متابعة لمشكلة صهري
بامتنان كبير تلقيت تعليقكم الكريم والضافي عن المشكلة التي طرحتها على موقعكم ونشر الرد عليها بتاريخ 04/10/2003 تحت عنوان وهام الخيانة الزوجية :وسواس أو وهام الغيرة وتهم زوج أختي فشكرا جزيلا على جهدكم وبارك الله لكم سعيكم من أجل صحة نفسية للعرب والمسلمين تنبع من موروثهم الحضاري المشرق الذي أشارككم الاقتناع بأنه موروث قادر على التصدي لتحديات هذا العصر بكفاءة عالية... واسمح لي يا دكتور أن أبادركم بالتهنئة بعيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركة.. أما بعد...
فأنا محتار من أين أبدأ؟ وهذه الحيرة نابعة من حجم الكارثة التي آلت إليها أوضاع أختي مع زوجها المصاب بالوسواس القهري والذي شخصته سيادتكم بأنه وسواس الغيرة الوهامية الضلالية..
غير أن الأمر لم يكن في الحقيقة على هذا النحو بل كان أعقد وأخطر وأبشع بكثير, لقد تجنبت إبلاغكم حقيقة الأمر في شهر رمضان اعتقادا مني أن هذه الحقيقة لا يحتملها ضمير المؤمن في هذا الشهر الكريم لكونها حقيقة مرّة يهتز لها عرش الرحمان.
باختصار فإن ما لم أذكره لكم في السابق أن زوج أختي عندما اتصل بي هاتفيا طالبا مني الحضور للعودة بأختي إلى بيتنا ذكر لي العبارة التالية التي لم أستوعبها في وقتها: "طلّقوني؟ أنا إنسان فاقد للرجولة؟؟؟" ثم أردف قائلا: "ألم تصلك الرسالة؟" فأجبت: "كلاّ...أيّة رسالة؟" فقال: "ستصلك رسالة وستعرف الحقيقة كاملة..."
وعدت بأختي وبقيت أنتظر تلك الرسالة المشئومة التي وصلتني إلى مقر عملي بعد أربعة أيام تقريبا وقد كانت رسالة لا تحمل أيّة دلالة على مرسلها وبها عشرة سطور بخط واضح وإليكم ما جاء فيها باختصار
"الأخ الكريم خالد... عليك بضبط النفس أولا.. لأن الحياة بنيت على الحياء، إن حقيقة الخلاف بين أختك وزوجها هو أن صهرك شاذ جنسيا وفاقد للرجولة؟ وقد ضبطته أختك مع رجل آخر يلوطه..؟؟؟"
هكذا وباختصار وقعت عليّ هذه الحقيقة وقع صواعق السماء كلها، وكانت بحق صدمة لا تحتمل ماذا لو سمع ابن أختي هذه الحقيقة المخجلة عن والده؟ لقد اهتز كياني يا دكتور اهتزازا مدويا وأصبت بحالة كآبة حادة مشفوعة بحالة ذهول مريع، وما زاد من تعكير مزاجي هو الطريقة التي واصل بها صهري خطأه فقد حوّل اتهاماته الواهية لأختي إلى آلية دفاعية يبعد بها جريمته الأصلية وانصب كل همه على تشويهها حيث لم تعد تحتمل الاستمرار معه واعتبارا إلى معرفة الأهل والمعارف بنقاء سريرة أختي فقد وجد استحالة في ترويج أراجيفه، وأظهر بتصرفاته الانفعالية أنه يعاني أزمة نفسية حادة يلاحظها كل من تحدث إليهم من خلال تناقضه في الكلام وتفاهة اتهاماته...
أما المسكينة فهي تبدو أمامنا متوازنة لكن عينيها تخفيان محيطا من الحزن والكدر وتفصحان عن شعور عميق بالخيبة والانكسار... إنها الصدمة والمصيبة بعد 22 عاما من الزواج المثالي والاستقرار الهادئ.. فجأة تفجرت حياتها بشكل دراماتيكي مفزع.. فجأة انتفض عشها وتطاير قشّه في كل اتجاه.
فبناتها في سن المراهقة الحرج والمتعب وابنها في سنته الأولى بالجامعة بعيد عنها... لقد كان تفجر المشكلة في شهر رمضان رحمة ولطف من الله سبحانه حيث استعانت أختي وكل العائلة بالجو الروحي والإيماني لتحد من شدّة المصيبة، وليكون الذكر والصلاة مضادا حيويا للوساوس والهواجس التي تفتك بنفسيتها الحساسة أصلا...
أريد أن أسترشد يا دكتور عن كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف الغريبة عن مسار سلوكنا؟ عن كيفية التعامل مع صهري الذي أصبح عدوانيا تجاهنا من باب: أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم؟
كيف أنقذ أبناء أختي من هذه المحنة التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
ولكم جزيل الشكر وجازاكم الله كل خير...
24/11/2003
رد المستشار
الأخ السائل العزيز، أهلا وسهلا بك وشكرًا على متابعتك، وهذه المتابعة رغم أنها أوضحت كثيرًا من الخافي، إلا أنها مع الأسف لا تمكننا من الإجابة على أسئلتك عن كيفية التعامل أو التصرف في مثل هذه المواقف، ولعل السبب في ذلك هو أن أصحاب المشكلة لا يتكلمون بأنفسهم، أو أنك لا تنقل لنا ما يقولونه كله، فنحن رغم معرفتنا بحقيقة الأمر المُرَّة إلا أننا لا نعرف موقف أختك بالتحديد، ولا نعرف متى فجعت المسكينة في زوجها عندما ضبطته؟
إن الأغلب هو أن الأمر يعود إلى سنتين مضتا، فبعد أن ضبطته زوجته في ذلك الموقف المخزي، بدأ صهرك كما جاء في إفادتك الأولى: (يعاني من أمراض في المعدة وأصبح عصبيا وميالا للعزلة، ورغم أنه يؤدي فرائضه الدينية إلا أنه صار يشك في سلوك أختي رغم أنها معروفة لدى الجميع بعفتها وطهرها وخلقها الكريم، وصار الزوج يضيق عليها ويهينها ويتجسس عليها وهي صابرة على حالها)
إلا أن الأمر كما أصبحنا نفهمه الآن ربما يختلف قليلاً عن فهمنا السابق له، وما نحتاج بصدق إلى معرفته هو موقف تلك الزوجة المسكينة بعدما فجعت في زوجها؟ ونحن هنا لا نسأل عن ذلك تعاطفا معها فهي ولله الحمد تجد كثيرًا من المتعاطفين معها نظرًا لحسن خلقها وأدبها، ولكننا نسأل لنعرف ماذا قالت هي لذلك الزوج، وكيف تعاملت معه بعد ذلك، وهل قوله عن نفسه أنه فاقد الرجولة يعني فقط أنه يعاني من الجنسية المثلية السلبية؟ أم أنه أصيب بالعنة (العجز الجنسي) بعد أن ضبطته زوجته؟، بل إنني لا أعرف من خلال إفادتك هل دار حديثٌ بينكما أنت وأختك في هذا الأمر أم لا؟ أي هل حدث فعلاً أنه ضبطته مع رجل آخر يمارس الجنس معه أم أن ذلك لم يحدث من الأساس؟؟
إن الواضح يا أخي السائل من جملة الأحداث إن كانت كلها حقيقية، هو أن صهرك نفسه يعاني معاناة نفسية شديدة بسبب افتضاح أمره لدى زوجته، لا أقصد بذلك التخفيف من بشاعة موقفه، بقدر ما أحاول النفاذ إلى آليات الإمراضية النفسية لحالته، ثم هل كان ما رأته زوجته يحدثُ لأول مرةٍ في حياته؟ في الغالب لا طبعا.
إذن نستطيع أن نقول أنه خلال عقدين من الزمان على الأقل كان ذلك الزوج يعيشُ مع زوجته وأسرته في حالة من الزواج المثالي والاستقرار الهادئ..، وكان يمارسُ ما يمارسه في السر، ولم يكن يؤثرُ على حياته الزوجية بدليل أنه أنجب أولادًا وبناتَ من زوجته، ولكن تلك الزوجة: (فجأة تفجرت حياتها بشكل دراماتيكي مفزع.. فجأة انتفض عشها وتطاير قشّه في كل اتجاه)، معنى هذا الكلام هو أن صهرك مزدوج التوجه الجنسي Bisexual، أي أنه يستطيع ممارسة الجنس مع المرأة ومع الذكور أيضًا.
وكان من الممكن أن تستمرَّ حياته بهذا الشكل هادئةً ومستقرة لولا أن زوجته عرفت بالصدفة، ويبدو أنها اتخذت موقفا ما منه ربما يعتبره هو ضغطا أو تهديدا منها، أو أن مجرد معرفتها بذلك الأمر أدت به إلى أن أصيب بالعنة، وتوالت بعد ذلك فصول مأساة الغيرة والشك في زوجته وأم أبنائه.
