الاكتئاب
R03;
أشعر أني على وشك في دخول حالة من الاكتئاب الشديدة. فقدت أكثر من شخص في أسرتي وبداية من والدتي وإصابتها بالسرطان وخلال 3 أشهر توفت, ثم عمي وبعد ذلك والدي الذي أصيب بمرض في القلب بعد تأثره بوفاة والدتي وكانت الوفاة خلال يومين من دخول المستشفى وبعد عمل القسطرة عندما قالوا لي ذهبت لكي أنام ولم أرد أن أقوم وأقعد في العزاء حسيت كأنه سيناريو فيلم وبيتكرر. لم أشعر وقتها بحجم الصدمة لأنني كنت وقتها لسه بعاني من صدمتي في وفاة أمي. كأنه ضرب علي الحديد وهو سخن وكنت وقتها أعمل.
كان وقتها أهلي وبالأخص خالتي بجانبي ولم يتركوني، بدأ بعد تدهور حالة جدتي والتي كانت تعاني من الزهايمر وزاد بالطبع بعد وفاة أمي. عشت لمدة سنة كاملة مع مرض جدتي والحالة في تدهور مستمر, خلال هذه الفترة كانت جدتي تدخل في مرحلة الموت أكثر من مرة.
وخلال الفترة الأخيرة كان البيت عبارة عن مستشفى ممرضة وجهاز للقلب رأيتها تموت أمام عيني أكثر من مرة, لم أكن أتضايق من ذلك بالعكس كنت أشعر أني أعوض فراق أمي. وكانت الوفاة في شهر ديسمبر 2003. كنت وقتها مستمرة في عملي بالرغم إني لم أكن أحبه وبعد سنة تركته بعد معاناة كثيرة منه (يناير 2005).
لمدة 10 شهور لم أجد عمل مناسب وكنت أقضي وقتي في أخذ الكورسات لكي أضيع وقتي وتطوير قدراتي. في شهر أكتوبر 2005 وجدت وظيفة كانت شركة جديدة, لكن بعد5 شهور تركتها (كانت بتخسر ولا يوجد عمل بيها).
وبعد شهرين توفت عمتي لم أكن أقدر أن أزورها كثيرا لم أكن أستطيع أن أرتبط بأحد وقتها ولا أشوف حد تعبان. واشتغلت في شركة أخرى كانت لا يوجد فيها غيري ومديري لكني كنت أحب طبيعة العمل وأسلوب مديري في الإدارة أعمل بيها حتى الآن. في خلال كل هذه المواقف كنت أشعر أني أستطيع أن أسيطر على نفسي وأقوم وأبدأ من جديد.
بداية اكتئابي القوي بدأ من شهر مارس الماضي. بداية من وفاة أم لصديقتي القريبة جدا بالرغم أني لم أكن قريبة من والدتها للدرجة لكني شعرت وقتها بضيق شديد. وزاد الموضوع شدة عندما جاءت خالتي من الخارج للعلاج وكانت حالتها تدهورت.
كنت وقتها أخرج من عزاء صديقتي إلى المستشفى وكنت متماسكة لحد كبير. إلى أن توفت خالتي في آخر شهر مارس. ومن وقتها أشعر بأنني لوحدي. أشعر أن الناس من حولي لمض وبتتطفي واحدة وراء الثانية.
والآن أشعر بالدفء للماضي. أحب أن أشاهد صورهم. تقريبا بقالي أسبوع بقلب في حاجات أبي وأمي صور أوراق, مذكرات. غير أني أرغب في تركي الشغل, الشركة حاليا تقريبا متوقفة عن العمل, ولا أستطيع أن أقرر أن أستمر في مجال عملي لو في شركة أخرى, أو أغير المجال تماما وأبدأ من جديد.
