السلام عليكم
لست أنا صاحبة المشكلة إنما أختي التي تصغرني بثلاثة أعوام، وهي التي دونت المعلومات عنها سابقا، عمرها 22 عاما، وهي في السنة الأخيرة من دراستها الجامعية، وأرجو أن أعرض المشكلة بما يمكن قارئها من استيعاب الصورة والمساعدة على إرشادنا لما نفعله...
مشكلة أختي بدأت من مدة ليست بالقصيرة حوالي عامين، فأختي من الملتزمات بحمد الله، وهي اعتادت وبحرص أن تؤدي واجباتها الدينية على أكمل وجه من أكثر من أعوام، ولكن منذ عامين، بدأت تدخل في ما يسمى بـ "تزكية الأنفس" من الإخلاص وصدق النية، وبدأت تقرأ الكتب في ذلك والمنشورات وأخذت تعتزل الكل، لتربي نفسها كما تقول،.. وحين تختلط بالناس تقول من درجات الالتزام ما ينفر الناس منها، واتهموها أكثر من مرة بالصوفية!؟؟؟ وكانت ولا زالت تستغرق وقتا طويلا جدا في الوضوء والصلاة..
وكان مما تفعله أحيانا أنها تقبل أي شيء يقوله والدي بغض النظر تريده أو لا تريده مستاءة أم لا، مضغوطة أم لا فقط "طاعة وبرا بالوالد"، تقوم الليل كل ليلة، ولها وردها.... وكانت تقوم بإعطاء الدروس في جامعتها.. وهناك إقبال شديد، إلى أن بدأت تغير أسلوبها وتفكيرها من مداخل تزكية الأنفس.. (بطريقتها هي طبعا).
تطور الأمر كثيرا قبل حوالي 5 أشهر، وبدأت تتعرض لانقباضات مريبة في عنقها وأعلى ظهرها، تشتد معها في الصلاة، وحتى وهي جالسة بيننا.!! وقل كلامها كثيرا، مع الكل، وأهملت دراستها وتغيبت عن امتحاناتها النهائية لأنها لم تتمكن من الدراسة وتلك الحالة تلازمها، راجعنا بها أكثر من طبيب.. وكلهم فحصوها، مع أنها طبعا ترفض وبشدة وتعارض أن تكشف أي شيء من وجهها أو حتى أن تتكلم بصوتها بوضوح مع أي من الرجال، وأجمعوا أن ما بها من شيء..
وأن ذلك ليس إلا تقلص عضلي، وأن السبب ضغط نفسي، أو إجهاد... ولم تزل الأعراض رغم المسكنات والدهون والراحة لأكثر من شهر..!!! بعدها، راجعنا بها طبيب أعصاب، و أجرينا لها الفحوصات كاملة، وصورة رنين مغناطيسي، وتخطيط دماغ، وكانت كلها طبيعية تماما!!! والحمد لله،
وبعدها سلكنا سبيل الرقية الشرعية! والرقاة... منهم من قال أنها بها مس جن!! و فعلا كنا نسمع أصواتا غريبة وصراخا، وكانت تقوم بحركات غريبة أثناء القراءة عليها! وتتقافز كالعفاريت..الخ، وبعدها قالوا أن الجن قد خرج منها، وفعلا تحسنت ولكن ليس كثيرا!!!
