السلام عليكم ورحمة الله..
بعد تردد كبير.. قررت أن أكتب لكم أعزائي المختصّين عن مشكلتي.. علّي أجد عندكم ما يريحني أو ينيرني على الأقل..
أرجو منكم قبل الرد عليّ.. أن تتفهمّوا مشكلتي بكامل أبعادها.. بعيدا عن أي ازدراء أو أحكام مسبقة.. قد حاولت سابقا الكتابة إلى أحدهم.. ولكن بحكم ثقافتي التي أدعوها بالواسعة.. فلم أكن أثق بأحكام الآخرين.. ولكني أجد فيكم الرأي السديد.. والحكم الجيّد على الأمور.. فأرجوكم.. ساعدوني..
بداية.. كي أعرفكم بنفسي.. أنا شاب في أوائل العشرينات.. وسيم.. قوي البنية.. لا مظاهر للأنوثة فيّ إطلاقا.. ذكي.. مثقّف.. متديّن.. من الأوائل في دراستي.. أمارس جميع أشكال الرياضة.. وعلى قدر كبير من الذكاء.. ولدّي الكثير من الموهبة الأدبية والشعرية..
من عائلة مثقفة ومتدينة جدا.. كنت آخر إخوتي (آخر العنقود يعني).. ولكنّي لم أكن أحظى بالحب والحنان من والدي.. الذي هو بالمناسبة رجل حكيم وطيّب القلب.. ولكنّه لا يظهر أي شكل من أشكال الحبّ تجاه أولاده..
تربّيت فاقدا للحب الأبويّ منذ صغري.. بل وكان هناك الكثير من القسوة في تربيتي.. على مبدأ (اقسَُ على ولدك.. كي يصبح رجلا).. وهذا قد ترك فيّ فجوة كبيرة.. وجدت نفسي مع الأيام.. أملؤها بحبّي لأساتذتي في المدرسة.. وتعلقي بهم.. وكلما كبرت كلما زاد تعلقي.. حتى وصلت إلى أواخر المرحلة الإعدادية.. التي أصبحت فيها أفكّر في أساتذتي بطريقة شائنة (بيني وبين نفسي طبعا).. ولكنها بريئة في نفس الوقت.. فلم أكن أفكر إلا أن أحضنهم مثلا.. أو نتبادل القبل.. أو النوم في السرير كما في الأفلام الرومانسية..!!
ولكنّي كنت أمقت نفسي جدا عند تفكيري بهذه الطريقة.. فأنا بحكم تربيتي الدينية.. ملتزم بالصلوات.. وجميع العبادات.. فلذلك كنت أعيش حياة مزدوجة.. بين خوفي من ربّي.. الذي أحبه كثيرا.. وبين نزعاتي المنحرفة أو الشاذة كما يسمّونها.. أخيرا.. تخرّجت من المدرسة.. وذهبت إلى الجامعة في إحدى البلدان العربية.. التي يكون فيها المرء أكثر حريّة.. وبعيدا عن أهله.. والأجواء الدينية المحيطة به..
بدأت مع الأيام.. أدخل عن طريق النت إلى مواقع الشواذ وما إلى ذلك.. تعرّفت إلى كم كبير منهم.. بل وتفاجأت لكثرتهم المخيفة.. وطرقهم المشينة في وصف العلاقات.. ولكني لم أكن أبحث عن علاقة جنسية أو لقاء واحد.. كنت أبحث عن من يحبّني.. ويعتني بي عاطفيا..
شاءت الأقدار أن أصادف رجلا.. في الخمسينات من العمر.. وسيما.. طيّبا لأبعد الحدود.. مطلقا منذ مدّة.. وعنده ميول لحبّ من هم في مثل سنّي.. كان مهذبا جدا معي.. وكان محافظا على الصلاة.. ومرتاح ماليّا.. أحببته وأحبّني منذ اللقاء الأول.. كان مثقفا جدا.. وناجحا في حياته.. كما كنت ناجحا في حياتي ومحبوبا بين أصدقائي.. تطوّرت معرفتنا حتى صرنا نلتقي في بيته.. ونفرّغ عواطفنا الجياشة.. ولكننا لم نقدم أبدا على علاقة جنسية متكاملة.. بل كان كل ما في الأمر مجرد أحضان وقبلات حارة واهتمام شديد ببعضنا.. كنا نتكلم هاتفيا كل يوم.. ونتحادث بالساعات.. ولكن في بعض الأحيان يحسّ أحدنا بالذنب.. فنبتعد قليلا,, وسرعان ما نعود لبعض كأحلى حبيبين في الدنيا.
