السلام عليكم
أنا متزوجة منذ نحو خمس سنوات من رجل يبلغ من العمر الآن 42 سنة، اكتشفت بعد الزواج إصابته بالفصام منذ أن كان في الرابعة والعشرين من العمر وقد عولج من هذا المرض بعد عرضه على الدكتور أحمد عكاشة بجمهورية مصر، واستمر على العلاج لمدة طويلة لما قبل الزواج ولم أعرف ما الذي حصل بالتحديد ولكن أعراض المرض ظهرت عليه بقوة بعد الزواج؛ فقد لاحظت عليه بضعة أمور مثل التحديق للسقف لفترة طويلة وعدم الانتباه والتركيز وسماعه لأصوات تهدده، ولكن بصفة عامة كان هادئاً. عندما ينام يصبح طبيعي ولكنه كان يحرم من النوم لأيام عندما يصاب بالأعراض.
وبعد ولادتي لابني بستة أشهر أصيب بنوبة حادة، فقد فيها الإحساس بالعالم، وكان يخرج من البيت على غير هدى ولا يتكلم ولا يرد ولا يسمع، وبعد أن يأخذ الحقنة التي وصفها له الطبيب يهدأ قليلاً.
بعد ذلك ذهب لسويسرا لمقابلة دكتور فيريرو فوصف له ريسبيردال وهو إلى الآن يتناول هذا العقار ولم يصب من ذلك الحين بنوبة حادة، ولكنه ليس طبيعي تماماً بالإضافة إلى عدم رغبته وامتناعه عن الجنس لمدة الأربع سنوات الفائتة ولا أعلم ما السبب المرض أم العقار؟ وهل يمكن علاجه بصورة نهائية؟ وهل بإمكانه ممارسة الجنس؟ وهل هناك عقار جديد أفضل من ريسبيردال ليس له أعراض جانبية؟ علماً بأنه صعب المراس وشرس فيما يتعلق بالحديث عن وجوب مراجعة الطبيب، علماً بأنه طبيب عام.
أخوتي أرجوكم ساعدوني........
02/12/2007
رد المستشار
الأخت الفاضلة "أم رنا"؛
أشكرك كثيرا على إثارتك مثل هذا الموضوع وفى نفس الوقت نشاركك قلقك بهذا الخصوص. فالعلاقة الزوجية من العلاقات التي لها من الأهمية والقداسة بمكان فقال عز من قائل "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكَّرون". سورة الروم، 21.
وأنا من الذين يؤمنون بأن العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته تصل إلى درجة العبادة والطاعة لله ورسوله ففي صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله يأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر. قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أما كان عليه وزر؟ قالوا: بلى قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له بها أجر..وذلك لأن المؤمن يقصد إلى العدول عما حرمه الله إلى ما هو حلال فقول النبي صلى الله عليه وسلم في بضع أحدكم صدقة) فإن المباضعة مأمور بها لحاجته ولحاجة المرأة إلى قضاء تلك الغريزة التي أوجدها الله فيهما.. فإن كان إنفاذ ذلك الأمر بالطريقة المباحة شرعا -والتي يؤثم من يأتي بغيرها- كان لهما الأجر والبركة.
هذا من الناحية الشرعية أما من الناحية الطبية فسأحاول الإجابة على تساؤلاتك والتي لخصتها كالآتي:
1- الفصام ومسار المرض.
2- أمل الشفاء التام
3- علاج الفصام بالأدوية
4- علاقة الجنس بالفصام
5- هل يمكن علاجه ليمارس الجنس
6- علاج جديد أفضل من ريسبردال
أما الفصام فقد اختلف العلماء في تعريفه اختلافا شديدا، بالرغم من ذلك فإن اضطراب الفصام حقيقةٌ موجودة نراها ونلمسها لكننا لم نصل بعد إلى فهم كامل لها أردت أن أقول هذه المقدمة لك لكي أبين لك أن الفصام بحر واسع. ولكن أراه أنه اضطراب مزمن يؤدى إلى اضطراب في الوظائف المعرفية والوجدانية والسلوكية ويتظاهر بتفسخ واضح في هذه الوظائف النفسية وعادة ما يؤدي إلى تدهور في الشخصية.