أشعر بعدم قدرتي على أخذ القرار والاهتزاز في كل شيء حتى في علاقاتي مع خالاتي وعماتي وأصدقائي, لم أستطيع أن أتحمل شيء من أحد. كما لم أستطيع مشاركتهم همي لأنهم أيضا يعانوا من الفراق أشعر باحتياجي لمن يحتويني ومن يهتم بي ليس اهتمام بالسؤال عن صحتي أو أحوالي, كما أفتقد أن ألجأ لشخص أستطيع أن آخذ رأيه في عملي ومسار حياتي, أفكر أحيانا عندما يتقدم لي عريس حتى لو أني كنت بحبه من الذي سوف آخذ رأيه. لي أخ أكبر مني بسنتين لكن هو أيضا في دوامة فتح مشروع وفشل والآن يعمل لكنه غير راضي بعمله.
تنتابني حالة الكآبة عندما أكون لوحدي لكني لا أشكو همي لأحد حتى عندما أكون متضايقة وأخرج مع أصدقائي لا أشعرهم بذلك يمكن لاقتناعي أن كل واحد عنده همه وصعب أن أحد يتحمل هموم الآخرين. كل واحد عاوز يتكلم والتاني يسمعه بس قليل قوي أن أجد شخص يسمع للآخرين, الغريب في الموضوع إن معظم أصدقائي يستريحون في الكلام معي أستطيع أن أسمعهم جيدا وأشاركهم هموهم, لكن الآن لا أستطيع أن أسمع حتى شخص يقول لي أنه زهقان أو متضايق.
وأكثر ما يؤرقني ويبكيني الآن أن معظم أهلي وأصدقائي لا أجد منهم الاهتمام قدر الاهتمام الذي أشعرهم به، بالنسبة لأصدقائي أشعر أنهم يريدوني لكي أسمعهم فقط وأساندهم لكن لا أشعر أنهم يشعروا بي, عندما أسمع مشكلة من أحد أو أعرف أنه متضايق أعيش معه هذا لكن لا أجد أحد يفعل هذا معي.
أما بالنسبة لأهلي كانت صدمتي ببعضهم كبيرة وبالأخص بنت خالتي كنت أخرج معها تقريبا مرتين وثلاث بالأسبوع لكن من سنة تقريبا لا أستطيع أن حتى أراها وإن رأيتها أشعر كم كنت أهين نفسي القصة ببساطة أنه منذ تقريبا سنة ونصف حدثت مشكلة بين زوجها وأخي لدرجة أن زوجها قال لي وقتها "ولا تجيلنا ولا هي تيجلهم" المشكلة في حد ذاتها أكبر من الجملة ديه لكن لا أستطيع أن أنسى هذه الجملة منه وهي لم تقم بأي رد إجابي كم رأيت في تفاصيل هذه المشكلة أني رخيصة بالنسبة لها, ببساطة لم أعد أثق فيها أو في زوجها. أحيانا أضطر لزيارتها لكن من داخلي أشعر أني أهين نفسي.
أما بالنسبة لخالاتي فعندي خالتان واحدة منهما مشغولة مع أولادها وتقريبا أنا اللي بفسحهم. لما بيكونوا زهقانين بيكلموني. بس أنا دلوقتي مش قادرة أعمل ده نفسي حد يعمل معايا كده. صعب أوي إني أفضل أدي وما ألاقيش حد يديني.
وخالتي التانية بجد غلبانة شالت كتيير تعب جدتي وأمي وخالتي اللي توفت ومحتاجة اللي يطبطب عليها دلوقتي. بالنسبة لأقاربي من جانب والدي بيحبونا كلهم بس ما فيش سؤال غير كل فين وفين وكل ما يشوفوني أو يكلموني يقولوا إنتوا فين ومش بتسألوا ليه. وبرده كنت مش شايفة قبل كده مشكلة في ده بس دلوقتي شايفة إن لازم يكون في تبادل بين أي طرفين.
