي اشتراه ليتزوج، هذا كله وأنا يمكن عندي9 سنوات.
والمصيبة الأكبر التي أثرت علي أنه منذ أن كنت ابنة أربعة أعوام وحتى عمر 14 سنة، وأنا يوميا أتعرض للتحرش من كل فرد من أفراد العائلة حتى لما كانوا يطلعوا ويتركوني مع أحدهم كنت أروح على الحمام وأغلق على حالي وأظل أبكي وأدعو الله إلى أن يأتي أي واحد منهم للبيت، كي أطلع وأكون بأمان هذا كله ولا أحد معه خبر لأن علاقتي مع أمي تقريبا أوامر ونواهي ولا توجد العلاقة الحلوة؛ يعني حتى عن الأشياء الشخصية لا تحاول تسألني!
مش عارفة ليه، ولو سألت يكون نوعا من بر والعتب، كنت وأنا يمكن 12 سنة أتبول على نفسي بالليل والصبح لما ماما تعرف كانت تعذرني وأخواتي يستهزئون بي، وبهذا الوقت كان أبي قد تزوج عروسا جديدة، وأمي تظل تعصب علينا وبعدين بطلت أتبول على نفسي فصرت أقطع بشعري وظلت على هذه الحالة حتى وصلت إلى 18 سنة نفسي أتخلص من الشعور بالحاجة للعطف والاهتمام لأنني بداخلي أشعر كبنت عمرها 3 سنوات ترغب في أن يحضنها ويعطف عليها أي أحد؛ وهذا الشيء صرت أكرهه لأنه يدل على ضعف ولأنه لازم الواحد يكون قوي عشان يعيش بين هؤلاء الناس ولا يحتاج لأحد لأن الناس لما يشوفوا أحد محتاج لهم يستعلون عليه ويرونه أصغر منهم.
ما رأيكم دام فضلكم
ولكم كل الشكر
24/08/2007
رد المستشار
ابنتي وعزيزتي "آية"
قرأت رسالتك أكثر من مرة، وانتابتني مشاعر مختلفة في كل مرة أقرأ فيها رسالتك، ثم قمت بعد ذلك بعمل بعض التصحيح في متنها اللغوي، وكنت أنوي إعادتها لأخي الدكتور وائل، وهذا يحدث مني أحيانا عندما أحس بغضب نحو كاتب أو كاتبة الاستشارة، ولكن في رسالتك شعرت نحوك بشفقة كبيرة وحزن وأسى على أحوال بعض الأسر في أمتنا الواحدة، حقيقة يا ابنتي لا أدري كيف أساعدك، وكيف أدلك على من يواسيك ويمسح دمعتك؟!.
أفكر فيك وفي مشكلتك لأكثر من أسبوع الآن، ولا تطاوعني أصابعي ولا يسعفني دماغي وعقلي في أن أكتب ما يعينك على ما تعانين منه؛ فلك أب أناني لا يهمه إلا شهوته ومصالحه الخاصة، وأم عصبية ضايقتها مسئوليات الحياة مع زوج شديد الأنانية بل وعالة وكَلٍّ على أسرته، أما أخواتك ففيهن الطامة الكبرى، وأنا لا أدري كيف يتحرشون بك؟ هل هو تحرش جنسي؟!، أم تقصدين بقولك التحرش بمعنى: المضايقات اللفظية والاستفزاز المستمر والإيذاء البدني؟!.
ابنتي العزيزة؛
ذكرت في مشكلتك موضوع التبول الليلي اللاإرادي، وموضوع شد الشعر، وأظن أن شد الشعر يضايقك ويؤلمك، وإن كان ما يؤلمك أكثر هو التجاهل وعدم الإحساس بالاهتمام والحب من الآخرين، هذا التجاهل وغياب الحب والود والاهتمام هما من أهم أسباب حدوث اضطرابات الشخصية وبالذات اضطراب الشخصية النرجسية والحدية وعدوة المجتمع، وبالذات عندما يفتقد الابن أو الابنة تلك المشاعر في أثناء مرحلتي الطفولة والمراهقة، وإذا أضفنا في حالتك افتقادك للقدوة الحسنة تماما؛ فأنت وأخواتك يا بنيتي ضحايا من ضحايا ضياع الأسر وانحلالها، ورغم كل هذا الكم من العناء والمعاناة يبقى بصيص أمل في أن تجدي قدوة صالحة من بين أقاربك أو مدرساتك أو حتى من بين جيرانك الطيبين؛ وأنت الآن على أعتاب مرحلة النضج وعليك على الأقل أن تنوي الخير حتى تصلي إليه وتحصلي عليه.
ابنتي الغالية آية؛
لو استطعت الاستعانة بطبيبة نفسية في منطقتك فسيكون ذلك جزءا لحل مشكلتك، وقد يكون لك فيها القدوة والمعين والبديل لما تفتقدينه في كل أفراد أسرتك، واستعيني بالله ولا تعجزي، وتابعينا بأخبارك.
واقرأ أيضاً:
أسرنا البائسة..هل من نهاية لعذابات الأحبة
كل واحد في ناحية: أسرنا المشوهة
ويتبع >>>>: نموذج لانهيار الأسر م