السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
السادة الكرام القائمين على موقع مجانين أوجّه لكم تحياتي وأرجو أن يتسع صدركم لسماع مشكلتي وإفادتي بالحل بإذن الله.
أنا طالب مسلم أدرس في إحدى الجامعات المصرية، الحمد لله قد جعلني الله طالباً متفوقاً منذ الصغر، والفضل في ذلك يرجع إلى أمي (بعد الله سبحانه وتعالى طبعاً) التي حرصت منذ صغري على أن أصبح طالباً متفوقاً، بالإضافة إلى اهتمامها الكبير بالجانب الديني والأخلاقي.
أود أن أضيف أيضاً أن لدي الكثير من الأصدقاء وعلاقتي بأغلب زملائي في الجامعة وجيراني جيدة. هذا على الرّغم من أنّي انطوائي قليلاً وأفضّل العزلة، وأقضي الكثير من وقتي وحدي أو أمام الكمبيوتر (مجال دراستي). في الواقع عندما أكون وسط الناس فانا أتفاعل معهم بشكل جيد وطبيعي ولكني عندما أتركهم أفضّل العزلة. هذا بالإضافة إلى أني كتوم بعض الشيء ولا أحب أن أزعج أحداً بمشاكلي إلا إذا اضطررت لذلك اضطراراً شديداً. هذه كانت مقدمة بسيطة عن شخصيتي كما أراها أنا، وأعتقد أنّها وصف دقيق لي.
مشكلتي هي أني أعاني من التهتهة في الكلام، درجة التهتهة تختلف من موقف لآخر ومن يوم لآخر ولكن المعدّل أعتقد أنه مرتفعاً، من الصعب أن أكمل جملة أو اثنين دون أن أتلعثم في كلمة. جديرٌ بالذكر أن والدي وعمي أيضاً لديهم نفس المشكلة، ولكن والدي تعافى منها تماماً (مازال يعاني منها من حين لآخر ولكن بدرجة بسيطة جداً غير ملحوظة لمن لا يعرفه جيداً) في حين أن عمي مازال يعاني منها وبدرجة أكبر كثيراً مني.
لقد بدأت ألاحظ هذه المشكلة عندي منذ الصغر، إذ أنّها كانت تحدث لي أحياناً ولكن بشكل بسيط، ولكنها بدأت تكبر وتصبح ملحوظة لدي من الصف الخامس الابتدائي على ما اذكر (عمري وقتها 11 أو 10 سنوات). في البداية كنت منزعجاً جداً منها بسبب بعض زملائي في المدرسة الذين كانوا يسخرون مني لدرجة أنّي شكوت لوالدتي (وهو أمر لا أفعله عادةً) ونصحني جدّي الطبيب بالذهاب إلى طبيب تخاطب. وبالفعل ذهبت وبدأت في الانتظام لمدة شهرين أو ثلاثة ولكن بعدها انشغلت في الدراسة وانقطعت عن الذهاب (بالإضافة إلى أنني لم أشعر بأي تحسن حقيقي وهذا شجّعني أكثر على الكسل).
بعدها بعامين أو ثلاثة لم تعد المشكلة تزعجني كثيراً وتقبّلت وضعي كما هو، وعندما كان يسخر مني أحدهم (والحق يقال أن هذا الموقف لم يحدث لي كثيراً) كنت أضحك معه وينتهي الموضوع بشكل لطيف ومضحك.
ولكن تغيّرت الأوضاع عندما دخلت الجامعة، أولاً لأنّي أشعر أنّ التلعثم والتهتهة في ازدياد عندي بعد أن كان مقبولاً (وإن كان ملحوظاً أيضاً) قبلها. أصبحت الآن أعاني كثيراً وأنا أتحدث حتى عندما أحاول أن ألقي نكتة أو أكلّم أحد أصدقائي، ناهيك عن محاولة سؤال الأستاذ أثناء المحاضرة.
المشكلة الأكبر أننا نحتاج أن نقوم بعمل العديد من المشاريع في الجامعة ثم تقديمها للأساتذة وزملائنا presentation. عندما أشارك في تقديم المشاريع أعاني معاناة شديدة في الكلام بشكل مستقر وهادئ.
أنا إنسان بطبعي عندما أكون وسط الناس أحب أن أتفاعل وأشارك وأتحدث، ولكن المشكلة التي أعاني منها تجعل هذا الأمر صعباً جداً ويتطلب مجهوداً شاقاً، بالإضافة إلى أنني أحياناً أفضل السكوت عن المشاركة لتجنب المجهود والإحراج أيضاً.
أخيراً هناك نقطة أود أن أوضحها وهي أني عندما أتحدث مع نفسي أو أغني أو حتى أتحدث بطريقة فكاهية لا أتلعثم إطلاقاً ويخرج الكلام بشكل طبيعي. أذكر مرة أني كنت أصلّي في مسجد الكلية وحدي ثم جاء بعض الطلبة الآخرون ليصلّوا خلفي.
في البداية كنت أتحدث بشكل عادي عندما أقول "الله أكبر" بصوت عالي، ولكني فجأة انتبهت إلى أني لست وحدي وأن ورائي مصلّون آخرون (أنا كنت أعرف ذلك لكني لم أنتبه لعواقبه) وعندها لم استطع أن أنطق بسهولة وأصبحت أعاني من التلعثم عن كل مرة أحاول أن أنطق فيها "الله أكبر"!!
أرجو أن تقدموا لي النصيحة ولكم جزيل الشكر على كل مجهوداتكم.
جزاكم الله خيراً
16/11/2007
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...
الأخ الكريم..
ما ذكرته في رسالتك من أعراض تدعى التأتأة أو الفأفأة أو التلعثم Stuttering وليس التهتهة، أو بشكل عام تدعى صعوبات التصويت Phonological speech disorders، وصعوبات النطق هذه تبدأ منذ الطفولة وهي شائعة وقد تستمر عند بعض الأطفال للكبر.
المشكلة أن هذه الحالة قد لا تسبب الإزعاج للشخص إلا بعد اختلاطه بالمجتمع والأطفال الآخرين، حيث يتعرض للسخرية والتعليقات السخيفة الجارحة لشخصه، الأمر الذي يؤدي بشعور الطفل بنقصان القيمة والدونية low self esteem وهي الأب الروحي لاضطراب الرهاب الاجتماعي social phobia ، والذي قد يكون موجود لديك وقرأته بين كلماتك لما قلت:
((أذكر مرة أني كنت أصلّي في مسجد الكلية وحدي ثم جاء بعض الطلبة الآخرون ليصلّوا خلفي. في البداية كنت أتحدث بشكل عادي عندما أقول "الله أكبر" بصوت عالي، ولكني فجأة انتبهت إلى أني لست وحدي وأن ورائي مصلّون آخرون (أنا كنت أعرف ذلك لكني لم أنتبه لعواقبه) وعندها لم أستطع أن أنطق بسهولة وأصبحت أعاني من التلعثم عن كل مرة أحاول أن أنطق فيها "الله أكبر"!!)).
أظن يا عزيزي أن لديك حالة مختلطة ما بين الرهاب الاجتماعي والتأتاة أو صعوبات النطق.. وهذه الحالة لا يكفي فيها أخصائي التخاطب بل لا بد من علاج نفسي من نمط العلاج النفسي التوكيدي (توكيد الذات) self Assertion . ولنا في هذا الموقع الطيب أستاذ أقدره وهو الأستاذ مصطفى السعدني قد أنشأ جزاه الله خيرا زاوية متركزة حول هذا الموضوع الهام جدا أنصحك بتصحفها..
الأخ العزيز..
إذا علاجك لا بد له بداية من مراجعة عيادة نفسية لتقييم وجود أو نفي اضطراب الرهاب الاجتماعي Social Phobia وفي حال وجوده فعلاجه نفسي كلامي معرفي بجلسات أسبوعية تتركز حول تمارين تقوية للذات الأنا Ego، وقد يشارك مع علاج دوائي مساعد إضافة لجلسات أخصائي التخاطب.. وتذكر أن للحديث بقية.. ولك مني أجمل تحية.. وبالعافية هذه أمنية..
واقرأ على مجانين:
مثلث الكلام: ثلاثة أضلاع
التلعثم والتأتأة وشيء من القلق
بين التأتأة والرهاب: بحثا عن الأيزو!
ويتبع >>>>>: الرهاب والتعتعات مشاركة