قلبي مغلق: بعد الصداقة والحب
أين الدين
السلام عليكم ورحمة الله... مما لاشك فيه أن كلام الأستاذ مرسي صحيح، ولكني استغربت كلامه الأخير عندما يقول أن يجب الصداقة قبل الحب، فهذه ممكنة بعيدا عن الدين، ولكنكم موقع نفيس بإطار ديني، فكيف تنصح بالصداقة قبل الحب؟؟؟
شبابنا وبناتنا أمانة عندكم، فاعلموا جيدا ما تقولون، قد يكون القصد غير ذلك ولو أني لم أجد لذلك معنى غيره، ولكن إن كان، فوضحوا جيدا ما تقصدون، خاصة وأني شعرت أن هذه الفتاة من فئة غير متدينة كما يجب، فواجبكم توعيتها.
أرجو الاهتمام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
14/11/2007
رد المستشار
صديقي؛
الصداقة المقصودة يا سيدي لا تتعارض مع الدين في أي شيء، وليست تحريضا على اختلاء الشباب والشابات ببعضهم البعض أو "اتخاذ أخدان" أو تكوين علاقة خاصة بين رجل وامرأة... المقصود يا سيدي هو التعامل الإنساني بعيدا عن الانجذاب أو الشهوة... التعامل بين الأفراد بغض النظر عن نوعهم الجنسي لأن الصداقة والحب الذي ينمو فيها ليس بالضرورة سوف يؤدي إلى الانجذاب الجنسي أو الشهوة الجنسية...
إذا ما أحببت أنت صديقا لك، فهل في هذا شبهة أنك شاذ جنسيا أو أنك تريد ممارسة الجنس مع صديقك؟؟... وهل أنت تنجذب إلى أي امرأة تتعامل معها انجذابا جنسيا؟؟... وحتى الشواذ جنسيا، هل ينجذبون أو ينجذبن لكل من يتعاملون معهم انجذابا جنسيا؟؟ وحتى إن حدث الانجذاب في أي من هذه الحالات، فهل هذا بالضرورة سوف يؤدي إلى الرذيلة والخطيئة؟؟
وهل كل امرأة انجذبت إليها أو أعجبت بها بادلتك هذه المشاعر؟؟ وإن بادلتك المشاعر، هل هذا بالضرورة أدى إلى الوقوع في الخطأ بلا رادع أو واعز ديني أو أخلاقي؟؟
إن هذه الصورة أو الفكرة المسبقة عن أن العلاقة بين الرجل والمرأة هي بالضرورة جنسية في المقام الأول هي سبب أغلب المشاكل الزوجية والعاطفية في عالمنا العربي وفيها شبهة غريبة أن الدين أو أن الله يعتبرنا مجرد حيوانات ناطقة أو مجموعة غرائز لا يمكننا التحكم فيها أو تقنينها...
أشك كثيرا في أن الصحابيات (رضي الله عنهن) اللاتي اشتركن في الحروب وفي القتال من على صهوة الجواد في الحروب الإسلامية لم تكن لهن تعاملات مع الرجال... من دربهن على القتال؟؟ كيف تعاملن مع الجرحى من الرجال عندما قمن بالتمريض؟؟
إن الرجل والمرأة على حد سواء نفس وروح وعقل في المقام الأول وليسوا مجرد أجساد أو غرائز حيوانية.. لقد خلق بعض من يدعون أنهم رجال دين حالة من المرض النفسي (العصاب) في المجتمع العربي باسم الدين... هذا العصاب يتسم بالخوف من السماح بوجود غرائز وشهوات والتعامل معها وتقنينها خوفا من أن تطغى وتسلب الشخص إرادته باعتبار أنه ليس هناك سبيل للتحكم فيها...
هل هذا هو رأيك في المسلمين أو المسيحيين؟؟ هل هذه هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها ونفخ فيهم من روحه؟؟... كيف ارتقى الغرب الذي نتهمه بالكفر وتفشي الرذيلة إلى مستوى تعامل الرجل والمرأة على المستوى الإنساني أولا قبل أن يكون على المستوى الجنسي الحيواني (بالرغم من الإباحية أو السماح المجتمعي في الغرب للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بدون زواج) ولا نسمح نحن بمجرد الصداقة البريئة بين الجنسين؟؟ لماذا لا نقدر على ما يقدر عليه الغرب ولماذا لا نكون نحن القدوة في الارتقاء بأنفسنا وبالإنسانية فوق مستوى الحيوانات الناطقة؟؟
لست عالما دينيا ولكنني سمعت قصصا كثيرة عن الصحابة وعن حالات كثير من التعامل بين الرجل والمرأة في إطار العفة والشرف والكرامة الإنسانية...
أرجو أن نراجع جميعا هذه الحقائق التاريخية قبل أن نستمع لآراء تضعنا في مركز بعيد كل البعد عن الكرامة التي أنعم بها الله علينا.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب