السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
أود في البداية أن أبدي إعجابي بموقعكم المتميز الجميل وإن شاء الله يكون لكم الفضل والثواب العظيم عند الله تعالي لقول الرسول عليه الصلاة والسلام من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة.
أرجو من حضرتك يا دكتور وائل أن تساعدني وتعينني على التغلب على مشكلتي التي أعاني منها منذ سبع سنوات تصور يا دكتور وائل سبع سنوات من عذاب الألم النفسي الشديد الذي كان يصل بي في كثير من الأحيان إلى كره نفسي واحتقارها هذا بالإضافة إلى الاكتئاب الشديد وربما تمني الموت في بعض الأحيان بسبب عدم قدرتي على التغلب على هذه المشكلة التافهة التي تجعلني أسيرة لها وكلما قاومتها لمدة رجعت ثانيا أقوى من ذي قبل، لعل حضرتك متلهف لمعرفتها إنها قد تبدو بسيطة في نظر معظم الناس،
إن مشكلتي التي تكدر علي صفو حياتي هي غياب إرادتي وعزيمتي للاستمرار في عمل الريجيم، نعم يا دكتور وائل إنه الرجيم، فأنا أكتئب بشدة عندما يزداد وزني وأجد ملابسي قد ضاقت علي فأكره ارتدائها وأكره النزول في الشارع وأكره نفسي وأكره صورتي في المرآة وفي كثير من الأحيان أبكي بشدة وأنهار لما أصبح جسدي عليه، ومهما حكيت لك من محاولاتي فلن أستطيع أن أحصيها جمعيا فلقد استعنت بالقرآن الكريم وممارسة سنة النبي عليه السلام في الطعام والشراب والجلوس على مائدة الطعام وحفظت جميع الأدعية المتعلقة بالأكل واتبعت جميع سنن الرسول عليه الصلاة والسلام ودعوت الله كثيرا كثيرا جدا أن يعطيني القوه ويثبتني.
ولكن مع كل هذا أجد نفسي ضعيفة بشدة أمام الطعام وخصوصا في فترات الضيق أو الضغوط فآكل بشراهة وعندما يزداد وزني أكتئب بشدة وآكل أكثر فأجد نفسي زدت أكثر وهكذا أجد نفسي أدور في حلقة مغلقة من السمنة والاكتئاب فكم هو قاسٍ هذا الشعور، هذا الشعور يؤثر على أنشطة حياتي كلها مثل المذاكرة أو ممارسه أي هوايات أو القراءة أو حتى رؤية أصدقائي والتحدث معهم، فكثيرا ما يصل الأمر إلى عدم قدرتي على التحدث مع أحد أو حتى رؤية أصدقائي.
أشعر بملل فظيع يقتلني وأقول لنفسي ما قد بنيته في شهور ضيعته في لحظه، حيث كنت أنقص قليلا عند أتباع نظام غذائي ثم تحت تأثير أي ضغط ولو بسيط أجد نفسي آكل كل شئ وبشراهة وعندما أحاول منع نفسي عن ذلك أصاب باكتئاب ورغبة في البكاء وضغط شديد شديد جدا بداخلي يدفعني للأكل ثم بعد ذلك يأتي الندم وأسقط في نظر نفسي حيث كيف تتحكم في شهوتي للطعام هكذا؟ كيف أصبح أسيرة لتلك الشهوة؟ كيف لا أستطيع التغلب عليها؟ إن الحيوان فقط هو الذي تقوده غرائزه فهل أنا أصبحت كذلك؟
أرجو من حضرتك أن تجيبني بسرعة فأنا حياتي الآن منهارة تماما ولا أستطيع النوم نهائيا إلا لفترات بسيطة متقطعة فأنا أكتب لك هذا الكلام وأنا لم أنم طوال الليل وظللت أدعو الله كثيرا وأبكي بحرقة على ما فعلته بنفسي وأنا مسلوبة الإرادة،
سوف أنتظر إجابتك بفارغ الصبر يا دكتور وائل فأنت تعرف كم هو مؤلم بشدة التعب النفسي
وخصوصا عندما لا يستطيع الإنسان البوح به لأحد ولا يجد إلا أن يكتمه في طيات صدره.
13/8/2003
رد المستشار
أهلا بك أيتها الأخت السائلة، ونشكرك شكرًا جزيلاً على إطرائك الرقيق للموقع وعلى دعواتك الطيبة، ونسأل الله أن يعيننا على إرشادك إلى الطريق الصحيح إن شاء الله.
الحقيقة أن رسالتك رغم غياب كثيرٍ من المعلومات المهمة فيها كوزنك وطولك الحاليين وأوزانك السابقة المختلفة التي مررت بها خلال رحلتك مع تأرجح الوزن وعمرك وحالتك الاجتماعية وغير ذلك مما لم يكن واضحًا أنه مطلوبٌ من من يرسلون لنا مشاكلهم النفسية (على موقع مجانين قبل أن يلبس ثوبه الجديد)، ورغم ما يبدو من أن خطأ ما قد حدث منك دون أن تدري في كتابة عنوانك الإليكتروني وهو ما أوقعنا في حيرةٍ لأننا حاولنا أستكمال المعلومات منك فلم نستطع فالعنوان الإليكتروني الذي أرسلته لنا غير صحيح، رغم كل ذلك فإننا نجدُ في رسالتك كثيرًا مما يستوجب الرد من أجل تصحيح المفاهيم لديك ولدى كثيراتٍ من ضحايا الحمية المنحفة (الريجيم).
وننصحك أولاً بقراءة المقالات التالية على موقعنا مجانين نقطة كوم:
أكذوبة كبيرة أسمها الحمية المنحفة
تأرجح الوزن
أكذوبة الوزن المثالي
رؤية المرأة لجسدها من منظور اجتماعي
هل البدانة مرض ؟
الأخت العزيزة واضحٌ في إفادتك أن رحلتك الطويلة في متاهات الحمية المنحفة بل الحميات المنحفة المتكررة، قد أدت إلى إضطراب علاقتك بالأكل وبجسدك وهذه نتيجةٌ تحدثُ لمعظم إن لم يكن كل ضحايا الحمية المنحفة، ونفس الكلام ينطبق على ما يحدثُ لك من نوباتٍ تأكلين فيها دونَ شعور أو دون وعي وهو ما نسميه بنوبات الدقر (الأكل الشره إلى حد الملء الذي قد يسببُ القيء) ونوبات الدقر هذه تحدثُ في نسبةٍ كبيرةٍ من متبعي الحمية المنحفة، وكل ذلك إضافةً إلى أكتئابك والذي كما تقولين أنت في إفادتك (أجد نفسي ضعيفة بشده أمام الطعام وخصوصا في فترات الضيق أو الضغوط فآكل بشراهة وعندما يزداد وزني أكتئب بشده وآكل أكثر فأجد نفسي زدت أكثر وهكذا أجد نفسي أدور في حلقة مغلقة من السمنة والأكتئاب).
فمن المعروف الآن أن نوبات الدقر (أو الأكل الشره) كثيرًا ما تكون بسبب محاولة الإلتزام بحمية منحفة، خاصة عندما يكون هناك اكتئاب، وأنا لا أدري ما تقصدين بالطريقة الهمجية المجنونة كما أسميتها، ولكن بوجه عام ولأن كل شخص عرضة لأن يأكل أكثر من اللازم من وقت لآخر، فإن أهم ما يميز نوبات الدقر ليس هو كمّ ما يتم التهامه بقدر ما هو الكيفية التي يحدث بها التهام ذلك الكم الكبير من الطعام!
* وعادة ما تساعدُ النقاط التالية في التفريق بين ما هو مجرد أكل زائد عن اللازم Simple Overeating مما هو نوبة دقر Binge Eating:
1- الإحساس أثناء التهام الطعام بأن الشخص غير قادر على التحكم في عملية الأكل.
2- التهام الأكل بسرعة غير عادية مقارنة بسرعة الشخص نفسه في الأكل العادي ما بين النوبات.
3- الاستمرار في الأكل إلى أن يشعر بالتعب والامتلاء حتى الألم أو إلى أن يقتحم عليه خلوته شخص ما.
4- التهام كمية كبيرة من الطعام (حسب تقييم معظم الناس) حتى إن لم يكن جائعًا.
5- أن تحدث هذه النوبات في السر قدر الإمكان عادة؛ بسبب الخجل من كمية وسرعة وربما طريقة الأكل.
6- الإحساس بالاكتئاب أو القرف أو الذنب بسبب ما تم التهامه بعد انتهاء النوبة.