وأخذناها لقارئ آخر مشهور ومعروف وهو دكتور بالشريعة ويدرس في الجامعة وموثوق منه إن شاء الله وقال أن ما بها ليس جنا إنما هو مس قرين!! وهذا صعب جدا, والوحيدة القادرة عليه هي أختي نفسها!!! وأوصاها بالذكر والصبر وصدق التوكل.. والاغتسال بالماء المقروء عليه...الخ،
ولكنها لم تتحسن بعدها، زادت فترات سكوتها وسرحانها، ذهبت تلك التقلصات التي برقبتها، وكانت تعاودها أحيانا في الصلاة عند السجود، لا تتفاعل أبدا مع من حولها إلا بالإيماء والكلام القليل جدا في قراءتها للقرآن تعيد الآية وأحيانا الكلمة أكثر من مرة، في الوضوء تطيل قبله وأثناءه، في الحديث معنا، تجهد نفسها في أن تخرج الحروف بحيث لا تؤذينا كما تقول هي، وأن لا تؤذينا بالنظرة فلا تنظر إلينا! خاملة هي معظم الوقت تريد دوما من يقرأ عليها، ومن يصلي معها صلاة الجماعة! دائما تتعوذ من الشيطان الرجيم، دائما دائما! ومن الممكن أن تتعوذ في الركعة الواحدة من الصلاة أكثر من عشر مرات!؟؟
مؤخرا أجلستها أنا وأختي بعد أن حارت بنا السبل! ولم نعد ندري ماذا أو إلى أين نذهب،!!!؟؟؟ نحاول أن نقنعها بأن الأمر بيدها أن تختلط معنا أكثر أن تعين نفسها على تلك الوساوس..!! تقول أنها تسمع الشيطان يوسوس لها! وترفض أن تقول ما يقول أو أن تعيده لئلا نفتن نحن!! وتقول أنها تسمع الشياطين يتحدثون لبعضهم كيف يوسوسون للناس..!!
وبأنها ترى أشياء.. وهي نفسها لا تدري أن كانت تتوهم أو ترى حقيقة!!!؟؟؟! ومقتنعة تماما أنها في محنة! وابتلاء وأنها لا ينبغي أن تشكو!!! تبكي حين نحدثها، وأكثر من مرة تبكي وتقول أريد أن أعود كما كنت!! لكن لا أقدر..!
تعاني كثيرا ونحس كلنا بذلك، لكنها باتت لا تسيطر على وساوسها! ونحن بتنا نتأثر كثيرا بها وبما يجري لها! كل البيت منذ أشهر في أقصى حالات توتر الأعصاب؟!! وبتنا لا نملك حتى القدرة أو القوة على التحدث معها!!! أو محاولة استيعابها!! وأخاف وأنا أختها الكبيرة مما قد ينتج عن كل هذا التوتر خاصة لأخوتي الصغار..!!!
لا ندري أين نذهب بها!!! ؟؟
ولا ماذا نفعل... ؟!!!
15/11/2003
رد المستشار
الأخت العزيزة السائلة مرحبا بك على صفحتنا استشارات مجانين، ونسأل الله أن يعيننا على توجيهك للطريق الأسلم والأقصر إن شاء الله تعالى، وعلى الرغم من تأكيدنا على أن التشخيص من خلال مكاتبةٍ على الإنترنت، من واصفٍ -لا عارفٍ- بالأعراض هو أنت أخت صاحبة الأعراض، وإلى متلقٍ من خلال نص مكتوبٍ -لا كيانٍ نفسي حي- هو أنا مستشار هذه الصفحة، إلا أننا نرى وضوح أعراض الوسواس القهري جليةً في ما أفدتنا به عن أختك، لكن هذه الأعراض قد تكونُ جزءًا من اضطرابٍ نفسي أكبر وأعمق من اضطراب الوسواس القهري.
وبشيءٍ من التفصيل أقول لك: أن ما حدثَ منذ عامين واعْتبرَتْهُ أختك بعضًا من تزكيةِ الأنفس نسميهِ نحنُ وسوسةً مرضية في الدين، أي تشددا في الفكرِ والسلوكِ الديني، كما يتضح في التطرف في الأحكام، وفي المبالغة فيها وفي السلوكيات التي تعتبرُ شروطًا لها، وقد بدأ ذلك السلوك في التزايد تدريجيا من المعقول والمحتمل والمقبول من الآخرين، وهي الفترة التي كانت فيها تمارس النشاط الدعوي وتجد إقبالاً، وإن كانت كما قلت في إفادتك: (وحين تختلط بالناس تقول من درجات الالتزام ما ينفر الناس منها، واتهموها أكثر من مرة بالصوفية!؟؟؟).