لا أنكر أنني في بعض الأوقات كنت أرغب في أن تتطور علاقتنا لتشمل العملية الجنسية بأكملها.. بحكم ثورة الشباب.. والهرمونات الزائدة.. ولكنّي منعت نفسي من ذلك.. حتّى لا أدنس الحب الذي بيننا.. عشت معه سنتين، وهذه السنة الثالثة، طبعا لا أحد من أصدقائي أو أهلي يعلم بهذا، فأنا أعرف تمام المعرفة نظرة المجتمع العربيّ والدين الإسلامي إلى هذا النوع من العلاقات..
أما بالنسبة للنساء، فلم أجرّب أن أخوض أي علاقة معهن، ولكني بصفة عامة، أحسّ بانجذاب نحوهن، فقط للرقة التي تمتاز بها الفتيات، والحنان الذي فيهنّ، ولكنّي لا أحس بأي انجذاب جسدي نحوهن!!
بقدر ما أرغب في استمرارية حبنا.. ولكني أرغب أيضا بعيش حياة عادية، أتزوّج فيها، وأنجب أطفالا يملئون عليّ حياتي، ولكني أخاف أن لا أستطيع إيفاء زوجتي المستقبلية حقها..! بسبب ميولي الجنسية الغير سويّة..!!
أنا شخص حساس جدا، ومحبوب بين الجميع، ومحترم في المجتمع الذي أعيش فيه، والجميع يحسّ بأني تفكيري ورجاحة عقلي أكبر من سنّي كثيرا، ولكني لا أستطيع كتم هذه المشاعر في نفسي إلى الأبد، أو محوها من قلبي..
فما رأيكم في حالتي هذه!؟ وهل سأستطيع تجاوز هذه المحنة.. والزواج، ككل الأشخاص الطبيعيين!؟ وأن أسعد في حياتي.. وأرضي ربّي الذي لم يتخلّ عنّي حتى في أحلك الأوقات!
أرجوكم أن تأخذوا مشكلتي على محمل الجد، وآمل أن يكون الحل الشافي على أيديكم يا أساتذتي..
عذرا على الإطالة، ولكم مني كل الشكر والتقدير والإجلال.
وحيد
20/12/2007
رد المستشار
من المهم أن تعلم أن في حالتك الموضوع ليس جنسيا ولكنه عاطفي في المقام الأول.. إنك تريد الحب من أبيك والذي استبدلته بهذا الرجل الذي يكبرك سنا.. ولديك أيضا كأي شخص في العالم الرغبة في أن تتقارب جسديا مع آخر... أثناء بحثك عن حب بديل لحب الأب اختلط عليك الأمر أو فاتك أن في القرب من المرأة متعة أخرى، تقول أن حبك لهذا الرجل عفيف بالرغم من ما يحدث في خيالك.. تقول أنك لم ترغب في أن تدنس هذا الحب.. أليس من الممكن أيضا أن يكون لديك هذا النوع من الحب مع امرأة؟؟ تقول أنك تحس بانجذاب نحو النساء ولكن بدون رغبة جنسية.. هل من الضروري في ظل وصفك أن تكون الرغبة الجنسية هي المحرك الأول أو الأهم لعلاقتك بآخر؟؟
بالطبع من الممكن تجاوز وتغيير الموقف الحالي وسوف يتطلب هذا (مثل أي تغيير) قرارا حقيقيا من داخلك نابعا من اقتناع تام بضرورة والرغبة في التغيير... قد يساعدك في هذا أن تعلم أنك لن تحصل على ما تريد بالكامل من أي شخص آخر وإنما يجب أن تعطي نفسك ما تحتاجه... لماذا لا تحب نفسك بدون الاحتياج إلى أب أو إلى بديله؟؟ بعد ذلك يمكنك أن تحب آخر حبا حقيقيا.
هل أقمت علاقة صداقة بامرأة على الأقل؟؟ أعتقد أنه من الصحي جدا أن تكون لك صداقات طيبة ودافئة مع النساء أو امرأة واحدة على الأقل بغض النظر عن ميولك الجنسية... بعد ذلك يمكنك أن تفهم رغباتك وأحاسيسك بطريقة أفضل وأن توجهها حسبما ترى وتريد.
قد يكون من الحكمة أيضا أن تبحث عن معالج أو معالجة نفسية تستطيع فتح الحوار معهم.
والينا بالأخبار وتابع معنا
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب