أضاجع أختي: الهرب أم الانتحار؟
الدنيا تقفلت بوجهي
أنا هو نفس صاحب ا لموضوع ... حاليا أدرس في السعودية دراسة جامعية .... ما ذكرته من الحلول ... صعب جدا يا دكتور... أختي لا تثق فيني أبدا بعد ما عملته .. حتى لو رأتني في غرفة لوحدي لا تدخلها (ولو كنت أصلي (وأهلي كلهم ..( تقريبا منغلقون دماغيا)
وأنا قررت أني أسافر بره بس ما حصلش في الصيف ده لأنه التأشيرة صعب لمن هم دون 21 ... والحين قررت قرار نهائي وأنا بصدد تنفيذه .. وهو :-
بما أني في السعودية ...فكل شهر أسافر إلى مكة والمدينة لمدة 3 أيام .. وأدعو الله أن يغفر لي ويستر علي .. لأني تيقنت أنه لن ينقذني مما أنا فيه سوى الله سبحانه ... ولا تنسوني من صالاتكم ودعائكم .... علما أني التزمت التزاما دينيا بحتا ...
وتعرفت على أناس أخربتهم بمشكلتي فأخبرني أحدهم أنه يستطيع تهريبي للعراق لكي أجاهد عن طريق سوريا وأنتهي من معاناتي هذه
وشكرا لكم على هذا الموقع الرائع المفيد وسدد الله خطاكم
23/9/2007
رد المستشار
أعتقد أنك الآن مستوعب أن ما ارتكبته في حق نفسك وأختك كان خطيئة شنيعة، وهذا يفيدك من حيث أن الوعي بالذنب، والندم عليه إنما هو من أهم أركان التوبة النصوح المقبولة بإذن الله، ما استكملت أركانها، وصدق صاحبها فيها!!
لكن ديننا يا أخي الكريم، أو بالأحرى يا ولدي المسكين لا يعالج الخطايا بالحماقات، وما أراك إلا مقدما على حماقة يبدو أنك لا تعرف أبعادها!!
قلت في مواضع سابقة أن هناك فارقا بين الجهاد الذي يأتي بأفضل النتائج عبر التخطيط، وحساب المكاسب والخسائر، والجهاد الخاطئ، وأحسب الاندفاع غير المدروس هو نوع آخر من الانتحار، ولكن بشكل شريف ونظيف، أو هو يبدو كذلك!!
رسالتك فتحت أمامي نافذة وعي على موضوع لم أكن أتصوره ولا أدركه، ومن رسائلكم نتعلم، وعبره نرى ما لا نرى لو كنا جلسنا في بيوتنا، أو لو أننا أغلقنا هذا الموقع كما أرسل أخي د. وائل أبو هندي يهددني لما رأى أنني متأخر في الرد على بعض ما لدي من رسائل ومشاركات!!!
تأمل معي وتمهل، وافقه يا بني يرحمني ويرحمك الله: أنت شاب مندفع – بما يتناسب مع سنك إلى حد كبير- وفي مناخ الكبت الجنسي من مثيرات ومهيجات، وغياب الإشباع بطريقه الشرعية، والتربية السليمة غائبة أيضا وسط أهلك "المنغلقين دماغيا"!!
في اندفاعة سابقة زين لك الشيطان الزنا بأختك، وكان ما تعرف، ثم ندمت على ما فعلت، فهل العلاج هو الهروب؟!
أو هل العقوبة أن تقتل نفسك بتلك الطريقة أو هذه الوسيلة؟! هل نحن أحرار بالتصرف في أرواحنا؟ هل يحكم الله سبحانه وتعالى على الزاني غير المحصن بالموت؟! هل أنت أعدل من الله جل وعلا؟!
وعلى المستوى العام هل أصبح هذا النمط من الجهاد هو المهرب من الضغوط، أو هو المغطس الذي يعتمد فيه شبابنا تطهيرا لهم من ذنوبهم؟! على غرار التعميد، وطقوسه النصرانية!!
تخيل معي زهرة شباب الأمة ممن لا يهربون إلى الإدمان أو السهر أو تخريب الصحة أو قتل الفراغ بما يغضب الله، تصور معي زهرة الشباب الذين أخطئوا، وكل ابن آدم خطاء، ويقررون التسلل إلى العراق عبر سوريا أو غيرها ليضعوا أنفسهم في أتون حرب لا يعرف أحد أولها ولا آخرها!!
أفهم أن العراقيين – أهل البلاد - يسعهم بل يلزمهم أن يجاهدوا المحتل وأن يطردوه، وأفهم أنهم قد يحتاجون إلى نوع من الدعم البشري أو غيره، فيطلبون ذلك، ونقوم به بالوسائل الأفضل التي يحددونها هم، وأهل مكة أدرى بشعابها، ولم أسمع حتى الآن أن إخواننا في حاجة إلى رجال، بل سمعت العكس، وهو أن وجود أفراد من غير العراقيين يسبب العديد من المشكلات لأسباب يمكنك ويمكنني ويمكن لأي عاقل أن يفهم بعضها، ويخمن الآخر!!
