صرع الفص الصدغي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود في البداية أن أطرح أسئلة عن مرض صرع الفص الصدغي، لأن طرح مشكلتي ربما يعتمد كثيراً على أجوبتكم. لقد عانيت كثيراً من التضارب في تشخيص المرض الذي أشكو منه، فقد كان الصرع الصدغي أحد أكثر التشخيصات إثارة للجدل في حالتي. لقد حاولت البحث عمن يجيب عن أسئلتي في موقعكم الجميل لكني لم أجد، شاكراً سعة صدركم. أسئلتي هي:
1- ما هي الأعراض الأصيلة للمرض؟
2- كيف يمكن تشخيص المرض بدقة وبدون لبس أو شك (بمعنى آخر؛ ما هي أركان تشخيص المرض)؟
3- هل يمكن تشخيص المرض من خلال معاينة التخطيط الكهربي للدماغ فقط لا غير؟
4- ما المقصود بالنسمة التي تسبق النوبة، وما شكلها وكيف تكون النوبة الصرعية؟
5- كيفية التواصل ومعاملة المصابين بهذا المرض؟
وأشكركم جداً على هذا الموقع الذي نفتقده بشدة في عالمنا العربي
تمنياتي بالموفقية م.ح.م.
03/02/2008
رد المستشار
الأخ العزيز، تحية طيبة وأهلاً بك على موقعك......
لقد قمت بطرح العديد من الأسئلة عن صرع الفص الصدغي أو الصرع النفسي الحركي، والذي غالباً ما يبدأ بما يسمى بالنسمة كما قلت أو بالإنجليزية Aura وفي صرع الفص الصدغي قد تكون عبارة عن: مصمصة غير لإرادية للشفتين أو فرك لليدين أو حركة في الوجنتين كحركة فم الأرنب، أو حركة غير إرادية في الطرفين السفليين أو شم روائح غير موجودة ولا يشمها من هم حول المريض، أو يشعر المريض بطعم غريب في فمه مثل طعم المانجو مثلاً، وبعد ذلك يشعر المريض بهلاوس سمعية أو بصرية، وأحيانا نوبات عنف وخبط باليدين والقدمين فيمن حوله، وأحياناً نوبات صراخ عنيفة. المهم في التشخيص أن النوبات الصرعية متشابهة في نفس المريض من نوبة إلى أخرى، ودون اختلاف في نفس المريض اللهم إلا بين مريض وآخر مصابين بأعراض مختلفة – وهي بالمناسبة أعراض كثيرة جداً- من أعراض صرع الفص الصدغي. ولنبدأ الآن بمناقشة وظائف الفص الصدغي أو Temporal Lobe
المراكز الموجودة في الفص الصدغي:
1- المنطقة الحسية السمعية: Auditory Sensory Area
2- منطقة الترابط السمعي Auditory Association Area
3- المنطقة التفسيرية العامة General Interpretative Area
4- السطح الداخلي للفص الصدغي Medial Surface: ويشتمل هذا السطح على ما يسمى بالجهاز الطرفي أو الحافي أو النطاقي Limbic system الذي يتكون من حصان البحر Hippocampus ، واللوزة Amygdala وأجزاء أخرى. أما حصان البحر فيلعب دوراً هاماً في الذاكرة وخاصة الأحداث القريبة، بينما تلعب اللوزة دوراً هاماً للتحكم في الاستجابات العدوانية، ولذلك نرى أن الفص الصدغي له دور في كل من الذاكرة والانفعال.
ويمكن أن نلخص الوظائف الأساسية للفص الصدغي في ثلاث وظائف هي:
1- الإحساسات السمعية، والإدراكات السمعية البصرية.
2- تخزين (ذاكرة) طويل المدى للمدخلات الحسية (حصان البحر)
3- وظيفة النغمة الوجدانية Affective tone للمدخلات الحسية.
أعراض إصابات الفص الصدغي:
1- اضطراب الإحساس والإدراك السمعي (وخاصة الكلامي أو اللفظي والموسيقي).