إن ما أستطيع تصور أنه حدثَ هو أن مواجهة ما تمت بين الزوجين، وأن أختك هددته بفضح أمره إذا عاد إلى مثل ذلك الفعل أو إذا لم يعالج نفسه منه، والحقيقة أن علاج الجنسية المثلية يكونُ أسهل في حالة التوجه الجنسي المزدوج، ولكننا في حالة رغبته في العلاج لا يجبُ أن نهددَ الرجل بالفضيحة، وإنما يجبُ التعامل معه على أنه مريض يحتاج إلى علاج، لأنه إن قبل بالعلاج فمعنى ذلك أنه يرفض ذلك الفعل المشين ويتمنى أن يتخلص منه، وأرى هنا أن علينا مساعدته على العلاج، وأما إن كان رافضا للعلاج فإنني لا أرى مناصا من تطليق أختك، وأحيلك إلى عدة ردود سابقة على صفحتنا استشارات مجانين تناولت هذا الموضوع:
الخروج من سجن المثلية: ما ظهر وما بطن!
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة م
الميول الجنسية المثلية: الداء والدواء
الشعور بالذنب قد يكونُ مفيدًا! م1
الجنس الثالث والنفس اللوامة
تخيلات أم ميولٌ مثلية بعد الخمسين؟
ولأنني أدرك جيدا أنني أتحدثُ عن زوجٍ محصن يمارس اللواط فقد كان لزاما علي أن أستفتي لك رأي الدين في مثل هذه الحالة، وبالفعل عرضت المشكلة الأصلية والمتابعة على الأخ الأستاذ مسعود صبري من صفحة الفتوى واسألوا أهل الذكر بموقع إسلام أون لاين فتفضل بالرد التالي:
الأخ السائل، لقد ذكرت أن ما عرفته عن زوج أختك وقع عليك كالصاعقة؟ ونحن أيضا قد وقعت هذه المشكلة علينا كالصاعقة المحيرة؟ إنها كالبرق الخاطف للبصر؟ لا يبقي للعين تركيزا؟ وكالرعد المخيف؟ الذي يسدد رميه بالخوف في قلوب الناس؟ فيجعلهم خوفى وصرعى؟ بل يجعلهم سكارى وما هم بسكارى.
إن هذا الزمن يرمي لنا كل فترة بأعاجيبه؟ ليكون فينا ما لم يكن في غيرنا؟ من انحلال الأخلاق؟ ونسيان القيم؟ والبعد عن الإنسانية النظيفة؟ الباقية على فطرتها؟ مع فرضية نضوج العقل البشري مع تقدم الزمن.
لقد حذر الإسلام من الفاحشة التي تكون بين الذكر والأنثى؟ مع ما فطر الله تعالى الجنسين على الميل بينهما؟ وإنشاء علاقة؟ وضبطها بالزواج المشروع؟ حتى يفضي كل منهما إلى الآخر ويسكن إليه؟ يعني أن العلاقة بين الجنسين قد تكون مباحة، وقد تكون حراما؟ ومع هذا كله؟ نهى عن قرب الخطأ فيه؟ فقال: "ولا تقربوا الزنى"؟ يعني ابتعدوا عن مقدماته؟ والأسباب التي تفضي إليه.
أما في العلاقة الجنسية بين الجنس الواحد؟ فهذه محرمة قولا واحدا، وقد عبر القرآن الكريم عن إتيان هذه الفعلة بأنها انتكاسة عن الفطرة، واعتداء على حدود الله؟ فقال عن قوم لوط: "أتأتون الذكران من العالمين، وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون"، صدق الله العظيم، بل وصل الأمر في العقوبة لهذه الفعلة أن يقتل الفاعل والمفعول به.