إلى أن وصل مستوى التشدد عندها إلى اللا مقبول أو اللا محتمل من الآخرين، وهو ما وصفته أنت بقولك: (إلى أن بدأت تغير أسلوبها وتفكيرها من مداخل تزكية الأنفس.. "بطريقتها هي طبعا")، فتزكية الأنفس بريئة من أن تكونَ سببا في مرض أحد، ولكن لدى أختك نفسها استعدادا للاضطراب، وأما هي فربما راحت تفسر ما تلاقيه من إعراض الآخرين عن آرائها على أنه ابتلاء، ولا حيلة لها فيه إلا الصبر.
وعندما بدأتم تلاحظون أنتم أن الأمر ازداد عن الطبيعي، كانت أختك قد أمضت أكثر من عامين تعاني من اضطرابٍ يؤثر على قدرتها على تأدية شعائرها الدينية، ورغم أنها كانت منذ البداية كما جاء في إفادتك: (كانت ولا زالت تستغرق وقتا طويلا جدا في الوضوء والصلاة..)، إلا أن تحمل الأسرة العربية لاضطراب أحد أفرادها، تحمل كبير وطويل، فهل كانت تزكي نفسها بالإسراف في الوضوء، وتزكي نيتها وصلاتها بأن تكررَ تكرارًا لا معنى له إلا الشك في نفسها؟ وأنتم واقفون تراقبون؟, وأنا لا أقصد لومكم في الحقيقة بقدر ما أقصد الرثاء لحال الأسرة العربية، صاحبة المستوى الأعلى من التحمل لاعوجاج سلوك أحد أفرادها على مستوى أسر العالم كله.
وأما ما هو أدعى للرثاء من طول ذلك التحمل الكبير فهو تحرك الأسرة العربية بعد أن تكتشف أن أحد أفرادها مضطرب السلوك فهو تحرك لا يعبر مع الأسف إلا عن تخبطٍ كبير، نسأل الله أن يعيننا على إرشادكم لكيفية تجاوزه، وإن كنا نراكم أفضل كثيرًا من غيركم حيث قمتم بعرضها على طبيب الأعصاب كما جاء في إفادتك، فالذي حدث هو أنكم عندما بدأت الأعراض الجسدية في الظهور عليها، أي منذ خمسة أشهر، قمتم بطلب المساعدة الطبية.
ويجيءُ وصفك لكيفية حدوث ذلك موحيا بقدرٍ كبير من اختلاط المفاهيم في ذهنك وذلك حين تقولين: (بدأت تتعرض لانقباضات مريبة في عنقها وأعلى ظهرها، تشتد معها في الصلاة، وحتى وهي جالسة بيننا!! وقل كلامها كثيرا)، فأما الانقباضات المريبة -في العنق وأعلى الظهر- التي تتحدثين عنها فإن لها من التفسيرات الطبية كثيراً، لكن القول الفصل فيها دون فحص طبي عصبي غير ممكن بالنسبة لنا، خاصةً وأن قولك مريبةً في وصفك للأعراض يسببُ خلطًا في أذهاننا.
فمعنى مريب هو مثير للشك، ولو أننا قلنا لأي طبيبٍ أن بنتا بدأت تتعرضُ لانقباضاتٍ مثيرةٍ للشك في عنقها وأعلى ظهرها فإنه لابد سيسأل: أي نوع من الشك تقصدون؟ وبكلماتٍ أخرى: أسألك أنا هل كانت أعراضُ أختك التي حركتكم، مريبةً في أسبابِ حدوثها؟؟! أم مريبةً في توقيت حدوثها؟؟! أم مريبةً في جهلنا حتى الآن، وجهل الأطباء الذين فحصوها وأجروا كل اللازم من الفحوص حتى صورة الرنين المغناطيسي للمخ بالسبب؟! أم مريبةً في ماذا؟
ثم إن قولك أن هذه الأعراض تشتدُّ معها في الصلاة، يستدعي أيضًا كثيرًا من المعاني في ذهن كل طبيبٍ نفسي مسلم يقرأ كلماتك أو يسمعُ حكاية أختك، وفي ذهن أي طبيب مسلم، بل أي مسلم حتى لأنه سيستنتجُ وجودَ علاقة ما بين الأعراض وبين فريضة الصلاة.