2- اضطراب الانتباه الاختياري Selective Attention للمدخلات السمعية والبصرية.
3- اضطراب الإدراك البصري.
4- اضطراب تنظيم وتصنيف المواد اللفظية.
5- اضطراب في فهم اللغة، وهو ما يسمى بالحبسة الاستقبالية.
6- اضطراب في الذاكرة القريبة.
7- اضطراب السلوك الانفعالي والشخصية.
8- اضطراب السلوك الجنسي.
وهناك أعراض نفسية كثيراً ما تحدث في مرضى الصرع على العموم وفي مرضى الصرع النفسي الحركي أو صرع الفص الصدغي على وجه الخصوص، ومن أهم هذه الأعراض هي:
الهوس أو ارتفاع المزاج:
بعض الأشخاص الذين يعانون من الصراع تنتابهم بعض الأحيان نوبات من ارتفاع المزاج، وقد وصف الكاتب الروسي الكبير دوستوفسكي في روايته "الأبله" ارتفاع المزاج الذي يصيبه قبل نوبات الصرع، وقد أكد حوالي ألفي شخصاً مصابين بالصرع بأن نوبات من ارتفاع المزاج تحدث لهم قبل نوبة الصرع التي تنتابهم، قد تصل بعض الحالات إلى نوبة "هوس"، وهو ارتفاع المزاج بشكل مرضي، وبعض الدراسات تقول بأن هذا الارتفاع في المزاج يكون من الأعراض الجانبية لبعض الأدوية التي تستخدم لعلاج الصرع، كذلك يصف بعض المرضى بأنهم يصابون بنوبات من الضحك والقهقهة.
انخفاض المزاج:
هناك علاقة بين الصرع والاكتئاب فقد كتب عن ذلك منذ أقدم العصور، وبينت الدراسات الحديثة أن هناك بعض الارتباط بين الصرع والاكتئاب، ووصف بعض المرضى نوبات اكتئاب تصيبهم قبل نوبات الصرع التي تحدث لهم، وتصل نسبة الإصابة بالاكتئاب بين المصابين بالصرع حوالي 20% وفي بعض الدراسات تزيد النسبة عن ذلك أو تقل، كما أن الاكتئاب قد يحدث نتيجة النظرة الاجتماعية لمرضى الصرع، وشعور المصابين بالصرع بأن المجتمع ينظر لهم بأنهم غير أسوياء والتفرقة الاجتماعية التي تمارسها بعض المجتمعات ضد مرضى الصرع قد تؤدي إلى الاكتئاب. وبينت بعض الدراسات أن الذين يخافون من نوبات الصرع معرضون أكثر للإصابة بالاكتئاب من الذين خوفهم اقل بالنسبة للخوف من نوبات الصرع.
كيف نعالج الاكتئاب لدى المصابين بالصرع؟
إذا كان الصرع نتيجة شعور المرء بأنه مريض بالصرع والنظرة الاجتماعية والتفرقة التي تمارسها بعض المجتمعات ضد المرضى المصابين بالصرع، فإن العلاج النفسي مهم جداً، خاصة الدعم والمساعدة النفسية. كذلك يجب التركيز على علاج مرض الصرع، ومحاولة تقليل عدد نوبات الصرع، وجعل الفترة بين نوبة صرع وأخرى أطول ما يمكن (إذا لم يكن بالاستطاعة توقيفها تماماً)، فهذا يساعد كثيراً نفسية المريض، ويساعد على تحسن الاكتئاب.
استخدام مضادات الاكتئاب يجب أن يكون بحذر، فالمعروف أن أكثر مضادات الاكتئاب تزيد من احتمال الإصابة بنوبات الصرع، حتى الأدوية الجديدة من مضادات الاكتئاب والتي تعرف بالأدوية المثبطة لمادة السيروتونين (مثل البروزاك والسيبرام والسيروكسات والفافيرين واللوسترال) أيضاً لا تختلف كثيراً عن الأدوية السابقة من هذه الناحية، لذلك يجب توخي الحذر في تعاطي هذه الأدوية.