ولكني أتعجب!! كيف لأختك أن تعيش مع زوجها22 عاما؟ ثم هي لا تعرف أخلاقه؟ ولا سلوكه؟ ولا تصرفه؟ ولا ما يحب أو يكره؟؟؟؟ إن العجيب هو التحول بعد عشرين عاما من الحياة النظيفة؟ إلى النظر إلى حياة أقرب إلى حياة البهائم العجماوات؟ وفي حسبي أنه لابد للنظر في الأسباب التي حولت هذا الزوج من إنسان عفيف شريف، إلى إنسان شاذ جنسيا؟ هل أصبح هناك تقصير في الحياة الزوجية؟
ولماذا كان اللجوء إلى هذا النوع من السلوك دون غيره؟ ربما كان للستالايت ؟وعالم الفضائيات، وثورة الاتصال الهائلة؟ التي رمت إلينا بخيرها وشرها؟ فاستقبل البعض الخير؟ واستقبل البعض الشر، إن عالم الفضائيات والإنترنت أطلع الناس على ما لم يكونوا يطلعون عليه، وما لم يكونوا يفكرون فيه؟ فهل كان الزوج ممن اطلع على فعلة اللواط؟ هو وبعض زملائه؟ فجرهم الأمر إلى التجريب؟ وهم في خلوة من أنفسهم؟ فلما جربوا هذه الفعلة؟ زينت لهم أنفسهم الاستمرار فيها؟
فلما كشف الأمر؟ تحولت الحياة، ورأى العجز في نفسه؟ والنقصان في ذاته؟ فأراد أن يقول لزوجته: ربما ليس النقص عندي وحدي، وهو يحاول أن يقلل من شأنها؟ أو يتصيد الأخطاء لها حتى يكونوا في الهواء سواء!!!، وأحسب أن المعاملة مع زوج أختك ترجع إلى طبيعة شخصه؟ هل هو من الأشخاص الذين يتقبلون النصح؟ فيمكن الجلوس معه وحدكما؟ وأن تناقشه بهدوء؟ وأن تحاول أن تعرف الأسباب التي أدت إلى هذا، وتساعده في التخلص منه؟، أم أنه من الأشخاص الذين يخافون عاقبة الأمور؟ فتأخذ معه أسلوب الترهيب، حتى يكف عن هذا الفعل؟
وبالطبع أنصحك أن يكون الأمر سرا؟ وألا يعرف الأولاد عنه شيئا؟ بل ربما كان قرب الأولاد منه؟ واستخدامهم وسيلة للعلاج إحدى وسائل المحاولة، وتذكيره بأنه زوج، وأب أولاد؟ واجب عليه أن ينظر إليهم بعين الرعاية ؟وماذا لو اكتشفوا أمره؟ وماذا لو تفشى الأمر وعرفه زملاؤهم؟ وخاصة أنهم في سن مراهقة ؟ يعني ربما تتزوج البنات؟ وكذلك الولد بعض عدد قليل من السنين؟ وأنه واجب عليه أن يضحي وأن يقوم نفسه؟ وأن يصلح ما بها من اعوجاج.
أما عن أختك المسكينة؟ فلها الله تعالى أن يخفف عنها مصابها؟ فيما فقدته من الثقة في زوجها؟ وشريك حياتها؟ وننصحها بالصبر؟ وأن تتعامل معه كمريض يحتاج إلى دواء؟ ربما قد تكون القسوة والمخاصمة؟ والحرمان من بعض الأشياء في بعض الأوقات نوعا من العلاج؟ وربما كان الحنان والعطف؟ فتنظر العلاج المناسب في الوقت المناسب؟ أو أن تأخذ هدنة بيتية من زوجها،يعني أن تبقى في بيتها؟ معطية زوجها هذه الهدنة حتى يصلح من شأنه وحاله، وأن تعتني هي بأولادها لحين انتهاء الهدنة، عسى أن تكون هذه خطوة لإصلاح ما فسد، وجبر ما انكسر.
كما أننا لا يفوتنا أن نطلب من الأخ السائل؟ والزوجة العزيزة أن تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يحول زوجها إلى أحسن حال؟ وأن يصلح شأنه؟ وأن يطرقه طاعته؟ والتزام هديه، وأن يهديه صراطه المستقيم.
كما أننا ننصح الشباب أنه ليس من الحكمة التعرف على كل شيء؟ وتصفح كل مجهول؟ فربما كان ستر الله للإنسان أن يكون جاهلا ببعض الأشياء من حيث التفصيل؟ فمادام يعرف أن الأمر شر؟ فلا يقرب منه، ولا يستهويه التجريب أن يكون فريسة لشبكات الرذيلة وانحلال الأخلاق؟ وأن يسعى الإنسان أن يعيش إنسانا سويا في حياته؟ وفي سلوكه؟ فينعم بالحياة بما أحل الله تعالى؟ وما أكثر ما أحل الله لعباده؟ وأن يحفظ نفسه من شر ما حرم الله؟ وما أقله، وأن يكون عضوا نافعا في المجتمع؟ والإنسان إن لم يشغل نفسه بالنافع؟ شغلته بالضار، ومن حب النفس أن يسعى الإنسان للحفاظ عليها، وأرجو من الأخ السائل أن يتابعنا بأخبار زوج أخته.