فهل العلاقة هنا تقتصر على الفهم الفيزيقي لآلة الجسد البشري وهيَ تغير وضعها بين الوقوف والركوع والسجود في الصلاة؟ فنتكلم عن أوضاع معينةٍ للعضلات مثلاً فنقولُ أنها رد فعل العضلات المنهكة؟ (غالبًا بسببِ تكرار الحركات والأوضاع أو إطالة مدتها) فنقول ما قاله الأطباء الذين فحصوها مطمئنين لكم من بعيد: (أن ذلك ليس إلا تقلص عضلي، وأن السبب ضغط نفسي، أو إجهاد)، أم هو نوعٌ من خلل التوتر Dystonia في الأعصاب والعضلات غير معروف السبب بعدما لم يستطع طبيب الأعصاب الذي عرضت عليه أن يجد له سببا؟، وخلل التوتر هو أحد أعراض اختلال أداء الجهاز خارج الهرمي Extra pyramidal System، وأحيانا تكونُ مجهولة السبب.
أم ترانا ننظرُ للأمر نظرةً أخرى ونقول أن هذه الانقباضات من الشيطان الذي يحاول منعها من الصلاة؟ متناسين أن كيد الشطان كان ضعيفًا، وأن الاستعاذة بالله منه كافيةٌ لطرده؟ كما قلنا من قبل في أكثر من إجابة لنا، حيثُ يقولُ تعالى:"إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" صدقَ اللهُ العظيم [النساء:76]، وذلك عندما يلتجأ المسلم إلى ربه ويعتصم بإيمانه مستعيذًا بالله منه، المهم أنني لن أطيل في مناقشة هذا الأمر أكثر من ذلك ولكنني سأحيلك إلى عدة إجابات سابقة على صفحتنا استشارات مجانين ناقشنا فيها أعراض اضطراب الوسواس القهري:
كرات الزئبق والوسواس
الوسواس القهري والاكتئاب
ما هيَ الم.ا.س.ا ؟
رمضان والوسوسة : هل تزيد الوسوسة في رمضان ؟
بين الوسواس القهري والفصام !!
الوسوسة الدينية وخرق السماء
ممتلكات الشيطان
ممتلكات الشيطان "متابعة"
زواج موسوس من موسوسة ؟ هل يصح ؟!
الوسواس القهري في الأفكار ، علاج معرفي !
في نطاق الوسواس القهري : رحلة العذاب
آنسة لبنانية تسأل عن الوسواس القهري :
وأعود بعد ذلك إلى التعليق على أكثر فقرات إفادتك إيضاحًا لأعراض الوسواس القهري والتي تقولين فيها: (في قراءتها للقرآن تعيد الآية وأحيانا الكلمة أكثر من مرة، في الوضوء تطيل قبله وأثناءه، في الحديث معنا، تجهد نفسها في أن تخرج الحروف بحيث لا تؤذينا كما تقول هي، وأن لا تؤذينا بالنظرة فلا تنظر إلينا! دائما تتعوذ من الشيطان الرجيم، دائما دائما! ومن الممكن أن تتعوذ في الركعة الواحدة من الصلاة أكثر من عشر مرات!؟؟)، فهذه هيَ الأعراض التسلطيةُ القهريةُ ذات الشكل الديني في مرضى الوسواس المسلمين، كما نرى أثناء عملنا كأطباء نفسيين، وينعم الله بالشفاء على كثيرين منهم بمزيجٍ من العلاج الدوائي والسلوكي المعرفي.