أما حديث الشهوة للطعام التي تضايقك كثيرًا وإحساسك أنه لا بد من الرجيم (الحمية المنحفة) فحديث ذو شجون، لأن كل من حولك لا يكفون عن أنتقادك ونصحك بالحمية المنحفة التي عرفت عدة مراتٍ أنها بلا فائدة، وأصبحت الآن تشعرين بالعجز عن التحكم في الأكل، فأنا أعرف أن ما تقولينه صادق، ولكنني أريدك أن تعرفي أيضًا أن ما وصلت أنت إليه من أنفلات تجاه الأكل، ليس في الأصل ناتجًا إلا عن الحمية المنحفة المتكررة، وأن تأرجح الوزن (أي النقصان بسبب الحمية المنحفة ثم الزيادة التي تلي ذلك النقصان بسبب أبتعاد الجسم عن نقطته المحدّدة وإصراره الجنوني على الرجوع لها) أخطر بكثيرٍ على الصحة وعلى شكل الجسد من البقاء بدينًا طول العمر، وهذا ما لا يقوله لنا أحد من تجار الرجيم للأسف بالرغم من أن كل كلمةٍ أقولها لك هي الآن بمثابة الحقيقة العلمية.
وأما كيف يتسبب الإلتزام بتعليمات أي برنامج حمية منحفة في حدوث إنفلات تجاه الأكل فهو أن الشخص أثناء إلتزامه بأن يأكل كميةً أقل من التي يحتاجها جسده وأن يمتنع عن الإستجابة لشعوره بالجوع، إنما ينسي نفسه بالتدريج كيف يتفهم إشارات الجسد التي تعبر لصاحبه ليس فقط عن الجوع، وإنما أيضًا إشارات الجسد التي تعبر عن الشبع، فخلال فترة الإلتزام بتعليمات البرنامج نحن لا نعامل لا مشاعر الجوع ولا مشاعر الشبع بشكل طبيعي! ومع تكرار ذلك لفترات طويلة ومتعددة يصبح الشخص في حاجة لأن يتعلم متى يأكل ومتى يكفّ عن الأكل، أي أنه يكون أسوأ حالاً من الطفل المولود لأنه نسي ما يولد به الطفل ولم يعد قادرًا على ممارسته!
ثم يجيء بعد ذلك شعورك باليأس والذي ينتج عن أتهامك لنفسك بالفشل والإفتقار إلى الإرادة، لكي يصبح أكتئابًا يزيد الأمور سوءًا، مع أن الأمر ليس أفتقارًا إلى الإرادة كما تظنين ويظنّ الكثيرون بل هو أفتقار إلى الفهم الصحيح للأمور ولا ذنب لك في ذلك، أما مشاعر الكراهية تجاه شكلك وهيئتك التي بدأت تزداد لديك بسبب فشلك في ضبط جسدك ومظهرك لكي يتلاءم مع متطلبات المجتمع، ما تريدين قوله هنا هو أنك غير راضية عن صورة جسدك.
وأسوأ عواقب عدم الرضا عن صورة الجسد من الناحية النفسية هو أنخفاض تقدير الذات Self Esteem، وتقدير الذات عبارة عن مجموع أتجاهات الفرد نحو نفسه سواء أكانت موجبةً أو سالبة، فصاحب التقدير المرتفع لذاته هو شخص يحترم نفسه ويعتبرها ذات قيمة، ويشعر بالكفاءة والثقة في نفسه، ويتميز بالشعور بالقدرة على -والشجاعة في- التعبير عن آرائه وأفكاره ومشاعره تجاه الآخرين، فيكوّن علاقاتٍ أجتماعيةً ناجحةً، ويكون أكثر قدرةً على الابتكار والانطلاق في الحياة.
وأما صاحب التقدير المنخفض لذاته فيعتقد أنه بلا قيمةٍ وأنه غير كفءٍ، ويفتقر إلى الثقة بنفسه، فيتصرف بطريقةٍ لا تجلب التقدير الإيجابيّ من الآخرين، فتكون النتيجة أنه يميل إلى العزلة والانسحاب بدلاً من الإيجابية والمشاركة ويعتبر نفسه غير مهمٍّ وغير محبوب، والذي يحدث في الكثير من حالات إنخفاض تقدير الذات بسبب عدم الرضا عن صورة الجسد، هو متصل نفسيّ شعوريّ معرفيّ يمتد من بعض الضيق العابر من الجسم في بعض الأحيان إلى حد الإشمئزاز أو الكره للنفس Self Loathing، خاصةً بعد فقد الأمل من النجاح في تعديل الصورة المرفوضة.
