!فرط النوم نفسي المنشأ؟ ربما !

رد المستشار

الأخ السائل أرحب بك في موقعنا، والحمد لله أنك حاولت أخيرا البحث عن حل، ما تشكو منه هو أعراض ناتجة عن اضطراب الوعي، ويمكن أن يشخص على أنه "اضطراب فرط النوم Hypersomnia Disorder" ويتميز هذا الاضطراب بزيادة النوم أثناء النهار أو نوبات من النوم (ليس سببها نقص كمية النوم)، وفي أحيان نادرة يستغرق الانتقال من النوم إلى اليقظة وقتا طويلا (ثمالة النوم) ويتكرر ذلك كل يوم تقريبا، أو يحدث في فترات طويلة من الزمن، وتؤدي شدته إلى التأثير على الأنشطة الاجتماعية المعتادة أو العلاقات بالآخرين.

أما سبب ما تشكو منه فمن الصعب أن أحدد من خلال رسالتك لأنه قد يكون ذلك بسبب عضوي (مثل: نقص هرمون الغدة الدرقية أو إصابات الجهاز العصبي وغيرها) فالمرء يحتاج إلى فحص طبي لا حرج منه، أو لأسباب نفسية (الهرب من الصراعات النفسية فقد تكون تدخل في النوم هربا من القلق والتوتر)، ويبدو أن تأكيدك على أن حالتك ليست بسبب العمل أو الزواج يحمل معنى آخر: وهو أن استمرار ما تشكو منه قد يكون فعلا لأسباب تتعلق بالعمل أو بالزواج! ابحث عن أسباب القلق في محاولة للتخلص منها.

* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخ السائل أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن الأخت الزميلة د.داليا مؤمن، قد أجابتك إجابةً على قدر إفادتك، لأنك لم تذكر لنا تفاصيل كثيرة مهمة، فمثلاًَ غير واضح في إفادتك ما إذا كانت حالتك طويلة العمر تلك، هي حالةٌ دائمةٌ أم متقطعة؟؟ أي أنها تأتيك على نوبات خلال العام مثلا؟ فنحن إذا افترضنا أنها حالةٌ دائمة سنجدُ أنفسنا نتساءل عن كيفية نجاحك في حياتك العملية؟ وفي بلاد الغربة؟

وهذا ما يدفعني هنا إلى تقديم عرض لاضطراب فرط النوم النفسي أو فرط النوم غير العضوي المنشأ Nonrganic Hypersomnia نظرًا  لجدة الموضوع على صفحتنا استشارات مجانين، وعدم معرفة كثيرين لعلاقته بعمل الطبيب النفسي، ولعلك بدايةً تجد كثيرًا من المعلومات عن النوم في المقال التالي على موقعنا: النوم والأحلام في الطب النفسي الحديث، وهي معلومات لابد أن تلم بها قبل أن تقرأ ردنا التالي عليك لكي تفهم المقصود ببعض المصطلحات الطبية، وأما المشكلة الوحيدة المتعلقة بالنوم والتي ظهرت على صفحتنامن قبل فهي: قصر النوم وطول النوم!، ورغم أن شكوى صاحب تلك المشكلة هي عكس ما تشكو أنت منه إلا أن في ردنا عليه معلومات قد تفيدك.

وأقدم لك بعد ذلك بعض المعلومات عن اضطراب النوم الذي تعاني منه: يعرف فرط النوم Hypersomnia علي أنه حالة إما من النعاس الشديد طوال النهار مع نوبات من النوم (لا يفسرها عدم كفاية كمية النوم)، أو استغراق مدة طويلة للانتقال إلي حالة اليقظة الكاملة عند الاستيقاظ. 

وفي غياب سبب عضوي يفسر حدوث فرط النوم، تكون هذه الحالة غالبا مصحوبة باضطرابات نفسية، وكثيرا ما تكون في الواقع عرضا لاضطراب وجداني ثنائي القطب، حاليا اكتئابي،Bipolar Depression أو اضطراب اكتئابي معاود Recurrent Depression أو نوبة اكتئابية Depressive Episode، ولكن في بعض الأحوال، لا تُسْتوفى معايير تشخيص اضطراب نفسي آخر، وذلك بالرغم من وجود بعض البينات علي وجود أساس سيكوباثولوجي للشكوى.

وبعض المرضي يربطون بأنفسهم بين ميلهم إلي النوم في أوقات غير مناسبة وبين أحداث مزعجة معينة وقعت أثناء اليوم، والبعض الآخر ينكر مثل هذا الارتباط حتى عندما يوضح طبيب خبير وجود مثل هذه الأحداث، وفي بعض الحالات الأخرى لا يمكن التعرف بسهولة علي أي عوامل انفعالية أو نفسية أخري، ولكن غياب عوامل عضوية يشير إلي أن فرط النوم هو غالبا نفسي المنشأ.

ويعتبر توافر الملامح الإكلينيكية التالية أساسا للتشخيص المؤكد لحالة فرط النوم نفسي المنشأ:
(1) نوم شديد أثناء النهار أو هجمات نوم لا تبرر بعدم كفاية كمية النوم أو استغراق مدة طويلة للانتقال إلي حالة اليقظة الكاملة عند الاستيقاظ (سكرة النوم).
(2) يحدث اضطراب النوم هذا يوميا لمدة تزيد عن الشهر أو لفترات متكررة أقصر طولا، وسبب إما ضيقا شديدا أو تشويشا لكفاءة الأداء الاجتماعي أو المهني.
(3) غياب الأعراض المرضية للنوم الانتيابي Narcolepsy ( الجمدة cataplexy، شلل النوم، هلاوس النوم) أو بينة إكلينيكية علي انقطاع النفس أثناء النوم Sleep Apnea (توقف التنفس ليلا، أصوات شخير متقطعة نموذجية، الخ).
(4) غياب أي حالة عصبية أو طبية يكون النعاس أثناء النهار أحد أعراضها.

ومن المهم التمييز بين فرط النوم و اضطراب النوم الانتيابي Narcolepsy، ففي النوم الإنتيابي عادة ما يكون هناك عرض إضافي أو أكثر مثل الجمدة cataplexy، وشلل النوم وهلاوس النوم، كما أن نوبات النوم لا تقاوم وتكون أكثر إنعاشا، ويكون النوم الليلي متقطعا ومبتورا، وعلي العكس من ذلك نجد أن عدد هجمات النوم النهاري في فرط النوم أقل وإن كان كل منها يستمر مدة أطول، ويستطيع المريض في كثير من الأحوال أن يحول دون حدوثها، والنوم الليلي عادة ممتد، وهناك صعوبة في تحقيق حالة من اليقظة الكاملة عند الاستيقاظ وهو ما يسمى (سكرة النوم، Sleep Drunkenness).

وفي فرط النوم نتيجة لسبب عضوي يمكن تحديد (التهاب الدماغ، التهاب السحايا، ارتجاج المخ وأي خلل دماغي آخر، أورام الدماغ، آفات وعائية دماغية، أعراض تنكيسة، وأمراض عصبية أخري، اضطرابات استقلابية الدماغ، حالات التسمم، اضطرا بات في الغدد، المتلازمة التالية للتشعيع Radiation Syndrome) ويمكن أن يميز عن فرط النوم غير العضوي المنشأ بمجرد وجود العامل العضوي المؤثر، كما يدل عليه المظهر السريري (الإكلينيكي) للمريض ومن نتائج الفحوص المختبرية المناسبة.

ومن المهم التمييز كذلك بين فرط النوم النفسي المنشأ وبين فرط النوم المرتبط بانقطاع النفس أثناء النوم وأنواع أخري عضوية المنشأ من فرط النوم، فبالإضافة إلي عرض النعاس الشديد أثناء النهار نجد أن معظم المرضي الذين يعانون من انقطاع النفس أثناء النوم لديهم تاريخ من توقف التنفس الليلي من قبل، ومن أصوات الشخير المميزة المتقطعة، والبدانة وانقطاع ضغط الدم والعنة Impotence واختلال معرفي وفرط حركة ليلي وعرق غزير بالإضافة إلي صداع الصباح وفقد التنسيق، وعندما يكون اشتباه قوي في انقطاع النفس أثناء النوم فإن ذلك يستدعي تأكيد التشخيص والقياس الكمي لنوبات انقطاع التنفس من خلال التسجيلات المختبرية للنوم.

أعتقد أيها الأخ السائل أنك الآن قد أصبحت ملما بكثيرٍ من المعلومات اللازمة لتوجيهك، فمن المهم أن تسارع بعرض نفسك على طبيب نفسي متخصص ليقوم بإجراء الفحوص المناسبة ومن أهمها أن تنام في مختبر النوم Sleep Laboratory لتقييم نومك موضوعيا وليس فقط شخصيا، وكذلك أخذ التفاصيل المطلوبة منك، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا. بأخبارك.

المستشار: د.داليا مؤمن