السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
إلى الصديق الدكتور ملهم الحراكي. وقد استعملت لفظة صديق لأني اتبعت منهج صديق معك وليس الطبيب. فرسائلي الأولى كانت جد مركزة ورسالة تلو الأخرى أصبحت أبوح أكثر.
لن نقول لك اذهب ونم مع فتيات بل نقول لك؟؟
كيف أقتل الفتاة بداخلي؟! م1
أنا شاب تربيت وسط أخواتي البنات، وأعتبرهن رصيدي ورأسمالي في الحياة. كنا نلعب سوياً وندرس سوياً، ويستمعن لمشاكلي البسيطة في المدرسة. وهن اللواتي أحببنني في الدراسة، أما أبي فكان الحاضر الغائب فكان دائماً صامتاً، لا يتدخل في شؤوننا وفي المنزل كان دائماً نائماً، وخارج المنزل أما في العمل أو المسجد. عندما كنت صغيراً كنت دائماً أقول أبي جد طيب فهو لا يضربنا ولا يسبنا ويتركنا نعمل ما نشاء، وعندما كبرت أصبحت أقول أبي سلبي بكل ما تحمل الكلمة من معنى وأعتذر لأبي على هدا اللفظ ولكنها للأسف الحقيقة.
عندي مشاكل كثيرة دون الحديث عن المثلية الجنسية. فأخواتي لم يحالفهن الحظ في الزواج أو الحصول على وظائف، ومن هدا المنبر أقول للجميع: أنا المثلي الذي كان دائماً رمز فخر لأسرته، أنا المثلي الذي يساعد أسرته في مصاريف الحياة، أنا المثلي المخلص في عمله، فالمثلية سلاح دو حدين؛ أما أن تنحرف انحرافاً شديداً و تعوض نقصك في أشياء مفيدة. ومن الأسباب التي جعلتني أقوم بالفاحشة أن أخواتي لم يقمن أية علاقة مع أي شاب، وبما أنهن قدوتي في الحياة، فقد كبر معي هدا الإحساس. إن الزنا جريمة لا يمكن ارتكابها، فحدث هدا الإسقاط لي بالنسبة للواط، وكنت دائماً أهرب من حالتي بالدراسة، وكنت أتمنى أن أتابع دراستي وأحصل على الدكتوراه، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فالظروف أقوى مني.
المثلية علمتني كيف لا أعير أي اهتمام للحياة، علمتني مادا يعني الصبر، والحفاظ على السر. المثلية علمتني كيف تحس بآلام وجروح الآخر، كيف تتكسر جميع المشاكل والمتاعب على صخرة المثلية. وعند قراءتي لمشاكل المثليين الدين يطلبون العلاج اكتشفت هناك ضغط من الأهل للزواج. هل تعلم يا سيدي ملهم أن أسرتي ترفض بشكل قاطع أن أتزوج، وهدا راجع لارتباطهم الشديد بي! ولا أعلم هل هده منحة من القدر أم أن الحياة تقول لي بصريح العبارة هدا هو قدرك في الحياة، أنت لست رجل، والطبيب المختص لعلاجك ليس موجوداً في بلدك، وأسرتك تريدك أن تبقى لها طول الحياة، وأصدقائك يحبونك جداً جداً بطبعك المتميز.
ومن هدا المنبر أطالب جميع الآباء الدين جنوا على أبنائهم في التربية، ولجميع علماء المسلمين الذين يتطرقون لكل مشاكل الحياة، وعند الحديث عن المثلية يصيبهم الاشمئزاز ويتكلمون باقتضاب دون فائدة، ولكل شخص احتقر أي مثلي، أطالب الجميع أن يقدموا رسالة اعتذار لنا، فنحن لسنا أناس حقيرين أو فساق، بل نحن ضحايا.
إذا لم أعالج وبقي الحال كما هو، وبعد أن أطمئن على مستقبل أخواتي فكرت وقررت -وهنا أتكلم بكل جدية- أن أتبرع بكل أعضائي لانقاد حياة أناس آخرين، وسأكون بدلك وضعت حداً لمعاناتي، وذهبت في رحاب خالقي الذي هو أعلم مني ليسترني ويدخلني في فسيح جناته برحمته وليس بعدله.
رسالتي عبارة عن فضفضة، لأني اكتشفت أن جميع الظروف ضدي، وأن القدر سطر قصتي عندما كنت صغيراً؛ فأنا مت يوم اشتريت دمية، مت يوم خذلني أبي، مت يوم كنت أنام بحضن أخواتي، وهنا أحصد ما زرع في طفولتي، فأحياناً كثيرة يحصد الإنسان الشوك إن كان هو زرع الورد والياسمين! فالغلة الفاسدة لا يمكن إصلاحها إما بحرقها أو إعادة غرسها من جديد، وهدا مستحيل فالزمان لا يرجع للوراء.
في الختام تقبل سيدي ملهم اعتذاري لأني أطلت، ولكني أردت أن أبوح دون قناع أو زيف لإنسان أحس بمعاناتي، فبمجرد أن تحس أن هناك إنسان يحس بك فهدا إحساس رائع.
ملاحظة: لما قرأت ردك الأخير لي بكيت طوال الليل، فخففت دموعي بعض الشيء من معاناتي.
16/12/2007
رد المستشار
مدرسة المثلية التعليمية
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
من أين أبدأ... فكل جملة كتبتها استوقفتني متأمّلاً محللاً.
أقول مستعينا بالله تعالى لكي يوفقني بكلماتٍ قليلات للرد على تلك الأسطر الملتهبة بالمعاناة، والتي جعلتني أتأخر بالرد ليس فقط للكم الهائل من المشاغل الملقاة على عاتقي في الآونة الأخيرة، بل لأنني شعرت أكثر بقوة كلماتك -أخ كريم- (وهي عادتك) وحجم معاناتك مما جعلني أتمهل وأقرأ رسالتك عدة مرات...
1- قلت بأنك (اتبعت منهج صديق معك.و ليس الطبيب)
والجواب: وهذا يسعدني.. ويعني لي أنك بدأت تبحث معي عن الحل، ولم تعد تلقي على عاتقي الحل لمشكلتك، أن تساعدني وتساعد نفسك لتدبير أمورك وظروفك الآن هو الأساس على الطريق الصحيح.. وهذا يدل أن القوة بدأت تدب في شخصك!!
2- وماذا عن الظروف التي شرحتها حول تربيتك في البيت وسط أخواتك البنات، وأبوك حسب وصفك له (الحاضر الغائب، الصامت، الغير متدخل في شؤون أسرته... السلبي..)
والجواب: هذه الظروف حيث أخواتك البنات دائماً حولك والأب النفسي غائب لديك وإن كان حاضر بجسده إلا أنك حُرمت من النموذج الذكري Male Figure لتحاكيه وتقلّده وتكتسب منه صفات الرجولة والذكورة، بمعنى أنك فقدت القدوة ولم تجد أمامك إلا نموذجاً أنثوياً لترتبط فيه وتقلده ويصبح في داخلك أنثى في ثوب رجل!!، بدليل أنك ناديت بأعلى صوتك في أحد استشاراتك (كيف أقتل الفتاة التي بداخلي؟!).
وحسب القاعدة المهمة في علم النفس والعلاج النفسي (Here & Now) الآن ماذا سنفعل؟!..
والجواب: أنك الآن أنت بحاجة -ومن الناحية النفسية- لنموذج ذكري لتقتد به وتحاكيه وتكتسب منه صفات الرجولة والذكورة وليكن خير الرجال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) سورة الأحزاب (21).
تعلق به، أحبه، اقتد بأفعاله، حلق مع أخلاقه العظيمة، اشتاق إليه شوق الابن لأبيه المسافر..
3- أما قولك ((المثلية سلاح ذو حدين، إما أن تنحرف انحرافا شديدا أو تعوض نقصك في أشياء مفيدة)) ((المثلية علمتني..!!!))
والجواب: هذه هي حالة التسامي sublimation بالمثلية وتحويلها إلى ((مدرسة تعليمية)) وأنها ذات بعد إيجابي، وهي آلية دفاعية تستعملها نفسك الطاهرة (أقولها وأعنيها) لتتخلص من وقع التفكير الجنسي المثلي. نعم إنه من الجميل أن تستخدم نفسك هذه الآلية لتتخلص من قلق المثلية، والأجمل أن تستمر بها وتتعرف عليها.. واعلم أنها آلية ناضجة تدل على النضج والتحضر النفسي لصاحبها، ولكن اعمد إلى مفتاح التشغيل switch لتخفف من عيارها حبتين!!
