السلام عليكم
عندما كنت طفلا كنت أشعر دائما بالقلق والوحدة خصوصا في العطل الصيفية ـ كثير الحياء والخجل إلى درجة التلعثم في الكلام ـ حساس إلى درجة كبيرة بحيث إذا ارتكبت خطأ عادي اشعر وكأنني خرقت السماء.
متفوق في دراستي، عند بلوغي سن 13 أصبحت تظهر علي علامات النسيان وازداد شعوري بالقلق وأصبحت أميل للانعزال، ظهر على رأسي شعرات بيض وانتشرت بسرعة رهيبة مما زاد في حزني وربما أصبت باكتئاب.
في سن 17 أصبت بوسوسة رهيبة وأرق شديد لمدة ثلاثة أشهر، كانت تأتيني وساوس رهيبة عن الدين خلق الإنسان، لجأت إلى الإسلام وتحسنت حالتي قليلا لكن تحول الأمر إلى وسوسة دينية، واجباتي تجاه الإسلام إلى أي جماعة لابد أن انتمي ثم الحلال والحرام، فأي شبهة بسيطة تعني الحرمة لدي فأصبحت أبحث عن المثالية ولا أستطيع.
قل تركيزي، ثقل فهمي أن اقرأ كتاب بصوت اشعر بوجع في رأسي، أفكر بأمور متعددة في وقت واحد لا أستطيع أن أتخلص من فكرة مزعجة تعلق بذهني، إن لم أكن مصابا بالوسواس القهري فأنا مصاب بالتفكير الوسواسي.
حينما آكل كبد الحيوانات أو العسل أشعر بتحسن ملحوظ وكذلك عند ممارسة الرياضة، أرجو أن تصف لنا دواء من الأعشاب الطبيعية، مستعد لأي توضيح إضافي.
سلام
1/8/2003
رد المستشار
عزيزي صاحب الرسالة أهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين وعسى الله أن يعيننا على مساعدتك، واضح من إفادتك أن أعراض القلق النفسي كانت تصاحبك منذ الطفولة وكانت الوحدة تزيد من إحساسك بها حيث كانت تزداد حدتها في العطلات الصيفية.
ويظهر من خلال الرسالة أنك تعيش في عزلة بسبب خجلك الشديد وحساسيتك الزائدة ومحاسبتك القاسية لنفسك على أي خطأ فأنت تحمل ضميراً صارماً قاسياً يجعل أي خطأ بسيط تفعله وكأنك– كما قلت- قد خرقت السماء. ويبدو أنك قد وقعت في دائرة مغلقة بحيث أن أعراض القلق قد دفعتك للعزلة،وأن العزلة أدت بعد ذلك إلى تنامي أعراض القلق.... وهكذا.
والقلق النفسي يؤثر في كل الوظائف العقلية وخاصة الذاكرة لذلك فأنت تشكو من النسيان، والوسواس الذي أصابك في سن السابعة عشره هو أحد صور القلق النفسي حيث يدور النشاط العقلي في دوائر مغلقة تتمثل في تساؤلات غير منطقية لا تجد إجابات شافية ولكنها تظل تتردد في جنبات العقل بلا نهاية رغم علم صاحبها بعدم جدواها ومحاولاته المستميتة للتخلص منها.وربما تسأل: لماذا أنا هكذا؟.
والإجابة هي أن بعض الناس تكون لديهم استعدادات فيزيولوجية للقلق بمعنى أن الجهاز العصبي شديد الحساسية للمؤثرات الخارجية، وقد يزيد من تعقيد الأمر أن ينشأ الإنسان في بيئة عائلية أو اجتماعية تفتقد للسماح والقبول وتعاقب على الصغيرة قبل الكبيرة وتجعل الإنسان يشعر دائماً أنه مذنب ومقصر فيتولد نتيجة لذلك "أنا أعلى" أو "ضمير" شديد القسوة يلهب ظهر صاحبه باللوم والمحاسبة.
وحين لجأت إلى الدين لتتحصن به من هذا القلق دخلت من باب الحيرة حول الحلال والحرام وحول الانتماء أو عدم الانتماء إلى جماعه معينة فازددت قلقاً وعذاباً، وكان من الأولى أن تدخل للدين من باب المحبة لله والأنس في جواره واستدعاء صفات الجمال لتوازن الصفات الجلال، واستدعاء معاني الترغيب لتوازن معنى الترهيب، واستدعاء نصوص الرحمة لتوازن نصوص العذاب، واستدعاء آيات الرجاء لتوازن آيات الخوف، وبهذا يصبح الاحتماء بالدين علاجاً ناجحاً لقلقك ووساوسك.
فالدين يسر لا عسر وهو رحمة وتسامح ومحبة وطمأنينة، والخطأ في حياة البشر واقع "كل بني آدم خطاء" والتوبة تمحوه "وخير الخطاءين التوابون" وتعطي فرصة لصفحة بيضاء جديدة، والمثالية في الدين مثالية واقعية تعترف بطبيعة البشر التي تنسى وتخطأ ثم تتذكر وتتوب.
فظهور الوساوس الدينية يعني أن الدخول للدين كان من الجانب العقابي الترهيبي، وإذا كنت ترغب في تعاطي بعض العلاجات الطبيعية فلا بأس من تناول عسل النحل واللبن، وإذا كنت تريد شيئاً من الأعشاب الطبيعية فهناك كبسولات تسمى dormival موجودة في الصيدليات تخفف من حدة القلق، وهيَ لا تسببُ الإدمان ولا التعود، فإن شعرت بأنها أعطتك التحسن الكافي فبشراك، وإن لم تجد ذلك فعليك بالتوجه إلى أقرب طبيبٍ نفسي متخصص لكي يصف لك الخطة العلاجية المناسبة، لأن ما تمر به من وسوسةٍ أو تفكيرٍ وسواسي كما تقول إن لم يكن عابرًا ويمرَّ كما مرَّت الوسوسة في تاريخك من قبل بسرعة، فإن التدخل الطبي سيصبح لازمًا، وتابعنا بأخبارك..