رويدة والشخصية البينية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جدا لهذه الخدمة التي تؤدونها في هذا الموقع الرائع وأرجو منكم الرد على مشكلتي فأنا أملي فيكم كبير.... أنا أعرف أنها يمكن أن تكون أحداث كثيرة في سطور ربما تكون قصيرة ولكن هذا ما استطعت أن أسرده في محاولتي التقصير فيها.
حقيقة لا أعرف من أين أبدأ.... فمنذ وأنا صغيرة جداااا وأنا حالتي النفسية في تدهور مستمر فأنا دائمة الخوف على أمي لا أعرف لماذا!!! أشعر دائما في إني سوف أفتقدها في يوم من الأيام ولكن الأحداث مستمرة... وكنت أمام الناس في بعض الأحيان فتاة طبيعية فكان عندي صديقتين وهما عشرة عمري فنحن أصدقاء منذ كنت في الحادي عشر من عمري ولكنهم كثيرا ما يتهموني بالعنف والتسلط والحداد في كلامي مع الناس فعندما كنت في ال 20 من عمري تقدم لي شاب تعرفت عليه من خلال الإنترنت وكان هو يعيش في أحد الدول الخليجية وخطبني وظل معي فترة بسيطة وأحببته كثيرااا وكانت أمي ترفضه رفض تام... وكنت أعلم أنه فيه بعض الصفات السيئة ولكني كنت أعمي عيني عنها وعاد مرة ثانية إلى عمله وكنا نتحدث يوميا على الإنترنت وبعد خطوبتنا بسنتين تقريبا ذهب وعلمت أنه خطب إحدى الفتيات وتدهورت حالتي النفسية كثيرا ولكن كنت أعلم بداخلي أنه كان يحبني فعلا وما بيننا كان ليس مجرد عبث.. ولعله في عبث الآن مع هذه الفتاة وتركته لم أحادثه ولم أسأله لماذا فعلت هذا بي!!! وكنت أنتظر رجوعه نادما.. وبالفعل بعد ثلاثة أشهر رجع مرة أخرى وهو يطلبني إلى اليوم.
ونرجع إلى مشكلتي الأخرى فلقد تخرجت من الجامعة.. وأحد أقاربي سفرني إلى إحدى البلاد الخليجية فلم أشعر يوم أني مرفهة.. كنت أعلم طيلة الوقت أنني (بنت جدعة) تستطيع أن تعتمد عليها في أي وقت فعندما ذهبت إلى هذه البلد لم أكن مسافرة بحثا عن المال ولكن باحثة عن كل ما هو جديد كل ما هو مثير... كنت باحثة عن الحياة الجديدة كنت باحثة عن تحقيق ذاتي ولكني بمجرد وصولي إلى هناك... ما هذه الغربة التي بداخلي أين أهلي أين أمي!!!! لا أستطيع أتمزق من تفكيري وعقلي يكاد يجن وظللت في هذا البيت بمفردي مع بعض الأقارب الذين لم أعرفهم من قبل ولم أستطع أن أتحمل فاتهمت نفسي بالفشل وبالفعل رجعت أدراجي مرة أخرى إلى بيتي إلى أهلي بعد بضعة أيام فلم أجد في هذا مشكلة وشعرت أني تغيبت عن أهلي كثيرا...
وبعدها قام بخطبتي شخص آخر تعرفت عليه بعد فسخ خطوبتي الأولى وكنت معجبة به.. بأخلاقه بطيبته بحنيته فكان مثال للرجل الجميل ولكنه كان لا يتحمل المسئولية من وجهة نظري فكان نقيد لخطيبي السابق ولكني أعزه جدا حتى هذا اليوم وبعد بضعة أشهر شعرت بالفشل ما هذا الذي فعلته بنفسي لماذا عدت هكذا مثل الأطفال كنت أريد أن أحقق ذاتي أن أرى نجاحي على أرض الواقع وبدأت بلوم نفسي كثيرا وبعدها بدت حياتي روتينية مع هذا الشاب وبعد فترة لم أستطع أن أكمل حياتي معه فأشعر أنه طفل وأنا أمه ما هذه العلاقة المريضة... فذهبت بعيدا وانتهت الخطبة وكنت في هذه الفترة أبحث عن عمل في الخارج..
لا أعلم لماذا ولكنني تأكدت بعد أني أبحث عن الاستقرار الذي لم أجده في بيتي أبحث عن عقلي الذي يكاد يجن مع هذا العالم المحاط بالخوف وعدم الأمان فحالتنا المادية غير مستقرة نهائي ولكن ليس هذا هو السبب الرئيسي كنت أريد أن أبعد عن أمي التي هي دائما سر خوفي من الحياة أبعد عنها من كثر حبي لها وبالفعل وجدت عمل في نفس الدولة التي ذهبت إليها من قبل ولكن العمل لم يكن مجالي ولا قدراتي فإنه (بائعة) والبائعة لا تكون حادة ولا تكون عنيفة ولكني كنت أريد دائما أن أكون أي شيء أريده أو لا أريده كنت أريد أن أعلم من أنا؟؟؟ وعلمت... علمت أني شخصية غريبة الأطوار من أنا!!!!! فكنت أكره هذا العمل جدا...
ما هذا أنا بائعة لا أستطيع ولكني تحملت على أعصابي فترة.. فتشاجرت مع مديري وقام برفدي من العمل.. فأنا عصبية جدا جدا وجاء قريبي الذي سفرني في المرة الأولى وكان يريد مساعدتي على حد علمي ولكني فوجئت به يتحداني ويقف أمامي ويشين بي مع أهلي ويتحدث عني كأني طفلة عابثة ولكني بالفعل لم أكن هكذا كل ما فعلته أني رفضت أن أفعل ما هو يريد فهو يريد أن أبدأ من الصفر وأن أعمل أي شيء ولكني رفضت وصممت أن أعمل في مجالي الذي أستطيع من خلاله أن أكون أنا.. ليست كبائعة أو ما شابه وذهبت باحثة عن عمل آخر في مجالي وبالفعل وجدت وكنت سعيدة جدا وكنت مكافحة جدا جدا وكانت أمي سعيدة جدا لأجلي لأنني بدأت في تحقيق ذاتي وبدأت أظهر بشخصيتي التي لم أكن أعلم عنها مطلقا شخصية لذيذة جدا.. دائمة الضحك.. مرحة تحب الناس.. حنونة جدا جدا على وجهي دائما ابتسامة ذهلت ما هذا إنني أنا دائمة الوجه العبوث.. العصبية... الحادة جدا جدا،
ولم أفرح كثيرا فبعد بضعة أيام فجأني صاحب المكتب الذي كنت أعمل فيه فهو رجل غير طبيعي فقد حاول أن يقايضني بمكوثي في العمل مقابل أن أذهب بيته يوميا وخرجت من المكان محطمة جدا جدا جدا وأبكي أبكي كثيرا ولم أستطع أن أبلغ أهلي بهذا... مع العلم أهلي يثقوا بي تمام الثقة ويعرفون أني بمثابة رجل في هذه المواقف وابتعدت عن العمل تركته.. فإنه ليس موظف مثلي لأشتكي منه لصاحب العمل إنه رب العمل نفسه وبحثت عن عمل ثانيا وثالثا ولم أجد فعدت أدراجي إلى البيت كنت في منتهي السعادة فكنت لم أراهم منذ 4 شهور تقريبا ولكن بعد بضعة ساعات شعرت بوخزة في قلبي وكانت تتشاجر أمي وأختي فلعنت مجيئي إلى المنزل لا أرد على مكالمات أصدقائي.. لا أريد أن أرى أحد لا أريد التحدث إلى أحد لا أريد أن أطلع أحد عن فشلي ولكني كنت مصممة أنني ليست بفاشلة إني فقط أريد فرصة... لكي أخرج من عنق الزجاجة ولقد قصيت عليك كل هذا إلى أن أوصل لهذه النقطة فمن هذا اليوم وأنا لست أنا فلقد ظهرت بشخصية جديدة تماما فأستطيع أن أبقى صامتة لأيام ولا أريد التحدث إلى أحد فكنت وحيدة مع أهلي فكانت أختي الصغيرة دائما تحاول أن تأخذني من ما أنا فيه ولكني لا أستطيع.. أشعر أني لا أستطيع الحراك أشعر بالشلل.. بالفشل... بالمهانة أرى في أعين والدي (يا فاشلة)... رغم شفقتهم،
ولكن أمي هي دائما من كانت تحثني على القيام مرة أخرى ولكن... آسفة يا أمي لا أستطيع ليس في يدي شيء لأفعله فأنا كالمشلولة ولم أعرف ماذا حدث في هذه البلد لأرجع هكذا؟؟؟ فأنا دائمة الصمت وذهبت لخالتي في بلد خليجية أخرى.. فيها نفس الشاب الذي اتخطبت له عندما كنت في العشرين من عمري وطيلة هذه الفترة وهو يحاول أن يرجع لي ويرد لي كرامتي ولكن أمي لا... ترفض تماما وأنا بالكاد أرفض... لأنني أعلم ما مصيري مع هذا الرجل فإنه سليط اللسان ومؤذي وأشعر بحياتي ستكون جحيم معه ورجعت مرة أخرى هاربة منه!!!!