والأفضل من ذلك أن تتجاوز ومن الناحية المعرفية هذا القلق لتتعامل مع المشكلة بهدوء وروية دون دفاعات نفسية، وأنا واثق أنك تستطيع فعل ذلك بالاستعانة بالله العظيم..
4- أما قولك (هل تعلم يا سيدي ملهم أن أسرتي ترفض بشكل قاطع أن أتزوج. وهذا راجع لارتباطهم الشديد بي. ولا أعلم هل هده منحة من القدر، أم أن الحياة تقول لي بصريح العبارة هذا هو قدرك في الحياة. أنت لست رجل. والطبيب المختص لعلاجك ليس موجودا في بلدك. وأسرتك تريدك أن تبقى لها طول الحياة. وأصدقائك يحبونك جدا جدا بطبعك المتميز).
والجواب: إن كان قدراً فتعامل وفق الظروف المتاحة بآليات نفسية –كالسابقة- ناضجة ومثمرة وفعّالة، وحرر أيها الأخ كريم عقلك (وأيقظ المارد في داخلك) لتجد الحلول العديدة لمشاكلك الراهنة مع نفسك ومع أهلك وارتباطهم الكبير والغريب!! معك، وليس الحل المناسب لشخص -أراه ذو عقلٍ راجحٍ- أن يتبرع بكل أعضاءه.. وأن يرحل في رحاب الخالق حيث العدل والرحمة!!!
إذن ما الحل المناسب؟! لنتعاون يا صديقي كريم على إيجاده، والذي سأقوله لك الآن وبالتأكيد ليس قرار الموت ، لأنه ليس قرارك بل قرار الله تعالى الذي قرر حياتك وهو سبحانه يغضب إن قرر عبده هذا القرار ويعاقب عليه مهما كانت ظروف هذا العبد ، لأن العبد بهذا الفعل قد يئس من رحمته وقال لمولاه ((بأنك لم تخلق لي عقلاً لأفكر وأنت ظالم غير عادل..))
قال تعالى: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) سورة العنكبوت (23)
كما قال عز من قائل ((.. وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)) سورة يوسف (87)
5- أما قولك (ومن هدا المنبر أطالب جميع الآباء الدين جنوا غلى أبنائهم في التربية.ولجميع علماء المسلمين الذين يتطرقون لكل مشاكل الحياة. وعند الحديث عن المثلية يصيبهم الاشمئزاز. ويتكلمون باقتضاب دون فائدة)
وهي عادة النعام!!.. وسأكتفي بهذا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم...
6- أما قولك ((نحن لسنا أناس حقيرين أو فساق. بل نحن ضحايا))
والجواب: الحقارة والفسق عمل مادي وليس فكري، فالفكر عند أي إنسان يمر عليه الكثير من الأفكار القذرة والحسنة، والعقل يقيس ويوازن ليقرر أن أفعل أو لا أفعل، عندها يُعرف المتسامي الطاهر من الحقير الفاسق.
7- أما قولك (رسالتي هذه عبارة عن فضفضة.... فالغلة الفاسدة لا يمكن إصلاحها إلا بحرقها أو إعادة غرسها من جديد و هذا مستحيل فالزمان لا يرجع للوراء)، وأتساءل: هل الغلة كلها فاسدة؟!!! وهل يمكن أن نزرع ما طاب منها لينبت الطيب وليذهب الخبيث جفاءا.. وأسألك أيضاً، هل كل ما ترى من الغلال صالحةٌ مائة بالمائة؟!!
اسأل نفسك وانظر على من حولك لتجد الجواب!!...
وفي الختام أرجو أن يتقبل مني ربي دعواتي للأخ كريم بأن (يفرّج كربه، وييسّر أمره، ويطّهر قلبه) وأن يجعلني سبباً في ذلك، آمين....
تابعنا بأخبارك أيها الكريم كريم.
ويتبع>>>>>> : كيف أقتل الفتاة بداخلي؟- مشاركة1