فأما تكرار الآيات أو الكلمات القرآنية فأفعالٌ قهرية تتعلق بالتلاوة، وأما الوضوءُ فإنها ربما توسوس في النية له وربما في إتقان غسل العضو، وربما في حدوث ما ينقضهُ أثناءَه أو بعدهُ، وهكذا تكررُ وتكررُ إما ملمحا واحدا منه أو كل الطقس الديني مرات عدة فتتأخر وتتأخر، وهذه كلها مزيجٌ من الأفكار التسلطية والأفعال القهرية، مادامت الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لا تفيد في التخلص منها، بل إن ما حدث مع أختك هو أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم نفسها قد تحولت إلى فعل قهري بلا معنى، ونسأل الله أن يأجرها عليه.
وأما قولك: (خاملة هي معظم الوقت تريد دوما من يقرأ عليها، ومن يصلي معها صلاة الجماعة!)، فيعطي عندنا انطباعاتٍ متعددةٍ ما بينَ الميل للاعتمادية، وبين سلوكٍ آخرَ قد يكونَ صحيا في بعض الحالات من مرضى الوسواس القهري الذين يعانون من الشك في إحسان الصلاة، إذ تمنحهم صلاة الجماعة نوعًا من الثقة في حدوث الفعل، وحمايةً لهم من الشعور بالقهر على تكراره.
ولا يشذُّ عن الإطار الديني للأعراض إلا قولك تجهدُ نفسها في الحرف بحيثُ لا تؤذيكم، فالأذى المقصود على أغلب الظن هو أذى الرذاذ الذي تحسبُ أنه سيتطاير من فمها أثناء الكلام بسرعة، وأما الحسد فأحيلك فيه إلى قراءة ردنا السابق تحت عنوان: الوسواس والحسد وحال اللغة العربية
وأما ما حدث بعد ذلك من لجوئكم إلى الرقاة والسحرة ومدعي العلاج بالقرآن، أيا كانت انتماءاتهم الفكرية ومستوياتهم العلمية، فمن مرجع الأمر إلى مس الجن ومن مرجعٍ الأمر إلى مس القرين، وأما أنتم فقد لاحظتم وشاهدتم بأنفسكم أنها كما جاء في إفادتك (وفعلا كنا نسمع أصواتا غريبة وصراخا وكانت تقوم بحركات غريبة أثناء القراءة عليها وتتقافز كالعفاريت... الخ).
وقد رأيتم في ذلك بالطبع دليلاً لا يقبل الجدل على صدق المعالج المزعوم، فمن إذن يتكلم؟ خاصةً إن كان تكلم بصوت غير صوتها مثلا إلى آخر ذلك من ظواهر في النفس البشرية يستغلها الجهال أو الآفاقون، ولا تعليق لدينا على ذلك سوى إحالتك إلى مقالٍ على موقعنا تحت عنوان: الأمراض النفسية والعقلية كلها بسبب المس والتلبس بالجن
نصل بعد ذلك إلى قولك: (زادت فترات سكوتها وسرحانها، ذهبت تلك التقلصات التي برقبتها، وكانت تعاودها أحيانا في الصلاة عند السجود، لا تتفاعل أبدا مع من حولها إلا بالإيماء والكلام القليل جدا)، فهذا الكلام يجعلنا نشك في كل من اضطرابي الاكتئاب والفصام، كما يتأكد الشك عندنا عند قولك: (تقول أنها تسمع الشيطان يوسوس لها! وترفض أن تقول ما يقول أو أن تعيده لئلا نفتن نحن!! وتقول أنها تسمع الشياطين يتحدثون لبعضهم كيف يوسوسون للناس..!! وبأنها ترى أشياء..)، ونحن طبعا لا ندري هل هيَ تسمع فعلاً أم أنها تعتبرُ الوساوس أصواتا؟، ولذلك ننصحك بقراءة الردود التالية على صفحتنا استشارات مجانين:
الصوفية والفصام : محاولة للفهم ، ودعوة للاجتهاد
أسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن !
اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا؟
الفصام المزمن وأعراضه السالبة م
نقاب فعباءة فبنطلون !! إحترس من حواء
بعد ظلمة نفسي ، وانقطاع رجائي : عاشقة الفصام
ما هو الفصام ؟ الرد بعد المعلومات!
وكذلك قراءة المنشور عن الفصام، في باب مقالات متنوعة بموقعنا، إلا أن قولك (وهي نفسها لا تدري أن كانت تتوهم أو ترى حقيقة!!!؟؟؟!) يعيدُ الشك لدينا في اضطراب الفصام إلى شك قليل، ونرى أننا نجدُ في إفادتك إشارات إلى اضطراب الوسواس القهري المزمن المسار، في شخصية ربما تحمل بعض الصفات الهيستريونية نوعا ما، وأنا لا أشخص وإنما أخمن فلا تنسي ما ذكرته لك في أول الرد من عدم قدرتنا على التشخيص عبر الإنترنت.
كما أجدني هنا مضطرًا إلى إحالتك للمشكلات التالية المعروضة على صفحتنا استشارات مجانين لتجدي فيها موقفنا من مسألة السحر والجن والقرين وغير ذلك من المقولات كأحد أسباب الأمراض النفسية: السحر والشياطين وأمة المساكين / خطيبتي والجن !! "التفكير الخرافي"
أرجو أن تكونَ هذه النقطة واضحة تماما لديك الآن، وأحيلك في آخر ردي عليك لقراءة مقال على موقعنا مجانين لتبرئة نفسي ومثلي كل الأطباء النفسيين المسلمين من تهمة إنكار الثوابت الإيمانية لدينا جميعا ، والتي يطلقها إما جاهلٌ بحقيقة الأمور، أو مرتزق من خلال الإساءة للطب النفسي، وذلك ضمن باب الطب النفسي شبهات وردود تحت العنوان التالي:
الطب النفسي ينكر أثر القرآن في العلاج وينكر الجن والسحر والعين وأيضًا: الطب النفسي وعلم النفس من إفرازات الحضارة الغربية ولا يمتان إلى الإسلام بصلة.
ولكي تعرفي الفرق بين الطبيب النفسي وطبيب الأعصاب وجراح المخ والأعصاب، وغير هؤلاء من التخصصات المختلفة المتعاملة مع مرضى المخ و الأعصاب والطب النفسي؟، نحيلك إلى باب: مصطلحات نفسية، بموقعنا.
وأما الإجابة المباشرةُ والوحيدةُ على سؤالك: (لا ندري أين نذهب بها!!! ؟؟ولا ماذا نفعل...؟!!!)، فهي إلى أقرب طبيبٍ نفسي متخصص أو بالأحرى إلى أقرب مستشفى نفسي متخصص، وفي النهاية أسأل الله أن يهديك وأختك وأسرتك إلى الطريق الصحيح وأن يخفف من معاناة الأسرة كلها، وتابعينا بأخبارك، وأخبار أختك كتب الله لها الشفاء السريع.