الدراسات الغربية تشير إلى أن نسبة الانتحار بين المصابين بالاكتئاب من مرضى الصرع، أكثر من خمسة أضعاف الأشخاص العاديين، كما أن محاولة إيذاء النفس (محاولات الانتحار غير الناجحة) تبلغ حوالي 7% من مرضى الصرع.
الاضطرابات الذهانية وتغير الشخصية في مرض الصرع:
مرضى الصرع معرضون لحدوث تغيرات في شخصياتهم، وقد تمت ملاحظة هذه التغييرات منذ الستينيات من القرن الماضي، وتم التفريق بين هذا التغيير الذي يحدث نتيجة هذه التغييرات العضوية في الدماغ، وبين الشخصيات غير السوية (المضطربة) من الأساس (الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية).
إن التغير يحدث في عادات وسلوك الشخص والتي تشير إلى أن تغيرات قد حدثت في الجهاز العصبي المركزي، حيث التغير قد يكون في وظيفة الدماغ أو كذلك في تركيبه (غالباً الفص الأمامي أو الفص الصدغي) مما سبب هذه التغيرات. أكثر التغيرات تحدث في السلوك الجنسي للشخص (إما بالزيادة في الرغبة الجنسية، وهذا يحدث في عدد قليل من حالات الصرع الصدغي أو قد يحدث نقص في الرغبة الجنسية، وذلك في عدد كبير من مرضى هذا النوع من الصرع)، وكذلك كثرة كتابة هؤلاء المرضي (يكتب المريض بشكل كبير دون توقف، وبشكل قهري وغالباً يكون هذا السلوك جديداً على المريض)، مع تغير في سلوكه الديني، حيث يصبح أكثر تديناً، وبصورة مبالغ فيها، ودون اتباع حقيقي للتعليمات الدينية بصورة صحيحة (أي متطرفين دينياً)، وتلك التغيرات هي أكثر ما يحدث من تغيير في شخصية مريض صرع الفص الصدغي، وقد تكون تلك التغييرات السلوكية هي أهم أعراضه.
أما الاضطرابات النفسية الأخرى المصاحبة التي تصاحب هذا النوع من الصرع فهي معقدة، وكثيراً ما يخطئ الأطباء بين تشخيص الاضطرابات المصاحبة للصرع ومرض الفصام، حيث تتشابه الأعراض، فكثيراً ما يعاني الأشخاص المصابون ببعض أنواع الصرع، خاصة صرع الفص الصدغي بأعراض مشابهة للأعراض التي يعاني منها مرضى الفصام، ولكن هذه الأعراض مختلفة عن الفصام؛ لأن الأعراض تكون نتيجة الإصابات الدماغية، وبعلاج الصرع تتحسن الأعراض الذهانية، وهناك أيضا أعراض الوسواس القهري في عدد كبير من هؤلاء المرضى، فنجد منهم من هم شديدي الدقة ومحبي التفاصيل، وبعضهم من يقضون أوقاتاً طويلة في الغسيل والتنظيف وعدّ الأشياء ومراجعة الأفعال المختلفة بصورة مملة ومزعجة وغيرها من أعراض اضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية القهرية.
وهناك اضطرابات نفسية أخرى تصاحب الصرع مثل: الإفراط في تناول الكحول، وإصابات الرأس، وكذلك تعاطي المخدرات أحياناً.
وسأذكر الآن تقسيماً آخرَ لأنواع النوبات الصرعية قد تسمعه من بعض الأطباء وهو:
أ- نوبات تبدأ من جزء محدد في المخ ونسميها نوبات جزئية أو بؤرية Focal –Partial Seizures ومنها بعض حالات صرع الفص الصدغي، حيث تكون البؤرة التي تسبب هذا النوع من الصرع موجودة بالفص الصدغي.
ب - نوبات تؤثر على نصف المخ أو عليه كله وتسمى نوبات عامة Generalized.
النوبات الجزئية:
1 - بسيطة لا يغيب فيها الإنسان عن وعيه :
- مع أعراض حركية بالتحديد الرأس والعينين.
- مع أعراض حسي حركية أو تنال الحواس الخمسة: أشهرها الرؤية والشم.
- مع أعراض للجهاز العصبي المستقل Autonomic N. S..
- مع أعراض نفسية: مثل الهلوسة والضيق واضطرابات التفكير والمزاج.
2 - معقـــدة:
- يغيب فيها الإنسان عن وعيه.
- تبدأ بسيطة ثم تتطور.
والنوبات الصرعية الصدغية تختلف باختلاف الناس. بعض أجزاء الفص الصدغي لها وظائف متعلقة بأحاسيس الأكل مثلاً، لهذا فإن النوبة هنا غالباً "ما تبدأ برائحة ومذاق غير عادي أو إحساس غير طبيعي بالمعدة".
ومن وظائف الفص الصدغي أيضاً الذاكرة، لهذا فإن الظاهرة تسمي بالفرنسية Déjà vu ، وهي إحساس بأن الحدث قد حدث لك من قبل مثلاً؛ أي أنك كنت في نفس المكان وفعلت نفس الأشياء من قبل رغم أن هذه أول خبرة لك به، أو أن تراودك ذكريات متكررة وتصبح حية جداً فجأة.
الانفعالات والمشاعر أيضاً من وظائف الفص الصدغي، لهذا نجد أن الإنسان يكون خائفاً "متهيجاً" أو سعيداً أو مكتئباً أثناء النوبة. بشكل عام فإن تقسيم النوبات التشنجية حسب الفصوص المخية أمر صعب؛ لا لشيء إلا لأن كل أجزاء المخ في ترابط وتناغم.
النوبــات الجزئيــة المعقــدة:
هي أشهر أنواع النوبات الجزئية. وكانت تسمى سابقاً بنوبات الفص الصدغي لأنها تبدأ غالباً من ذلك الفص وتختلف عن النوبات البسيطة في أنها تؤثر سلباً على وعي وشعور الإنسان. تبدأ غالباً بأعراض مشابهة للتي ذكرناها سابقاً، والمرتبطة بالفص الصدغي بعدها يذهب الإنسان بحالة شبيهة بالحلم (أو الغشية)، ينفصل فيها المريض عن واقعه ويفقد الصلة بكل ما حوله وقد يقع على الأرض، أو قد يذهب إلى ما يشبه النوم الحالم لفترة قصيرة من الزمن.
بعض الناس يبدون وكأنهم مشدوهون، بينما يبدو الآخرون مشوشين، يشدون ملابسهم أو يحركون شفاههم بطريقة غريبة أو يتحدثون بكلام غير مفهوم. هذه الأفعال لها صفة التلقائية أو Atomism ولا يتذكرها المريض إطلاقاً بعد انتهاء النوبة، لكنها قد تتخذ شكلاً معقداً إذ يمضي المريض ببضاعة اشتراها دون أن يدفع ثمنها مما يؤدي إلى سوء فهم وإحراج شديدين، وأنه سارق من المحل، كل هذه النوبات تعقبها فترة من التشوش الذهني يعود بعدها إلى حالته الطبيعية.
ويعتقد أن مثل هذه النوبات تبدأ من خلال انتشار نشاط كهربي غير عادي من القشرة المخية للفص الصدغي المتصل بشكل وثيق بالجهاز الحافي أو النطاقي Limbic System المتكون من مجموعة من التركيبات والشبكات الرابطة للفص الصدغي والمخ ككل والمسؤول عن: الذاكرة والألم والجنس والانفعال، وبشكل عام السلوك الإنساني.
النوبــة الجزئيــة التي تصبح عامـــة:
من أهم طبائع النوبات الصرعية انتشار الشحنة الكهربية من مكان إلى آخر وإلى أماكن أخرى في المخ نفسه. فالنوبة قد تبدأ من جزء صغير لتنتهي إلى جزء كبير وقد تشمل المخ كله وتنتشر عبر النصفين الكرويين مما يؤدي إلي نوبة عامة شاملة.
التشخيص:
لا يكفي رسام المخ الكهربائي أو تخطيط الدماغ لتشخيص هذا النوع من الصرع أو غيره من أنواع الصرع، فوجود تغيرات صرعية في التخطيط لا تعني وجود صرع لدى المريض، والعكس صحيح تماماً، بمعنى أن خلو تخطيط الدماغ من التغيرات الصرعية لا يعني أن المريض لا يعاني أو أنه خالي من الصرع؛ لذا يُقال أن تشخيص أي نوع من أنواع الصرع هو تشخيص سريري أو إكلينيكي بالدرجة الأولى، ويساعد على هذا التشخيص بعد ذلك تخطيط الدماغ والأشعة المغناطيسية على الدماغ وبالذات لمنطقة الفص الصدغي والجهاز النطاقي على وجه الخصوص، وقد يحتاج الأمر إلى عمل قياس لنشاط المخ بواسطة كاميرا للفيديو وأجهزة خاصة لاسلكية (جهاز تخطيط الدماغ على مدى 24 ساعة)، وهناك بعد ذلك بعض الاختبارات والقياسات النفسية العصبية التي يمكن عملها.
والصرع ليس مرضاً وإنما هو عبارة عن اضطراب أو خلل يطرأ على الدماغ بشكل مفاجئ وليس دائم الحدوث، أو قد يأتي في فترات متفاوتة يفقد فيه المصاب وعيه. ويعتبر سبب الإصابة بالصرع غير معروف ويظهر على شكل نوبات (تشنجات) متشابهة ومتكررة.
ويعتبر الصرع واحداً من أهم الأمراض العصبية التي تصيب الإنسان، فهو يصيب تقريباً حوالي 1 إلى 2% من الناس، وكذلك يعتبر من الأمراض القابلة للعلاج إذا استمر المريض مواظباً على العلاج. ونسبة حدوث مرض الصرع تكون أعلى في الذكور عنها في الإناث، كما أن نسبة حدوث مرض الصرع تكون عالية في سن الطفولة أو في سن البلوغ.
ما هي المدة التي تستغرقها النوبات؟
قد يصاب مريض الصرع بالنوبة في أي وقت، نهاراً أو ليلاً، وبعضهم يصاب بنوبات متواترة ولكن آخرين قلما يصابون بها. إن النوبات تحدث بدون سبب واضح، ولكن الإرهاق والإجهاد العاطفي يمكن أن يزيد من نسبة حدوثها.
تتوقف مدة النوبة على نوعها، فهي قد تستمر من بضعة ثواني إلى عدة دقائق وفي حالات نادرة ربما تستمر لعدة ساعات. فمثلاً، تستمر النوبة التوترية الارتجاجية من 1-7 دقائق أما نوبات التغيب فإنها قد لا تستمر سوى لبضعة ثواني في حين قد تستمر النوبات الجزئية المركبة من 30 ثانية إلى ما بين دقيقتين وثلاث دقائق.
من أسباب الصرع
1- أسباب ذاتية (غير معروفة السبب): فقد يحدث الصرع دون أي إصابة مسبقة للدماغ، ويشكل ما نسبته 50 % من الحالات المصابة بالصرع.
2- أسباب معروفة (عضوية): ينتج عنها تلف بعض خلايا المخ مسببة تليفها، وتشكل ما نسبته 25 % من الحالات المصابة بالصرع. ومن تلك الأسباب:
- إصابة الجنين مثل نقص الأوكسجين والاختناق خصوصاً أثناء الولادة.
- إصابات الرأس من الحوادث.
- حدوث نزف في المخ أو تجلط في الأوعية الدموية في المخ.
- الإصابة بالتهاب المخ والتهابات السحايا.
- عوامل جينية وخلقية كالتشوهات الخلقية في أنسجة المخ.
- اضطرابات عملية الأيض كنقص الكالسيوم.
- حالات التسمم نتيجة تناول الطفل بعض المواد السامة.
- إصابة المخ بالعدوى نتيجة أورام قد تصيب الدماغ كالنكاف والتهاب الأذن.
- مشاكل نمو المخ قبل الولادة.
3- الوراثة: إن المرض شائع في عائلات ثلث المصابين بنوبات الصرع.
4- أسباب مجهولة.
التشخيص الفارق:
النوبات الكاذبة أو الوهمية pseudo-seizures
النوبات الكاذبة أو (النوبات النفسية المنشأ) منتشرة بقدر كبير وقد تحدث لدى المصابون بالصرع أو للأشخاص الأصحاء. وتحدث هذه الإصابات من خلال رغبة -عن وعي أو غير وعي- للحصول على رعاية واهتمام أكثر. تبدأ مثل هذه النوبات بأعراض تتمثل بسرعة التنفس وضغط عصبي وقلق أو ألم. ومع سرعة التنفس يتكون في الجسم ثاني أكسيد الكربون الذي يحدث تغييراً كيميائياً وهذا قد يتسبب في أعراض تشبه إلى حد كبير النوبات الصرعية كوخز في الوجه واليدين والقدمين مع تشنج وارتعاش وما إلى ذلك. وأفضل علاج لهذا النوع من النوبات هو تهدئة الشخص وجعله يتنفس بطريقة طبيعية، كما ينبغي أن يشتمل العلاج على البحث في الأسباب أو العوامل الذهنية والعاطفية التي أدت إلى ذلك.
كيف تستطيع التمييز بين النوبات الصرعية والنوبات الكاذبة؟
يتم التمييز بين النوبات الصرعية والنوبات الكاذبة من خلال طبيعة وأعراض النوبة، ولكن التشخيص قد يكون صعباً فالنوبات الصرعية تنتج عن تغيّر في كيفية إرسال خلايا الدماغ للإشارات الكهربائية من خلية لأخرى في حين أن النوبات الكاذبة تحدث من خلال رغبة بوعي أو بدون وعي للاستئثار بعناية واهتمام أكبر. وهكذا، فإن قياس نشاط المخ بواسطة الفيديو والأجهزة الخاصة (جهاز تخطيط الدماغ) أمر ضروري للتمييز بين هذه النوبات.
ومن جهة أخرى، فإن النوبات الكاذبة تفتقر إلى حدوث الإرهاق والارتباك والغثيان وهي أعراض ترتبط عادة بالنوبة الصرعية. وقد تصيب النوبات النفسية المنشأ الأشخاص الذين يعانون من نوبات صرعية. أما "النوبات الصرعية الارتجاجية المستمرة" Status Epilepticus فهي نوبات ربما تستمر لعدة ساعات وهذا قد يشكل حالة طبية خطيرة. وعلى العموم، فإن نوبات الصرع الصدغي معظمها قصيرة المدة وتتطلب إسعافاً أولياً.
وتحدث النوبة الأولى في معظم الأحيان أثناء فترة الطفولة ويصاب بعض مرضى الصرع بتلف في الدماغ ناتج عن العدوى، أو الإصابة أو الأورام.
هل يمكن أن تحدث النوبات لشخص لا يعاني من الصرع؟
الصرع عبارة عن حالة مزمنة لنوبات متكررة غير مستثارة. إن النوبات المعزولة والمستثارة (مثل المخدرات أو الكحول) ليست صرعية حتى ولو كانت الأحداث التي تتعلق بها تمثل نوبات حقيقية، وهناك أنواعٌ عديدة جداً من النوبات غير الصرعية. وتختلف النوبات غير الصرعية عن النوبات الصرعية من حيث عدم توفر الدليل على وجود نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ بعد النوبة وكذلك من حيث عدم حدوثها بشكل متكرر.
ومن بعض الأسباب الأخرى الأكثر انتشارا للنوبات غير الصرعية:
* تدني نسبة السكر في الدم
* نزيف أو جلطة المخ
* أمراض القلب
* التواء الأوعية الدموية
* الشقيقة
* مرض عدم القدرة على مقاومة النوم "السِّنة"
* الانقطاع عن تعاطي المخدرات
* القلق
العلاج:
لا يتوفر حتى الآن علاج شافي للصرع بشكل تام، ولكن في السنوات الأخيرة تطورت العلاجات التي تعالج الصرع وأصبح علاج الصرع متوفراً لأكثر المصابين بهذا المرض. وللعلم فإنه من المهم جداً علاج السبب الرئيسي والذي هو الصرع قبل علاج الأعراض النفسية المصاحبة؛ فبتحسن الصرع تتحسن الأعراض النفسية الأخرى، ويُعالج هذا المرض بأحد الأمور التالية:
- العلاج بالأدوية: والتي قد تساعد غالباً في السيطرة على النوبات، حيث يتم علاج الصرع بشكل رئيسي من خلال استعمال عقاقير مقاومة للصرع بشكل خاص، ولهذه أنواع عديدة يوصف كل نوع منها حسب حالة أو نوع الصرع ومدى ملائمة الدواء للشخص المصاب. كما تُوصف بشكل منفرد أو بإضافة دواء أو أدوية أخرى. وللعديد من أدوية الصرع آثار جانبية تتراوح من البسيطة إلى الشديدة وتختلف باختلاف العقار والجرعة؛
ومن بعض الآثار الجانبية الشائعة: عدم القدرة على الاتزان، سرعة التهيج وفرط النشاط والنعاس والغثيان. وبإمكان الطبيب إيقاف استخدام العلاج تدريجياً إذا كان الشخص المصاب لم يتعرض للنوبات طوال سنين عديدة.
- العلاج بالجراحة: قام بعض جراحي الأعصاب بإجراء جراحات مختلفة الأنواع والأشكال، مثل استخدام الليزر في إزالة البؤرة الصرعية الموجودة في الفص الصدغي، وبالذات في الحالات المستعصية للعلاج الدوائي للصرع؛ فلا يتم اللجوء إلى الجراحة إلا عندما يفشل العلاج عن طريق الأدوية، كما أن عملية تحديد الجزء الدماغي المصاب والمسبب للنوبات نسبة التمكن فيها قليلة جداً، كما أن إزالة ذلك الجزء أو البؤرة الصرعية غير آمنة وقد تترك خللاً أو ضرراً بوظائف المخ.
الإسعافات الأولية للمصاب بالصرع:
تعتمد الإسعافات الأولية لمساعدة الشخص الذي يتعرض للنوبة على نوع تلك النوبة. على أنه وفي معظم الحالات لا يمكن فعل سوى القليل إزاء ذلك، ومن أهم تلك الإسعافات:
- نوبة الصرع الكبرى:
ويعتبر من أكثر الأنواع إثارة وخطورة، ويجب أن نعلم أن الشخص الذي يكون تحت تأثير نوبة الصرع يكون عادة فاقداً الوعي ولا يحس بأي ألم. وبذلك لا يحتاج الشخص إلى علاج أو رعاية طبية لكون النوبة قد تستمر لبضعة دقائق فقط.
ويجب اتباع الإسعافات التالية:
1. كن هادئاً ولا تفزع الآخرين، وحاول إبعاد الناس المزدحمين حوله بهدوء.
2. إذا كان على وشك السقوط، حاول سنده أو خفف من شدة سقوطه.
3. ضعه في مكان آمن وأبعد أية مواد صلبة أو حادة أو ساخنة قد تتسبب في إيذاءه، وامنعه من إيذاء نفسه، وأبعده كذلك عن أماكن الخطر مثل: الطرقات، أماكن الطبخ، ومواقد الغاز، حمامات السباحة.
4. لا تحاول أن تتحكم في حركاته، لكونك لا تستطيع إيقاف النوبة إذا بدأت. دع النوبة تأخذ مجراها ولا تحاول إنعاشه. ولا تحاول ربطه أو منعه من الحركة أثناء النوبة.
5. أتركه على الأرض في وضعية يستريح بها، مد جسمه على الأرض أو في الفراش، وحاول أن تضع وسادة أو أي شيء ناعم تحت رأس المصاب. ولا ترشه بالماء.
6. أرخي ملابسه الضيقة – أخلع نظارته إذا كان يستخدم نظارة.
7. لا تحاول أن تعطيه أي دواء أثناء النوبة ولا تحاول إيقاظه منها.
8. لا تعطه أي شيء يشربه حتى تتأكد من عودة وعيه تماماً.
9. لا تضع أي شيء في فمه فقد يؤذيه.
10. ضع الشخص المصاب على جانبه لتسهيل تدفّق اللعاب من فمه حتى لا يختنق من اللعاب.
11. لابد من حساب وقت ومدة النوبة التشنجية وإذا كان يحمل بطاقة الصرع الخاصة فقد تجد فيها ما يشير إلى المدة التي يقضيها عادة حتى تتم إفاقته.
12. لا تطلب سيارة الإسعاف إلا إذا تكررت واستمرت النوبة (وليس الإغماء الذي يتبعها) أو إذا جرح أثناء النوبة أو إذا مضى أكثر من 10 دقائق قبل أن يستعيد وعيه. فإذا حدث عكس ذلك لابد من طلب المساعدة الطبية وإسعافه لأقرب مستشفى.
13. أبقى معه حتى تنتهي النوبة ويستعيد وعيه، ودعه يتناول قسط من الراحة أو النوم إذا لزم الأمر لكون المريض بعد النوبة دائماً ما يكون مرهقاً وخائفاً حاول أن تهدئ من روعه قدر استطاعتك.
14. بعد انتهاء فترة الراحة يعود غالباً إلى ما كان عليه قبل حدوث النوبة. وإذا خارج منزله ولا يزال مترنحاً وضعيفاً أو مرتبكاً وخائفاً فيفضل مرافقته إلى منزله.
15. وفي حال كان المتعرض للنوبة طفلاً فعليك الاتصال بوالديه أو بولي أمره وبشكل هادئ.
16. حاول تسجيل حالة المريض أثناء النوبة ومدة النوبة نفسها لكون هذا الأمر يفيد الطبيب المعالج.
- النوبة الصغرى: لا تحتاج هذه الحالة لإسعافات أولية.
- النوبة الجزئية - المركبة:
1. لا تقيد الشخص ولكن تستطيع أن تحميه بإبعاد المواد الحادة أو الساخنة.
2. إذا بدأ الشخص بالتجول اجلس معه وتحدث معه بهدوء.
- النوبة الجزئية- البسيطة (البؤرية): لا تحتاج لإسعافات أولية.
وعادة ما يستيقظ الأطفال إذا تعرضوا لنوبات وهم نائمون، ولا يوجد ما يستدعي للقلق إلا في حالات نادرة وهي عندما يتقيأ الطفل أثناء حدوث النوبة أو يواجه متاعب.
الصرع والإعاقة والتعليم
يجب أن نعلم أن الطفل المصاب بالصرع طفل طبيعي مثله مثل أي طفل آخر يتعلم ويلعب ويمارس حياته بشكل عادي ماعدا تلك اللحظات التي تحدث فيها النوبة التشنجية حيث قد يفقد الوعي لمدة محددة يرجع بعدها لحياته بصورة طبيعية.
ومعظم أولئك الأطفال المصابين بالصرع مستوى الذكاء لديهم متوسط، ومنهم من هو أعلى ومنهم من هو أقل، كما أن البعض منهم يظهر نوعاً من عدم التقدم في الدراسة، والبعض منهم مصاب بتخلف عقلي، ولا يعد الصرع إعاقة لإمكانية التحكم في علاج المصاب بالصرع بشكل كامل، ويمكن اعتبار الصرع إعاقة أولية مع الحالات المستعصية من الصرع.
تمنياتي لك بالشفاء العاجل، وراحة البال، وأتمنى أن أكون قد أجبتك عن كل أسئلتك باستفاضة، وتابعنا بأخبارك.