والفصام من الأمراض متعددة الأسباب والمظاهر والمسار والمآل ولذا تدرس فيه كل حالة على حدة. ورغم ذلك يوجد اتفاق شبه عام بين العلماء على أن الفصامي يعاني من اضطراب بالفكر (تمركز حول الذات مع عدم ترابط في الأفكار) واضطراب المشاعر مثل المشاعر غير الملائمة للموقف أو تبلد أو فقد المشاعر وفقد للإرادة وقد يزيد على ذلك الهلاوس وخصوصا السمعية Auditory Hallucinations أو هذاءات (ضلالات أو وهامات Delusions) وخصوصا ضلالات الاضطهاد والمراقبة والإشارة والدينية وذلك جله يؤدى إلى سلوكيات نكوصية خرقاء فيعاني الفصامي من اضطراب في وظائفه التعليمية والاجتماعية والعملية.
وعادة ما يتظاهر الفصام في سني العمر الأولى مثل سن المراهقة وأما يبدأ بصورة حادة أو متدرجة أو زاحفة وقد يكون حادا أو مزمنا أو انتكاسيا وبين كل فترة انتكاسة فترة من الهدوء النسبي. وأثبتت الدراسات أن حوالي ربع الفصاميين يشفون شفاء تاما والباقي منهم ينقسمون إلى متناوبين بين الشفاء والانتكاس وبين المزمنين.
وبخصوص العلاج فتوجد أنواع متعددة من العلاجات منها العلاج بالعقاقير ومنها العلاجات النفسية والاجتماعية (المقابلات الزواجية والعلاج الأسري) والعلاج بالتأهيل... الخ. أما بالنسبة للعلاجات بالعقاقير فتوجد العقاقير التقليدية وغير التقليدية مثل عقار الريسبردال.
والدراسات التي تخص الجنس في الفصام قليلة. ولكن قبل ذلك يجب أن نعرف أن الجنس في الأشخاص العاديين يمر بعدة مراحل منها الرغبة فالاستثارة فالإيلاج فالإنزال ثم الشبع. وأما الجنس في الفصام فله قصة فالفصامي قد يتخوف من ممارسة الجنس فيفقد الرغبة في ممارسة الجنس لارتباط ذلك بمرضه فيعتقد أنه قد يفقد ما تبقى من عقله إذا مارس الجنس فيؤدي إلى عزوفه عن هذا السلوك.
وكذلك الأدوية فلها دور كبير في عزوف المريض عن ممارسة الجنس وخصصا العقاقير التقليدية والتي تؤدي إلى زيادة إفراز هرمون اللبن (Prolactin) والذي له علاقة وثيقة بتثبيط معظم المراحل التي تمر بها العملية الجنسية. أما الأدوية الغير تقليدية ومنها الريسبردال فتأثيرها على العملية الجنسية أقل ويعتمد التأثير المثبط لمراحل العملية الجنسية على نوع العقار أو الجرعة المستخدمة أو على وجود أمراض عضوية أخرى يعاني منها المريض الفصامي مثل مرض البوال السكري... الخ والمعروف أن الريسبردال أكثرهم تأثيرا وبالفعل يوجد عقار هو الأقل تأثيرا في تثبيط العملية الجنسية وهو ما يسمى بالكواتيابين (Quetiapine) وهذا هو الاسم العلمي ولكن لا يجب تبديله إلا بإشراف طبيب كما يوجد عقاقير أخرى لتنشيط العملية الجنسية والتي لا توصف أيضا إلا بإشراف الطبيب. ثم هناك العلاجات النفسية والأسرية والتي تساعد بدرجة كبيرة لعودة زوجك إلى حياة أقرب ما تكون إلى الحياة الطبيعية.
ذلك مع دعائي لكم بالتوفيق وتمام الشفاء وأهلا وسهلا بكم دائما
R03;واقرئي على مجانين:
الفصام ونكباته
فصام في طريقه للشفاء
أمي والفصام المزمن هل هو ابتلاء؟