التعليق: السلام عليكم الأخت السائلة وشافى الله أختك وخفف عنكم وأحيّي الدكتور وائل في الحقيقة، هذه حالة نموذجيّة لتلبّس الدينيّ بالنفسيّ! كيف أنّ النفسية تلبس لَبوس التديّن وتتسربَل بثياب الورع والتعبّد... في خطّة لا شعورية وعلى حين غلفة من صاحبها! مع أنّ عبادة الله أيسر من ذلك بكثير، ويريد الله بنا اليسر ولا يريد بنا العُسر... ولا ألوم أختك هنا، فصعْب عليها أن تفرّق بين "دافع نفسيّ" يجد ما أراده في دين أو تفسير أو فتوى أو تصوّر ما. وبين ما هو دينيّ مرضيّ عند ربّ الدين.. خصوصا أنّ درجات الإيمان والتقوى وقبول العمل ومسيرة الشخص الإيمانيّة لا يمكن تقييمها إلا من خلال تصوّرات الشخص نفسه! فلا أحد ينزل عليه من السماء يوقّع على يومه وأفعاله وأفكاره وتفاعلاته مع الناس بالإيجاب أو السّلب ! ولهذا اختلف التديّن عن الدين والتطبيق عن الفكرة، فالكلّ يضع معاييره الخاصة المختلفة لبلوغ هدف موحّد! المشكِل هو التعنّت من قِبَل المتدينين عموما فيما يخصّ الأمراض النفسية، فهم أعلم الناس بالله تعالى ! وأعلم الناس بطرق الإيمان ومآلات البلاء وساحات الآثام ومغانم الأجور !! فلا أحد يُقنعهم بنظرة جديدة أو يدفعهم إلى تنازل بسيط في طريقة تديّنهم ! فإن تحدثنا عن التيسيير وكلام الفقهاء دخلنا مع المتدين في متاهات "القول الراجح والمرجوح" ومنهاج أهل السنّة ... إلخ... مما هو إطار وقالب للتديّن الصحيح الساطع الناصح! بل يُصادرون حتى على أهل الاختصاص من الأطباء النفسيين والنفسانيين، ويُدخلونهم في معارك الدليل والاقتداء والسلف أو الخلف! مع أنّ الأمر علميّ وطبيّ، ولا علاقة له بزندقة أو ابتداع أو استنان! وبما أنّ النفسية عندنا هي الرّوح، فمن يجرأ على أن يتحدث مع من يزكي نفسه وروحه ويعلم "فقه الأرواح وتزكية النفوس"! والنفس هنا بمعناها التجريدي الفلسفي. فتختلط اللّغة وتتداخل المفاهيم من وساطة "الكلمة" فيظنّ الناس أنّ معرفتهم بمصطلح "النفس والروح" في القرآن والكتب الدينية يخوّلهم معرفةَ المفهوم الطبيّ لها. ومعلوم أنّ الكلمة إن فُهمت وقُرئت مئات المرات في سياق معيّن فالمضمون والمفهوم والسياق قد يختلف دون أن يختلف شعور القارئ العارِف اتجاه المفهوم !! فنتوهّم فهم كل شيء لأننا فهمنا كلمة أو كلمتين.. استوقفتني جملة قلتها عن أختك: (ومقتنعة تماما أنها في محنة! وابتلاء وأنها لا ينبغي أن تشكو!) يا الله ما هذه المشقة وما هذا العَنَت! هذه نتيجة معالجة "العطب والمرض" بالعزيمة عوض الرخصة ! هذا مآل معالجة القضايا العلمية بمناهج الزهد وأخبار الصالحين عوض منهج علميّ فقهي رافع للحرج مؤدٍّ لغاية التدين والوحي "ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"! عدم الشكوى هنا دليل على قوة الإيمان والرضى بالقدر وتأدّب مع الله تعالى! مع أنّ حياتها كلّها تشتكي، جسدها، عينها، عبادتها، أسرتها، قلبها، ومع ذلك لسانها هو الذي يجب أن يكون متدّينا دون كل جوانب حياتها حتى إن كان نُطق اللسان بالشكوى سبيلا للنجاة والانعتاق ! لن نجد في دين الله تعالى نهيا عن الشكوى للناس من البلاء والمصائب والأمراض، ولكنّه المنهج الوعظي المثاليّ الذي قسم ظهر الأصحاء قبل المرضى! عفانا الله وإياكم، وأمنياتي الخالصة لكم بأن يكون حالكم أفضل بعض مرور هذه السّنين، ووالله لديّ فضول لمعرفة حالة أختك الآن، كيف هي ؟ أبقيت على النمط نفسه من التديّن، هل شُفيت تماما ؟...