وأنا هنا أسألك:هل الصورة التي تريدين الوصول بجسدك إليها هي الصورة التي خلقه الله ليكون عليها؟ أم هي الصورة التي رسمها وأعجب بها الآخرون وأرادوا من الجميع الوصول إليها؟؟ ألا ترين أنك كنت ضحيةً لصورةٍ يريدها الآخرون؟
* ومن المهم جدا أن تتذكري دائمًا أنك تمتلكين جسدًا واحدًا فقط، وأن هذا الجسد مسئول منك أمام الله، وأنه يستطيع فعل كل ما تريدين وكل ما تحبين فعله مثلما تستطيع كل الأجساد التي خلقها الله، أي حاولي أن تجعلي جزءًا من نظرتك إلى جسدك مبنيا على ما يستطيع ذلك الجسد القيام به، وليس فقط كيف يبدو ذلك الجسد، جرّبي أن تفعلي كل ما تحبين فعله وستكتشفين بنفسك أن جسمك يستطيع فعل كل شيء.
** وأما أهم نقطةٍ أود تنبيهك وتنبيه متصفحي موقعنا فهيَ ما يستشفُ من قولك في إفادتك (فلقد استعنت بالقرآن الكريم وممارسة سنة النبي عليه السلام في الطعام والشراب والجلوس على مائدة الطعام وحفظت جميع الأدعية المتعلقة بالأكل واتبعت جميع سنن الرسول عليه الصلاة والسلام ودعوت الله كثيرا كثيرا جدا أن يعطيني القوه ويثبتني)، فليس الأمر كما تظنين لأن معلوماتك عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأكل هيَ في الأغلب معلومات معظم الناس فالإجابة الجاهزة لدى معظم المسلمين إذا سألناهم عن سنة الرسول في الأكل هيَ قوله صلى الله عليه وسلم "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" أي أنهم مقتصدون وهذا المعنى صحيح لكن السند فيه ضعيف، (يراجع في زاد المعاد والبداية لابن كثير) (تنبيهُ الخواطر، ج1 ص102)، أو حديث المقداد ابن معد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، رواهُ الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وهذان الحديثان المشهوران لدى الجميع إنما يشيران إلى قدرةٍ غير موجودةٍ في السواد الأعظم من الناس في أيامنا هذه خاصةً في أصحاب المشكلات مع الوزن وصورة الجسد، والاكتفاء بهذين الحديثين وكأنهما يمثلان سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل يسببُ مشكلةً كبيرةً لهؤلاء لأنهم في الحقيقة أعجز ما يكونون عن اتباع أي منهما، لماذا؟ لأن الفرد الذي يستطيع تطبيق هذا الهدي النبوي هو فردٌ يختلف تماما عن معظمنا وخاصةً من لديهم مشكلة مع الأكل أو صورة الجسد كما ذكرت، فأهم شروط القدرة على اتباع هذين الحديثين هو أن يكونَ الفرد على وفاقٍ مع جسده ومع طعامه، وكل من اتبع الحمية المنحفة (سواءً الفاشلة أو الناجحة حتى الآن، والفاشلة بكل تأكيد ولو بعد حين) كل هؤلاء متخاصمون مع أجسادهم ومأكولهم ومع أنفسهم أيضًا، وأنا هنا أحيلك إلى ردنا السابق : ما الريجيم إلا أسطورة كبيرة: برنامج بديل
ففي هذه الإجابة تجدين الجزء الأول من برنامجنا الذي يناسب كل من لديه مشكلةٌ مع الأكل وصورة الجسد وهو ليس برنامج حمية منحفة، وإنما إعادة تصحيح لعلاقتك بجسدك وبمأكولك أولاً لكي يصبحَ الالتزام بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ممكنا، إضافةً إلى أن الروابط الموجودة داخل تلك الإجابة ستطلعك على عدة جوانب لم تذكريها لنا مع أنها موجودة لديك،
وفي النهاية نتمنى أن يوفقك الله في التصالح مع جسدك ومع مأكولك ولكنك ستحتاجين إلى الصبر ومجاهدة النفس في الالتزام بخطوات الجزء الأول من هذا البرنامج،كما أننا ننصحك بزيارة أقرب طبيبٍ نفسي متخصص لكي يصف لك أحد عقارات الاكتئاب حسب تقييمه لشدته لأن علاج الأكتئاب سيساعدك كثيرًا إن شاء الله، بل هو مهم جدا ولن تكونَ قدرتك على أتباع برنامجنا ممكنةً وأنت مكتئبة، وفقك الله وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>> : الإنجاز يعين على الإنجاز تأرجح الوزن ونوبات الدقر م