لا أشعر أن حالي سيء للغاية في العموم لكني عندما جمعت ما حدث لي في السنوات الأخيرة قررت أن أقف مع نفسي وقفة أعرف أن رسالتي طويلة ويمكن فيها بعض التفاصيل الكثيرة, لكن حبيت أن أشارككم الأحداث, هل فعلا يجب أن ألجأ إلى طبيب ليعالجني أم أصبر الفترة دية وسوف تتحسن الأمور.
وشكرا
21/10/2007
رد المستشار
الأخت الكريمة "هبة"؛
((هل فعلا يجب أن ألجا إلى طبيب ليعالجني أم أصبر الفترة دي وسوف تتحسن الأمور؟!))
أشعر يا عزيزتي هبة أنك يجب أن تلجئي إلى جهة قوية رحيمة عليمة بحالك تسمعك كثيرا ولا تغيبين أبدا عن نظره ورحمته، هي أعلم بحالك وأرحم بنفسك، من لك غير خالقك وبارئك (الله)...
غاليتي يجب أن تلجئي إلى الله؟! قبل أن تلجئي إلى الطب النفسي والصبر، فهما مجرد وسائل، والله بيده الفرج. فإن احتجت إلى البوح والشكوى، فبثيها إليه فهو –جل جلاله– يسعد أن يسمع صوت عبده المؤمن لما يدعوه!! حتى ورد أنه يبتلي عبده المؤمن ليسمع صوت عبده يناجيه، ألم تعلمي أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.. فإن ضاق بك الحال ناديه بقول: يا ربي.. يا خالقي.. ألوذ بجنابك طالباً الأنس بحضرتك، ناديه ناجيه قفي عند بابه الواسع واسكبي الدمع بين يديه وهو السميع العليم.
نعم.. ما مررت به كبيرٌ وعظيمٌ على نفسك الطيبة، من موت الأم والأب وبعض الأقارب.. نعم إنها مصائب تترا.. وما شاء الله على صمودك وصبرك.. شعرت كثيرا أي حزنٍ ملكه قلبك الصغير وأي لوعة!!!، لكنك فاجأتني بأنك صمدت وتماسكت وتابعت مشوار الحياة، الحياة التي وصفها ربك بقوله:
((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) أي في تعب!!
ولم ألمح لديك ملامح الاضطراب الاكتئابي المعروف لدينا نحن معاشر الأطباء النفسيين، ولكن لمحت نفسا متورمة، وحزنا متراكما، وشكوى لم تعرف طريقها للبوح.. أين أنت يا عزيزتي من قول الله تعالى: ((.. فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني)) البقرة، أشعر أن الاكتئاب كمرض تجافى عن نفسك القوية، وما تعانين منه حالة ارتكاسية reactive disorder أو حالة الأسىState grief .. ولكن حتى نجزم بمسمى ما تعانين منه لا بد من تقييمك عند أخصائي نفسي.
توكلي على الله.. وأعيد عليك هذا القول أن ((الله إذا أحب عبدا ابتلاه))..
وأنصحك أن تقرئي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام كيف كانت حياته محطات مؤلمة من بلايا ربانية ممحصة له شديدة وخطيرة في نفسه وولده وزوجه وهو خليل الرحمن!!!!!
تابعينا بأخبارك...
واجعلي الأيدي إلى السماء تشكي، حرريها من كف سؤال الناس إلى سؤال رب الناس، اسجدي لله واطلبي منه بحرقة ويقين، لأنه يسمع مقالك ويرى مقامك وعليمٌ بحالك، اشكي له وحدتك واطلبي منه أن يذيقك حلاوة الأنس به واستشعار معيته.. هل سيكون للحديث بقية؟.. لكن لابد الآن من التحية!!!
واقرئي على مجانين:
لوعة الأسى والحداد
الثكل أو رد فعل الأسى: اضطراب تأقلم؟
رد فعل الأسى عند الفاجعة مشاركة
صدمة نفسية: اضطراب التأقلم