ولكن أشعر أيضا أن لا بديل أشعر أنه نهاية المطاف أشعر أن الله وجهني لكل هذا لكي أرجع له ولكنه الآن في حرب شديدة اللهجة مع أمي وأمي تريد أن تفعل أي شيء لأبعد عن هذا الرجل ولكن لا أستطيع أن أبعد!!!!
والآن.... يعرض علي الزواج بإلحاح وأيضا سفري مرة أخرى... فلك أن تعلم أن طيلة هذه الفترة أكون معاه وبمجرد أن يتحدث في مراسم الزواج... أصاب بصعقة ولا أستطيع الكلام وعندما أجد طريق آخر يبعدني عنه فأجري باحثة عن حياة أخرى وليس برجل آخر فلا أتخيل نفسي زوجة لغيره ومشكلتي الآن أنني أشعر بأشياء غريبة جدا فأنا زاهدة جدا في الحياة الآن أرى الحياة بعين أخرى ما هذا... لماذا أعيش أصلا؟!..
الحياة لم أستحقها لماذا كل هذا التعب... سنموت في يوما من الأيام دائمة الخوف على أمي.. وأحاول أن أظل معاها أكثر وقت ممكن حتى لا أندم في يوم من الأيام على هذا الوقت الذي أهدرته دونها ولكني عندما أبعد عنها أرتاح إلى حد ما فأنا أشعر بالحزن دائما لا أشعر بالمتعة أبدا لا أنام تقريبا أشعر بأنني لا أستطيع أن أتحرك..... فأطول اليوم مستلقية على ظهري أشعر بأن لم يعد لي قيمة أبدا... وأراها في أعين الناس ولهذا لا أستطيع أن أقم أي علاقات اجتماعية شعور قوي بالذنب لأي شيء ودائما أشعر بفقدان الأمل سريعا ماذا أفعل...................
أرجو الرد على رسائلي...
وشكرا.
18/09/2007
رد المستشار
الابنة العزيزة "رويدة"؛
تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على مجانين، قبل أن تقرئي ردي على رسائلك أرجو منك أن تقرئي الاستشارات التالية وأنا واثق أنك ستجدين فيها الكثير من الردود على ما سألت عنه وما لم تسألي عنه أيضا:
كآبة وعنوسة وسمات شخصية بينية
الموشكة على الانتحار شخصية حدية (بين بينية)
الشخصية البينية (الحدية): هل هذا هو النموذج؟
الموشكة على الانتحار شخصية حدية (بين بينية)
الحلم البين بيني! والشخصية الحدية
بالطبع ليست قصتك مثل قصصهم، وهناك اختلافات بين قصتك وقصصهم، ولكن ستجدين بعض صفاتك متشابهة مع صفاتهم وهي:
التقلبات الحادة في المشاعر
التقلبات السريعة في السلوكيات
حدة المزاج والعصبية وسرعة تغيير الأفكار
عدم تحمل الخصام والهجر من الأصدقاء والمعارف لفترة طويلة،
وفي نفس الوقت عدم القدرة على الاحتفاظ بتلك الصداقات لفترات طويلة.
