السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله خيراً على موقعكم المتميز وعلى ما تقدمونه من خدمات. أريد استشارتكم في أمر أخي الأصغر وهو يبلغ من العمر ستة عشر عاماً ويدرس في المرحلة الثانوية، وهو أصغر الأخوة. أسرتنا أسرة متوسطة الحال ولا يمكن أن نطلق عليها ميسورة، حيث كثيراً ما نتعرض لأزمات مادية، ولكن أخي هذا بعيدٌ عن تلك الأزمات لأنه الآن الوحيد الذي يدرس في المنزل، فأخي الثاني يعمل وينفق على نفسه، لذلك فأبي ينفّذ له أغلب طلباته، وأشعر أن والدي متوازن جداً في ذلك فهو لا يعطيه كل ما يطلب لدرجة الدلع الشديد ولا يمنع عنه لدرجة الكبت.
مشكلة أخي -بحسب ما أعتقد- أنّه ضعيف الشخصية ويتأثر سريعاً بأصدقائه ويتأثر بأخي الأكبر، ولكن للأسف فهو يتأثر تأثراً سلبياً جداً، فأخوه له العديد من الأنشطة الاجتماعية ومشهور عنه حسن الخلق ومحبوب من الجميع، وقد وجد أخي الأصغر أن أفضل طريق ليكون مثله هو أن يكون له أنشطة هو الآخر فاتجه إلى الكشافة وأصبح قائداً وزعيماً فيها، وقد شجّعه والدي على ذلك رغم أنّه في الثانوية العامة ولكن حتى لا يشعر بالكبت من كثرة المذاكرة، ولكن للأسف، أصبح مشغولاً بها عن المذاكرة تماماً، وليس هذا فقط، بل امتد لأن يتهرب من الدروس ولا يعطي المدرسين أجر الدروس ويأخذها لينفقها على أصحابه ليؤكد بذلك زعامته لهم رغم أن والدي لا يبخل عليه بالمال وبالمصروف الشخصي ولكن لا يكفيه لأن مصاريفه أكبر بكثير من استطاعة أيّة أسرة متوسطة.
حاولنا معه كثيراً ولما فشلنا جميعاً معه سلّمنا أمره لأشخاص ثقات من خارج العائلة، لكن بلا فائدة حيث أنه كلما تحدث إليه أحد يبدي له قناعته التامة ورغبته في أن ينتظم في دراسته، وفعلاً يلتزم بضعة أيام ثم يعود لسابق عهده، وكان آخر ما فعله أن تغيّب عن دروسه وأنفق ثمنها في عزومات لأصدقائه، حين انكشف الأمر صارح والدي بأنّه لا يريد أن يكمل الدراسة في هذا العام ووافق والدي على ذلك!.
السؤال الآن هل من مصلحته ألا يكمل الدراسة هذا العام؟ أليس فشله أمام أصدقائه أو محيطه العائلي سيجعله يتجه أكثر لأصدقاء السوء، أم سيكون ذلك درساً له يجعله أكثر جدّية فيما بعد؟ كما أن والدي ينوي ألا يجعله يخرج مطلقاً إلا بصحبة أحد ولكنه في ذات الوقت يخشى عليه من أن يهرب من المنزل مثلاً إذا ما ضيّق عليه الحصار، وفي نفس الوقت يخشى من السماح له بالخروج مرّة أخرى لأنه يتوقع أن يصدر منه أي فعل مشين وهو فعلاً بدأ يرتاد المقاهي ويدخن، ويخشى والدي أن يدمن المخدرات مثلاً أو يسرق نقوداً للإنفاق على أصدقائه.
لقد حيّرتنا جميعاً مشكلته حتى أننا فكّرنا في عرضه على طبيب نفسي، فهل فعلاً تحتاج مشكلته إلى طبيب نفسي، أم أن هناك مفاتيح للحل لا نعرفها؟.
نرجو أن نجد لديكم إجابة شافية.
10/02/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لك الشكر والتقدير والعرفان على ثقتك في هذا الموقع واهتمامك بأمر أخيك.
من الواضح أنّ هذا الابن ترعرعت لديه الظواهر السالبة من عدم تقدير واستيعاب لأهمية الدّراسة، وأصبح ضغط الزملاء هو الذي يقوده، خاصة في تهربه من الدراسة فيعرف أنّ المدارس بها شرائح مختلفة من الطلاب، يمكن لأي فرد أن تستهويه سلوكيات مجموعة معينه فيتبعها بل يتبنى افكارها ويروج لها. بـإظهاره الكرم الزائد على أصدقائه كان يحاول إثبات ذاته وإشباع رغباته الداخلية، وقد مهد له الطريق أن طلباته المادية تلبّى بكل سهولة ويسر وإن كان ذلك على حساب ميزانية الأسرة. لاشك أن قرار الوالد وموافقته بأن يترك الدراسة ربما يساعده على التنصل من أية مسؤولية والاستمرار في تبني الثقافات والسلوكيات السالبة لليافعين والشباب، إذا ليس من مصلحته ترك الدراسة مطلقاً ولابد أن يعود لحظيرة المدرسة، وربما يفضّل أن ينتقل إلى مدرسة أخرى حتى تكون له بداية جديدة وفي محيط مختلف ومع زملاء آخرين.
الاتجاه لأصدقاء السوء جائز جداً في مثل حالته، ولابد من التنبّه لذلك ومحاولة أن تكون رفقته ممن تطمئن لهم العائلة وإن كان ذلك ليس بالأمر اليسير، لأنّه لا أحد من الآباء الآخرين سيسمح لابنه مرافقة أحد المتسربين من الدراسة، وفي هذه الحالة يمكن التحدث صراحة مع بعض الأقرباء أو الجيران ممن في مثل سنه لنصحه ومرافقته بقدر المستطاع، لابد أيضاً أن يشجع على كل عمل إيجابي يقوم به وأن يشعر بكينونته ومكانه في الأسرة، وربما يكون من الأفضل له الالتحاق بكورسات في اللغة أو الكمبيوتر حتى يلتحق بالدراسة المنتظمة.
عرضه على مرشد نفسي ربما يساعده لأنه بالفعل على حافة الانحراف الاجتماعي، ولكن بالطبع الطبيب النفسي أو المرشد النفسي لا يملكان حلولاً سحرية، فالأمر يتطلب اليقظة والتكاتف من الجميع ويفضّل أن يعقد اجتماع أسري تناقش فيه الوسائل والسبل والطرق التي يجب أن يعامل بها هذا الابن من أجل مساعدته، ويمكنه أيضا أن يشارك في هذه الحوارات ويعطى الفرصة الكاملة للتعبير عن ذاته.
وبالله التوفيق.