فأي جهادٍ يا أخي وأي رحيل؟!! شبابٌ يهربُ مشكلاته الشخصية أو أوضاع بلاده العامة، فلم يبحث عن إصلاح لأوضاع الفردية، وأوضاع بلاده أو أمته العامة، ولكنه يبحث عن فرصة ليسافر حيث يموت، ويجد من يساعده على هذا، ولا يرشده لما ينفع به نفسه وأمته، فماذا يستفيد العراق، وماذا تستفيد الأمة، وماذا تستفيد أنت حين تموت برصاصة لا أعرف هل من العدو ستكون أم من الصديق؟! هل أنت عاشق للعراق؟!
طيب.. العراق يحتاج إلى مصالحة وطنية، وإلى بناء، وإلى تضميد جراح هائلة، وإلى جهود متضافرة لإعماره بعد أن تم تخريبه، فمن سيقوم بهذا؟! ومن لهموم وأوجاع الأمة؟!
والأمة كلها فيها الجاهل يريد أن يتعلم، والفقير يريد تنمية وتدريبا، وأرضنا صارت خرابا من كيد الأعداء، وتقاعس أولي الأمر، وتبديد الجهود فيما لا يفيد، فمن لهذه العلل والأمراض إذا سافر الشباب التائب المؤمن الذي يمكن أن يكون طاقة إصلاح نحتاجه بشدة، وفي نواحي عدة!!
من للبناء إذا اندفع خيرة الشباب للهجرة إلى الغرب أو للموت في العراق؟!
طبعا أنت ذاهب إلى العراق لتموت "شهيدا"، فهل أنت واثق أن هذا سيفيد بأي قدر غير في إنهاء معاناتك الشخصية، وهو ما لا أدري ولست متأكدا أنه سيحصل!
فأنت تعرف أن الأعمال بالنيات، وأن الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، هو الجهاد المعتبر في سبيل الله، وهذا الجهاد الصحيح يحتاج إلى تأمل وفهم، وليس هذا موضع استطراد، ولكن إذا كنت أنت مسافرا إلى هناك لتنتهي معاناتك، فهل تعتقد أنه سيكون "الجهاد" الصحيح في المكان الصحيح في ضوء ما تعرف عن نفسك، وعن أحوال أرض المعركة هناك؟!
هل البدائل أمامك هي السفر هكذا، أو البقاء هكذا حبيسا تبكي نادما داعيا أن يغفر الله لك، وأن يستر عليك؟!
هل تعرف أن مسألة الاعتداء الجنسي قد حوصرت في الغرب – إلى حد ما وذاع خبرها، وانتشر الوعي بها بفضل جهود بعض ضحايا هذه الجريمة الذين كسروا حاجز الصمت والتواطؤ، وكتبوا كتبا، وأنشئوا جمعيات، وتحدثوا إلى الإعلام فانتشر الخبر وذاع وتطورت الجهود في اكتشافه وتشخيص ومواجهة وعلاج الجريمة!!
بينما نحن هنا ما نزال نهمس ونتوارى ولا يعرف أحد كيف يمكن أن نواجه هذا الوحش المخيف، وهذا الداء البشع!!
لا أقول أن المطلوب منك أن تهتك ستر الله عليك، ولكن ألا يسعك، ويكون الأولى في حقك أن تنتهي من دراستك، وتبدأ مشروعا ما لمواجهة هذه الجريمة، ولست ضد أن ترحل بعيدا عن أسرتك طالما أنهم منغلقون دماغيا "كما تصفهم، وطالما أن هذا يساعدك على إدارة أمورك بشكلِ أفضل!! أرجو أن تتابع معنا أخبارك.
وأدعوك أن تعيش مجاهدا في زمان يبدو فيه أن أغلب المجاهدين، أو نفر من أصدقائهم قد اختاروا واحترفوا صناعة الموت فقط، بينما أمتنا تفتقر إلى كل جهود بناء الحياة، وتشييد وعمران الأرض، وهي غاية من غايات الله في الخلق!!
وعجيب أمر أمتي، أو بعض شبابها حين وضع لها البعض الاختيار بين أن تعيش حياة الذل والانحلال أو أن تموت ميتة شريفة فاختارت الموت، ووضع المسألة ليس هكذا أبدا فهناك اختيارات أخرى أهم وأولى، منها الحياة بشرف في خدمة الأمة والدين، ومنها أن نعمر الأرض باسم الله وعلى هديه، وأن نعيش مجاهدين نبني ونعالج ونعمر ثم نسأل الله الشهادة بعد ذلك!!
أرجو أن تتمهل في اتخاذ قرارك، وأن تفكر أيضا في إصلاح حال أختك، ولو بطريق غير مباشر، وأن تتخفف من تأثير وضغط المشاعر السلبية التي تملأ نفسك، لأنها يبدو أنها تعطل تفكيرك وتشل دماغك فترى الدنيا مغلقة بوجهك بينما هي ليست كذلك