حب الاختلاط بالناس، وإقامة علاقات معهم ولكنها لا تستمر طويلا.
التضخيم والمبالغة في ذكر الأمور والأحداث؛ وهذا واضح في رسالتك.
التعلق الغريب بمن يعذبهم ويسيء إليهم ويسبهم، وهذه السمة يشاركني في ملاحظتها أخي الأستاذ الدكتور السيد صالح، واستشهد أخي السيد بعدد من مريضاته اللاتي يتسمن بتلك الصفة، وفي حالتك ألاحظ نفس هذا التعلق الغريب بالخاطب السابق الذي طالما أهانك وسبك وعذبك وفي النهاية تركك لأخرى حتى بدون استئذان!، أو حتى اعتذار!، ورغم كل هذا فأنت متعلقة به ورفضت الشاب المهذب الطيب الحنون ولكن عيبه أنه لا يتحمل المسئولية من وجهة نظرك!!. ولقد عالج شكسبير في روايته "ترويض النمرة" تلك المشكلة؛ وأقصد بها مشكلة تعلق المضطربة بالشخصية البينية بالشخص القاسي العنيف الذي يتفنن في تعذيبها والقسوة عليها حتى تطيعه وتستجيب لرغباته.
لقد شخصت حالتك بكلمات معدودات حين قلت: "وعلمت، علمت أني شخصية غريبة الأطوار!!"؛ فأصحاب اضطراب الشخصية الحدية أو البينية غرباء الأطوار حقا، وفي هذا الاضطراب قد تظهر على المريض أعراض الاكتئاب بدرجاته من الاكتئاب البسيط وحتى الاكتئاب الجسيم المصحوب أحيانا بالرغبة في الانتحار، وفي حالات أخرى نجد المريضة تعاني من بعض الهلاوس أو الضلالات، وأحيانا يختلط الأمر أكثر، ويصبح التشخيص أصعب فنجد المريضة كثيرة الكلام والانتقاد للآخرين والتهكم عليهم، مع الحدة والعنف لكل من يعارضها لدرجة تشبه مرضى الهوس، وهذا هو أحد الأسباب الذي جعل علماء الطب النفسي يسمونه باضطراب الشخصية البينية أو الحدية حيث تقع أعراضه على الحد الفاصل بين العصاب والذهان.
ابنتي "رويدة" أصل معك الآن إلى العلاج والحل للمشاكل التي تعانين منها، وكما قرأت أنت في الاستشارات السابقة فأنت بحاجة إلى طبيبة نفسية ماهرة تسمعك وتعرف منك تفاصيل أكثر عن سنوات طفولتك ومراهقتك، وعن كيفية معاملة والديك لك في تلك الأيام الغابرة، وبالذات والدتك، وذلك لتحليل علاقة القلق التي تربطك بها، ومن العلاجات المفيدة أيضا وقد يكون صعبا بالنسبة لك هو ما نسميه "بالبيئة العلاجية": حيث يقيم المريض في بيئة علاجية لعدة أشهر يتم فيها مواجهته بما يقوم به من سلوكيات خاطئة، مع دعم المريض في نفس الوقت بجلسات العلاج النفسي الفردي، ويوجد حاليا في إنجلترا مستشفيات خاصة متخصصة فقط في علاج هذا النوع من اضطراب الشخصية، وإن كان ذلك العلاج في بعض خطواته قد لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا الشرقية، وأرى أن الالتحاق بالعلاج الجمعي في بعض العيادات أو المستشفيات النفسية بمصر ذا فائدة بالنسبة لحالتك.
يتبقى يا ابنتي العلاج بالعقاقير النفسية وهذا يقرره الطبيب النفسي المعالج وفقا لحالة المريض الجسدية والنفسية، وأهم تلك العقاقير هي مجموعة مثبتات المزاج وقد تكلمت عنها في إجاباتي عن بعض الاستشارات السابقة.
والآن أظن أنني قد أوضحت صورة اضطراب الشخصية البينية الذي تعانين منه وعليك بالصراحة والمواجهة مع نفسك عند قيامك بتصرف غريب أو غاضب، وسيساعدك في ذلك طبيبة نفسانية متخصصة.