السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أعاني من مشاكل جمة أحالت حياتي إلى جحيم. أنا أعيش على أمل أنني قد أتغير إلى الأفضل ولو تيقنت أنني سأظل على ما أنا عليه قد تكون هذه آخر لحظة في حياتي. لا أدرى من أين أبدأ لكني سأبدأ من المشكلة الرئيسية والتي انبثق عنها في اعتقادي باقي المشكلات؛ وهي أنني أتهته أو أتعتع -لا أدري ما الفرق بينهما- واسمحوا لي أن أسرد المشاكل في نقاط محددة لعل ذلك يكون أيسر. لا أدري متى أصبت بذلك لكنها منذ صغري، كما أنني لا أذكر أن أحداً قد انتقدها في على الأقل أمامي كما أن عمي مصاب بها وكذلك كان والدي -رحمه الله- لكنه تغلب عليها في شبابه قبل أن أكون. أنا أعتقد أنني مصاب باكتئاب مضاعف بين المتوسط والشديد - إن لم أكن قد أخطأت في تشخيص حالتي-، وهذه بعض الأسباب التي أعتقد من خلالها معتقدي هذا:
أ- حالة الوحدة التي أعيشها؛ فلا أصدقاء لا أصحاب، لا علاقات مع الأقارب، اللهم إلا بعض الزملاء الذين فرضتني عليهم الظروف. فأنا لدي مقدرة عجيبة على البقاء في سريري لأيام لا أخرج أبداً، أحياناً أقرأ وكثيراً أشاهد التلفزيون- أشاهد فيه كل شيء وأي شيء حتى برامج الأطفال- فهذا أسلم من أن أخرج وأواجه العالم الخارجي، إذ كيف لي أن أتحدث إلى شخص سأرهقه في محاولات فهم كلامي، كما أنني لن أطيق أن ينظر إلي أحد أي نظرة ولو بابتسامة قد تكشف ما يدور في ذهنه تجاهي.
ب- أعاني الحساسية الشديدة إلى حد أنتظر عطف الآخرين؛ فكلمة ثناء قد أصعد بها عنان السماء ونظرة نقد واحدة تقتلني ألف مرة حتى أنني إذا ما تعرضت لموقف أحرجني أشعر أن جسمي كله يأكلني- معذرة، عاوز أهرش في كل مكان-. كما أنني لا يهمني أن أبرر لنفسي أو أقنعها بأي عمل أقوم به كل ما يهمني هو أن أبرر للآخرين وكفى، فأنا لا أريدهم أن ينتقدوني فقط، وليذهب تقديري لذاتي إلى الجحيم، حتى أنني عندما رسبت في الدراسة - سيأتي لاحقاً- لم أهتم لما أنا فيه من كارثة فالمهم عندي هو أن أقنع أهلي بأنني لا أحب هذه الدراسة حتى كدت أقتنع أنا بذلك فعلاً-.
ج_ آكل بشراهة وفي أي وقت حتى زاد وزني عن الطبيعي؛ فأصبحت أنا الوسيم بل والجميل في السابق موضع نقد في مظهري مما زاد الطين بلة.
د_ العادة السرية. أمارسها بشره؛ فقد تمر أيام متواصلة لا أفعل شيء إلا ثلاثة أشياء: أكل، ونوم، وعادة سرية! حتى أن يدي قد تتعب من كثرتها. بالطبع لا أصلى إلا ما ندر؛ لست أدري ماذا بيني وبينها لكني لا أستطيع أن أواظب عليها مع أن ثقافتي الدينية واسعة ووالدي رحمه الله كان القدوة لكل المحيطين بنا وهو في اعتقادي النموذج شبه الكامل للمسلم، ووصل الأمر إلى أنني أفطر في بعض أيام رمضان بممارسة العادة السرية فقط دون أكل أو شرب.
هـ- أحلام اليقظة التي لا تنقطع؛ وكيف أتركها وهي أسعد لحظات حياتي الكئيبة والسوداء!!! فأنا القائد لتلك المظاهرة المليونية التي خرجت تنادي بالحرية في الجامعات! وهأنذا أعتلي درجات السلم الخمس لأستلم جائزة نوبل على ما حققته للبشرية من انجازات في مجالي! كما أنني هذا الشخص الذي يقف وسط جيش الأعداء يقتلهم كيف يشاء! فلماذا إذاً أعود إلى واقعي المرير؟!. أعتقد أن كل هذه المشاكل تفاقمت ووصلت إلى حد كارثي منذ أن حققت في الثانوية مجموع مذهل وانتقلت إلى الجامعة وقبل أن تظن في@608; خيراً فأنا لم أذاكر في الثانوية إلا في آخر شهر بعد أن تحول البيت إلى جحيم للضغط علي وساعدني على ذلك قدراتي العقلية الهائلة!!!! وكانت الكارثة أنني رسبت في أول عام جامعي، بالطبع لم أذاكر بل لم أذهب إلى الكلية، ومضى عام دون أن أدري أي شيء عن الكلية وكان الرسوب ذريعاً حيث حققت وعن جدارة صفراً في كل المواد.
أنا عاجز عن فعل أي شيء خاصة ما قد يجمعني مع الآخرين؛ فلا ذهاب إلى الجامعة، لا ذهاب لشراء أي شيء قدر المستطاع، بل صدق أو لا تصدق أنني لم أذهب للحلاق منذ أكثر من عام أي منذ انتقالي إلى الجامعة وأكتفي بالحلاقة لنفسي نعم إلى هذا الحد تعقدت الأمور، فكيف أذهب إلى الحلاق فيسألني أي قصة تريد! لا وألف لا، فمقص في يدي ومرآة أمامي ستغنياني عن كل هذا العناء لذلك.
أرجوك لا تطلب مني أن أطرق بنفسي باب أول طبيب نفسي، فعذاب سنين أهون عندي من أن أكلم السكرتيرة أو الممرضة لأحجز ميعاد، كما أنني سأكون صريحاً معك وأقول أني عندي بعض الشك في قدرة الطب النفسي على العلاج، أنا بالطبع أثق في قدرته على التحليل النفسي أما العلاج فلا أدري... بقي أن أقول أنني ما زلت أعتقد أنني قد أتغير ولهذا ما زلت أتنفس، لكن كيف أبدأ ومن أين أبدأ؟. بالله عليكم ساعدوني ساعدوني ساعدوني لكن دون أن ترهقوني أو تحملوني أي أعباء فوق ما أحمل، مثل: أن تطلبوا مني أن أذهب بنفسي إلى طبيب نفسي، فهذا لن يحدث.
كان الله في عونكم.
آسف جداً للإطالة، لكني حاولت أن أختصر في الرسالة ولم أذكر إلا القليل وهناك الكثير والكثير لم أذكره هنا، ولو حاولت لما كفتني مئات الصفحات من المداد الأزرق لهمومي السوداء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعض الملحوظات: رجاءً لا تذكروا في النشر أن عمي يعاني من التهتهة ولا أبي أيضاً، ولا تذكروا أن والدي رحمه الله متوفى، رجاءً لا تذكروا هذا.
13/01/2008
رد المستشار
صديقي......
يبدو أنك خائف من أن تتخلى عن خوفك... ما الذي سيحدث في الكون إذا ما تهتهت أو تأتأت أو تعتعت أو تلعثمت؟؟ لماذا تعتقد أن رأي الآخرين له هذه الأهمية القصوى؟؟ من الذي أقنعك بأن الآخرين هم الذين يحددون من أنت وما أنت قادر عليه أو ما لا تقدر عليه؟؟ إنك تختار أن تعطي رأي الآخرين هذه الأهمية البالغة وتنسى أنه لا يمكن لأحد أن يعرفك حقيقة إلا أنت نفسك.
لن أقترح عليك الذهاب إلى الطبيب النفسي ولكن سوف أقترح عليك أن تقنع نفسك، كما أقنعت نفسك بالنسبة للكلية والرسوب، بأن رأي الآخرين المبني فقط على مسألة التأتأة لا قيمة له على الإطلاق.. بل وسوف أقترح عليك أن تذهب إلى أماكن كثيرة وأن تحدث أناسا كثيرين وأن تتأتأ أو تتعتع كثيرا.. اقبل أن حل المشكلة لن يحدث بالمكوث في الفراش.. أمن الممكن أن يتدرب الإنسان على مهارة جديدة بدون ممارسة في الخيال أولا ثم في الحقيقة ثانية؟؟؟
ابدأ في استغلال وقتك في المنزل في تخيل نفسك في الحالة التي تريدها (أن تتكلم بطلاقة ويسر وسهولة واسترسال) وأن تعيد هذه الصور في خيالك مئات المرات.. بعد ذلك اذهب لشراء شيء عادي من مكان عادي.. ثم اذهب إلى مكان واطلب شراء شيء غير عادي أو غير موجود مثل أن تذهب إلى محل البيتزا وتسأل إذا ما كان لديهم كباب أو فراريج (فراخ) مشوية (سوف يركز هذا انتباهك على شيء آخر غير التأتأة) وراقب تعبيرات الدهشة في الآخرين.. من ناحية أخرى اذهب إلى مكان ما وتعمد التأتأة وتعمد أن تبالغ فيها... قد تبدو هذه الأشياء غريبة ولكنك لن تخسر شيئا من محاولة فعلها أو فعل بعضها.
إذا لم تفعل أي شيء لنفسك وبنفسك فلا تطلب المساعدة أو تشتكي مرة أخرى ولكن اعلم أنك تختار بشكل أو بآخر ما أنت فيه... أليست هناك أشياء أخرى في الحياة تستطيع استخدام طاقتك فيها غير الأكل والنوم والتلفاز والعادة السرية؟؟
إن لم تجرب بعضها على الأقل فأنت تختار هذه الحياة المأساوية... ما يعلمه الجميع أنه إذا ما كان لأحد منا رغبة حقيقية في شيء، فسوف يحاول كل الطرق الممكنة وغير الممكنة أو غير المعتادة من أجل فرصة الحصول على ما يريد.. إذا لم تكن لديك رغبة حقيقية في تغيير حالك فلن يقدر على مساعدتك أحد.. لك أن تختار إما أن تفعل أو لا تفعل.. إذا كنت مكتئبا فهذا بسبب غضبك من نفسك وعدم استخدام طاقاتك الإبداعية.. وإذا كان اكتئابك شديدا فلا بد لك من بعض العقاقير الطبية ولكن هذا يتطلب الذهاب إلى الطبيب.. المسألة ترجع لاختيارك مرة أخرى... لا مفر على الإطلاق لأي منا من المسئولية الكاملة عن حياتنا وما نفعل أو ما لا نفعل فيها وبها.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرأ على مجانين:
التأتأة في مقتبل العمر
بين التأتأة والرهاب: بحثا عن الأيزو !
رهاب وتأتأة، علاج دون طبيب نفسي.. كيف؟
التأتأة والأيزو والسادة العلماء: إعادة نظر م